![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
[ حديث الثقلين ]
حديث الثقلين - السيد علي الميلاني - ص 7 - 15 بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين . موضوع بحثنا حديث الثقلين ، هذا الحديث الذي لو عمل به وطبق لما وقع خلاف بين المسلمين . إن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية وإلى نبذ الخلافات بين الفرق ، من جملة الأمور التي يهتم بها المفكرون المصلحون من المسلمين ، وعندهم للوصول إلى هذا الهدف مشاريع واقتراحات ونظريات ، ولكن حديث الثقلين خير جامع بين المسلمين ، لأنه حديث يتفق عليه كل الأطراف ، وهو حديث واضح في مدلوله وفي معناه . ولنذكر قبل الورود بالبحث لفظا أو لفظين من ألفاظ هذا الحديث الشريف : ‹ صفحة 8 › في صحيح الترمذي بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا :كتاب الله وعترتي أهل بيتي ( 1 ) . وفي صحيح الترمذي أيضا بإسناده عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ( 2 ) . فهذان لفظان من ألفاظ الحديث ، عن صحابيين من رواة هذا الحديث الشريف من الصحابة . والبحث في هذا الحديث لا بد وأن يكون في جهات : الجهة الأولى : في تحقيق ألفاظ هذا الحديث . الجهة الثانية : في رواة هذا الحديث . الجهة الثالثة : في دلالات هذا الحديث . الجهة الرابعة : في المناقشات والمعارضات . ‹ صفحة 9 › الجهة الأولى : في تحقيق ألفاظ حديث الثقلين هذا الحديث مشهور بحديث الثقلين ، والثقل : متاع المسافر كما في اللغة ، فإني تارك فيكم الثقلين ، الثقلين تثنية ثقل ، وجماعة من المحدثين واللغويين يقرأون الكلمة بالثقلين : إني تارك فيكم الثقلين ، فيكون تثنية للثقل . ولعل الأظهر كون الكلمة محركة ، أي إني تارك فيكم الثقلين على أن تكون تثنية للثقل . يقول صاحب القاموس : والثقل - محركة - متاع المسافر وحشمه وكل شئ نفيس مصون ، ومنه الحديث : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ( 1 ) . وإنما أرجح الثقل والثقلين على الثقلين ، لأنه إذا كان الثقل ‹ صفحة 10 › بمعنى متاع المسافر ، فهذا أنسب بحال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبالظروف التي قال فيها هذا الكلام ، لأن المسافر من بلد إلى بلد وخاصة مع العزم على عدم العود إلى بلده السابق ، يأخذ معه متاعه ، ولما كانت المراكب في تلك العصور لا تتحمل أخذ جميع وسائل الإنسان وأمتعته ، فلا بد وأن يأخذ المسافر أنفس الأشياء وأغلى الأشياء وأثمن الأشياء التي يمتلكها ، أو تكون في حوزته . ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول في حديث الثقلين : إني قد دعيت فأجبت ، أو : يوشك أن أدعى فأجيب ، هذه مقدمة حديث الثقلين ، فيخبر رسول الله عن دنو أجله وقرب رحيله عن هذه الحياة ، وحينئذ يقول : وإني تارك ، ولا يخفى أن أغلى الأشياء عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأثمنها في حياته : القرآن والعترة ، فكان ينبغي أن يأخذ القرآن والعترة معه ، لكن مقتضى رأفته بهذه الأمة وحرصه على بقاء هذا الدين هو أن يبقي أغلى الأشياء عنده في هذا العالم ، ويترك الثقلين الأمرين اللذين كان مقتضى الحال أن يأخذهما معه ، فيقول : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ثم يوصيهم بقوله : ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، فالغرض من إبقاء هذين الأمرين بين الأمة ، والهدف من تركهما فيهم هو أن لا يضلوا من بعده . ‹ صفحة 11 › فبهذه القرائن الموجودة في داخل الحديث ، والظروف المحيطة بهذا الحديث ، نرجح أن تكون الكلمة الثقلين لا الثقلين . وقد لاحظتم في اللفظين المذكورين أنه في اللفظ الأول يقول : ما إن أخذتم بهما لن تضلوا ، وفي اللفظ الثاني يقول : ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، وهذان اللفظان موجودان عند غير الترمذي أيضا . فلفظة ما إن أخذتم أو لفظة الأخذ موجودة في مسند أحمد ( 1 ) ، وفي مسند ابن راهويه ( 2 ) ، وفي طبقات ابن سعد ( 3 ) ، وفي صحيح الترمذي ( 4 ) وفي مسند أبي يعلى ( 5 ) ، وفي المعجم الكبير للطبراني ( 6 ) ، وفي مصابيح السنة للبغوي ( 7 ) ، وفي جامع الأصول لابن الأثير ( 8 ) ، وفي غيرها من المصادر . ‹ صفحة 12 › ولفظ التمسك تجدونه في مسند عبد بن حميد ( 1 ) ، وفي الدر المنثور ( 2 ) ، وغيرهما من المصادر . وأنتم لو راجعتم اللغة لوجدتم معنى الأخذ في مثل هذا المقام ، ومعنى التمسك في مثل هذا المقام هو الاتباع . لكن كلمة الاتباع أيضا من ألفاظ حديث الثقلين ، وهذا ما تجدونه في رواية ابن أبي شيبة ( 3 ) . وفي رواية الخطيب البغدادي ( 4 ) لفظ الاعتصام بدل لفظ التمسك والأخذ ، يقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إني تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به كتاب الله وعترتي ، والاعتصام في اللغة العربية في الكتاب والسنة وفي الاستعمالات الفصيحة هو التمسك . ولذا نرى في الحديث المتفق عليه - أي الموجود في كتب أصحابنا وفي كتب القوم - عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) بتفسير قوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ( 5 ) يقول الإمام ‹ صفحة 13 › جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) : نحن حبل الله . حديث الصادق ( عليه السلام ) هذا بتفسير الآية المباركة موجود في تفسير الثعلبي ، وفي الصواعق المحرقة ( 1 ) ، وبعض المصادر الأخرى . وإذا راجعتم تفسير الفخر الرازي ( 4 ) في تفسير هذه الآية المباركة ، وأيضا تفسير الخازن ( 3 ) وبعض التفاسير الأخرى ، لرأيتم أنهم يذكرون حديث الثقلين في تفسير الآية المباركة ، وقد عرفنا أن الاعتصام هو التمسك ، والتمسك يرجع إلى الاتباع أيضا ، وذلك موجود أيضا بسند صحيح في مستدرك الحاكم ( 4 ) . وإذا وجب الاتباع ثبتت الإمامة بلا نزاع ، فيكون علي وأهل البيت ( عليهم السلام ) خلفاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من بعده. لكن حديث الثقلين ورد بلفظ الخليفتين أيضا ، كما تجدونه عند أحمد في المسند ( 5 ) ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة ( 6 ) ، وفي المعجم الكبير للطبراني ، يقول الحافظ الهيثمي بعد ‹ صفحة 14 › أن يرويه عن المعجم الكبير للطبراني يقول : ورجاله ثقات ( 1 ) ، وكذا صحح الحديث جلال الدين السيوطي ( 2 ) . والألطف من هذا ، عندما نراجع فيض القدير في شرح الجامع الصغير ( 3 ) يقول المناوي بشرح كلمة عترتي يقول : وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . فلاحظوا ، ألفاظ هذا الحديث كيف تنتهي إلى الإمامة والخلافة ، وإلى تعيين الإمام والخليفة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . فظهر : أن هذا الحديث بجميع ألفاظه يؤدي معنى واحدا ، وهو معنى الإمامة ، أما بلفظ الخليفتين فهو نص ، ولا خلاف في هذا ، وأي لفظ يكون أصرح في الدلالة على الإمامة والخلافة من هذا اللفظ ؟ ! إني تارك فيكم خليفتين - أو الخليفتين - : كتاب الله وعترتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي . إذن ، رأينا كيف يصدق الحديث القرآن الكريم ، وكيف يصدق القرآن الكريم الحديث النبوي الشريف . ‹ صفحة 15 › ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) . فهذه هي الجهة الأولى فيما يرتبط بألفاظ حديث الثقلين ، وأنه كيف نستكشف الإمامة والخلافة من نفس الألفاظ ، بغض النظر عن ذلك اللفظ الذي هو نص صريح بالخلافة بعد رسول الله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 8 › ( 1 ) صحيح الترمذي 5 / 662 رقم 3786 - دار إحياء التراث العربي - بيروت . ( 2 ) صحيح الترمذي 5 / 663 رقم 3788 . ‹ هامش ص 9 › ( 1 ) القاموس المحيط 3 / 342 - ثقل - دار الفكر - بيروت - 1403 ه . ‹ هامش ص 11 › ( 1 ) مسند أحمد 5 / 492 رقم 18780 . ( 2 ) أنظر : المطالب العالية لابن حجر العسقلاني ، رقم 1873 . ( 3 ) طبقات ابن سعد 1 / 194 . ( 4 ) صحيح الترمذي 2 / 219 . ( 5 ) على ما في بعض المصادر ، مثل كتاب مفتاح النجا للعلامة البدخشي . ( 6 ) المعجم الكبير للطبراني 3 / 62 رقم 2678 - دار إحياء التراث العربي . ( 7 ) مصابيح السنة 4 / 190 رقم 4816 - دار المعرفة - بيروت - 1407 ه . ( 8 ) جامع الأصول 1 / 278 رقم 66 - دار الفكر - بيروت - 1403 ه . ‹ هامش ص 12 › ( 1 ) منتخب مسند عبد بن حميد : 265 . ( 2 ) الدر المنثور ، الجامع الصغير ، إحياء الميت : 12 . ( 3 ) مصنفابن أبي شيبة 10 / 505 رقم 10127 - الدار السلفية - الهند - 1401 ه . ( 4 ) مفتاح النجا للعلامة - البدخشي عن المتفق والمفترق للخطيب . ( 5 ) سورة آل عمران : 103 . ‹ هامش ص 13 › ( 1 ) الصواعق المحرقة : 233 - دار الكتب العلمية - بيروت - 1414 ه . ( 2 ) تفسير الرازي 8 / 173 . ( 3 ) تفسير الخازن 1 / 277 - دار الكتب العلمية - بيروت - 1415 ه . ( 4 ) المستدرك على الصحيحين 3 / 109 . ( 5 ) مسند أحمد 6 / 232 رقم 21068 و 244 رقم 21145 . ( 6 ) كتاب السنة لابن أبي عاصم : 336 رقم 754 - المكتب الإسلامي - بيروت - 1405 ه . ‹ هامش ص 14 › ( 1 ) مجمع الزوائد 9 / 165 - دار الكتاب العربي - بيروت - 1402 ه . ( 2 ) الجامع الصغير بشرح المناوي 3 / 14 . ( 3 ) فيض القدير 3 / 14 شرح حديث 2631 - دار الفكر - بيروت - 1391 ه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
آخر تعديل الفاروق الاعظم يوم
07-26-2010 في 06:28 PM.
|
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]() الجهة الثانية :
رواة حديث الثقلين إن رواة حديث الثقلين من الصحابة هم أكثر من ثلاثين شخص ، على رأسهم : 1 - أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . 2 - الإمام الحسن السبط ( عليه السلام ) . 3 - أبو ذر الغفاري . 4 - سلمان الفارسي . 5 - جابر بن عبد الله الأنصاري . 6 - أبو الهيثم ابن التيهان . 7 - حذيفة بن اليمان . 8 - حذيفة بن أسيد أبو شريحة أو سريحة . 9 - أبو سعيد الخدري 10 - خزيمة بن ثابت . 11 - زيد بن ثابت . 12 - عبد الرحمن بن عوف . 13 - طلحة . 14 - أبو هريرة . 15 - سعد بن أبي وقاص . 16 - أبو أيوب الأنصاري . 17 - عمرو بن العاص . وغير هؤلاء من الصحابة . 18 - فاطمة الزهراء بضعة الرسول صلوات الله عليها . 19 - أم سلمة أم المؤمنين . 20 - أم هاني أخت الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . ورواة الحديث من مشاهير الأئمة في مختلف القرون يبلغون المئات ، وسأذكر أسامي خمسين رجلا منهم ، وهؤلاء أشهر مشاهيرهم عبر القرون المختلفة : 1 - سعيد بن مسروق الثوري . 2 - سليمان بن مهران الأعمش . 3 - محمد بن إسحاق ، صاحب السيرة . 4 - محمد بن سعد ، صاحب الطبقات . 5 - أبو بكر ابن أبي شيبة ، صاحب المصنف . 6 - ابن راهويه ، صاحب المسند . 7 - أحمد بن حنبل ، صاحب المسند . 8 - عبد بن حميد ، صاحب المسند . 9 - مسلم بن الحجاج ، صاحب الصحيح . 10 - ابن ماجة القزويني ، صاحب السنن الذي هو أحد الصحاح الستة . 11 - أبو داود السجستاني ، صاحب السنن وهو أحد الصحاح . 12 - الترمذي ، صاحب الصحيح . 13 - ابن أبي عاصم ، صاحب كتاب السنة . 14 - أبو بكر البزار ، صاحب المسند . 15 - النسائي ، صاحب الصحيح . 16 - أبو يعلى الموصلي ، صاحب المسند . 17 - محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير 18 - أبو القاسم الطبراني ، صاحب المعاجم . 19 - أبو الحسن الدارقطني البغدادي ، الإمام المعروف . 20 - الحاكم النيسابوري ، صاحب المستدرك . ( 23 ) 21 - أبو نعيم الإصفهاني ، صاحب المؤلفات المعروفة . 22 - أبو بكر البيهقي ، صاحب السنن الكبرى . 23 - ابن عبد البر ، صاحب الإستيعاب . 24 - الخطيب البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد . 25 - محي السنة البغوي ، صاحب مصابيح السنة . 26 - رزين العبدري ، صاحب الجمع بين الصحاح الستة 27 - القاضي عياض ، صاحب كتاب الشفاء . 28 - ابن عساكر الدمشقي ، صاحب تاريخ دمشق . 29 - ابن الأثير الجزري ، صاحب أسد الغابة . 30 - الفخر الرازي ، صاحب التفسير الكبير . 31 - الضياء المقدسي ، صاحب كتاب المختارة . 32 - أبو زكريا النووي ، صاحب شرح مسلم . 33 - أبو الحجاج المزي ، صاحب تهذيب الكمال . 34 - شمس الدين الذهبي ، صاحب الكتب المشهورة . 35 - ابن كثير الدمشقي ، صاحب التاريخ والتفسير . 36 - نورالدين الهيثمي ، صاحب مجمع الزوائد . 37 - جلال الدين السيوطي ، صاحب المؤلفات المعروفة 38 - شهاب الدين القسطلاني ، شارح البخاري . 39 - شمس الدين الصالحي الدمشقي ، تلميذ الحافظ السيوطي ، صاحب السيرة النبوية . 40 - شهاب الدين ابن حجر العسقلاني ، شيخ الإسلام ، وصاحب المؤلفات الكثيرة المعتبرة . 41 - شمس الدين ابن طولون الدمشقي . 42 - شهاب الدين ابن حجر المكي ، صاحب الصواعق . 43 - المتقي الهندي ، صاحب كنز العمال . 44 - علي القاري الهروي ، صاحب المرقاة في شرح المشكاة . 45 - المناوي ، شارح الجامع الصغير . 46 - الحلبي ، صاحب السيرة . 47 - دحلان ، صاحب السيرة . 48 - منصور علي ناصف ، صاحب التاج الجامع للأصول 49 - النبهاني ، صاحب المؤلفات . 50 - المبارك پوري ، شارح صحيح الترمذي . هؤلاء خمسون نفر ، وهذا العدد عشر رواة حديث الثقلين من أعلام أهل السنة في القرونالمختلفة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
#3 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
الجهة الثالثة :
دلالات حديث الثقلين قد عرفتم بنحو الإجمال دلالة حديث الثقلين على الإمامة في نفس البحث حول ألفاظه فقط ، فكان الحديث في بعض ألفاظه نصا على إمامة وخلافة علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهو في ألفاظه الأخرى - كلفظ التمسك ولفظ الأخذ ولفظ الاتباع والاعتصام ونحو ذلك - يدل على الإمامة والخلافة بالدلالة الإلتزامية ، من حيث أن هذه الألفاظ تدل على وجوب الاتباع والانقياد والإطاعة المطلقة ، وهناك ملازمة بين الإطاعة المطلقة وبين الإمامة والخلافة . وإن كنتم في شك فارجعوا إلى شراح الحديث ، بإمكانكم أن ترجعوا إلى فيض القدير في شرح جامع الصغير ، وإلى المرقاة في شرح المشكاة ، وإلى نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ، ‹ صفحة 24 › وإلى شرح المواهب اللدنية ، والسراج المنير في شرح الجامع الصغير ، وحتى إذا ترجعون إلى الصواعق المحرقة ، إلى كتاب جواهر العقدين ، وإلى أمثال هذه الكتب ، لكي تروا كيف يشرحون حديث الثقلين وينصون على أن هذا الحديث حث وأمر من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالاهتداء بهدي أهل البيت ، بالتعلم من أهل البيت ، بالاقتداء بأهل البيت : يقول المناوي : في هذا الحديث تصريح بأنهما - أي القرآن والعترة - كتوأمين خلفهما وأوصى أمته بحسن معاملتهما ، وإيثار حقهما على أنفسهم ، والاستمساك بهما في الدين ( 1 ) . ويقول القاري في شرح الحديث : معنى التمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم ( 2 ) . ويقول الزرقاني المالكي وهو أيضا محقق في الحديث يقول : وأكد تلك الوصية وقواها بقوله : فانظروا بم تخلفوني فيهما بعد وفاتي ، هل تتبعونهما فتسروني أو لا فتسيئوني ( 3 ) . ويقول ابن حجر المكي : حث ( صلى الله عليه وسلم ) على الاقتداء والتمسك بهم ‹ صفحة 25 › والتعلم منهم ( 1 ) . وحينئذ ، يكون من دلالات حديث الثقلين :أعلمية أهل البيت من غيرهم ، والأعلمية المطلقة ، وهي تستلزم أفضليتهم ، والأفضلية مستلزمة للإمامة ، كما سنقرأ إن شاء الله تعالى ونحقق هذا الموضوع . إذن ، كل الصحابة كانوا مأمورين بالرجوع إلى أهل البيت ، والاقتداء بهم ، والتعلم منهم ، وإطاعتهم والانقياد لهم . ومن هنا ، فقد جاء في بعض ألفاظ حديث الثقلين - كما هو عند الطبراني ( 2 ) ، وفي مجمع الزوائد ( 3 ) ، وعند ابن الأثير في أسد الغابة ( 4 ) ، وأيضا في الصواعق المحرقة ( 5 ) - قال رسول الله بعد : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما . . . قال : فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ، ففي نفس حديث الثقلين توجد هذه الفقرة في رواية القوم . ‹ صفحة 26 › أما الشراح فيوضحون هذه الناحية أيضا ، مثلا يقول القاري في المرقاة : الأظهر هو أن أهل البيت غالبايكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله ، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته ، الواقفون على طريقته ، العارفون بحكمه وحكمته ، وبهذا يصلح أن يكونوا عدلا لكتاب الله سبحانه ، كما قال تعالى : ( يعلمهم الكتاب والحكمة ) ( 1 ) . وإذا راجعتم الصواعق لوجدتم هذه العبارة بالنص يقول : وفي قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : فلا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم في قوله هذا دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدما على غيره . فتكون هذه ا لفقرة الدالة على وجوب التعلم منهم دالة على إمامتهم وتقدمهم على غيرهم . وهذه أيضا من دلالات حديث الثقلين . وفي قران أهل البيت بالقرآن دلالة على عصمة أهل البيت ، وعلى وجود الإمام من أهل البيت في كل زمان ، يصلح للإمامة ، ولأن يكون قدوة للناس ، ولأن يتعلم منه الناس جميع العلوم ‹ صفحة 27 › الإسلامية وجميع الأمور المحتاج إليها ، لا بد وأن يكون موجودا في كل زمان ما دام القرآن موجودا ، وسنبحث عن هاتين الدلالتين في المباحث الآتية ، لأن مسألة العصمة سنخصص لها ليلة ، ومسألة إمامة بقية الأئمة أيضا سنخصص لها ليلة كذلك . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 24 › ( 1 ) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3 / 15 . ( 2 ) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 600 . ( 3 ) شرح المواهب اللدنية 7 / 5 . ‹ هامش ص 25 › ( 1 ) الصواعق المحرقة : 231 - دار الكتب العلمية - بيروت - 1414 ه . ( 2 ) المعجم الكبير 5 / 186 - 187 . ( 3 ) مجمع الزوائد ، عن الطبراني . ( 4 ) أسد الغابة 1 / 490 - دار الفكر - بيروت - 1409 ه . ( 5 ) الصواعق المحرقة : 90 . ‹ هامش ص 26 › ( 1 ) سورة آل عمران : 164 ، سورة الجمعة : 2 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
#4 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
[ حديث الثقلين ]
تتمة تشتمل على مطالب المطلب الأول : اقتران حديث الثقلين بأحاديث أخرى لقد اقترن حديث الثقلين في كثير من ألفاظه وموارده بأحاديث أخرى ، تلك الأحاديث هي بدورها من الأدلة المعتبرة على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . ففي بعض الألفاظ عن ابن جرير الطبري ، وابن أبي عاصم ، وأمالي المحاملي الذي هو محدث كبير من المحدثين عند القوم وقد صحح المحاملي هذا الحديث ، ويرويه عنهم صاحب كنز العمال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو آخذ بيد علي ( عليه السلام ) في يوم الغدير : أيها الناس ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم ، أن الله ورسوله مولاكم ؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه ، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي ( 1 ) . ‹ صفحة 30 › واقتران حديث الثقلين بحديث الغدير المتواتر الدال على إمامة أميرالمؤمنين ومجيؤهما في سياق واحد ، يدل على دلالة حديث الثقلين أيضا على نفس مدلول حديث الغدير ، والسياق كما قلنا قرينة يؤخذ بها ما لم يكن في مقابلها نص قاطع ، وليس هنا في المقابل نص قاطع يمنعنا من الأخذ بهذا السياق . ومن مصادر اقتران الحديثين : المعجم الكبير ( 1 ) للطبراني ، ومسند ابن راهويه ( 2 ) ، والمستدرك ( 3 ) ، ونوادر الأصول للحكيم الترمذي ( 4 ) ، والإصابة ( 5 ) ، وأسد الغابة ( 6 ) ، والسيرة الحلبية ( 7 ) . ولقد اقترن حديث الثقلين بحديث الغدير وحديث المنزلة أيضا ، فأصبح ثلاثة أحاديث في سياق واحد ، في رواية ابن حجر في كتاب الفتاوي الفقهية ( 8 ) وكل منها يدل على إمامة أمير المؤمنين بالاستقلال . ‹ صفحة 31 › المطلب الثاني : تكرار الوصية بالكتاب والعترة في عدة مواطن قد ثبت أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كرر هذه الوصية ، أي الوصية بالكتاب والعترة ، في موارد عديدة : المورد الأول : عند انصرافه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الطائف ، وهذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة ، وعنه ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة ( 1 ) . المورد الثاني : في حجة الوداع ، وفي عرفة بالذات ، وقد أخرج هذا الحديث ابن أبي شيبة كما في كنز العمال ( 2 ) ، والترمذي في صحيحه ( 3 ) ، والطبراني في المعجم الكبير ( 4 ) ، وابن الأثير في جامع الأصول ( 5 ) ، وغير هؤلاء . المورد الثالث : في يوم غدير خم ، وفي الخطبة ، وقد أخرج ‹ صفحة 32 › هذا الحديث أحمد في المسند ( 1 ) ، الدارمي في السنن ( 2 ) البيهقي في السنن الكبرى ( 3 ) ، وابن كثير في تاريخه ( 4 ) ، وغيرهم . المورد الرابع : في مرضه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي توفي فيه ، قاله وقد امتلأت الغرفة أو الحجرة بالناس ، أخرجه ابن أبي شيبة ( 5 ) ، والبزار ( 6 ) ، وابن حجر المكي ( 7 ) ، وغيرهم . وربما يكون هناك موارد أخرى لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إني تارك فيكم الثقلين . . . . المطلب الثالث : مسألة الدعوة إلى الوحدة الإسلامية على ضوء حديث الثقلين كان جدنا السيد الميلاني رحمة الله عليه يحدثنا عن مبادرة ‹ صفحة 33 › بعض أعلام النجف الأشرف ( 1 ) إلى التفاهم والتقارب مع بعض علماء السنة في ذلك الزمان ، كان يقول رحمة الله عليه : كنا نقترح عليه وعلى غيره : إن السبيل الصحيح السليم للتقارب بين المذاهب الإسلامية ، هو الأخذ بحديث الثقلين ، لأن المفروض أنه حديث صحيح عند الطرفين إن لم يكن متواترا وهو متواتر قطعا ، حديث مقبول عند الطرفين ، ودلالته واضحة . فحينئذ إذا كان هناك شئ عن رسول الله نفسه وهو صحيح سندا ودلالته تامة ، ويصلح لأن يكون جامعا بيننا ، لماذا نتركه ونتوجه إلى نظريات واقتراحات ومشاريع أخرى ، قد لا تفيدنا ولا نصل عن طريقها إلى الهدف . كان رحمة الله عليه يقول : كنا نصر على هذا المعنى ، وكان بعض أعلام النجف الأشرف الذي كان يقود فكرة التقريب له اقتراح آخر . حتى أنه عاد واعترف بأن الطريقة الصحيحة ليست إلا هذه الطريقة ، ولا علاج لهذه المشكلة إلا الرجوع إلى هذا الحديث وأمثاله . ‹ صفحة 34 › وتلخص : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أخبر عن دنو وفاته وقرب رحيله ، وأخبر الأمة بأنه تارك بينهم أعز الأشياء عنده وأثمن الأشياء وأغلاها عنده ، إنه تارك بين الأمة القرآن والعترة ، حتى لا يضلوا من بعده ، وكلمة لن تدل على التأبيد ، وهذه موجودة في ألفاظ الحديث : ما إن تمسكتم بهما ، أو ما إن أخذتم بهما لن تضلوا . ثم إنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكد عليهم أنه سيسألهم عند الحوض عن معاملتهم مع الثقلين ، وأنهم كيف خلفوه فيهما . ولعله أراد أن يشير بهذا الموعد والملتقى إلى أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هو الساقي على هذا الحوض ، وهو الذي يذود المنافقين عنه . وأيضا : لعله كان يريد الإشارة إلى حديث الحوض الشهير الذي قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما في الصحاح : سيرد علي أصحابي وأنهم يذادون عن الحوض وأقول : يا رب هؤلاء أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك . وسنذكر هذه الأحاديث في موضعها إن شاء الله تعالى . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 29 › ( 1 ) كنز العمال 13 / 140 رقم 36441 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1405 ه . ‹ هامش ص 30 › ( 1 ) المعجم الكبير 5 / 195 رقم 5070 . ( 2 ) مسند ابن راهويه : مخطوط . ( 3 ) مستدرك الحاكم 3 / 109 ، 174 . ( 4 ) نوادر الأصول ، كما في غير واحد من المصادر عنه . ( 5 ) الإصابة 7 / 78 رقم 4767 - دار الكتب العلمية - بيروت . ( 6 ) أسد الغابة 3 / 605 . ( 7 ) السيرة الحلبية 3 / 274 - دار إحياء التراث العربي - بيروت . ( 8 ) الفتاوي الفقهية 2 / 122 . ‹ هامش ص 31 › ( 1 ) الصواعق المحرقة : 64 . ( 2 ) كنز العمال 1 / 48 ط 1 . ( 3 ) صحيح الترمذي 5 / 621 . ( 4 ) المعجم الكبير 3 / 63 رقم 2679 . ( 5 ) جامع الأصول 1 / 277 . ‹ هامش ص 32 › ( 1 ) مسند أحمد 3 / 17 . ( 2 ) سنن الدارمي 2 / 310 . ( 3 ) سنن البيهقي 2 / 148 . ( 4 ) البداية والنهاية 5 / 209 . ( 5 ) رواه عنه العصامي في سمط النجوم العوالي 2 / 502 رقم 136 . ( 6 ) كشف الأستار عن زوائد البزار 3 / 221 رقم 2612 . ( 7 ) الصواعق المحرقة : 89 . ‹ هامش ص 33 › ( 1 ) هو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . حديث الثقلين - السيد علي الميلاني - ص 29 - 34 |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |