عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2014, 09:52 PM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الفصل الثاني :حياته وإمامته
إمام وهو ( صبي ) :
الإمامة في عقيدة الشيعة القائلين بها تختلف عنها في منطق الاخرين كثيراً . فإن الكلمة تعني عند الشيعة الخلافة المطلقة لشخص الرسول ولعلومه ومعارفه ومؤهلاته وصلاحياته ومسؤولياته ، وبتعبير آخر " صورة كاملة للنبوة " ، بفارق واحد فقط هو أن الإمام لا يوحى إليه ، بينما النبي يوحى إليه ، فلا نبي بغير وحي ، ولكن الإمام بدونه .
والنبوة ـ في منطق الإسلام ـ صلاحية فريدة في نوعها ومتميزة عن صلاحيات سائر البشر ، يهبها اللـه تعالى إلى فرد يختاره ويجعله وسيطاً يتلقى الوحي منه وينشره بين قومه ، وإذا تمت هذه الفكرة عن النبي تتم عن الإمام بنفس الملاك ونفس الحجة ، وكما أنه إذا صح القول بأنه من الممكن ان يغتدي الصبي نبياً وهو في المهد رضيع ، صح ذلك في الإمام (ع) .
والعمر وإن كان مقياساً للناس في الأغلب ولكنه ليس بمقياس عند الله ، فليس الأكبر سناً أعظم عند اللـه دائماً ، وربَّ شيخ يغيض عند ربه ولربَّ شاب أو طفل محبوب عند بارئه . العمل الصالح والنية الطيبة والإمكانيات الموهوبة وما إلى ذلك مما يهب الفرد قيمة وتقديراً هو المقياس الأول عند الإسلام وفي منطق القرآن ، أضف إلى ذلك أن القول بالنبوة والإمامة لا يمكن إلاّ بعد الإيمان الكامل بقدرة اللـه تعالى على أن يجعل من فرد واحد مجمعاً للفضائل ، ومرجعاً للمعارف ، وقدوة للناس وأسوة للخلق ، فالإعتقاد بالنبوة يفرض على الإنسان الإيمان بالمعجزة ( والتي هي ما يتعدى طاقة الإنسان ) وله ميزة على سائر البشر حتى يمكنه أن يقودهم ويقول لهم إنني نذير من الله .
وإذا كانت المعجزة تعني شيئاً خارجاً عن الطبيعة الجارية في سائر الخلق ، فلا فرق بين أن يكون الفرد الذي تتجلى فيه المعجزة كبيراً أو صغيراً ، غنياً أو فقيراً .
وطالما زعمت الأمم السالفة : أن النبي يجب أن يكون له مال وثراء عريض ، ويكون سيداً في قومه ورئيساً مهيباً ، فأفهمهم أنبياؤهم (ع) بأن اللـه إذا أراد أن ينزَّل رحمته في فرد لا تتوفر فيه هذه الشروط ويجعله نبياً ، فهل في ذلك من بأس ؟ قال تعالى : ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ 5
ولطالما أعجبت الأمم ودهشت حينما رأت أن الله قد بعث إليها صبياً نبياً ، ولكن ربنا أبرز لهم أن فعله ذلك إنما كان تعمداً ليعرفهم معنى النبوة ، وأنها ليست موهبة عادية تبرز في فرد دون فرد ، تبعاً للبيئة والتربية ، وإنما هو نبوءٌ عن عادة الخلق ، وخرق لسنة الكون ، ونداء جديد ليس يشابهه نداء المخلوقات ، بأن الله هو القادر وأنه إليه المصير ، يقول علي بن أسباط في حديث له عن الإمامة : رأيت أبا جعفر الجواد (ع) قد خرج إليّ فأحددت النظر إليه ، وإلى رأسه وإلى رجله لأصف قامته لأصحابنا بمصر فخر ساجداً وقال : إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة ، قال تعالى : ﴿ ... وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا 6 .
وقال الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ... 7 .
وقال : ﴿ ... وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ... 8 .
فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتى وهو ابن أربعين سنة 9 .
أجل إذا كانت النبوة معجزة الله تعالى ، أو كانت آية الابتداع فسواء ـ إذاً ـ أن تظهر في كبير أو صغير.
وعن بعض الرواة أنه قال : كنت واقفاً عند أبي الحسن الرضا (ع) بخراسان فقال قائل : يا سيدي .. إن كان كون فإلى من ؟ ( يريد : إذا متَّ فمن الإمام بعدك ؟ ) .
قال : إلى أبي جعفر ابني .. وكأن القائل استصغر سن أبي جعفر .
فقال أبو الحسن (ع) : إن الله سبحانه بعث عيسى رسولاً نبياً صاحب شريعة مبتدئة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر (ع) 10 .
نعم : ليس هناك أي استبعاد لما يشاؤه اللـه ويفعله ، فقد يجعل عيسى نبياً في أول صباه .. ويهب محمد بن علي الإمامة صبياً أيضاً .
كان للإمام أبي عبد الله الصادق (ع) ولد كان يدعى علي بن جعفر وكان وجيهاً محترماً لدى الشيعة الإمامية ، وكان يفد إليه الناس ، وينهلون من علومه التي تلقاها مباشرةً عن أبيه الصادق (ع) .. وأخيه موسى بن جعفر (ع) .. فيروي بعض المحدثين : أنه كنت عند علي بن جعفر بن محمد (ع) جالساً بالمدينة ، وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمعه من أخيه يعني موسى بن جعفر (ع) إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي بن موسى (ع) المسجد ـ مسجد رسول الله (ص) فوثب علي بن جعفر بلا رداء ولا حذاء ، فقبَّل يده وعظَّمه ، فقال له أبو جعفر (ع) : يا عم اجلس رحمك الله .
قال : يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم .
فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون أنت عم أبيه وأنت تفعل هذا الفعل؟
فقال : اسكتوا ، إذا كان الله عزَّ وجلَّ ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهل هذه الشيبة وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، اُنكر فضله ! نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد 11 .
بعد وفاة والده :
توفي الإمام الرضا في خراسان مسموماً ، ودفن في طوس ، واختلفت ـ بسبب موته ـ الأمة الإسلامية ، وفقدت الأمة ملامحها التي كانت قد تميَّزت بها في عهد الرضا (ع) .. فرجعت الخلافة إلى بغداد .. وقرَّب المأمون العباسي من يريد وغدر بمن كان قد نصره على أخيه الأمين في نزع الملك عنه ، وغيَّر شعاره الذي اتخذه للثورة التي كانت نصف علوية ، ورجع إلى لبس السواد ، فأصبحت الدولة دولة عباسية مرة أخرى .
ومرة كان الإمام يسير في طرقات بغداد العاصمة المزدحمة وقد اصطف الناس لابن الرضا (ع) ، رافعين أعناقهم كي يفوزوا بنظرة منه .. وكان من الواقفين رجل زيدي المذهب ، يحدثنا فيقول :
خرجت إلى بغداد فبينما أنا بها ، إذ رأيت الناس يتدافعون ويتشرفون ويقفون ، فقلت :
ما هذا ؟ .. فقالوا : ابن الرضا (ع) ، فقلت : والله لأنظرن إليه ، فطلع على بغل أو بغلة ، فقلت لعن الله أصحاب الإمامة حيث يقولون أن الله افترض طاعة هذا ، فعدل إليَّ وقال : يا قاسم بن عبد الرحمن : ﴿ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ 12 . فقلت في نفسي : " ساحر والله " . فعمد إليَّ فقال : ﴿ أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ 13 .
قال : فانصرفت وقلت بالإمامة وشهدت أنه حجة الله على خلقه واعتقدت به ( عليه السلام ) ، أجل ... إن الاستغراب الذي غمر قلب هذا الرجل من جهة صغر السن كان جوابه في هاتين الآيتين المباركتين واضحاً مستبيناً .
وكان الإمام الجواد (ع) رابضاً بالمدينة وهو الفتى الحديث في السن ، المقدر عند الله والخلق ، قد أعطت الشيعة ـ وهي يومذاك كثرة لا يستهان بها ـ أزّمتها بيده فنهض بتدبيرها خير نهوض ، حتى التفت حوله طائفة من أصحاب أبيه وجده .
في المدينة :
وبقي في المدينة المنورة بعد عهد إمامته زهاء ثمانية أعوام ، يحترمه الخاص والعام ويأوي إليه البعيد والقريب ، يسألونه عما أغمض وأشكل عليهم فيحل ذلك لهم في أسرع وقت .
يقول بعض الرواة : لما مات أبو الحسن الرضا (ع) حججنا فدخلنا على أبي جعفر وقد حضر من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبي جعفر (ع) فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان شيخاً كبيراً نبيلاً ، عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة .
فجلس وخرج أبو جعفر (ع) من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل خوص بيضاء ، فقام عبد الله ـ عمه ـ واستقبله وقبَّل بين عينيه وقامت الشيعة ، وقعد أبو جعفر (ع) على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض تحيراً لصغر سنه .
فانتدب رجل من القوم فقال لعمه : أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة 14 . فقال تقطع يمينه ويقام عليه الحد .
فغضب أبو جعفر (ع) وقال : يا عم إتق الله ـ إتق الله ـ إنه لعظيم أن أفتيت يوم القيامة بين يدي الله عز وجل لما أفنيت الناس بما لا تعلم ، فقال له عمه : يا سيدي أليس قال هذا أبوك (ع) ؟
فقال أبو جعفر (ع) : إنما سُئِل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها ، فقال أبي : تقطع يمينه للنبش ويضرب حد الزنا ، فإن حرمة الميِّتة كحرمة الحية فقال : صدقت يا سيدي أنا أستغفر الله ، فتعجب الناس فقالوا له : يا سيدنا أتأذن أن نسألك ؟
فقـال : " نعم ، فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين" 15 .
وهذه القصة تبين مدى أهمية الإمام في عين الشيعة ثم غزارة علمه وطول باعه وسعة ثقافته التي نبعث عن قلب نفخ فيه الله علمه ومعرفته وأكثر فيه تقواه وخشيته .
إلى بغداد :
وحينما انتقل المأمون العباسي إلى بغداد ، وكان يعيش في صراع دائم مع العباسيين الذين استنكروا عليه إعطائه ولاية العهد للرضا (ع) ، مذكرين له أن هؤلاء بني فاطمة هم المناوئون الذين يخشى جانبهم أكثر من أي مناوئ آخر لأن لهم أنصاراً وموالين في شرق البلاد وغربها .
وكان المأمون يبرر موقفه من علي بن موسى بنقل فضائله التي عجزت شفاه المأمون وغيره عن أن تحصيها عداً قائلاً : بأن أهل هذا البيت قد ورثوا العلم من آبائهم كما ورثوا المكارم والخلق الرفيع .
وكانت الشيعة يومئذ قد قويت شوكتهم بالإمام الرضا وأصبح لهم دعاة مخلصون في كل زاوية من البلاد الإسلامية ومالت إليهم العامة لما ظهر من الإمام الرضا (ع) في المسرح السياسي من آيات الفضل والكمال .
ثم إنه ذهبت دعوتهم إلى إمامة بني فاطمة تنتشر أكثر من أي يوم آخر ، لأن كثيراً منهم نالوا المناصب الرفيعة في الدولة وقاموا بحركات إيجابية دائمة بسبب الإختلاف الذي وقع بين العباسيين .. وعرفت السلطة طوائف كثيرة من العباسيين أنفسهم كانوا يكيدون للدولة ويريدون لأنفسهم السلطان فاضطرت إلى استخدام مناوئ هؤلاء ، من الشيعة .
هذا من جانب ومن جانب آخر كانت موجة من الاستياء العام تمثل العامة بسبب قتل المأمون للرضا (ع) . وتغطية لغدره بالرضا (ع) واحتجاجاً على الخاصة من العباسيين .. واستمالة لفؤاد العامة من غيرهم ، أرسل المأمون إلى المدينة يطلب الإمام الجواد (ع) في دعوة رسمية . .
كان ذلك في السنة ( 211 ) هجرية حيث كان لأبي جعفر الجواد من العمر زهاء ( 16) سنة فقط .
ومما يبدو من التاريخ : أن وفود الإمام (ع) كان حافلاً بالاحتفاء الملوكي ... الذي هيأه الخليفة لمقدم موفوده المبارك . وكان الناس يبشرون أنفسهم بابن الرضا (ع) الذي طالما تشوقوا إلى رؤيته والمثول عنده .
واستقبله المأمون استقبالاً حافلاً ، ونوى أن يزوجه ابنته أم الفضل ، كما زوج أباه الرضا (ع) ابنته أم حبيب . فاعترضه العباسيون اعتراضاً شديداً ، خوفاً من انتقال الخلافة إلى بني فاطمة .
فاجتمع من أهل بيته الأدنون وقالوا له : نناشدك الله يا أمير المؤمنين ألا تقدم على هذا الأمر الذي عزمت من تزويج ابن الرضا (ع) ، فإنّا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكنا الله عزَّ وجلَّ ، وينزع منا عزّاً قد ألبسناه الله ، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً ، وقد كنا في خشية من عملك مع الرضا (ع) ، فكفانا الله المهم في ذلك ، فالله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا .
فقال لهم المامون : أما ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ولو أنصفتم القوم لكان أولى بكم ، واما ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان قاطعاً للرحم ، وأعوذ بالله من ذلك ، والله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا (ع) .. ولقد سألته أن يقوم بالأمر وأنزعه من نفسي فأبى وكان أمر الله قدراً مقدوراً !!
وأما أبو جعفر محمد بن علي فقد اخترته لتفوِّقه على أهل الفضل كافة في العلم والثقافة مع صغر سنه . وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه فتعلمون أن الرأي ما رأيت فيه .
فقالوا : إن هذا الفتى وإن راقك منه هديه فإنه صبي لا معرفة له ولا فقه ، فأمهله ليتأدَّب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك .
فقال لهم : ويحكم إني أعرف بهذا الفتى منكم ، وإن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى لم يزل أباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة ، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يثبت لكم به ذلك .
قالوا : قد رضينا بذلك فخلِّ بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيْ ، من فقه الشريعة فإن أصاب لم يكن لنا اعتراض ، وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه ، فإن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب منه ، فرضي المأمون بذلك ، فاجتمع رأيهم على يحيى بن أكثم قاضي قضاة الديار الإسلامية في ذلك العهد أن يسأل الإمام الجواد (ع) عن المسائل الغامضة في الفقه الإسلامي ، وحان الموعد واجتمع الناس ، وجاء الإمام الجواد ( (ع) ) وحضر ابن أكثم ، وجلس يحيى بين يديه والمأمون بجانب الإمام يهيمن على المجلس ، فالتفت ابن أكثم إلى الخليفة وقال :
يأذن لي أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر عن مسألة ؟ فقال المأمون استأذنه في ذلك ، فأقبل عليه يحيى قائلاً : جعلت فداك ، تأذن لي في مسألة ؟ قال أبو جعفر (ع) : سل ما شئت .
قال يحيى : ما تقول ـ جعلت فداك ـ في محرم قتل صيداً ؟
فقال أبو جعفر :
ـ قتله في حـل أو حـرم ؟
ـ عالماً كان المحرم أو جاهلاً ؟
ـ قتله عمـداً أو خـطـأً ؟
ـ حُرَّاً كان المحرم أو عبـداً ؟
ـ صغـيراً كان أو كبـيراً ؟
ـ مبتـدئاً بالقتل أو معيـداً ؟
ـ من ذوات الطير كان الصيد أو من غيرها ؟
ـ من صغار الصيد أم من كبارها ؟
ـ مصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟
ـ في الليل كان قتله للصيد أم في النهار ؟
ـ محرماً كان بالعمرة إذ قتله ، أم بالحج كان محرماً ؟ 16 .
فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والإنقطاع ولجلج حتى عرف الحاضرون امره ، فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ، ثم توجه إلى أهل بيته ، فقال لهم : أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟ ثم أقبل على أبي جعفر (ع) فقال له : أتخطب يا أبا جعفر ؟ فقال : نعم يا أمير المؤمنين، فقال له المأمون : أخطب لنفسك جعلت فداك ، قد رضيتك لنفسي وأنا مزوجك أم الفضل ابنتي ، وإن رغم قوم لذلك .
فقال أبو جعفر : الحمد لله إقراراً بنعمته ولا إله إلاّ الله إخلاصاً لوحدانيته وصلى اللـه على محمد سيد بريَّته والأصفياء من عترته ... أما بعد : فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام ، فقال سبحانه : ﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 17 .
ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون ، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد (ص) ، وهو خمسمائة درهم جياداً ، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور ؟
فقال المأمون : نعم قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح ، قال أبو جعفر (ع) : قد قبلت ذلك ورضيت به


 

رد مع اقتباس