قال تعالى "وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهـاتِكُمْ لا تَعْلَموْنَ شَيْئاً "
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم
قال الله تتعالى في محكم كتابه العزيز " (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهـاتِكُمْ لا تَعْلَموْنَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأبْصـارَ وَالأفئدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُروْنُ )(النحل 78 )
لماذا خص السمع والبصر والفؤاد دون بقية الجوارح ؟
الجواب والله العالم :
تتحدث الآية عن أهمية النعم الألهية لتحرك في الناس حس الشكر وتدعوهم عن هذا الطريق إلى معرفة "المنعم". إِنَّ الحديث عن النعمة وسيلة للمعرفة يتحدث القرآن عن "العين" و "الأذن" و "العقل": (واللهُ الَّذي أخْرَجَكُم مِنْ بُطُونَ اُمَهاتَكُم لا تَعْلَمُوْنَ شَيئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصـارَ وَالاْفْئِدَةَ).
فعن طريق السمع تتعرفون على العلوم النقلية ومعارف الآخرين.
وعن طريق البصر ومشاهدة أسرار الطبيعة وعجائب الخلقة تتعرفون على العلوم التجربية، وعن طريق العقل تتعرفون على العلوم العقلية والتحاليل المنطقية.
ومع ان هذه المواضيع الثلاثة معطوفة على بعضها في هذه الآية بالواو ولا تعني بالضرورة الترتيب، إلاّ أنهُ ليس من المستبعد أن يكون هذا هو الترتيب الطبيعي
لها. لأن الانسان لا يمتلك القدرة على النظر والمشاهدة إلى حدود فترة بعد ولادته، ولأنه معتاد على الظلام فهو يخاف من النوع ويغلق عينيه إلى مدة. في حين أن الاذن تسمع أول الأصوات. ومن الواضح أن القدرة العقلية والتمييز والشعور تحيى في الاِنسان بعد السمع والبصر، خاصةً وأن "الفؤاد" كما يصرح أرباب اللغة بمعنى "العقل الناضج العميق" ولا يفيد أية مرحلة بسيطة من العقل، وطبعاً فإن مثل هذا الشيء يظهر بعد ذلك.
فضلا عن ان الآية أعلاه يمكن أن تكون إشارة إلى حقيقة أن الوصول إلى "الكليات العقلية" يأتي بعد العلم بـ "الجزئيات" عن طريق الحس. وعلى كل حال، فالآية أعلاه تصرح أن الهدف من إسداء هذه النعم هو تحريك حس الشكر في البشر، والذي يدعوهم بالنتيجة إلى محبة الخالق ومعرفة الله وإطاعة أوامره.
(نفحات القرآن اسلوب جديد في التفسير الموضوعي للشيخ ناصر مكارك الشيرازي ج 2 ص 20 )
يــــا لـثارات الـــزهــــــراء
|