![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم رحلة الموت وبعدها الستاريتلاشى من الواضحأنّ عالم الطبيعة المادّي المؤلّف من العناصر، يشكّل سدّاً ضخماً وستارة سميكةتغطّي عين الإنسان فتحجبها عن رؤية العالم الآخر، ولكنّها بالموت وبالخروج من هذاالعالم المادّي وبتلاشي تلك الستارة، ترى وتصل إلى اُمور لم تستطع رؤيتها ولاالوصول إليها من قبل. لَقَد كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشفْنَا عَنْكَغِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ لقد متّ فرأيت أن مرضيالجسماني قد تلاشى وأصبحت في أتمّ صحّة، ورأيت أقربائي حول جنازتي يبكون عليّ،فحزنت على بكائهم، وقلت لهم: إنّني لم أمُت، بل زال عنّي مرضي. إلاّ أنّ أحداً لميسمعني، وكأنّهم لا يرونني ولا يسمعون صوتي ، فعلمت أنّني بعيد عنهم، ولكنّي كنتهناك بسبب معرفتي وحبّى لتلك الجنازة، وكنت اُحدّق بعيني في جنبها الأيسرالعاري. وبعد غُسل الجنازة وإجراء ما يلزم لها، اتجهوا بها نحو المقابر، وكنت معالمشيّعين الذين أرعبني أن أرى بينهم حيوانات وحشيّة مفترسة من كلّ نوع، إلاّ أنّالآخرين لم يخافوها، وهي لم تؤذِ أحداً، وكأنّها حيوانات أهلية يأنسونبها. الدخول في عالم القبر أنزلوا الجنازة فيالقبر، وكنت أقف في القبر أتفرّج، وعندئذ أحسست بالخوف وارتهبت، وعلى الأخصّ عندمالاحظت أنّ حيوانات أخذت تظهر في القبر وتهاجم الجثّة، وأنّ الرجل الذي كان يوسّدالجثّة في التراب لم يدفع تلك الحيوانات عنها، وكأنّه لا يبصرها. ثمّ خرج منالقبر، فدخلت أنا القبر، لطرد تلك الحيوانات، بالنظر لما يربطني بتلك الجثّة منروابط، ولكنّ الحيوانات تكاثر عددها وغلبتني على أمري. ثمّ إنّي كنت في أشدّ الخوف،بحيث كانت جميع أعضائي ترتجف، وطلبت النجدة من الناس، ولكن لم ينجدني أحد، واستمركلٌّ فيما كان يعمل فيه، وكأنّهم لا يرون ما يحدث في القبر. وبغتةً ظهر اُناسٌفي القبر ساعدوني على طرد الحيوانات فهربَتْ. فأردت أن أسألهم من هم ؟ فقالوا: إنَّالحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السيِّئَاتِواختفَوا. بعد الانتهاء من هذه المعركة انتبهت إلى أنّ الناس كانوا قد أغلقواالقبر، وتركوني في ذلك المكان الضيق المظلم، وانصرفوا إلى بيوتهم، حتّى أقربائيوأصدقائي وزوجتي وأطفالي الذين كنت أسعى ليل نهار لراحتهم؛ فآلمني نُكرانهم الجميلَوعدمُ وفائهم، وقد أوشك قلبي أن ينفطر خوفاً وهلعاً من وحشة القبر ومنالوحدة. في تلك الحال من الاستيحاش الرهيب واليأس الشديد إلاّ من الله.. جلستُعند رأس الجنازة، ولاحظتُ شيئاً فشيئاً أنّ القبر أخذ يهتزّ وراح التراب ينهال منسقف اللحد، وكانت الأرض التي تلي قدمَي الجثّة تضطرب وكأنّ حيواناً يحاول أن يشقّهاليدخل القبر. وأخيرا انشقّت الأرض وخرج منها شخصان لهما ملامح مخيفة وهيكلان مهيبان فتّانا القبر كانا كوحشَين قويّين يخرج من فمَيهماومناخيرهما النار والدخان، وبيديهما هِراوَتان من حديد محمرّ، كجمرتين يتطاير منهماالشر. أخذا يطرحان على الجثّة أسئلة بصوت كرعد قاصف كاد يهزّ الأرض والسماء، قالاله: « مَن ربّك ؟ ». أمّا أنا فقد جفّ حلقي من شدّة الخوف والهلع، وقلت: إنّ هذهالجثّة التي لا روح فيها لا يمكن أن تجيب عن سؤالهما، ولا شكّ أنّهما سينهالانعليها بالضرب بهراوتَي النار فيمتلئ القبر بالنار المحرقة ويشتدّ الأمر، فمن الخيرإذن أن أردّ أنا. فتوجّهت إلى الله أملِ البائسين والمساكين وملجأ الحَيارى،وتوسّلتُ في قلبي بالإمام عليّ بن أبي طالب (6) الذي كنت أعرفه جيداً، وأعرف أنّهيدرك الملهوفين. كنت أحبّ أن أرى قدرته نافذة في كلّ مكان وفي جميع العوالم،وكانت هذه واحدة من نعم الله تعالى أعدّها لإنقاذ عبيده من ذلك الوضع المخيف الذييجرّد الإنسان من كلّ إحساس وشعور: وَتَرَىالنَّاسَ سُكَارى وَمَا هُمْ بِسُكَارى إنّه يذكّرهم بتلكالوسيلة الكبيرة. وفعلاً، ما أن تذكّرت ذلك حتّى قوي قلبي وانحلّت عقدةلساني. ولمّا طال الزمن على ردّ الجواب، عاد السائلان يسألان بغيظ وحَنَق وبصوتأشدّ من الأوّل وبغضب شديد اسوَدّ منه وجهاهما وانبعث الشرر يتطاير من عينيهما: « مَن ربك ؟ ». ولكنّني قبل أن يركبني الخوف كالسابق أجبت بصوتضعيف: الله ربّيهُوَ اللهُ الّذي لا إلهَ إلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ والشّهَادَةِ هُوَالرَّحْمَنُ الرَّحيمُ * هُوَ اللهُ الّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ المَلِكُ القُدُوسُالسّلامُ المُؤمِنُ المُهَيْمِنُ العَزيزُ الجبَّارُ المُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللهعَمّا يُشْرِكُوَن هذه الآياتالشريفة التي كنت أتلوها في تعقيب صلاة الصبح دائماً، تَلَوتُها عليهما لمجرد إظهارأنّي أحفظها، ولكي لا يقولا: إنّ الإنسان لا يملك علماً ولا كمالاً، كما قيل يومخلق الله آدم إنّه ليس فيه سوى الفساد وإراقة الدماء. ![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |