تهذيب عاشوراء10

إن شعار عاشوراء لهذا العام (* نحو أخلاق الحسين ) ، يحمل في طياته معان عميقة لو تمعنا في مفرداته جيدا ، حسب فهمنا المتواضع لكلمات هذا الشعار ، أننا مدعون جميعا إلى جعل أيام سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ، المحطة التي نتوقف عندها طويلا لننفتح على الله بوجداننا ووجداننا* وبعقولنا وفكرنا وبشعورنا ونفسياتنا ومعنوياتنا وبكل جوارحنا الإنسانية ، لننهل من معين الحسين الأخلاقي والإنساني والاجتماعي والإيماني والعلمي والثقافي والروحي والمعنوي والنفسي، ولنأخذ منه التواضع بمفهومه الواقعي والإباء بمعناه الحقيقي والعزة بفصولها المتعددة والكرامة بأوصالها النيرة والعدل بأصنافه العديدة والحب بعفته الراقية* والود الواعي* لكل البشرية، ولنتعلم منه كل ما فيه خير للإنسان وللمجتمع ، أخلاق الإمام الحسين عليه السلام ترفض التنازع بمسمياته وعناوينه المختلفة ، الفئوية والطائفية والمذهبية والعرقية ، أخلاق سيد الشهداء تمقت كل فعل فيه مساس بشخصية ومشاعر الإنسان من بعيد أو من قريب ، أخلاق إمام الأحرار تنبذ القول أو الفعل الذي فيه إهانة للدين بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، أخلاق أبا عبدا لله الحسين تحث المرأة لأن تكون زينبية في حجابها ولباسها وعفتها وفي حديثها مع الآخرين وتطلب منها بأن تحافظ على كيانها الإنساني في حركاتها وسكانتها في بيتها وأمام الناس وفي عملها ومع جيرانها وقريناتها في قولها وفعلها وسلوكياتها ، أخلاق سبط النبي المصطفى تريد من شبابنا بأن يكونوا سفراء حقيقيين لإسلامهم في مختلف المحافل وفي كل مكان يتواجدون فيه ، تريد منهم أن يكونوا سفراء في هيئتهم الخارجية وفي معنوياتهم وفي نفسياتهم وفي إنسانيتهم وفي أخلاقهم وفي إيمانهم وفي تمسكهم بالمبادئ القيمة ، أخلاق قتيل العبرات تدعوا الأباء والأمهات أن يتحملوا المسئولية في تربية أولادهم وبناتهم على الفضيلة والنبل ، وتدعوهم بأن لا يظهروا بأخلاق تخالف جملة وتفصيلا أخلاق أهل البيت عليهم السلام أمام فلذات أكبادهم ، حتى لا يتحملوا وزرهم ووزر من قلدهم وعمل بأخلاقهم غير السوية ، أخلاق ريحانة الرسول تدعونا جميعا حماية مؤسساتنا الاجتماعية والإسلامية والدينية بالاعتصام بحبل الله المتين والابتعاد* عن التفرق الممقوت الذي يجعل مؤسساتنا بعيدة عن الهدف الحسيني مسافات طويلة ، أخلاق الحسين إذا ما تربعت في قلوب الكوادر العاملة في المآتم والحسينيات وفي كل الفعاليات التي تقام باسم الحسين ، فإننا لن نجد نزاعات ولن نجد خلافات واختلافات بعيدة عن أخلاقيات أهل البيت عليهم السلام ، ولن نجد الأفعال والأقوال غير اللائقة* في مؤسساتنا الحسينية ،ولن نجد أحد يسمع أو يستمع للذين يريدون أن يوجدوا بينهم العداوة والبغضاء والكراهية والحقد ، أخلاق الحسين تمقت الظلم و المكر والغيبة والافتراء والكذب والنميمة وسوء الظن بالآخرين ومصادرة حقوق الناس وأكل مال اليتيم ،أخلاق الحسين هي المعيار الحقيقي التي تكشف الأخلاقيات السوية من غيرها ، فتقول لهذا الإنسان حتى ولو كان في موقع متقدم في هذه المؤسسة أو تلك ، أنت لست مع الحسين في أخلاقك وتصرفاتك السلبية غير الحكيمة ، وتقول لإنسان آخر يخدم في هذه المؤسسة أو تلك ، أنت مع الحسين في تعاملك مع الآخرين ، أخلاق الحسين لا تجامل أحدا على حساب المبادئ ، ولا تنظر للإنسان بمظهره الخارجي ولا بحسن صلاته وصحتها و لا بطول ركوعه وسجوده ولا بكثرة تهجده ومناجاته ولا بغزارة دموعه في حال سماعه مصيبة سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ، تنظر إلى آثار تلك الأفعال على أخلاقه وسلوكياته ، إن كانت آثارها إيجابية قيل له أنت حسيني ، وإن كانت سلبية ومعاكسة لأخلاق الحسين يقال له أنت يزيدي حتى ولو أدعيت أنك مع الحسين عليه السلام ، أيها الأحبة ، فلنلتف إلى أنفسنا* جيدا حتى لا يأخذنا الهوى وحب الذات إلى أخلاق يزيد والعياذ بالله ، نحن على يقين لا يداخله الشك أن مختلف الفئات شيوخا ورجالا ونساء وشبابا وفتيات وأطفالا* يعشقون الإمام الحسين ويحبونه ويقدمون أنفسهم فداء له إذا ما طلب منهم ذلك ، ولا يريدون أن يكونوا في معسكر يزيد حتى لو عرضت عليهم الدنيا بزخارفها ، ولكن الغفلة عند بعضنا قد تجره إلى مكان لا يرغب أن ينسب إليه في كل الأحوال والظروف ، والدليل إذا ما ذكرنا بأخلاق الحسين تستنفر كل مشاعرنا وعواطفنا وفكرنا وكل وجودنا ووجداننا الإنساني نحوها ، نقول استنفار جوارحنا وجوانحنا حسن ولكن الأحسن منه هو الإقتداء بكل حيثيات الأخلاق الحسينية ، نسأل الله أن يكتبنا مع الحسين في ذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون ، وأن يجعلنا في أعلى عليين