الطريق على وجود الله (البرهان الاول ـ برهان النظم )ـ الشيخ السبحاني - :: منتديات ثار الله الإسلامي ::
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : مهارات العرض والإلقاء ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 20 ]       »     دورة : الأدوات الحديثة في تنظي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 16 ]       »     دورة : التخطيط والإشراف على بر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 39 ]       »     دورة : المعايير الحديثة لنظم ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 36 ]       »     دورة : المعايير الحديثة لنظم ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 34 ]       »     المحامية رباب المعبي : حكم لصا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 167 ]       »     المحامية رباب المعبي تحصل على ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 330 ]       »     تطبيق طبيب استشاري الأسرة [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 421 ]       »     محكمة الاستئناف بالرياض تُلزم ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 527 ]       »     دورة : أفضل الممارسات في استخد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 676 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات
غنيمة عبدالرحمان من: الكويتبسم الله الرحمن الرحيم وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ(117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(118)فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ(119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ...         ام وعدد من: مغربhttp://store2.up-00.com/2016-08/1472404284262.png بسم الله الرحمن الرحيم كما وعدنا الدكتور العلامة شيخنا الجليل ( عمرو المغربي ) عضو الأتحاد العالمي لعلماء الفلك بأمريكا وعضو الهيئة العلمية في اوربا www.amrelmaghrbii.blogspot.com والحائز على شهادة...         محبه اهل البيترمضان كريم.......ليش هذا المنتدى مهجور ولااحد يدخل له انا و عمر الصعيدي ومحمد بشار فتحنا المنتدى في الامس ولا تزال القابنا موجوده اكثر الاعضاء تواجدا ليــــــــــــــــش ماتدخلون         الحوراء من: من بيت اهلناسلام حبيت عيد بكل الحبايب كل سنة وانت بخير بس ليه المنتدى ميت ماله روحو وينكم عنا         محبه اهل البيتالسلام عليكم عيد سعيد بمناسبه حلول راس السنه ولاكن تهناتي كانت متاخره ولاكن لاباس عيد سعيد         محبه اهل البيت من: العراقانا اعتذر من الاخوات حرت بين السهم والجود وعقيله الطالبين وشمس قمر وشمس الازل كل الاعتذار واتمنى يسامحني اختكن محبه اهل البيت         الحوراء من: من امام شاشتيسلام لما هذا المنزل الجميل مهجور وهو حق ان يعمر ادخلووتواجد وانورة بحضوركم         الحوراء من: من بيتنا المتواضعقال الإمام السجاد (عليه السلام) : ما من خطوةٍ أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من خطوتين : خطوةٌ يسدّ بها المؤمن صفّاً في الله ، وخطوةٌ إلى ذي رحمٍ قاطع         محبه اهل البيتالسلام عليكم ورحمه الله وبركاته نهنئكم بتتويج الامام المهدي (عج)         محبه اهل البيت من: العراق (بلد الرافدين)السلام عليكم ورحمه الله وبركاته نهنئكم بمولد الرسول الاعضم محمد(ص)        


العودة   :: منتديات ثار الله الإسلامي :: > الاقسام العقائدية > اصول الدين > منتدى التوحيد > الطرق الى معرفة الله

يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-09-2011, 06:39 AM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5455 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الطريق على وجود الله (البرهان الاول ـ برهان النظم )ـ الشيخ السبحاني



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم

بُرهان النّظم

يبتني برهان النَّظم على مقدمات أربع
الأولى : إِنَّ وراء الذهن الإِنساني عالماً مليئاً بالموجودات ، محتفاً بالظواهر الطبيعية. و إِنَّ ما يتصوره الإِنسان في ذهنه هو انعكاس للواقع الخارجي ، و هذه المقدمة قد أطبق عليها الإِلهيّ و الماديّ رافضَيْن كل فكرة قامت على نفي الواقعية و لجأت إلى المثالية ، بمعنى نفي الحقائق الخارجية.
إِنَّ كل إِنسان واقعي يعتقد بأَنَّ هناك قمراً و شمساً و بحراً و محيطاً و غير ذلك. كما يعتقد بوجوده ، و ذهنه و الصور المنعكسة فيه ، و هذه هي الخطوة الأُولى في مضمار معرفة الله ، و هي التصديق بالواقعيات. و يشترك فيها الفلاسفة الواقعيون ، دون المثاليين بمعنى الخياليين.
و بذلك يظهر أنَّ رمي الإِلهي بالمثالية بمعنى نفي الواقعيات ، افتراءٌ و كذبٌ عليه ، إِذ لا يوجد على أديم الأرض من يكون إِلهيا و في الوقت نفسه ينفي واقعيات الأَشياء و الظواهر الطبيعية. ولو وجد هناك إِنسان بهذه العقيدة
فليس من تلك الزمرة ، و إِنما هو من المنحرفين عن الفطرة السليمة الإِنسانية.
و ما ربما يحكى عن بعض العرفاء من أَنَّ الموجود الحقيقيّ هو الله سبحانه و ما سواه موجود بالمجاز ، فله معنى لطيف لا يضرّ بما قلناه ، و هذا نظير ما إِذا كان هناك مصباح في ضوء الشمس ، فيقال : إِنَّ الضوء ضوء الشمس و لا ضوء لغيرها ، فهكذا وجود الممكنات ، المفتقرات المتدليات بالذات ، بالنسبة إلى واجب الوجود القائم بالذات.
الثانية : إِنَّ عالم الطبيعة خاضع لنظام محدد ، و إِنَّ كل ما في الكون لا ينفك عن النّظم و السنن التي كشفت العلوم الطبيعية عن بعضها ، و كل ما تطورت هذه العلوم خطا الإِنسان خطوات أُخرى في معرفة الكون و القوانين السائدة عليه.
الثالثة : أصل العلية ، و المراد منه أنَّ كل ما في الكون من سنن و قوانين لا ينفكّ عن علة توجده و أنَّ تكون الشيء بلا مكوّن و تحققه بلا علة ، أمر محال لا يعترف به العقل ، بالفطرة ، و بالوجدان و البرهان. و على ذلك فكل الكون و ما فيه من نظم و علل نتيجة علة أوجدته و كونته.
الرابعة : إِنَّ دلالة الأَثر تتجلى بصورتين :
أ ـ وجود الأَثر يدل على وجود المؤثر ، كدلالة المعلول على علّته ، والاية على صاحبها ، و قد نقل عن أَعرابي أَنَّه قال : « البعرة تدل على البعير ، و أَثر الأقدام يدل على المسير » ، إلى غير ذلك من الكلمات التي تقضي بها الفطرة. و هذه الدلالة مما لا يفترق فيها الماديّو الإِلهي ، و إِنما المهمّ هو الصورة الثانية من الدَّلالة.
ب ـ إِنَّ دلالة الأَثر لا تنحصر في الهداية إلى وجود المؤثر ، بل لها دلالة أُخرى في طول الدلالة الأُولى ، و هي الكشف عن خصوصيات المؤثر


من عقله و علمه و شعوره ، أو تجرده من تلك الكمالات و الصفات و غيرها. و لنوضح ذلك بمثال :
إِنَّ كتاب « القانون » المؤلف في الطب ، كما له الدَّلالة الأُولى و هي وجود المؤثر ، له الدَّلالة الثانية و هي الكشف عن خصوصياته التي منها أَنَّه كان إنساناً خبيراً بأُصول الطب و قوانينه ، مطّلعاً على الدَّاء و الدَّواء ، عارفاً بالأَعشاب الطبية ، إلى غير ذلك من الخصوصيات.
والملحمة الكبيرة الحماسية لشاعر إيران (الفردوسي) لها دلالتان :
دلالة على أَنَّ تلك الملحمة لم تتحقق إلا بظل علَّة أَوجدتها ، و دلالة على أَنَّ المؤلف كان شاعراً حماسياً مطلعاً على القصص و التواريخ ، بارعاً في استعمال المعاني المتناسبة مع الملاحم. و مثل ذلك كل ماتمر به مما بقي من الحضارات الموروثة كالأبنية الأثرية ، و الكتب النفيسة ، و الصنائع المستظرفة اليدوية و المعامل الكبيرة و الصغيرة ، إلى غير ذلك مما يقع في مرأى و منظر كل إِنسان. فالمهم في هذا الباب هو عدم الإِقتصار على الدلالة الأُولى بل التركيز على الدلالة الثانية بوجه علمي دقيق.
و على ضوء هذه القاعدة يقف العقل على الخصوصيات الحافة بالعلة ، و يستكشف الوضع السائد عليها ، و يقضي بوضوح بأَنَّ الأَعمال التي تمتاز بالنظام و المحاسبة الدقيقة ، لا بد أَنْ تكون حصيلة فاعل عاقل ، إستطاع بدقته أن يوجد أثره و عمله ، هذا.
كما يقضي بأنَّ الأَعمال التي لا تُراعَى فيها الدّقة اللازمة و النظام الصحيح ، تكون ناشئة عن عمل عامل غير عاقل ، و فاعل بلا شعور و لا تفكير ، فهذا ما يصل إليه العقل السليم بدرايته. و لتوضيح الحال نأتي بالمثالين التاليين :
المثال الأول : لنفترض أَنَّ هنا مخزناً حاوياً لأطنان عدة من مواد البناء بما فيها الحجر و الحديد و الإِسمنت و الجص و الخشب و الزجاج و الأَسلاك

و الأنابيب و غيرها من لوازم البناء ، ثم وضع نصف ما في هذا المخزن تحت تصرف أَحد المهندسين أَو المعماريين ، لينشئ به عمارة ذات طوابق متعددة على أَرض منبسطة.
و بعد فترة من الزمن جاء سيل جارف و جرف ما تبقى في المخزن من مواد الإِنشاء و تركها على شكل تل على وجه الأرض.
إِنَّ العمل الأَول (العمارة) قد نتج عن عمل و إِرادة مهندس عالم.
أَمَّا الثَّاني (التل) فقد حدث بالفعل الطبيعي للسيل من دون إِرادة و شعور.
فالعقلاء بمختلف مراتبهم و قومياتهم و عصورهم يحكمون بعقلانية صانع العمارة ، و مدى قوة إِبداعه في البناء ، من وضعه الأعمدة في أَماكنها المناسبة و إِكسائه الجدران بالمرمر ، و نصبه الأَبواب في مواضعها الخاصة ، و مدّه الأَسلاك و أَنابيب المياه الحارة و الباردة و وصلها بالحمامات و المغاسل ، و غير ذلك مما يتبع هندسة خاصة و دقيقة.
ولكن عندما نخرج إلى الصحراء كي نشاهد ما صنعه السيل ، فغاية ما نراه هو انعدام النَّظام و الترتيب فالحجر و المرمر قد اندثر تحت الطين و التراب ، و القضبان الحديدية قد طرحت إلى جانب ، و الأَسلاك تراها مقطعة بين قطعات الآجرّ ، و الأَبواب مرمية هنا و هناك ، و غير ذلك من معالم الفوضى و التبعثر. و بشكل عام ، إِنَّ المعدوم من هذا الحشد هو النظام و المحاسبة ، إِذ لا هندسة و لا تدبّر.
فالذي يُستنتج أنَّ المؤسس للبناء ذو عقل و حكمة ، و المُحْدِث للتل فاقد لهما ، فالمهندس ذو إِرادة والسيل فاقد لها ، و الأَول نتاج عقل و علم ، و الثاني نتاج تدفق الماء و حركته العمياء.

المثال الثاني : لنفترض أنَّنا دخلنا إلى غرفة فيها شخصان كل منهما جالس أمام آلة طابعة يريدان تحرير قصيدة لأحد الشعراء فالأول يحسن القراءة و الكتابة ، و يعرف مواضع الحروف من الآلة و الآخر أمّي لا يجيد سوى الضغط بأصابعه على الأزرار ، فيشرعان بعملهما في لحظة واحدة.
الذي نلاحظه أنَّ الأول دقيق في عمله يضرب بأصابعه حسب الحروف الواردة في القصيدة دون أن يسقط حرفاً أو كلمة منها.
و أَمَّا الآخر ، الأُمي البصير ، فيضرب على الآلة دون علم أَو هدىً و لا يستطيع أَنْ يميز العين من الغين ، و السين من الشين : و نتيجة عمله ليست إِلاّ الهباء و إِتلاف الأَوراق ، و لا يأتي بشيء مما أَردناه :
فنتاج الأول محصول كاتب متعلّم ، و نتاج الثاني محصول جاهل لا علم له و لا خبرة و لو أُعطي المجال للألوف ممن كف بصرهم و حرموا لذة العلم و التعلم أَنْ يحرروا نسخة صحيحة من ملايين النسخ التي يحررونها لاستحال ذلك ، لأَنهم يفقدون ما هو العمدة و الأَساس.
و لعلَّنا نشاهد في كل جزء من هذا الكون مثل تلك الصفحة التي حررت فيها قصيدة الشاعر و ترانا ملزمين بالإعتراف بعلم و معرفة و حسن أُسلوب كاتبها و نجزم بأَنه بصير لم يكن فاقداً للعلم ، و لم يكن فعله مشابهاً لفعل صبي رأى نفسه في غرفة خالية ، فطرق في خياله أَنْ يلهو و يلعب على آلة طابعة كي ينتج تلك الصفحة من قصيدة الشاعر.
و بعد ذكر الأَمثلة المتقدّمة يتَّضح لنا الفرق بين الأعمال التي تصدر عن إِرادة و تدبّر ، و التي تحدث عن طريق الصدفة ، إِذ لا إرادة فيها و لا تدبر.
و هذه القاعدة التي يدركها العقل (لا بفضل التجربة بل في ضل التفكر و التعقل) هي روح برهان النَّظم الذي هو من أَوضح براهين الإِلهيين في

إِثبات الصانع و رفض الإِلحاد و المادية ، و اشملها لجميع الطبقات. و ملخص بيانهم في تطبيق هذه المقدمة على العالم ، هو أَنَّ العلم لم يزل يتقدم و يكشف عن الرموز و السنن الموجودة في عالم المادة و الطبيعة و العلوم كلها بشتى أَقسامها و أَصنافها و تشعبها و تفرعها تهدف إلى أمر واحد و هو أَنَّ العالم الذي نعيش فيه ، من الذرة إلى المجرة عالم منسجم تسود عليه أَدق الأَنظمة و الضوابط ، فما هي تلك العِلَّة؟ أقول : إنها تتردد بين شيئين لا غير.
الأول : إنَّ هناك موجوداً خارجاً عن إطار المادة عالماً قادراً واجداً للكمال و الجمال ، قام بإيجاد المادة و تصويرها بأدق السنن ، و تنظيمها بقوانين و ضوابط دقيقة ، فهو بفضل علمه الوسيع و قدرته اللامتناهية ، أوجد العالم و أجرى فيه القوانين ، و أضفى عليه السنن التي لم يزل العلم من بدء ظهوره إلى الآن جاهداً في كشفها ، و مستغرقاً في تدوينها ، و هذا المؤثر الجميل ذو العِلم و القدرة هو الله سبحانه.
الثاني : إِنَّ المادة الصَّماء العمياء القديمة التي لم تزل موجودة ، و ليست مسبوقة بالعدم ، قامت بنفسها بإِجراء القوانين الدقيقة ، و أَضفت على نفسها السُّنن القويمة في ظل إِنفعالات غير متناهية حدثت في داخلها و انتهت على مر القرون و الأَجيال إلى هذا النظام العظيم الذي أَدهش العقول و أبهر العيون.
إِذا عرضنا هاتين النظريتين على المقدمةالرابعة لبرهان النظم ، و هي قادرة على تمييز الصحيح من الزائف منهما ، فلا شك أنها ستدعم أُولاهما و تبطل ثانيتهما لما عرفت من أنَّ الخصوصيات الكامنة في وجود المعلول و الأَثر ، تعرب عن الخصوصيات السائدة على المؤثر و العلّة ، فالسّنن و النُّظم تكشف عن المحاسبة والدقة ، و هي تلازم العِلْم و الشعور في العلَّة ، فكيف تكون المادة العمياء الصمَّاء الفاقدة لأي شعور هي التي أوجدت هذه السُّنن و النُّظم؟.

و على ضوء ذلك فالسُّنن و النُّظم ، التي لم يتوفق العلم إِلا لكشف أَقل القليل منها ، تثبت النظرية الأولى و هي احتضان العلَّة و اكتنافها للشعور و العِلْم و ما يناسبهما ، و تبطل النظرية الثانية و هي قيام المادة الصَّماء العمياء بإِضفاء السُّنن على نفسهابلا محاسبة و دقة بتخيل أَنَّ انفعالات كثيرة ، حادثة في صميم المادة ، انتهت إلى ذاك النظام المبهر تحت عنوان « الصدفة » أو غيرها من الصراعات الداخلية التي تلوكها أَلسنة الماركسيين.
و على ذلك فكل علم من العلوم الكونية ، التي تبحث عن المادة و خصوصياتها و تكشف عن سننها و قوانينها ، كعملة واحدة لها وجهان ، فمن جانب يعرّف المادة بخصوصياتها ، و من جانب آخر يعرّف موجدها و صانعها. فالعالم الطبيعي ينظر إلى واحد من الوجهين كما أَنَّ العارف ينظر إلى الجهة الأخرى و العالم الربّاني ينظر إلى كلتا الجهتين و يجعل الأُولى ذريعة للثانية. و بهذا نستنتج أنَّ العلوم الطبيعية كلها في رحاب إثبات المقدمة الرَّابعة لبرهان النظم ، و أَنَّ اكتمال العلوم يعين ذلك البرهان بأوضح الوجوه و أدقّ الطرق ، و أَنَّ الإِعتقاد بالصانع العالم القادر يصاحب العِلْم في جميع العصور و الأَزمان.
و في الختام نركز على نقطتين :
الأُولى : إِنَّ القرآن الكريم ملي بلفظة « الآية » و « الآيات » ، فعندما يسرد نُظُم الطبيعة و سُنَنَها ، و يعرض عجائب العالم و غرائبه ، يعقبه بقوله :
( إِنَّ في ذلِكَ لآية لِقَوْم يَتَفَكَّرُون ) أَو ( يذَّكَّرون ) أَو ( يعقلون ) إلى غير ذلك من الكلمات الحاثة على التفكر و التدبر ، و هذه الآيات تعرض برهان النَّظم بأوضح أشكاله على لسان الفطرة ، بدلالة آيوية (1) مشعرة بأَنَّ

1 ـ الآيوية : منسوب إلى الآية ، و هي دلالة خاصة إبتكرها القرآن الكريم وراء سائر الدلالات التي كشف عنها المنطقيون في أبحاثهم العلمية ، و المراد من الدلالة الآيوية هو ما ركَّزنا عليه من أَنَّ التعمق في الأَثر و التدبر في خصوصياته ، يهدينا إلى وجود المؤثر و خواصه ، ففي تلك الدلالة ، الآية ملموسة و محسوسة ، و إِنْ كان ذو الآية غير محسوس و لا ملموس.
التفكر في هذه السنن اللاحبة و النظم المحيَّرة يكشف بوضوح عن أَنَّ جاعلها موجود ، عالم قادر ، بصير و من المحال أَنْ تقوم المادة الصمّاء العمياء بذلك. و لأجل أَنْ يقف القارئ الكريم على بعض هذه الآيات نشير إلى ما ورد في سورة النحل في هذا المضمار :
1 ـ قوله سبحانه : ( يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالاَْعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ ) (1).
2 ـ قوله سبحانه : ( وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الاَْرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَذَّكَّرُونَ ) (2).
3 ـ قوله سبحانه : ( وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَسْمَعُونَ ) (3).
4 ـ قوله سبحانه : ( وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالاَْعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَعْقِلُونَ ) (4).
5 ـ قوله سبحانه : ( ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ ) (5).

1 ـ سورة النحل : الآية 11.
2 ـ سورة النحل : الآية 13.
3 ـ سورة النحل : الآية 65.
4 ـ سورة النحل : الآية 67.
5 ـ سورة النحل : الآية 69.


الثانية : إِنَّ برهان النَّظم و إِنْ كان يعتمد على مقدمات أَربع غير أَنَّ الثلاثة الأُول مما اتفق فيه جميع العقلاء إلاّ شذّاذ الآفاق من المثاليين المنكرين للحقائق الخارجية. و إِنما المهم هو التركيز على توضيح المقدمة الرابعة باستعانة من العلوم الطبيعية و الفلكية و غيرها التي تعد روحاً و أَساساً لتلك المقدمة. و في هذا المضمار نجد كلمات بديعة لخبراء العلم من المخترعين و المكتشفين : يقول « كلودم هزاوي » مصمم العقل الإِلكتروني : طلب مني قبل عدة سنوات القيام بتصميم آلة حاسبة كهربائية ، تستطيع أَنْ تحل الفرضيات و المعادلات المعقدة ذات البعدين ، و استفدت لهذا الغرض من مئات الأدوات و اللوازم الالكتروميكانيكية ، و كان نتاج عملي وسعيي هذا هو « العقل الالكتروني ».
و بعد سنوات متمادية صرفتها لإنجاز هذا العمل ، و تحمل شتّى المصاعب و أَنا أَسعى لصنع جهاز صغير ، يصعب عليَّ أن أتقبل هذه الفكرة و هي أَنَّ الجهاز هذا ، يمكن أَنْ يوجد من تلقاء نفسه دون حاجة إلى مصمم.
إِنَّ عالمنا مملو بالأَجهزة المستقلة لذاتها و المتعلقة بغيرها في الوقت ذاته ، و تعتبر كل واحدة منها أَعقد بكثير من العقل الإِلكتروني الذي صنعته ، و إِذا استلزم أَنْ يكون للعقل الالكتروني هذا مصمم فكيف يمكننا إِذن أَنْ ننفي هذا القول بالنسبة إلى أجسامنا بما فيها من خواص حياتيّة و أعمال فيزيائية و تفاعلات كيميائية ، فلا بد من وجود مصمّم حكيم خالق لهذا الكون و الذي أنا جزء حقير منه (1).
و العجب من الفرضية التي يعتمد عليها الماديون خلفاً عن سلف ، 1 ـ العلم يدعو للإِيمان ، ص 159.

و يقولون بأنّ الإِنفعالات اللامتناهية اللاشعورية انتهت صدفة إلى هذا النظام البديع.
يقول البروفسور « أَدوين كونكلين » في حق هذه النظرية : إِنَّ هذا الإِفتراض لا يختلف عن قولنا : « اِنَّ قاموساً لغوياً ضخماً أَنتجته المطبعة إِثْر انفجار فيها ».
إِنَّ نظام الكون الدقيق يجعل العلماء يتنبأون بحركة السيارات و الأَقمار الفلكية ، و التعبير عن الظواهر الطبيعية بمعادلات رياضية.
إِنَّ وجود هذا النظام في الكون بدلا من الفوضى ، لدليل واضح على أَنَّ هذه الحوادث تجري وفق قواعد و أسس معينة و أنّ هناك قوة عاقلة ، مهيمنة عليه ، و لا يستطيع كل من أوتي حظاً من العقل أَنْ يعتقد بأَنَّ هذه المادَّة الجامدة الفاقدة للحس و الشعور ـ و في إِثْر الصدفة العمياء ـ قد منحت نفسها النظام ، و بقيت و لا تزال محافظة عليه (1).
إِنَّ هناك مئات الكلمات حول تشييد برهان النَّظم و عرضها بشكل أَدبي ، علمي ، موافق لروح العصر ، و قد اكتفينا بعرض هذا المقدار. 1 ـ المصدر السابق نفسه.
الالهيات الشيخ السبحاني



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








آخر تعديل السيد عباس ابو الحسن يوم 06-15-2011 في 10:43 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 07:55 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية