عرض مشاركة واحدة
قديم 07-28-2010, 11:40 AM   #5
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي يوم النحيب




العنوان
[ يوم النحيب ]

عبد الله بن سبا - السيد مرتضى العسكري - ج 1 - ص 255 – 263

* * * أوردنا في ما مضى أمثلة من روايات سيف عن الفتوح وحوادث عصر الخليفة عمر ( رض ) وفيما يأتي نورد بعض رواياته في حوادث
عصر الخليفة عثمان بعد إيراد يوم سادس من أيام سيف في ما يلي :

6 - يوم النحيب :


حديث سيف :


روى الطبري في حوادث سنة ست وثلاثين ، عن سيف عن ابن الشهيد ، عن ابن أبي مليكة قال : خرج الزبير وطلحة ففصلا ، ثم خرجت عائشة ، فتبعها أمهات المؤمنين إلى ذات عرق ، فلم ير يوم كان أكثر باكيا على الاسلام أو باكيا له من ذلك اليوم ، كان يسمى ( يوم النحيب ) وأمرت عبد الرحمن بن عتاب ( 1 ) ، فكان يصلي بالناس ، وكان عدلا بينهم ، وفي رواية أخرى ( فكان يصلي بهم في الطريق وبالبصرة حتى قتل ) . ‹ صفحة 256 ›

روى سيف هذا الحديث في ذكره خبر خروج طلحة والزبير وأم المؤمنين من مكة إلى البصرة لحرب الجمل والحديث يشتمل على ثلاثة أخبار .

حديث غير سيف :
أ - خبر مشايعة أمهات المؤمنين لام المؤمنين عائشة إلى ذات عرق ، لم نجد لهذا الخبر أثرا غير ما روي من حديث أم سلمة ، أو كتابها إلى عائشة في هذا الشأن وهذا نصه :
قالت أم سلمة لعائشة لما همت بالخروج ( 1 ) : " يا عائشة !
إنك سدة بين رسول الله وأمته ، حجابك مضروب على حرمته ، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه ، وسكن الله عقيراك فلا تصحريها .
الله من وراء هذه الأمة ، قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد فيك عهدا ، بل قد نبأك عن الفرطة في البلاد ، ما كنت قائلة لو أن رسول الله ( ص ) قد عارضك بأطراف الفلوات ناصة قلوصك قعودا من منهل إلى منهل ؟ !
إن بعين الله مثواك !
وعلى رسول الله ( ص ) تعرضين ، ولو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا هاتكة حجابا جعله الله علي فاجعليه سترك ، وقاعة البيت قبرك ، حتى تلقيه وهو عنك راض " .
وفي رواية بعده : " ولو أني حدثتك بحديث سمعته من رسول الله ( ص ) لنهشتني نهش الرقشاء المطرقة والسلام " ( 2 ) . ‹ صفحة 257 ›

فقالت عائشة : " يا أم سلمة ! ما أقبلني لوعظك ، وأعرفني بنصحك .
ليس الامر كما تقولين ، ولنعم المطلع مطلعا أصلحت فيه بين فئتين متناجزتين " .


ب - خبر الاجتماع بذات عرق : ورد هذا الخبر في حديث غير سيف عن الطبري هكذا : ( لقي سعيد بن العاص ( 1 ) مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق ، فقال : أين تذهبون وثاركم على أعجاز الإبل ؟ !
اقتلوهم ثم ارجعوا إلى منازلكم ، ولا تقتلوا أنفسكم ( 2 ) . ‹ صفحة 258 ›
قالوا : بل نسير ، فلعلنا نقتل قتلة عثمان جميعا . فخلا سعيد بطلحة والزبير ، فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الامر ؟ أصدقاني ! قالا : لاحدنا ، أينا اختاره الناس . قال : بل اجعلوه لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه . قالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم ! قال : فلا أراني أسعى لأخرجها من بني عبد مناف . فرجع ورجع معه عبد الله بن خالد بن أسيد ( 1 ) ، فقال المغيرة بن شعبة : " الرأي ما رأى سعيد . من كان هاهنا من ثقيف فليرجع " . فرجع ومضى القوم ومعهم أبان بن عثمان والوليد بن عثمان فاختلفوا في الطريق وقالوا من ندعو لهذا الامر . . . ) الحديث .


ج - خبر إمامة عبد الرحمن بن عتاب للصلاة بأمر أم المؤمنين في الطريق وبالبصرة حتى قتل .

ورد هذا الخبر في حديث غير سيف هكذا : روى الطبري عن ابن عباس قال : أذن مروان حين فصل من مكة ، ثم جاء حتى وقف عليهما - أي على طلحة والزبير - فقال : " على أيكما أسلم بالامرة ، وأؤذن بالصلاة ؟ " . ‹ صفحة 259 ›

فقال عبد الله بن الزبير : " على أبي عبد الله " .
وقال محمد بن طلحة : " على أبي محمد " . فأرسلت عائشة ( رض ) إلى مروان فقالت : " مالك ؟
أتريد أن تفرق أمرنا ؟ ! ليصل ابن أختي " . فكان بعضهم يقول : " والله لو ظفرنا لافتتنا ! ما خلى الزبير بين طلحة والامر ، ولا خلى طلحة بن الزبير والامر ! " .

كان هذا الاختلاف في الطريق ، أما في البصرة فقد قال اليعقوبي في تاريخه : " انتهبوا بيت المال ، وأخذوا ما فيه ، فلما حضر وقت الصلاة ، تنازع طلحة والزبير وجذب كل منهما صاحبه حتى فات وقت الصلاة وصاح الناس : " الصلاة ، الصلاة ، يا أصحاب محمد " فقالت عائشة : يصلي محمد بن طلحة يوما وعبد الله بن الزبير يوما " .
وفي طبقات ابن سعد : فذهب ابن الزبير يتقدم فأخره محمد بن طلحة وذهب محمد ابن طلحة يتقدم فأخره عبد الله بن الزبير عن أول صلاة فاقترعا فقرعه محمد ابن طلحة فتقدم فقرأ سأل سائل بعذاب واقع .

وفي الأغاني : وقال شاعرهم في ذلك :

تبارى الغلامان إذ صليا * وشح على الملك شيخاهما
ومالي وطلحة وابن الزبير * وهذا بذي الجزع مولاهما
فأمهما اليوم غرتهما * ويعلى بن منية دلاهما ( 1 )

‹ صفحة 260 › هذا ما كان في متن حديث سيف من خلاف الواقع ، وفي سند حديثه ما يأتي :


مناقشة السند :


روى سيف حديث ( يوم النحيب ) عن ابن الشهيد ، فمن هو الشهيد والد هذا الراوي ؟ !

وما اسم ابنه الراوي لنبحث عنهما ؟

وكيف السبيل إلى معرفة من تخيلهما سيف ؟ !

لهذا ولأنا لم نجد ذكرا لابن الشهيد في غير حديث سيف فقد اعتبرناه من مختلقات سيف من الرواة !
وروى حديث إمامة عبد الرحمن بالبصرة عن مخلد بن قيس وهو أيضا من مختلقاته من الرواة ( 1 ) .


نتيجة المقارنة :

روى حديثا صغيرا عالج فيه ثلاث مؤاخذات ترد على سروات مضر وهي :

أولا - ما روى من تقريع أم سلمة لعائشة لخروجها إلى البصرة ، فإنه عالجها بما روى أن أمهات المؤمنين خرجن مشيعات لعائشة إلى ذات عرق ، وفيه من خبر إجماعهن على تجليلها في تلك الرحلة وخروجهن مشيعات لها ‹ صفحة 261 › ما يعارض خبر تقريع أم سلمة لها ، ويدحضه !

ثانيا - خبر محاورة سعيد الأموي مع بني أمية بذات عرق وطلبه منهم أن يقتلوا قتلة عثمان الذين خرجوا معهم يطالبون بدمه . وخبر محاورته لطلحة والزبير أن يختارا للخلافة أحد أولاد عثمان وامتناعهما من ذلك ثم رجوعه ورجوع من كان معهم من ثقيف .
عالج سيف هذا الخبر بما روى : إنه ما رؤي أكثر باك من ذلك اليوم حتى سمي بيوم النحيب : إذا فما جرى في ذات عرق هو هذا ! هكذا عارض سيف بهذا الخبر ، الخبر الذي فيه منقصة للصحابة من سادة مضر ودحضه .

ثالثا - خبر النزاع على إمامة الصلاة في الطريق وفي البصرة وتعيين أم المؤمنين ابن أختها ومحمد بن طلحة ابن عمها للإمامة قطعا للنزاع .

عالج سيف هذا الخبر بما روى :
إن أم المؤمنين عينت عبد الرحمن ابن عتاب للإمامة فصلى بهم في الطريق وبالبصرة حتى قتل ، عارض سيف بهذا الخبر خبر النزاع على إمامة الصلاة .
عالج سيف كل ذلك في حديث صغير من مخترعاته ، وأيده بجملة في حديث آخر .
عالج كل ذلك من حيث لا يشعر القارئ ماذا يريد أن يصنع ، وروى الخبر عن اثنين من مختلقاته من الرواة .

تفرد سيف برواية خبر يوم النحيب بذات عرق وأخذ منه الطبري ومن الطبري أخذ ابن كثير في تاريخه وبذلك نجح سيف في ما أراد من تحريف وتشويش في التاريخ الاسلامي ! ! ! ‹ صفحة 262 ›

خاتمة البحث :


رأينا في ما سبق ( 1 ) كيف اختلق سيف أياما شبيهة بالأيام التي كانت للمسلمين والعرب في الجاهلية ، وعرفنا كيف يتحرى الحوادث الواقعة ليضع نظائرها ويشوش بها على المسلمين تاريخهم ويدس السم والخرافة في عقائدهم * * *

ولم تنحصر مخترعاته من الأيام على ما ذكرنا ( 2 ) بل اكتفينا بما أوردنا قاصدين التعرف على مدى أثر هذا النوع من الوضع على المدونات التاريخية لندرس في البحوث الآتية أنواعا أخرى من مختلقاته ونتعرف على آثارها ونبدأ بتدارس رواياته في حوادث عصر عثمان . * * * مصادر يوم النحيب :

رواية سيف خبر يوم النحيب في الطبري ( 1 / 314 ) وابن كثير ( 7 / 230 ) .

رواية سيف إمامة عبد الرحمن بن عتاب بالبصرة في الطبري ( 1 / ‹ صفحة 263 › 3103 - 3104 )كتاب أم سلمة إلى عائشة

- ابن طيفور بلاغات النساء ( ص 8 )

والفائق للزمخشري ( 1 / 290 )

والعقد الفريد ( 3 / 69 ) وشرح النهج لابن أبي الحديد ( 2 / 79 )

واليعقوبي في تاريخه ( 2 / 180 ) وفي روايته اختلاف مع رواية غيره والزيادة الأخيرة من العقد الفريد .

خبر اجتماع بذات عرق من غير رواية سيف في الطبري ( 1 / 3103 - 3104 ) ط . أوروبا .

خبر نزاع طلحة والزبير على الصلاة في الطبري ( 1 / 305 - 306 )

وفي اليعقوبي في ذكره حرب الجمل ،

وفي طبقات ابن سعد ( 5 / 39 ) بترجمة محمد بن طلحة ،

والأغاني ( 11 / 120 ) عن أبي مخنف ،

وذكر نزاعهما على الصلاة - أيضا - المسعودي .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 255 ›
( 1 ) ذات عرق مهل أهل العراق وهو الحد بين نجد وتهامة - معجم البلدان ، وعبد الرحمن ابن عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس .
قتل يوم الجمل في جيش أم المؤمنين عائشة .

‹ هامش ص 256 ›
( 1 ) في نسخة : " كتبت إليها أم سلمة " .
( 2 ) ( السدة ) الباب و ( لا تندحيه ) لا تفتحيه وتوسعيه و ( العقيري ) مصغر عقر الدار و ( أصحر ) خرج إلى الصحراء - أي جعل الله عقر دارك لك سكنى فلا تبرحيها - و ( الفرطة ) الخروج والتقدم و ( ناصحة قلوصك ) مستحثة ناقتك الشابة ومستقصية آخر ما عندها من السير ، و ( النهش ) : العض و ( الرقشاء ) الأفعى المنقطة و ( المطرقة ) من صفات الأفعى .

‹ هامش ص 257 ›
( 1 ) سعيد بن العاص بن أمية ، أمه أم كلثوم بنت عمرو العامرية ، قتل الإمام علي أباه يوم بدر . كان سعيد من أشراف قريش وفصحائهم وأحد الذين كتبوا المصحف لعثمان ولاه عثمان على الكوفة بعد الوليد ، اعتزل بعد عثمان الحروب ، كان معاوية يوليه المدينة إذا عزل مروان ويولي مروان إذا عزله ، ليلقي بينهما العداء ، أسد الغابة ( 2 / 309 ) .
( 2 ) في هذا الحديث يخاطب سعيد الأموي سائر بني أمية في ذلك الجيش ويطلب منهم أن يقتلوا طلحة والزبير وعائشة ، لان ثار عثمان عندهم ثم يرجعوا إلى منازلهم ، فيجيبونه أنهم يسيرون لعلهم يقتلون جميع قتلة عثمان ، يقصدون أنهم يذهبون لعلهم يقتلون مع هؤلاء محمد بن أبي بكر وغيره ممن شارك هؤلاء في قتل عثمان !

‹ هامش ص 258 ›
( 1 ) عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ، استعمله زياد على فارس واستخلفه على الكوفة حين مات فأقره معاوية عليها - أسد الغابة ( 3 / 149 ) .

‹ هامش ص 259 ›
( 1 ) جزع الوادي منعطفه ويقصد من أمهما عائشة ويعلى بن أمية دلاهما بغرور ويعلى اسم أمه منية بنت غزوان وأبوه أمية بن عبدة من بني تميم وكان حليفا لبني أمية كان واليا لعثمان على اليمن وجاء بعد قتله إلى مكة واشترك في حرب الجمل ، الأغاني ( 11 / 119 - 121 ) .

‹ هامش ص 260 ›
( 1 ) مجال البحث عنه في : ( رواة مختلقون ) .

‹ هامش ص 262 ›
( 1 ) ذكرنا في القسم الأول خمسة من أيام سيف وهي يوم الجراثيم ويوم الأباقر ويوم أغواث وعماس وأرماث .
( 2 ) مثل يوم الحيتان ، قال سيف : سمي به يوم غنم فيه جيش سعد بن أبي وقاص في القادسية وقر ثلاثمائة بغل وحمار وثور سمكا - الطبري ( 1 / 2244 ) في ذكر يوم القادسية من حوادث سنة 12 ه‍ .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 

رد مع اقتباس