عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2010, 10:28 PM   #4
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 170


الطائفة الخامسة: الرّوايات التي تدل على التّحريف بالنقيصة

توجد أحاديث كثيرة في كتب أهل السنة تدل على التحريف بالنقيصة من السور والآيات في القرآن.


فمنها:

إسقاط سورتي الحفد والخلع.

ففي فضائل ابن الضريس بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال: في مصحف ابن عباس قراءة اُبيّ وأبي موسى:


"بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك".

وفيه: "اللّهم إيّاك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجو رحمتك إنّ عذابك بالكفار ملحق"(1).



وفي الإتقان عن الطبراني ما ملخّصه:


"إنه روي عن عبد الله بن زرير قال: لقد علّمني علىّ بن أبي طالب سورتين علّمهما إيّاه رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: "... اللّهم إنّا نستعينك..." الحديث.



وقال:


روي عن البيهقي وأبي داود عن خالد بن أبي عمران: "أن جبرئيل نزل بذلك على النبىّ وهو في الصّلاة..." الحديث.




____________

1 ـ فضائل القرآن: ص 157 وعنه الإتقان: النوع التاسع عشر في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه: ج 1، ص 67.

و"ابن الضريس" الحافظ أبو عبد الله محمّد بن أيوب البجلي، (ت: 294 هـ.) من تصانيفه تفسير القرآن وفضائل القرآن انظر: هدية العارفين: ج 1، ص 21.
الصفحة 171

وقال:


وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: (أمَّنا أمية بن عبد الله بن خالد بن اسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين: "إنّا نستعينك و..."(1) أي: إنّ أميّة كان يقرأ في الصّلاة سورتي الحفد والخلع.



كما جاء التصريح بهذه التسمية في الأحاديث الآتية في تفسير الفاتحة من الدرّ المنثور:


أخرج عبد بن حميد ومحمّد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن الإنباري في المصاحف عن محمّد بن سيرين، أنّ اُبيّ بن كعب كان يكتب "فاتحة الكتاب" و"المعوذتين" و"اللّهم إيّاك نعبد" و"اللّهم إيّاك نستعين" ولم يكتب ابن مسعود شيئاً منهن، وكتب عثمان بن عفان الفاتحة والمعوذتين(2).



ونقل الزركشي عن ابن المنادي في "الناسخ والمنسوخ" أنـّه قال:


____________

1 ـ الإتقان: النوع التاسع عشر، ج 1، ص 67.

و"الطبراني" أبو القاسم، سليمان بن أحمد اللخمي الشامي من كبار المحدثين، اصله من طبرية الشام، له المعاجم الثلاثة: الكبير والصغير والاوسط في الحديث وكتاب التفسير وغيرها. (ت: 360 هـ.).

2 ـ الدرّ المنثور: ج 1، ص 3 والإتقان: ج 1، ص 67 وفضائل القرآن لابي عبيد القاسم بن سلاّم: ص 189 وتاريخ المدينة المنورة: ص 712.

وعبد بن حميد بن نصر الكِسِّي وقيل اسمه عبد الحميد، صاحب المسند والتفسير، أحد أئمة الحديث (ت: 249 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 534.

ومحمّد بن نصر، أبو عبد الله المروزي، الفقيه الشافعي، له تصانيف كثيرة، منها: تعظيم الصلاة. راجع: هدية العارفين: ج 2، ص 21.

وابن الانباري، الحافظ العلامة محمّد بن القاسم بن محمّد بن بشار، شيخ الأدب، صنّف التصانيف الكثيرة، منها المصاحف (ت: 328 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 842 ـ 844 والعبر: ج 2، ص 214.
الصفحة 172


"ولا خلاف بين الماضين الغابرين أنـّهما مكتوبتان في المصاحف المنسوبة إلى اُبيّ بن كعب وأنـّه ذكر عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنـّه أقرأه إيّاهما، وسمّيتا سورتي الخلع والحفد"(1).



فكثرة الأحاديث المروية في شأن السورتين المزعومتين أدّت بالسيوطي إلى أن يدونهما في تفسيره الدرّ المنثور بعد سورة الناس(2).


ومنها:

ذهاب أكثر القرآن!!

في الإتقان وكنز العمال عن الطبراني في الأوسط وابن مردويه وأبي نصر السجزي في الإبانة عن الخليفة عمر ابن الخطاب أنه قال:


"القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف"(3) أي ذهب أكثر من ثلثي آي القرآن.



بينما نقل الزركشي:


"انهم عدّوا حروف القرآن فكانت ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألفاً وسبعمائة وأربعون حرفاً"(4).




____________

1 ـ البرهان في علوم القرآن: ج 2، ص 37.

وابن المنادي هو الحافظ أبو الحسين أحمد بن جعفر، من كبار القراء، من تآليفه الناسخ والمنسوخ (ت: 334 أو 336 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 849 وكشف الظنون: ج 2، ص 1921 في مادة الناسخ والمنسوخ.

2 ـ الدرّ المنثور: ج 8، ص 695.

3 ـ الإتقان: ج 1، ص 72 في آخر النوع التاسع عشر والدرّ المنثور: ج 6، ص 422 وكنز العمال: ج 1، ص 460، الحديث 2309 وص 481، الحديث 2427.

الحافظ أبو نصر السجزي، هو عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوابلي (ت: 444 هـ.) له تصانيف كثيرة، منها، الابانة الكبرى في الحديث، راجع: تذكرة الحفاظ: ص 1118 وهدية العارفين: ج 1، ص 248.

4 ـ البرهان في علوم القرآن: ج 1، ص 249.
الصفحة 173

وفي فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلاّم بسنده عن عبد الله بن عمر أنـّه قال:


"لا يقولَنَّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ما يدريه ما كلّه، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه"(1).



وروى ابن أبي داود عن ابن شهاب، قال:


"بلغنا أنه كان أُنزل قرآن كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة، الذين كانوا قد وعوه، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب..."(2)!




ومنها:

إسقاط سورة كانت تعادل براءة وأخرى تشبه المسبّحات:

روى مسلم في صحيحه أن أبا موسى الأشعري بعث إلى قرّاء البصرة فدخل عليه ثلاثمئة رجل، فقال لهم فيما قال:


"إنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبّهها في الطول والشدة ببراءة، فأُنسيتها غير أنـّي حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب".



وقال:


"كنّا نقرأ سورة نشبّهها باحدى المسبّحات فأنسيتها غير أنـّي حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيمة".



وفي لفظ مسلم أيضاً عن أنس وابن عباس الآية المزعومة في السورة المنسيّة

____________

1 ـ فضائل القرآن: ص 190 وانظر أيضاً: الإتقان: ج 3، ص 72 والدرّ المنثور: ج 1، ص 106 فقد أورد الرواية عن ابن الضريس وابن الانباري.

2 ـ عن الإتقان: ج 3، ص 72.

الصفحة 174

هكذا: لو كان لابن آدم واديان(1).


وفي الاتقان:


أخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى قال: "كنّا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبّحات..."(2).



وفي مسند أحمد بسنده عن أبي واقد الليثي قال:


"... فقال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لنا ذات يوم: إنّ الله عزّ وجلّ قال إنّا أنزلنا المال لإقامة الصّلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحبّ أن يكون له ثان..."(3).




ومنها:

ما ورد في شأن سورة التوبة

ففي تفسير التوبة من الدرّ المنثور للسيوطي قال: أخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة (رض) قال:


"التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلاّ



____________

1 ـ صحيح مسلم: كتاب الزكاة، الحديث 119، ص 726 وعنه الاتقان: ج 2، ص 25 في النوع السابع والاربعين في ناسخه ومنسوخه وفي الدرّ المنثور: ج 1، ص 105 بتفسير سورة البقرة الآية 106، ذكر أنه أخرجه جماعة عن أبي موسى. وفضائل القرآن لابن سلام: ص 192، فتح الباري: ج 11، ص 219 وشرح معاني الآثار للطحاوي: ج 2، ص 429 وتاريخ المدينة المنورة: ص 707 و712.

2 ـ الإتقان: ج 2، ص 25; الدرّ المنثور: ج 6، ص 378 والحديث موزع في مستدرك الحاكم وملخص اوله بترجمة اُبيّ: ج 2، ص 224 وآخره بتفسير سورة البينة: ج 2، ص 531 وصحّحه الحاكم والذهبي في تلخيصه.

والمسبحات من السور هي ما افتتح بـ "سبحان" و"سبَّح" و"يُسبِّح".

وابن أبي حاتم، حافظ الري وابن حافظها، كان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال (ت: 327 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 829 وهدية العارفين: ج 1، ص 512.

3 ـ مسند أحمد: ج 5، ص 219.
الصفحة 175


نالت منه، ولا تقرؤون منها ممّا كنّا نقرأ إلاّ ربعها"(1).



وفي رواية أخرى عن حذيفة، قال:


"ما تقرأون ثلثها، يعني سورة التوبة"(2).



وفي الاتقان قال:


قال مالك: "إنّ أولها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت إنّها كانت تعدل البقرة"(3).



وأورد الذهبي في تاريخه:


"إنّ عقبة بن عامر عرض سورة البرائة على عمر بن الخطاب، فبكى عمر ثمّ قال: ما كنت أظنّ أنـّها نزلت..."(4).



على احتمال أن يكون الضمير في "نزلت" عائداً إلى آيات من السورة استغربها عمر.


____________

1 ـ تفسير سورة التوبة من الدرّ المنثور: ج 4، ص 120 والمستدرك للحاكم وتلخيصه للذهبي: ج 2، ص 331 وصحّحا اسناده. وبمعناه في صحيح مسلم: ج 4، ص 2322.

وابن أبي شيبة الإمام الحافظ أبو بكر، عبد الله بن محمّد بن شيبة العبسي (ت: 235 هـ.) له المصنف، راجع: تذكرة الحفاظ: ص 432 وكشف الظنون: ج 2، ص 1711.

وأبو الشيخ: الحافظ عبد الله محمّد بن جعفر بن حيان، الانصاري الاصبهاني (ت: 369 هـ.) مسند زمانه، من مؤلفاته: التفسير. راجع: لباب الأنساب لابن الاثير: ج 1، ص 331 وكشف الظنون: ص 1406 و...

2 ـ الدرّ المنثور: ج 4، ص 121.

3 ـ الاتقان: ج 1، ص 67. وفي الدرّ المنثور قال: أخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة التوبة؟ قال: التوبة! بل هي الفاضحة، مازالت تنزل [منّا] ومنهم حتى ظننا ان لن يبقى منا احد الاّ ذكر فيها." الدرّ المنثور: ج 4، ص 120.

4 ـ تاريخ الإسلام، حوادث ووفيات (41 ـ 60 هـ.): ص 272 ـ 273.
الصفحة 176


ومنها:

ما ورد في شأن سورة الأحزاب

نقل السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور عن تاريخ البخاري، عن حذيفة بن اليمان أنـّه قال:


"قرأت سورة الأحزاب على النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها"(1).



وعن عائشة قالت:


"كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبىّ صلّى الله عليه وسلّم مئتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلاّ على ما هو الآن"(2).



وعن حذيفة قال:


قال لي عمر بن الخطاب: "كم تعدّون سورة الأحزاب قلت: اثنتين أو ثلاثاً وسبعين آية قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كان فيها لآية الرّجم"(3).



وقال ابن سلاّم بسنده في فضائله(4) والحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه(5)

____________

1 ـ الدرّ المنثور: ج 5، ص 180.

2 ـ فضائل القرآن لابن سلاّم: ص 190 والدرّ المنثور عن أبي عبيد وابن الانباري وابن مردويه: ج 5، ص 180 والاتقان: ج 2، ص 40.

وقال الراغب في المحاضرات: قالت عائشة: "كانت الأحزاب تقرأ في زمن رسول الله صلّى الله عليه [وآله ]وسلّم، مائة آية فلما جمعه عثمان لم يجد إلاّ ما هو الآن وكان فيه آية الرجم" المحاضرات: ج 2، ص 434.

3 ـ الدرّ المنثور: ج 5، ص 180 وقال: "وأخرج ابن مردويه عن حذيفة، الحديث" وبمعناه في مسند أحمد: ج 5، ص 132.

4 ـ فضائل القرآن: ص 191.

5 ـ المستدرك: ج 2، ص 415.
الصفحة 177

وصحّحاه، والضياء المقدسي في "المختارة في الحديث"(1) عن زر عن أُبي بن كعب قال:


"كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)."



ومنها:

ما ورد في شأن سورة البيّنة:

روى أحمد، والحاكم والترمذي وصحّحاه، والسيوطي، واللفظ للترمذي:


عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب: "إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: اِنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ عليه: (لم يكن الذين كفروا...) وفيها: [إنّ ذات الدين عند الله الحنيفية المسلمة، لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية من يعمل خيراً فلن يكفره ]وقرأ عليه: [لو أنّ لابن آدم وادياً من مال لابتغى إليه ثانياً ولو كان له ثانياً لابتغى إليه ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله



____________

1 ـ عن الاتقان للسيوطي: النوع السابع والاربعون في ناسخه ومنسوخه، ج 2، ص 25 وكنز العمال: ج 2، ص 567.

والضياء المقدسي: الإمام العالم، الحافظ الحجة ضياء الدّين أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد المقدسي من تأليفه "المختارة في الحديث" التزم فيه الصحة (ت: 643 هـ. ق.). انظر: تذكرة الحفاظ: ص 1405.

وقال الآلوسي في تفسيره: "أخرج عبد الرزاق في المصنف، والطيالسي، وسعيد بن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند والنسائي والحاكم وصححه، والضياء في المختارة، وآخرون عن زر بن حبيش قال: قال لي اُبي بن كعب رضي الله تعالى عنه كائن (أي كم) تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تعدها؟ قلت: ثلاثاً وسبعين آية فقال: أقط (أي أحسب) لقد رأيتها وانها لتعادل سورة البقرة..." روح المعاني: ج 12، ص 216.

وقال ابن حزم في إسناد حديث زر بن حبيش عن اُبي بن كعب: "هذا إسناد صحيح لا مغمز فيه" المحلى: ج 11، ص 23.
الصفحة 178


على من تاب].

قال الترمذي: هذا حديث حسن وقال ـ أيضاً ـ في باب مناقب اُبيّ: "هذا حديث حسن صحيح"(1)


وروى في الدرّ المنثور في رواية أخرى عن مسند أحمد عن ابن عباس بعد [فلن يكفره]، قال:


"ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ: لو أنّ لابن آدم..."(2).



وقال الراغب الأصبهاني:


وأثبت ابن مسعود في مصحفه: "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ..."(3).




ومنها:

إسقاط آيات الرضاع والجهاد والرجم روى مالك في الموطأ بإسناده عن عمرة بنت عبد الرحمان عن عائشة قالت:


"كانت فيما اُنزل من القرآن "عشر رضعات معلومات يحرمن" ثم نسخن بـ "خمس معلومات" فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهن فيما يقرأ من القرآن"(4).




____________

1 ـ سنن الترمذي: ج 13، ص 203 ـ 204، باب مناقب: معاذ وزيد واُبيّ وص 263، باب مناقب اُبيّ; وحديث اُبيٍّ بمسند أحمد: ج 5، ص 131 و132 وحديث ابن عباس عن اُبيّ ص 117 منه والاتقان: ج 2، ص 25 والحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه بتفسير سورة "لم يكن": ج 2، ص 531 وصححاه، وراجع: مجمع الزوائد: ج 7، ص 140 وتاريخ المدينة المنورة لابن شبّة: ص 707 و712 وفضائل القرآن لابن سلاّم: ص 192 والطحاوي في شرح معاني الآثار: ج 2، ص 429.

2 ـ الدرّ المنثور: ج 6، ص 378 وبمعناه في مسند أحمد: ج 5، ص 117 ومجمع الزوائد: ج 7، ص 141.

3 ـ المحاضرات: ج 2، ص 433.

4 ـ تنوير الحوالك: ج 2، ص 118، آخر كتاب الرضاع، الحديث 625; الموطأ: ص 608، كتاب الرضاع، الحديث 17.
الصفحة 179

وهكذا روى مسلم في صحيحه عن طريق مالك وعن طريق يحيى بن سعيد(1).

وهكذا في مسند أبي يعلى الموصلي بسنده عن عائشة وزاد:


"... فلما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تشاغلنا بموته فدخل داجن البيت فأكلها"(2).



وروى السيوطي في الدرّ المنثور عن عمر بن الخطاب أنـّه قال لابن عوف:


"ألَم تجد فيما أنزل علينا "إنْ جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرة" فإنّا لا نجدها؟ قال: اُسقطت فيما اُسقط من القرآن"(3).



وفي صحيحي البخاري ومسلم والمصنف لابن أبي شيبة بسندهم عن عمر بن الخطاب واللفظ للأخير، أنـّه قال:


"فكان مما كنّا نقرأ من القرآن، ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أنْ ترغبوا عن آبائكم، ونزلت آية الرجم، فرجم النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا معه والذي نفس محمّد بيده لقد حفظتها وعلمتها وعقلتها، ولولا أن يقال كتب عمر في المصحف ما ليس فيه لكتبتها بيدي كتاباً..."(4).




____________

1 ـ صحيح مسلم: ج 4، ص 167 والدارمي: ج 2، ص 157 وأبو داود: ج 1، ص 224 وسنن النسائي: كتاب النكاح، ج 2، ص 82.

2 ـ اخرجه أبو يعلى في مسنده بطريقين: ج 8، ص 64، الرقم 231 و232 وأيضاً ابن ماجة في كتاب النكاح بالرقم 1944 باب رضاع الكبير.

3 ـ الدرّ المنثور: ج 1، ص 106.

4 ـ كتاب المصنف في الأحاديث والآثار: ج 7، ص 431، ح 37032 وصحيح البخاري: ج 8، ص 208 ـ 211 وصحيح مسلم: ج 4، ص 167 وج 5، ص 116 وفي الموطأ لمالك بن انس ـ امام المالكية ـ عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب "... فقد رجم رسول الله ورجمنا والذي نفسي بيده: لولا ان يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة) فانا قد قرأناها" الموطأ: ج 2، ص 824/10.
الصفحة 180

ومزعومات أخرى... راجع كتاب الفضائل لابن سلاّم(1) والإتقان والدرّ المنثور للسيوطي(2) وتاريخ المدينة المنورة لابن شبّة(3).

هذا وقال ابن سلاّم بعد ذكر بعض تلك الرّوايات التي نحو مائة وأربعة وعشرين مورداً جمعها في باب "الزوائد من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن قال: "وأشباهٌ له كثير"(4) وقال السيوطي بعد بيان آية الرجم المزعومة وغيرها: "وأمثلة هذا الضرب كثير"(5) وقال الآلوسي بعد بيان نماذج من تلك الرّوايات: "وهي اكثر من أن تحصى"(6).


الطائفة السادسة: روايات تذكر تغيير بعض كلمات القرآن

ففي "كتاب المصاحف" لابن أبي داود السجستاني في "باب ما كتب الحجّاج بن يوسف في المصحف" قال:


قد غيّر الحجّاج بن يوسف الثقفي في المصحف اثني عشر موضعاً:


1. لم يتسَنَّ (البقرة/ 259) فغيّرها لم يتسنَّه
2. شريعة ومنهاجاً (المائدة/ 48) فغيّرها شرعة ومنهاجاً
3. هو الذي ينشركم (يونس/ 22) فغيّرها يسيّركم
4. أنا آتيكم بتأويله (يوسف/ 45) فغيّرها أنا اُنبئكم بتأويله
5. سيقولون للّه (المؤمنون/ 87) فغيّرها سيقولون الله
6. سيقولون للّه (المؤمنون/ 89) فغيّرها سيقولون الله


____________

1 ـ الفضائل: ص 167.

2 ـ الإتقان: ج 3، ص 84 والدرّ المنثور: ج 1، ص 106 وج 3، ص 175.

3 ـ تاريخ المدينة المنورة: ج 2، ص 707 و712.

4 ـ فضائل القرآن: ص 195.

5 ـ الإتقان: ج 1، ص 88.

6 ـ روح المعاني: ج 1، ص 46.
الصفحة 181
7. من الُمخرَجينَ (الشعراء/ 116) فغيّرها من المرجومين
8. من المرجومين (الشعراء/ 167) فغيّرها من المخرجين
9. نحن قسمنا بينهم معايشهم (الزخرف/ 32) فغيّرها ... مَعيشتهم
10. من ماء غير ياسِنْ (محمّد/ 5) فغيّرها من ماء غير آسن
11. فالذين آمنوا منكم واتّقوا (الحديد/ 7) فغيّرها ... وأنفقوا
12. وما هو على الغيب بظنين (التكوير/ 24) فغيّرها ... بضنين(1)

فبعض ما غيره الحجّاج بزعمهم الباطل قرأه بعض من القراء السبعة مثل قراءة "لم يتسنّ" في قراءة حمزة والكسائي وخلف، وبعضها لم يقرأه أحد من القراء كـ "شريعة ومنهاجاً".

والعجب من صاحب الفرقان حين قال: "ولم يصنع الحجّاج ما صنع إلاّ بعد اجتهاده وبحثه مع القراء والفقهاء المعاصرين له، وبعد إجماعهم على أنّ جميع ذلك قد حدث... لجهلهم باُصول الكتابة وقواعد الإملاء، والبعض الآخر لخطأ الكاتب في سماع ما يملى عليه والتباسه فيما يتلى عليه، ولا ينافي هذا مع قوله جل شأنه: (إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون)(2) لأنّ المراد بالحفظ مفهوم الألفاظ لا منطوقها." وهذا منه في غاية الوهن ويكفي في وهنه وبشاعة قوله ونقضاً لكلامه ما قاله في الكتاب نفسه:


"إنّ الإنسان لينقضي عمره في تهذيب كلمة له أو قصيدة ولا يفتأ يقول: لو وضعت هذه الكلمة مكان هذه لكان أليق، ولو وضعت هذا الحرف مكان هذا لكان أليق، إلاّ القرآن الكريم فإنّك لو وضعت كلمة



____________

1 ـ كتاب المصاحف لابن أبي داود: ص 49 ـ 50 ومناهل العرفان: ص 257.

2 ـ سورة الحجر (15): الآية 9.
الصفحة 182


منه وعرضت مكانها سائر الكلام العربي لما حلّ محلّها، ولو استعوضت عن حرف من حروفه بسائر الحروف لما تيسَّر وذلك لأنّه بلغ غاية الجمال المطلق وغاية البلاغة العالية"(1).



مضافاً إلى ذلك أنّ هذه القصة الخيالية من مصاحف السجستاني، برواية عبّاد بن صهيب عن عوف، وعبّاد هذا متروك الحديث لدى أئمة الفن مغموز فيه، ضعيف الحديث وكانت القدرية تنتحله...(2).

وفي عصر الحجّاج وقوع هذا الأمر محال عادة لأنّ القرآن في ذلك الوقت قد انتشر في الآفاق في الكتب والصدور وشدة اهتمام المسلمين بكتاب الله أيضاً تمنع وقوع هذا الأمر في القرآن، بل إن كان تغيير الحجّاج واقعياً فاصلاحه لخطأ كتاب الوحي أولى بالتغيير، تغيير موارد اللحن والخطأ في القرآن على طبق أحاديث الصحابة والتابعين التي مضت في الطائفة الأولى من أحاديث أهل السنة.

ذلك غيض من فيض من الرّوايات التي نقلناها من كتب أهل السنة من الصحاح والمسانيد والتفاسير و... وهي ـ كما رأيت ـ تدل على وجود النقص أو الزيادة أو الخطأ في القرآن أو إلقاء الشيطان في نص الوحي وغيرها من الرّوايات، وقد تجاوزت من حيث المقدار حدّ الإحصاء باعتراف أهل السنة أنفسهم، والحال إنّ مؤلفي هذه الكتب يعدّون من كبار علماء أهل السنة، ترى هل يمكن لنا القول بأن هؤلاء الأعلام ـ علماً بأن أكثرهم ملتزم بنقل الصحيح، كمالك بن أنس(3) ومحمّد بن

____________

1 ـ الفرقان، لابن الخطيب: ص 17.

2 ـ فراجع في ترجمته، كتاب الجرح والتعديل: ج 6، ص 81 والضُعفاء الكبير: ج 3، ص 144 والتاريخ الكبير: ج 6، ص 43.

3 ـ قال الحافظ ابن حجر: "كتاب مالك صحيح عنده" وقال الشافعي: "ما أعلم في الأرض كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك" مقدمة ابن الصلاح: ص 14 وهدى الساري: ص 10.
الصفحة 183

اسماعيل البخاري(1) ومسلم بن الحجّاج(2) وأحمد بن شعيب(3) وابن ماجة القزويني(4) والحاكم النيسابوري(5) والضياء المقدسي(6) وغيرهم ـ متهمون بالقول بالتحريف! هل إنّ التقوى العلمية توجب ذلك!

وإذا كان الأمر كذلك فهل يسوغ لنا أن نحمّل أهل السنة بأجمعهم مسؤولية القول بالتحريف لأجل هذه الرّوايات؟ ولماذا كلّ هذه الاهانات والاتهامات الصادرة من مجموعة من الوهابية بحقّ الشيعة فقط؟ في حين أنّ رأي أئمة الشيعة كالإمام الحسن بن محمّد العسكري عليه السلام في قوله: "اجتمعت الأمّة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك على أنّ القرآن حقٌ لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون..."(7) يشهد بنزاهة القرآن عن التّحريف عند المسلمين كلهم أجمعين، كما وجدنا أنّ محققي الفريقين

____________

1 ـ روى عنه الاسماعيلي أنه قال: "لم أخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً" هدى الساري: ص 4 وقال ابن الصلاح: "أول من صنف في الصحيح: البخاري وتلاه مسلم... وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز" مقدمة ابن الصلاح: ص 13 ـ 14 وهدى الساري: ص 10.

2 ـ قال الحافظ أبو علي النيسابوري: "ما تحت اديمِ السماء كتاب أصح من كتاب مسلم وتبعه بعض شيوخ المغرب" تدريب الراوي: ج 1، ص 93 وهدى الساري: ص 10.

3 - عن الحاكم وأبي علي الحافظ والخطيب: "... للنسائي شرط في الرجال أشد من شرط مسلم" مقدمة تحفة الاحوذي: ص 131.

4 ـ قال ابن ماجة: "عرضت هذه السنن على أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع أو أكثرها..." تذكرة الحفاظ: ج 2، ص 636 وقال المباركفوري: "سنن ابن ماجة فهو سادس الصحاح الستة" مقدمة تحفة الاحوذي: ص 134.

5 ـ "كتاب المستدرك على الصحيحين ذكر فيه ما فات البخاري ومسلماً ممّا دلّ على شرطهما أو شرط أحدهما أو هو صحيح" فيض القدير في شرح الجامع الصغير: ج 1، ص 36.

6 ـ قد التزم الحافظ الضياء المقدسي الصحة في كتابه "المختارة" كما قاله السيوطي في تدريب الراوي (ج 1، ص 144) وقد أثنى عليه كل من ترجم له، تذكرة الحفاظ: ج 2، ص 1406.

7 ـ بحار الأنوار: ج 2، ص 225.
الصفحة 184

يعتبرون تلك الرّوايات ـ إذا لم يوجد لها محمل صحيح ـ باطلة، ويعتقدون بأنّ القرآن الموجود الآن بين الدفتين هو هو القرآن الذي أُنزل على نبينا الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم بلا زيادة ولا نقيصة، ولو طفنا كلّ أرجاء المعمورة لوجدنا هذا القرآن هو هو بلا زيادة ولا نقص، ولو بحثنا عن مصحف كلّ مسلم أيّاً كان مذهبُه وفرقته التي ينتمي إليها لوجدنا أنّ مصحفه هو المصحف الموجود لدى سائر المسلمين، ولوجدنا أنّ هذا القرآن هو العامل المشترك الذي يجمع بين المسلمين، ولا يوجد أحد منهم ـ ممّن يُعتدّ بقوله ـ ينظر بريبة إلى سلامة القرآن الكريم من التّحريف.

ولنعم ما قاله في هذا الموضوع محمّد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية إذ كتب يقول:


"وأمّا الإمامية فمعاذ الله أن يعتقدوا نقص القرآن، وإنّما هي روايات رُويت في كتبهم كما رُوي مثلها في كتبنا وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها وبيّنوا بطلانها وليس في الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك كما أنه ليس في السنّة من يعتقده.

ويستطيع من شاء أن يرجع إلى مثل كتاب الإتقان للسيوطي ليرى فيه أمثال هذه الرّوايات التي نضرب عنها صفحاً.

وقد ألّف أحد المصريين في سنة 1948 م كتاباً اسمه "الفرقان" ملأه بكثير من أمثال هذه الرّوايات السقيمة المدخولة المرفوضة، ناقلاً إيّاها عن الكتب والمصادر عند أهل السنة، وقد طلب الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد أن بيّن بالدليل والبحث العلمي أوجه البطلان والفساد فيه فاستجابت الحكومة لهذا الطلب وصادرت الكتاب، فرفع صاحبه دعوى يطلب فيها تعويضاً، فحكم

الصفحة 185


القضاء الإداري في مجلس الدولة برفضها.

أفيقال: إن أهل السنة ينكرون قداسة القرآن؟ أو يعتقدون نقص القرآن لرواية رواها فلان؟ أو لكتاب ألّفه فلان؟ فكذلك الشيعة الإمامية، إنّما هي روايات في بعض كتبهم كالرّوايات التي في بعض كتبنا..."(1).



ثمّ شرع بالاستشهاد بأقوال علماء الإمامية بنزاهة القرآن كالطبرسي في مجمع البيان، فمن شاء فليراجع.

وبناءً على هذا فليس من الانصاف الاشارة إلى الرّوايات المخالفة لنصّ القرآن الكريم والتي حكم بردّها المحققون، وجعل ذلك إشكالاً على كلّ من الخاصة والعامّة، وإنّما يجب علينا أن نأخذ جواب الفريقين ونرى إن كان دليلهم غير تامّ وغير صحيح فإنّا نجعله ضمن الأحاديث الموضوعة لأنّنا من جهة نمتلك الأدلة القطعية على صيانة القرآن من التّحريف، ومن جهة اُخرى فإنّ من البديهي أنّ روايات تحريف القرآن ـ لم تستثن من سائر الرّوايات وهي ـ لم تسلم من الكذب والوضع بل يمكن وجود الكذب والدّس في الرّوايات التي هي من ضروريات الدين لا يختص بمذهب، إذ أنّ أعداء الإسلام حينما عجزوا عن النيل من القرآن عمدوا إلى وضع الرّوايات القائلة بتحريفه للنيل من ساحته القدسية.

وفي الفصل القادم سنسلط الضوء على أجوبة أهل السنّة عن تلك الروايات.

* * *


____________

1 ـ مقال الاستاذ محمّد المديني عميد كلية الشريعة في الجامع الأزهر، مجلة رسالة الإسلام العدد الرابع من السنة الحادية عشرة، ص 382 و383.


 

رد مع اقتباس