عرض مشاركة واحدة
قديم 07-28-2010, 11:29 AM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي يوم الجراثيم حديث سيف



العنوان:
[ يوم الجراثيم وسيف ]
عبد الله بن سبا - السيد مرتضى العسكري - ج 1 - ص 250 – 255

5 - يوم الجراثيم حديث سيف :

روى الطبري عن سيف في ذكر حوادث سنة 16 ه‍ 15 حديثا يذكر فيها عبور جيش المسلمين دجلة إلى مدائن كسرى في حربهم مع الفرس وسمى تلك الواقعة بيوم الجراثيم نورد فيما يلي بعضها : قال في الأول منها ( 1 ) : قام سعد بن أبي وقاص - القائد العام لحرب ‹ صفحة 251 › فارس - بعد القادسية حائرا أمام نهر دجلة وقد فاضت وكانت السنة كثيرة المدود فخطب جيشه وقال لهم :
إن عدوكم اعتصم منكم بهذا البحر يخلص إليكم متى ما شاء في سفنه وأنتم لا تخلصون إليه ، وإني عزمت على قطع هذا البحر إليه .

ثم قال : من يبدأ فيحمي لنا الفراض - فوهة النهر - فانتدب له عاصم بن عمرو ذو البأس وانتدب معه ستمائة رجل فحاربوهم حتى ملكوا الشاطئ المقابل لهم .

وفي آخر هذا الحديث الطويل يقول :
" ولما رأى سعد عاصما على الفراض قد منعها أذن للناس في الاقتحام ، فركبوا اللجة وإن دجلة لترمي بالزبد ،وإنها لمسودة وإن الناس ليتحدثون في عومهم ، وقد اقتربوا لا يكترثون ، كما يتحدثون في مسيرهم على الأرض " .

وقال في حديث آخر بعده عن القاسم بن الوليد عن عمير الصائدي : " وما زال فرس يستوي قائما إذا أعيى ينشز له تلعة ( 1 ) فيستريح عليها كأنه على الأرض فلم يكن بالمدائن أمر أعجب من ذلك وذلك ( يوم الماء ) وكان يدعى ( يوم الجراثيم ) ( 2 ) " .

وعززها بثانية ، روى فيها عن محمد وطلحة والمهلب وعمرو : " قالوا كان يوم ركوب دجلة يدعى : ( يوم الجراثيم ) لا يعيي أحد إلا نشزت له ( جرثومة ) يريح عليها " ( 3 ) . وفي التي بعدها قال : " خضنا دجلة وهي تطفح فلما كنا في أكثرها ماء لم يزل فارس واقفا ما يبلغ الماء حزامه " . ‹ صفحة 252 ›

وفي حديث آخر له : " أنهم سلموا من عند آخرهم إلا رجلا من بارق يدعى غرقدة زال عن ظهر فرس له شقراء كأني أنظر إليها تنفض أعرافها عريا والغريق طاف ، فثنى القعقاع بن عمرو عنان فرسه إليه فأخذه بيده وجره حتى عبر ، فقال البارقي وكان من أشد الناس : أعجز الأخوات أن يلدن مثلك يا قعقاع ! وكان للقعقاع فيهم خؤولة " ( 1 ) .

أخرج هذا الحديث بهذا السند عن سيف أبو نعيم في دلائل النبوة معتبرا إياه من دلائل نبوة نبينا ( ص ) ( 2 ) . مناقشة السند : لم يذكر الطبري سند الحديث الأول .

وفي سند الحديث الثاني ورد اسم عمير الصائدي ولم نجد له اسما عند أحد ولا ذكرا في غير هذا الحديث . وفي الثالث ورد اسم محمد وطلحة والمهلب وعمرو .
أما محمد وطلحة فقد مضى رأينا فيهما في فصل ( استلحاق زياد ) وأما المهلب فقد تخيله سيف :
المهلب بن عقبة الأسدي يروي عنه في الطبري 67 حديثا ولم نجد له رواية عند غيره ولا ذكرا . وعمرو قد سبق الحديث عنه في فصل المغيرة بن شعبة .

وورد في أسانيد أحاديثه عن يوم الجراثيم - أيضا - اسم النضر وهو عند سيف النضر بن السري الضبي روى عنه في الطبري 24 حديثا . وورد اسم ابن الرفيل وهو يروي عند سيف غالبا عن أبيه الرفيل .
له عند الطبري 18 حديثا ولما لم نجد لهذا ومن سبقه ذكرا في ما بحثنا من ‹ صفحة 253 › مصادر الدراسات الحديثية والتاريخية فقد اعتبرناهم من مختلقات سيف من الرواة . عبور جيش المسلمين


في حديث غير سيف:

كان ما سبق حديث سيف وسنده عن يوم الجراثيم ، أما غير سيف فقد روى الحموي في ترجمة الكوفة ( 1 ) عند ذكره توجه سعد إلى المدائن بعد واقعة القادسية وقال : " وكان الدهاقين ( 2 ) ناصحوا المسلمين ودلوهم على عورات فارس ، وأهدوا لهم وأقاموا لهم الأسواق .
ثم توجه سعد نحو المدائن إلى يزدجرد ، وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن ، ثم توجه إلى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين أسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا " .




وروىابن الأثير بترجمة مالك بن عامر بن هانئ بن خفاف الأشعري من أسد الغابة ( 4 / 282 ) قال : " وهو - أي مالك بن عامر - أول من عبر دجلة يوم المدائن وقال في ذلك مرتجزا :

إمضوا فإن البحر بحر مأمور * والأول القاطع منكم مأجور
‹ صفحة 254 ›
قد خاب كسرى وأبوه سابور * ما تصنعون والحديث مأثور "

وفي فتوح البلدان ص 323 بعده : " فجعل الفرس يرمونهم فسلموا ، غير رجل من طي يقال له سليل بن يزيد بن مالك السنبسي لم يصب يومئذ غيره " . وفي مختصر جمهرة أنساب ابن الكلبي ص 265 : " السليل بن زيد ابن مالك بن المعلى الذي غرق يوم عبر المسلمون دجلة إلى المدائن ولم يغرق غيره " ( 1 ) .


نتيجة المقارنة :

قال سيف في هذه الأسطورة إن عاصم بن عمرو التميمي ( ذو البأس ) هو الذي كسر شوكة العدو ، وأمن السبيل لعبور دجلة ، ثم عام الجيش في الماء وكلما أعيى فرس ينشز له تلعة .

وفي رواية قال وسمي ذلك اليوم بيوم الجراثيم لا يعيي أحد إلا نشزت له جرثومة ليستريح عليها . وفي الأخيرة قال إنهم سلموا من عند آخرهم إلا رجل يقال له غرقدة فأنقذه القعقاع .

وكان للقعقاع فيهم خؤولة فقال : أعجز الأخوات أن يلدن مثلك ! وللاتقان روى عن الراوي أنه قال :
زال عن فرسه الشقراء ( كأني أنظر إليها تنفض أعرافها عريا ) ليت شعري لم لم تنشز تلعة أو جرثومة لذوي خؤولة القعقاع كي لا يغرق ؟ هذا عند سيف .

أما الحموي والبلاذري فقد رويا أن ‹ صفحة 255 › الذي أمن السبيل خالد بن عرفطة قائد مقدمة سعد وليس بعاصم ، وأن الدهاقين الذين كانوا يدلون المسلمين على عورات الفرس دلوهم على مخاضة خاضوها بخيولهم . فإذا قارنا بين روايات سيف وغيره اتضح لنا مدى دس سيف فيما يروي من الحوادث التاريخية .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 250 ›
( 1 ) لم يذكر الطبري سند سيف في هذا الحديث واعتمدنا في هذا الفصل على الطبعة الأوربية ( 1 / 2432 - 2441 والحديث الأول 1 / 2432 - 2434 ) .

‹ هامش ص 251 ›
( 1 ) التلعة : ما علا من الأرض .
( 2 ) الطبري ط . أوروبا ( 1 / 2438 ) .
( 3 ) الطبري ط . أوروبا ( 1 / 2438 ) .

‹ هامش ص 252 ›
( 1 ) الطبري ط . أوروبا ( 1 / 2437 ) . ( 2 ) دلائل النبوة ط . حيدر آباد 3 / 208 - 209 .

‹ هامش ص 253 ›
(1) معجم البلدان 4 / 333 .
( 2 ) الدهقان : زعيم فلاحي العجم . القاموس .

‹ هامش ص 254 › ( 1 ) وكذلك في جمهرة ابن حزم ص 402 .



 

رد مع اقتباس