![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
المناظرة الخامسة والعشرون
مناظرة هشام بن الحكم مع عالم شامي بمحضر الصادق - عليه السلام - عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله - عليه السلام - فورد عليه رجل من أهل الشام فقال : إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك . فقال له أبو عبد الله - عليه السلام - : كلامك هذا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو من عندك ؟ فقال : من كلام رسول الله - صلى الله عليه وآله - بعضه ، ومن عندي بعضه . فقال أبو عبد الله : فأنت إذا شريك رسول الله - صلى الله عليه وآله - ؟ قال : لا . قال : فسمعت الوحي من الله تعالى ؟ قال : لا . قال : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله ؟ قال : لا . قال : فالتفت إلي أبو عبد الله - عليه السلام – فقال : يا يونس هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم . ( إلى أن قال يونس ) : وكنا في خيمة لأبي عبد الله - عليه السلام - في طرف جبل في طريق الحرم ، وذلك قبل الحج بأيام ، فأخرج أبو عبد الله ‹ صفحة 153 › - عليه السلام - رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب ، قال : هشام ورب الكعبة . قال : وكان شديد المحبة لأبي عبد الله ، فإذا هشام بن الحكم ، وهو أول ما اختطت لحيته ، وليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا ، فوسع له أبو عبد الله وقال : ناصرنا بقلبه ولسانه ويده . ثم قال للشامي : كلم هذا الغلام ! يعني : هشام بن الحكم . فقال : نعم ، ثم قال الشامي لهشام : يا غلام سلني في إمامة هذا يعني : أبا عبد الله - عليه السلام - ؟ فغضب هشام حتى ارتعد ، ثم قال له : أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه ، أم خلقه لأنفسهم ؟ فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه ! قال : ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا ؟ قال : كلفهم ، وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم به ، وأزاح في ذلك عللهم . فقال له هشام : فما هذا الدليل الذي نصبه لهم ؟ قال الشامي : هو رسول الله - صلى الله عليه وآله - . قال هشام : فبعد رسول الله - صلى الله عليه وآله - من ؟ قال : الكتاب والسنة . فقال هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه ، حتى رفع عنا الاختلاف ، ومكننا من الاتفاق ؟ فقال الشامي : نعم قال هشام : فلم اختلفنا نحن وأنت ، جئتنا من الشام تخالفنا ، وتزعم ‹ صفحة 154 › أن الرأي طريق الدين ، وأنت مقربان الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين ؟ فسكت الشامي كالمفكر . فقال أبو عبد الله - عليه السلام - : مالك لا تتكلم ؟ قال : إن قلت : إنا ما اختلفنا كابرت . وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف ، أبطلت ( 1 ) ، ‹ صفحة 155 › لأنهما يحتملان الوجوه ( 1 ) ، ولكن لي عليه مثل ذلك فقال له أبو عبد الله : سله تجده مليا ! فقال الشامي لهشام : من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم ؟ فقال : بل ربهم أنظر لهم . فقال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ، ويرفع اختلافهم ، ويبين لهم حقهم من باطلهم ؟ فقال هشام : نعم . فقال الشامي : من هو ؟ قال هشام : أما في ابتداء الشريعة ، فرسول الله - صلى الله عليه وآله - ‹ صفحة 156 › أما بعد النبي فعترته . قال الشامي : من هو عترة النبي القائم مقامه قي حجته ؟ قال هشام : في وقتنا هذا أم قبله ؟ قال الشامي : بل في وقتنا هذا . قال هشام : هذا الجالس يعني : أبا عبد الله - عليه السلام - ، الذي تشد إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن جده . قال الشامي : وكيف لي بعلم ذلك ؟ فقال هشام : سله عما بدا لك . قال الشامي : قطعت عذري ، فعلي السؤال . فقال أبو عبد الله - عليه السلام - : أنا أكفيك المسألة يا شامي أخبرك عن مسيرك وسفرك ، خرجت يوم كذا ، وكان طريقك كذا ، ومررت على كذا ، ومر بك كذا ، فأقبل الشامي كلما وصف شيئا من أمره يقول : ( صدقت والله ) . فقال الشامي : أسلمت لله الساعة ! فقال له أبو عبد الله - عليه السلام - : بل آمنت بالله الساعة ، إن الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ، ويتناكحون ، والأيمان عليه يثابون . قال : صدقت ، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك وصي الأنبياء ( 1 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 154 › ( 1 ) ولذلك من الوظائف المعتبرة في الإمام بعد النبي - صلى الله عليه وآله - أن يبين للأمة ما أرسل به النبي - صلى الله عليه وآله - وما اختلفوا فيه ، لكي يرتفع عنهم الخلاف . وهذان المعنيان قد نص عليهما النبي - صلى الله عليه وآله - في علي بن أبي طالب - عليه السلام - ومن تلك النصوص الصريحة التي لا تقبل الشك : ( أ ) ما روي عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وآله - قال : ( علي باب علمي ، ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به ، حبه إيمان ، وبغضه نفاق . . . الحديث ) . راجع : كنز العمال ج 11 ص 614 ح 32981 ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص 18 ، ط الأزهر ، وص 47 ط الحيدرية ، الغدير للأميني ج 3 ص 96 . ( ب ) ما روي عن أنس ، قال : قال - صلى الله عليه وآله - ( يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين ) . قال أنس : قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته . إذ جاء علي فقال : ( من هذا يا أنس ؟ ) فقلت : علي ، فقام إليه مستبشرا فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه . قال علي : يا رسول الله - صلى الله عليه وآله - لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل ؟ قال : ( وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي ) ؟ راجع : حلية الأولياء ج 1 ص 63 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 85 ح 75 ، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 2 ص 487 ح 1005 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 9 ص 169 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 212 ، ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 64 . ( ت ) ما روي عن أنس أيضا أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال لعلي : ( أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي ) . راجع : الحاكم في المستدرك ج 3 ص 122 ، كنز العمال ج 11 ص 615 ح 32983 ، المناقب للخوارزمي ص 329 ح 346 ، كنوز الحقائق للمناوي ص 203 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 182 ، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 488 ح 1017 و 1018 . يقول السيد شرف الدين في كتابه المراجعات ص 172 معلقا على هذا الحديث : إن من تدبر هذا الحديث وأمثاله علم أن عليا من رسول الله بمنزلة الرسول من الله تعالى ، فإن الله سبحانه يقول لنبيه : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) سورة النحل الآية 64 ، ورسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول لعلي : ( أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي ) . ‹ هامش ص 155 › ( 1 ) ومما لا يخفى أن القرآن الكريم فيه من المجمل والمفصل ، والمحكم والمتشابه ، والظاهر والمؤول ، والعام والخاص ، والناسخ والمنسوخ ، ما لا يمكن معرفته إلا بالرجوع إلى أولي الأمر ، قال الله تعالى : ( ولو ردوه إلي الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) سورة النساء : الآية 83 . وكذلك السنة أيضا بالإضافة إلى وجود الدس - كما صرحت بذلك الروايات - والكذب والافتراء على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى أنه قام فيهم خطيبا - كما يروى - وقال : ألا كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، فلهذا كله وجب الرجوع إلى أولي الأمر وهم أهل البيت - عليهم أفضل الصلاة والسلام - لمعرفة الوجه الصحيح من غيره والحق من الباطل . ‹ هامش ص 156 › ( 1 ) الاحتجاج للطبرسي ج 2 ص 364 ، ابن شهرآشوب في المناقب ج 4 ص 243 ، إرشاد المفيد ص 278 ، أصول الكافي ج 1 ص 172 ، بحار الأنوار ج 48 ص 203 ح 7 . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |