عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-07-2010, 10:02 PM
الفاروق الاعظم
مشرف عام
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5057 يوم
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تحريف القران والرد عليه وتبراة الشيعة من هذه الفرية



الإهداء

إلى الرسول الأعظم

خاتم النبيّين

وسيّد المرسلين

محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم
الصفحة 6
الصفحة 7


كلمة المؤلف

الحمد لله الّذي تحيرت العقولُ في كنهِ معرفتِهِ، وانحسرتِ الأَبصارُ دونَ التطلُّع اِلى غَيبِ مَلكوتِهِ، وكلّتْ عن بيانِ نعوتِهِ تعابيرُ اللغاتِ، وضلّت هنالكَ تصاريفُ الصفاتِ. والصلوة والسلام على شهيد الشهداء وشفيع الشفعاء محمّد خاتم النبيين صلّى الله عليه وعلى أهل بيته الّذينَ طهّرهم من الدنسِ وأذهبَ عنهمُ الرجسَ وعلى صحبه الأخيار.

(وبعد) ففي فجر سعادة البشر، وتبلج صبح الهدى ورسالته، أشرق نور القرآن الكريم من اُفق الوحي على الرّسول الأمين، الصادع بأمر ربّه، فكان بإعجازه الباهر حجّة على صدق وحيه، وبفضائله الفائقة دليلاً على فضله، وبسَناه الوضّاح هادياً إلى اتّباعه. يخبرك كلّ باب من أبواب معارفه السّامية أنـّه تننزيل من رب العالمين وبقاءه على مرّ الدهور مصوناً عن الزيادة والنقيصة والتغيير والتبديل. كما أخبر به تبارك وتعالى في قوله: (... وإنّه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) (سورة فصلت: الآية 41 ـ 42).

ولما للقرآن من القداسة والحب في قلوب المسلمين مما يعجز عن وصفه البيان، ولَعلم بعض الناس بالحساسية الكبيرة لدى المسلمين تجاه تلك المسألة، قرّروا أن يضربوا على الوتر الحسّاس ويستغلوا هذه المسألة، ليظهروا للمسلمين أنّ الشيعة ـ والعياذ بالله ـ يقولون بالتّحريف والتغيير في كتاب الله، وعندهم "مصحف سرّي" يتداولونه، وإذا تكلموا عن صيانة القرآن عن التّحريف فانّما يتكلمون به "تقية" وغير ذلك من الدعاوى الباطلة والبعيدة عن العدالة والانصاف، والتي يظهرونها بقوالب مختلفة كل يوم.

ولا يخفى أنّ تلك الدعاوى توجد الشبهات تلو الشبهات في أذهان المسلمين، الصفحة 8

وتحدث بغضاً وحقداً في قلوب بعضهم على البعض الآخر، وهي في النتيجة تلفت أنظار غير المسلمين إلى مسألة في غاية الخطورة، وهم يرون أنّ الشيعة الذين يمثلون ما يقارب ثلث المسلمين يقولون بتحريف كتابهم السماوي، وبالتالي تسري الآثار السيئة لهذا الحكم على عامة المسلمين وقرآنهم المنزل من السماء.

فنرى لزاماً علينا أن ننصر الحقيقة بالبيان ونجلو غبار الشكوك بالحجة ونقول كلمتنا كلمة الحق لإلجام الخصماء وازالة الأوهام لئلا يثيروا الفتنة من جديد، وحتى يعرف المسلمون لا سيما الشباب الواعي لحقيقة الأمر.

وهنا يلزم علينا بيان بعض النقاط في طريقة دراستنا هذه:

1 ـ قلّ من تعاهد تلك المسألة بالدراسة ـ أي قول الشيعة الإمامية في القرآن ـ إلاّ وقد خلط الأمور بعضها ببعض مما جعل من الصعب معرفة الرأي النهائي للشيعة ـ بل ولا رأي أهل السنة ـ في القرآن بشكل واضح. ولذا قمت في دراستي بتقسيم البحث إلى مقامين رئيسيين:

المقام الأوّل: جعلته تحت عنوان "سلامة القرآن من التّحريف" في نظر الفريقين مع قطع النظر عن آراء وافتراءات بعض الناس، وحاولت أن أبيّن آراء الفريقين في الموضوع من مصادرهم، وهو في الواقع مقدمة ضرورية للدراسة والنقد لما ادعوه على الشيعة في الباب الثاني.

والمقام الثاني: جعلته تحت عنوان "تفنيد الافتراءات على الشيعة في قضية تحريف القرآن".

وفي هذا المقام أوردنا كلّ كتاب ـ لا سيما الكتب التى أُلفت في العقد الأخير ـ إتَّهم الشيعة بتحريف القرآن ودرس الموضوع مستقلاً أو ضمناً، وبعد تعريف الكتاب ومؤلفه اجمالاً قمنا بالدراسة والنقد للمنهج العلمي.

ومن تلك الكتب ـ الجديدة ـ كتاب "اصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني الصفحة 9

عشرية" لمؤلفه، الدكتور ناصر علي القفاري، فإنّه قد توسّع في البحث وأورده مفصّلاً وجمع آراء من كان قبله، بحيث صار تأليفه مصدراً لكلّ من حاول البحث والدرّاسة بعده، حتى نصح بعضهم الشيعة إلى قراءة كتابه لهدايتهم(1)!! فلذا قد حاز كتاب الدكتور القفاري النصيب الأوفر في دراستنا هذه.

2 ـ لقد استخدمتُ في نقدي هذا المقايسة والموازنة بين آراء الشيعة وأهل السنة في أكثر الاحيان، لكي يتمكن القارئ المحترم من الحكم والقضاء بسهولة وبساطة.

3 ـ وحيث كان عملي في المقام الثاني هو الدرّاسة والنقد، فقد لزمني الاتيان بدعاويهم واحدةً واحدة ودراستها، فقمت ابتداءً بنقل الرّوايات والنصوص من كتابهم، وبعد ذلك قمت بمقابلتها وتطبيقها مع مصادرها بدقة حتى يتّضح المراد بشكل جيد، ثمّ نحكم عليها بشكل عام.

وكلمتي الأخيرة هي: إنّ الواجب على كلّ فرد منا تنبيه المسلمين على مواضع الزلل وموارد الشبهات، وواجبنا هو أن نتحد ونكون يداً واحدة، لا سيما ونحن في وقت تكالب فيه علينا الأعداء، فكلّنا مسلمون من حيث المبدأ، فربّنا واحد ورسولنا واحد وكتابنا واحد ولكننا متفرقون عملاً، وما أجدر بمن يمتلك السلطة والأموال من المسلمين بالابتعاد عن ضرب المسلمين بعضهم ببعض ظانّاً أنّ ذلك هو السبيل الوحيد لنشر أفكاره، غير ملتفت إلى أنّ ذلك أدعى لفشلهم ونهايتهم.

وليعلم الذين رَفعوا عَلَم الفتنة وسعوا إلى التفريق بين المسلمين علماً جازماً حاسماً لكلّ وهم وشبهة، أنّ اليد التي أصبحت تضرب بهم المسلمين اليوم سوف تضربهم غداً فلينتبهوا ولينتهوا قبل أن يغوصوا أكثر في مستنقع أعداء الله ومهاويهم العميقة...

وفي ختام هذه المقدمة لا يسعني إلاّ أن أُسجل مزيد شكري وتقديري

____________

1 ـ كمحمد عبد الرحمن السيف في كتابه "الشيعة الاثنا عشرية وتحريف القرآن": ص 90.
الصفحة 10

لأساتذتي الفضلاء سماحة الأستاذ الشيخ نصر الله صالحي وسماحة الأستاذ محمّد هادي معرفة وسماحة الأستاذ الدكتور السيد محمّد باقر الحجتي، لعناياتهم الخاصة لي ولما لهم من فضل كبير عليّ منذ سنوات في المجالات الأخلاقية والعلمية ولتوجيهاتهم القيّمة التي أتحفوني بها لإتمام هذا الموضوع على الوجه المطلوب.

وأدعو الله سبحانه أن يجزي بالخير كل من قدّم لي مساعدة في هذه الدراسة...

وبحول الله أعتصم، وبقوته وعونه أفتتح وأختتم، وإيّاه أسأل الهداية إلى التي هي أقوم، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت وإليه أُنيب.

* * *

الصفحة 11


خطة البحث


المقام الأوّل: سلامة القرآن من التحريف

الفصل الأوّل: أدلّة سلامة القرآن من التّحريف عند الإمامية

الفصل الثاني: دراسة روايات تحريف القرآن في كتب الشيعة

الفصل الثالث: كتاب "فصل الخطاب" ونقاط مهمّة

الفصل الرابع: شهادة علماء الإمامية بنزاهة القرآن عن التحريف

الفصل الخامس: دراسة أحاديث تحريف القرآن في كتب أهل السنة

الفصل السادس: نظرة إلى أجوبة أهل السنة عن روايات تحريف القرآن

الفصل السابع: نظرة عابرة إلى أجوبة الإمامية عن روايات أهل السنة


المقام الثاني: تفنيد الافتراءات على الشيعة الإمامية

1 ـ دراسة ونقد آراء الدكتور ناصر بن علىّ القفاري

نظرة إجمالية إلى كتاب "اصول مذهب الشيعة" للدكتور القفاري

وقفة قصيرة مع الدكتور القفاري

دعاوى الدكتور القفاري في ميزان النقد

تذييل: دراسة ادّعائي الدكتور القفاري الآخرَيْن

2 ـ دراسة ونقد آراء إحسان إلهي ظهير

نظرة إلى كتاب "الشيعة والقرآن" لإحسان إلهي ظهير

دعاوى إحسان إلهي ظهير في ميزان النقد

3 ـ دراسة ونقد آراء محمد مال الله

كتاب "الشيعة وتحريف القرآن" في سطور

دعاوي محمد مال الله في ميزان النقد

4 ـ دراسة ونقد آراء الآخرين
الصفحة 12
الصفحة 13


المقام الأوّل
سلامة القرآن من التّحريف
الصفحة 14
الصفحة 15


الفصل الأوّل
أدلة سلامة القرآن من التّحريف عند الإمامية


ضرورة الدراسة وتحرير محلّ النزاع

إنّ موضوع نفي التّحريف عن القرآن الكريم يعتبر من القضايا التي تحظى بأهمية فائقة، لأنّنا إذا لم نستطع اثبات صيانة القرآن من التّحريف والذي يشمل (النقص، الزيادة، التغيير والتبديل في الآيات والكلمات والسور) عندها سيكون أي استدلال أو استنباط مشوباً بالشكّ والتردّد، لأنّه ـ ومع احتمال كون الآيات التي استفيد منها في الاستدلال آيات محرفة ـ سيكون الاستنباط مغايراً للإرادة الإلهية، ومع هذا الاحتمال يكون الاستدلال ذا نتيجة غير مطلوبة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ هناك علاقة وثيقة بين "إعجاز القرآن" و"عدم التّحريف"; ذلك لأنّ القرآن الكريم يشتمل على نظم ومضمون يفوقان قابلية الإنسان وأىّ عمل من شأنه الاخلال بهذا النظم والمضمون، سيمكّن من الاتيان بمثل القرآن، وسيكون هذا العمل دون الإعجاز، ومن هنا فإن الإذعان لمسألة تحريف القرآن يتطلب اِنكار الإعجاز القرآني، ويترتب على هذا نفي نبوّة الرّسول الأكرم صلى الله عليه الصفحة 16

وآله وسلّم; لأنّ نبوّته صلّى الله عليه وآله وسلّم منوطة بالاعجاز القرآني.

وبغضّ النظر عما تقدم، فإن اعتبار الرّوايات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والأئمة الاطهار عليهم السلام ناشئ من موافقتها للقرآن، وبالأخصّ في حال تعارض هذه الرّوايات مع غيرها فاننا نعتمد على القرآن، فإذا كان هناك تحريف في القرآن فإن اعتبار الرّوايات سيكون مخدوشاً تبعاً لذلك، باعتبار أنّ القرآن ألقى تفسير وبيان الوحي على عاتق السنة الشريفة حيث ورد: (وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم...)(1)(... ويعلّمهم الكتاب والحكمة...)(2)، وعلى هذا الأساس تكون حجية الرّوايات حدوثاً وبقاءً معتمدة على القرآن(3).


التّحريف وتحرير محل النزاع

تحريف الشيء لغةً: إمالته والعدول به عن موضعه إلى جانب، وهذا مأخوذ من حرف الشيء بمعنى طرفه وجانبه. يقال حَرَفتُ الشيء وحرّفته أي أخرجته عن مواضعه واعتداله ونحّيته عنه إلى جهة الحرف وهو الطرف للشيء(4). وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين(5).

وإذا أردنا تقسيم التّحريف تقسيماً اجمالياً، فإنّ تحريف الكلام ومن ضمنه تحريف القرآن ينقسم إلى قسمين:

1 ـ التّحريف المعنوي

2 ـ التّحريف اللفظي


____________

1 ـ سورة النحل (16): الآية 44.

2 ـ سورة الجمعة (62): الآية 22.

3 ـ سوف يأتي لاحقاً توضيح أكثر لهذه النقطة.

4 ـ التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج 2، ص 197 مادة "حرف".

5 ـ مفردات الفاظ القرآن: ص 228.
الصفحة 17

والمراد من التّحريف المعنوي هو، التحليل والاستنتاج الخاطئ والتفسير والتبرير لكلام معين بما يخالف المقصود الحقيقي للمتكلم، وبالتأكيد فإن القرآن الكريم قد تعرض لمثل هذا النوع من التّحريف، إذ نرى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في نهج البلاغة يشكو إلى الله سبحانه وتعالى من حدوث مثل هذا التّحريف فيقول عليه السلام:


"إلى الله اشكو من معشر يعيشون جُهّالاً ويموتون ضُلاّلاً ليس فيهم سلعة أبورُ من الكتاب إذا تُلي حقَّ تلاوته، ولا سلعة أنفق بيعاً ولا أغلى ثمناً من الكتاب إذا حُرّف عن مواضعه"(1).



وقد أخبر عليه السلام عن وقوع مثل هذا التّحريف في المستقبل فقال:


"وإنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان... وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب اِذا تلي حق تلاوته ولا أنفق منه اِذا حُرّف عن مواضعه"(2).



والقرآن الكريم كذلك يذكر بأنّ هناك نوعاً من هذا التّحريف تعرضت له الكُتب السماوية السابقة، فيقول: (يُحرفون الكلم عن مواضعه)(3).

و(يحرفونه من بعد ما عقلوه)(4). وآيات اُخرى نظير الآية الحادية والأربعين من سورة المائدة.

اما التّحريف اللفظي وموضع الخلاف ليس في ترتيب الآيات والسور حسب نزولهما أو بإشارة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في المصحف الموجود فإنّ تأليف

____________

1 ـ نهج البلاغة، الخطبة 17 والكافي: ج 1، ص 151.

2 ـ نهج البلاغة: الخطبة 147.

3 ـ سورة النساء (4): الآية 46.

4 ـ سورة البقرة (2): الآية 75.
الصفحة 18

الآيات والسور في القرآن لا مساس له بالتحريف وموضع النزاع.

كما إنّ القرآن الذي نزل على الرسول الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم من زمان النزول وإلى وقتنا الحاضر لم يضف إليه أي شيء ولم يفقد بالمرة، بل ان المسلمين قاموا بحفظه وكتابته وقد قُرئ بشكل لا مثيل له من التواتر من جيل إلى جيل حتى وصل إلى أيدينا بهذه الصورة، وهذا الموضوع من مُسلمات التاريخ أيضاً، ومن الموضوعات التي تحظى باجماع واتفاق كلّ المسلمين وحتى غير المسلمين من المفكرين والعلماء.

فموضع الخلاف في التّحريف اللفظي، هو التغيير في إعراب الكلمات، أو تغيير الآيات والكلمات، أو حذف بعض الآيات أو الكلمات والحروف من القرآن الكريم.

ولأجل اثبات نفي التّحريف بهذا المعنى عن القرآن الكريم استُدل بالآيات والرّوايات والشواهد التاريخية والأدلة العقلية... وغيرها.
الصفحة 19


أ ـ آيات القرآن

1 ـ الآية الكريمة (إنّا نحن نزّلنا الذكر واِنّا له لحافظون)(1).

وهذه الآية تتكون من جملتين:

الأولى: نزول القرآن من الله سبحانه وتعالى بتأكيدين "اِنّ" و"نحن"، والاستفادة من ضميري الجمع "نا" و"نحن" والتأكيد يدل بشكل مُسلّم وقطعي على عظمة هذا الأمر، ويزيل الشك والتردّد عند بعض الأشخاص الذين قد أشارت الآيات السابقة إليهم(2). فذاك البعض يشك أو ينكر أنّ الله سبحانه وتعالى له دخلٌ في القرآن الكريم ويذهب إلى أن بعض القُدُرات غير الإلهية لها يدٌ في ذلك، فنرى أنّ الله سبحانه وتعالى يستفيد من ضمير الجمع والتأكيد وينفي تدخل أية قوة غيره في ذلك، وينصّ على نفي التّحريف وصيانة القرآن حال التنزيل.

الثانية: ونرى فيها أنّ الآية المباركة تتحدّث ـ بأداة التوكيد "إنّ" ولام التوكيد وضمير الجمع ووصف الجمع ـ عن أنّ الله سبحانه وتعالى حافظ وحارس للقرآن بشكل أكيد بعد نزوله، وسياق هذه الجملة يدل على عظمة الموضوع وقطع الشك والترديد، ولأنّ حفظ القرآن بعد النزول ذُكر بشكل مطلق، فهذا الإطلاق يشمل حفظ القرآن من التّحريف اللفظي أيضاً، ومعلوم أنّ أهمية أىّ حفظ لا يرقى إلى درجة حفظ القرآن من هذا النوع من التّحريف. هذا وظاهرُ الآية يدلُّ على حفظِ القرآن الكريم باعتباره كلام الله ورسالته دون فرق بين آية وآية أو سورة وسورة. وعلى هذا الاعتبار يكون حفظ القرآن بأجمعه هو المقصود من الآية الكريمة، ولا دليل على صحّة ما ذهب إليه بعضهم من أن هذه الآية تشير إلى حفظ مجموعة

____________

1 ـ سورة الحجر (15): الآية 9.

2 ـ (وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون * لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت من الصادقين * ماننزّل الملائكة الا بالحق وما كانوا اذاً منظرين) سورة الحجر (15): الآية 6 ـ 8.
الصفحة 20

خاصة من الآيات، مثل الآيات التي نزلت إلى زمان نزول هذه الآية (أي الآية التاسعة من سورة الحجر) ولا يخفى خلاف هذا الرأي لظاهر الآية الشريفة.

وإذا كان المقصود من الحفظ هو الصيانة والحراسة، فحمل الحفظ على علم واطلاع الله سبحانه وتعالى بالقرآن خلاف ظاهر الآية الشريفة، لأنّ أيّاً من علماء اللُّغة لم يتبَنَّ هذا الرأي، إضافة إلى أنّ ظاهر الآية الكريمة يشير إلى الحفظ من كلّ جهة، أما أن نخصّ بالحفظ القدرة على تحدي الشبهات التي يطرحها المعاندون والنسخ أو الإتيان بمثله فإنّ ذلك مجرد ادّعاء، حيث لا يمكن ان نقصر الآية على ذلك.

وهناك ادّعاء يذهب إلى أنّ كلمة "الذكر" الواردة في الآية الكريمة تطلق على الرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم، وهذا الادّعاء غير مدعوم بدليل وذلك:

أوّلاً: إنّ كلمة "الذكر" الواردة في القرآن تطلق بشكل صريح على القرآن، حيث ورد في الآية الكريمة (وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم)(1).

ثانياً: الآية السادسة من سورة الحجر تمثل قرينة سياقية واضحة على أنّ المقصود من الذكر في الآية التاسعة من هذه السورة القرآن العظيم، لأنّ كلمة الذكر الواردة فيها (وقالوا يا أيّها الذي نزّل عليه الذكر إنّك لمجنون) تدلّ دلالة قاطعة وصريحة على أنّ المراد من الذكر هو القرآن.

2 ـ قوله تعالى: (إنّ الذين كفروا بالذكر لمّا جاءهم واِنّه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)(2).

ولا يوجد أي شك في كون المقصود من "الذكر" في هذه الآية هو الكتاب العزيز، حيث وصفته بأوصاف ثلاثة "العزيز"، "لا يأتيه الباطل" و"تنزيل من

____________

1 ـ سورة النحل (16): الآية 44.

2 ـ سورة فصلت (41): الآية 41 ـ 42.
الصفحة 21

حكيم حميد" وفي الوصفين الأولين دلالة قاطعة على عدم تحريف القرآن، أمّا الصفة الثالثة فتشير إلى منشأ هذه الصفات وسرّها.

و"العزيز" مشتق من العزّة، بمعنى الذي لا يُغلَب ولا يُقْهر من قولهم أرضٌ عَزاز، أي: صُلْبَةٌ(1).

و"الباطل": نقيض الحق وهو ما لا ثبات له عند الفحص عنه(2)، وبطل الشيء بطلاناً: فَسَدَ أو سقط حكمه(3).

وصفة العزيز تدل على نفي التّحريف عن القرآن، لأنّ التّحريف يستلزم قبول الغلبة والتجاوز، وهذا الأمر لا ينسجم مع "عزة" القرآن الكريم.

وكذلك نستفيد من الصفة الثانية للدلالة على نفي التّحريف لأنّه مع أخذ اعجاز القرآن الكريم بنظر الاعتبار ـ حيث نرى الانسجام والمتانة في العلوم والمعارف القرآنية وسيادة الحق المقرون بالنظم، الذي اتصفت به الآيات والجمل القرآنية في كلّ سورة حاكماً على كافة أجزاء القرآن ـ فيكون كلّ تغيير أو تبديل من شأنه أن يلحق خللاً بإعجاز القرآن ومعارفه، ويكون القرآن حينئذ مصداقاً للفاني والفاسد. في حين أنّ الآية تنفي هذا الأمر عن القرآن في أىّ زمان وأىّ شكل من الأشكال وحيث إنّ الباري تعالى إذا أراد أن يجعل المعارف القرآنية في متناول يد الإنسان فإنّه يضعها من دون أىّ نقص أو خلل، والتّحريف يمثّل نقصاً كبيراً ويمثل مصداقاً بارزاً لدخول الباطل على القرآن، ويكون نقضاً لغرض الباري لا ينسجم مع حكمته سبحانه وتعالى الواردة في قوله تعالى (تنزيل من حكيم حميد)، وذكرنا سالفاً أنّ هذا التعبير دليل وحكمة على حصانة القرآن ومنعته وعزته.


____________

1 ـ مفردات الفاظ القرآن: ص 564، مادة "عز".

2 ـ نفس المصدر: ص 129، مادة "بطل".

3 ـ مصباح المنير: ج 1، ص 51، مادة "بطل".
الصفحة 22

وعند مقارنة هذه الآية بالآية التاسعة من سورة الحجر، مع الأخذ بنظر الاعتبار المفاد والبيان نرى أنّ القرآن الكريم منيع مستحكم من الخارج عزيز مُصان ومُحصن من الداخل بسبب حراسة الله سبحانه وتعالى وصيانته له من كلّ طارئ حيث ضمن الباري تعالى ذلك.

توجد بعض المناقشات للاستدلال بالآيات المذكورة وسيأتي ذكرها وأجوبتها في مبحث "فصل الخطاب ونقاط مهمّة".

نعم هناك شبهة أخرى تذهب إلى احتمال أن الآيات التي نستند إليها في نفي التّحريف هي آيات محرفة وهي ليست من القرآن، وهذه الشبهة لا أساس لها باعتبار أن احتمال التّحريف لا يسقط النصّ عن الاعتبار، وصرف احتمال التّحريف يقتضي ضرورة التحقيق في التّحريف أو عدمه عن ذلك النص، وإذا لم نعثر على دليل على التّحريف فهذا يعني أنّ اعتبار النص يبقى ثابتاً ولا يوجد أي خلل في الاستدلال به.

وعندما نقيس تلك الآيات التي يستدل بها على نفي التحريف مع سائر آيات القرآن لا نجد أىّ فرق بينهما في الأوصاف الإعجازية الّتي تتعلّق بجميع آيات القرآن.

هذا مضافاً إلى عدم عدّ أحد من مُدّعي التحريف لهذه الآيات ضمن الآيات المحرّفة في نظرهم وممّا يدعم قولنا الرّوايات التي وردت في شأن نزول الآية(1).

هذا، فإنّ علماء الإمامية وبالأخصّ المفسرين للقرآن، يهتمون بهاتين الآيتين اهتماماً خاصاً ـ وأحياناً بآيات أُخرى ـ من أجل إثبات نفي التّحريف ومن بين

____________

1 ـ مثل: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يهتمّ لعشرة أشياء فآمنه الله منها وبشّره بها... منها عدم تبديل القرآن بعده وبشارته تعالى بحفظ القرآن بإنزاله: (إنّا نحنُ نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون)بحار الأنوار: ج 43، ص 34.
الصفحة 23

هؤلاء:

شيخ الطائفة الطوسي (ت 460 هـ.)(1).


أمين الإسلام الطبرسي (ت 548 هـ.)(2).


أبو الفتوح الرازي (كان حيّاً في سنة 552 هـ. وتوفّى قبل 556 هـ.)(3).


الشيخ ابن ادريس الحلّي (ت في القرن السادس الهجري)(4).


محمّد بن الحسن الشيباني (من أعلام الشيعة في القرن السابع)(5)


كمال الدين الكاشفي (ت في القرن التاسع الهجري)(6).


ملاّ فتح الله الكاشاني (ت 988 هـ.)(7).


محمّد بن علىّ النقي الشيباني (ت قبل 994 هـ.)(8)


الشيخ أبو الفيض الناكوري (ت 1004 هـ.)(9).


شيخ الإسلام محمّد بن الحسين الحارثي الشهير ببهاء الدين العاملي (ت


____________

1 ـ التبيان في تفسير القرآن: ج 6، ص 320.

2 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن: ج 6، ص 509 بالرغم من كون امين الإسلام استند إلى قول قتادة وابن عباس وكتب: ومثله (...لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه...)ولكنه في تفسير "جوامع الجامع" والذي ألفه بعد تفسير مجمع البيان قد أعرب عن رأيه بصراحة وقال: "وانه ـ سبحانه وتعالى ـ حافظه من كل زيادة ونقصان وتغيير وتحريف بخلاف الكتب المتقدمة..." جوامع الجامع: ص 236.

3 ـ روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن: ج 1، ص 31.

4 ـ المنتخب في تفسير القرآن والنكت المستخرجة من كتاب التبيان: ج 2، ص 246.

5 ـ نهج البيان عن كشف معاني القرآن: ج 3، ص 184.

6 ـ المواهب العلية أو التفسير الحسيني: ج 2، ص 336 (هذا التفسير تم تأليفه سنة 899 هـ راجع مقدمة الكتاب، ص 79).

7 ـ منهج الصادقين: ج 5، ص 154 وأيضاً خلاصة منهج الصادقين: ج 4، ص 59.

8 ـ مختصر نهج البيان عن كشف معاني القران: ص 262.

9 ـ سواطع الالهام: ج 3، ص 214.
الصفحة 24

1030 هـ.)(1).

صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي الملقّب بصدر المتألّهين (ت 1050 هـ.)(2).


العلاّمة التوني (ت 1071 هـ.)(3).


الملاّ محمّد محسن الفيض الكاشاني (ت 1091 هـ.)(4).


الشريف اللاهيجي (ت حدود 1097 هـ.)(5).


نور الدين محمّد بن مرتضى الكاشاني (ت 1115 هـ.)(6).


محمّد بن محمّد رضا القمي المشهدي (من أعلام القرن الثاني عشر الهجري)(7).


الشيخ جعفر الكبير (ت 1228 هـ.)(8).


السيد عبد الله شبر (ت 1242 هـ.)(9).


السيد حسين الكوه كمري (ت 1299 هـ.)(10).



____________

1 ـ عن آلاء الرحمن: ص 26.

2 ـ تفسير القرآن الكريم: ج 5، ص 19.

3 ـ الوافية في الاصول: ص 148 عن التحقيق في نفي التّحريف: ص 23.

4 ـ تفسير الصافي: ج 3، ص 102 وتفسير الأصفى: ج 1، ص 626.

5 ـ تفسير الشريف اللاهيجي: ج 2، ص 658.

6 ـ تفسير المعين: ج 2، ص 650.

7 ـ كنز الدقائق وبحر الغرائب: ج 7، ص 104.

8 ـ كشف الغطاء: كتاب القرآن، ص 229.

9 ـ الجوهر الثمين: ص 64.

10 ـ بشرى الوصول إلى أسرار علم الاصول: بحث حجية ظواهر الكتاب نقلاً عن التحقيق في نفي التّحريف: ص 27.
الصفحة 25

المحقق التبريزي (ت 1307 هـ.)(1).


وأخيراً في كثير من كتب المفسرين والمحققين من متأخري علماء الشيعة الإمامية(2).

3 ـ ومن الآيات التي تؤيّد نفي التّحريف، آيات تنزيه القرآن من الرّيب وقد أشارت هذه الآيات إلى نزول القرآن من الباري تعالى، وكذلك نفت الرّيب عنه في نزوله وحدوثه، قال تعالى: (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين)(3).

وكذلك تؤكد كون القرآن كتاب هداية ومنزهاً عن الرّيب في هدايته وبقائه، قال تعالى: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين)(4).

ومن الواضح أنّ أي تحريف وتغيير في القرآن يوجب ورود الريب عليه ويستلزم الشك والتشويش الدائم في النفس، بأنّ الكتاب الذي يجب أن يكون مصدراً للهداية قد تغير وحُرف وبُدل. وهذا ينافي انكار الرّيب مطلقاً في القرآن في جميع وجوهه لوجود النكرة في سياق النفي في الآية الكريمة.

4 ـ وهناك آية اُخرى نستدل بها على نفي التّحريف، قال تعالى: (وقال الرسول يا ربّ إنَّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)(5).

وهذه الشكوى من الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلّم تكون قائمة إذا كان

____________

1 ـ التعليق على فرائد الاصول، منقول من صيانة القرآن عن التّحريف: ص 69.

2 ـ مثل: حجة التفاسير وبلاغ الاكسير: ج 4، ص 5 ـ روان جاويد: ج 3، ص 245 ـ مخزن العرفان ـ اطيب البيان: ج 11، ص 441 ـ تفسير أحسن الحديث: ج 5، ص 332 ـ الفرقان في تفسير القرآن: ج 13، ص 127 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 207 ـ الميزان: ج 12، ص 104 وما بعدها ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 403 والتحقيق في نفي التّحريف: ص 30.

3 ـ سورة السجدة (32): الآية 32.

4 ـ سورة البقرة (2): الآية 2.

5 ـ سورة الفرقان (25): الآية 30. هناك آيات اُخرى في هذا المجال تركوها رعاية الاختصار.
الصفحة 26

القرآن مصوناً من أي نوع من التّحريف، حيث يعتبر القرآن الحبل المتين الممتد من قبل الباري تعالى بين هؤلاء ليتعلقوا به فيكون سبيلاً لنجاتهم، وإذا تركوه ولم يعملوا بتعاليمه يصير مهجوراً، وأمّا إذا كان محرفاً فهذه الشكوى تصبح لغواً لأنَّ القرآن حينئذ لا يوصف بأنّه الحبل المتين الممتد ليتعلقوا به وينجوا، ولانّ الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلّم لم يشتك من احتمال تغيير وتحريف القرآن الكريم بل اشتكى من عدم العمل به وهجره، وهذا يدل على أن القرآن سيظل مصوناً من أىّ نوع من التّحريف والتبديل إلى يوم القيامة.
الصفحة 27


ب ـ الأحاديث

استدلّ العلماء بطوائف من الأحاديث لنفي تحريف القرآن:

1 ـ أحاديث الثقلين: الثقلان هما الكتاب والعترة اللّذان خلّفهما النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم في أُمته وأخبر أنـّهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض وأمر الأمة بالتمسك بهما. وهذه الأخبار متظافرة من طرق الفريقين(1).

والاستدلال بها على عدم التّحريف في الكتاب هو: إنّ القول بالتحريف يستلزم عدم وجوب التمسك بالكتاب المنزل، لضياعه على الاُمّة بسبب وقوع التّحريف، ولكن وجوب التمسك بالكتاب باق إلى يوم القيامة لصريح أخبار الثقلين، فيكون القول بالتحريف باطلاً جزماً(2).

2 ـ أحاديث كثيرة مأثورة عن أهل البيت عليهم السلام، تدلّ على صيانة القرآن من التّحريف إمّا تصريحاً أو تلميحاً; فمنها ما جاء في أدعية كتاب "الصحيفة السجادية" وهذا بلا نزاع أول كتاب في الإسلام وصل إلينا بعد القرآن من سيد الساجدين الإمام علىّ بن الحسين عليهما السلام (استشهد الإمام سنة 94 هـ.) وفيه وصف الإمام القرآن بأوصاف(3) لا يمكنها أن تتعلّق بقرآن محرَّف. وشهادة الإمام

____________

1 ـ انظر مصادر هذه الرواية في: كتاب "كتاب الله وأهل البيت في حديث الثقلين من مصادر أهل السنة" والهوامش التحقيقية لكتاب المراجعات (للامام عبد الحسين شرف الدين) للشيخ حسين الراضي: ص 327، فقد أنهى طرق اسناده إلى خمسة وثلاثين صحابياً من رواة حديث الثقلين مع ذكر مصادر الرواية من الصحاح والسنن والتفسير وغيره كسنن الترمذي (الجامع الصغير: ج 5، ص 621، ح 3786) قال الترمذي: "وفي الباب عن أبي ذرّ وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد" ومصابيح السنة للبغوي: ج 2، ص 278 ومسند أحمد: ج 3، ص 17، 26، 59، 14 وج 4، ص 118، ح 11561، وص 54، ح 11211 ومسند عبد بن حميد: ص 108، ح 204 ومستدرك الحاكم: ج 3، ص 533 و...

2 ـ لمزيد من التفصيل حول الاستدلال بحديث الثقلين في نفي التّحريف وإبطال الشبهات راجع كتاب: البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي: ص 211 وما بعدها.

3 ـ كالدعاء الثاني والأربعين.
الصفحة 28

أبي عبد الله الصادق عليه السلام بقوله عليه السلام:


"... ما بين الدفتين قرآن [لا زيادة فيه ولا نقصان]"(1).



وأيضاً قول الإمام أبي الحسن علىّ بن محمّد العسكري عليهما السلام في رسالته إلى أهل الأهواز، فقد كتب عليه السلام:


"اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أنّ القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون..."(2).



ومنها ما جاء في رسالة الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام إلى سعد الخير:


"... وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده..."(3).



قال الاستاذ محمّد هادي معرفة:


"وهذا التصريح بأنّ الكتاب العزيز لم ينله تحريف في نصّه; لأنّه قال عليه السلام "أقاموا حروفه" وإن كانوا قد غيّروا من أحكامه "حرفوا حدوده" والمراد من "تحريف الحدود" هو تضييعها، كما ورد في الحديث "... ورجل قرأ القرآن فحفظ حدوده..."(4).

وعليه فالمراد من إقامة الحروف هو حفظها عن التغيير والتبديل كما في هذا الحديث أيضاً"(5).



ومنها صحيحة أبي بصير قال:


____________

1 ـ الأصول الستة عشر: ص 111.

2 ـ بحار الأنوار: ج 2، ص 225 وج 5، ص 68.

3 ـ فقد أوردها الكليني باسناد صحيح، الكافي: ج 8، ص 53 رقم 16. وبمعناه في كتاب فضائل القرآن لابن الضريس: ص 26.

4 ـ الكافي: ج 2، ص 627 رقم 1.

5 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 50 وما بعدها.




رد مع اقتباس