الموضوع
:
أفضلية الإمام عليّ عليه السّلام على الصحابة
عرض مشاركة واحدة
07-03-2013, 12:38 PM
#
3
خادم قمر العشيرة
موالي مجتهد
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
1000
تاريخ التسجيل :
Jun 2013
أخر زيارة :
10-08-2019 (09:58 AM)
المشاركات :
767 [
+
]
التقييم :
10
لوني المفضل :
Cadetblue
10 ـ عن زاذان: أنه كان عليه السّلام يمشي في الأسواق وحده وذاك يرشد الضال، ويعين الضعيف ويمرّ بالبياع والبقال، فيفتح عليه القرآن ويقرأ:
تلكَ الدارُ الآخِرةُ نَجعلُها للذينَ لا يُريدونَ عُلُوّاً في الأرض
(61) (62).
11 ـ وفي الصبر نجده عليه السّلام قد احتجّ يوم الشورى بالصبر على ضياع حقّه.
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً عليه السّلام يقول: « بايع النّاسُ أبا بكر، وأنا واللهِ أَولى بالأمر منه، وأحقُّ به منه، فسمعتُ وأطعت مخافةَ أن يرجع الناسُ كفّاراً يضرب بعضُهم رقابَ بعضٍ بالسيف.
ثم بايع الناسُ عمرَ وأنا واللهِ أَولى بالأمر منه، وأحقُ منه، فسمعتُ وأطعت مخافَة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضُهم رقابَ بعضٍ بالسيف.
ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان ؟!! إذاً لا أسمع ولا أُطيع، وإنّ عمر جعلني من خمسة نفرٍ أنا سادسهم، لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي، كلُّنا فيه شَرْعٌ سواء، وأيمُ الله لو أشاء أن أتكلّم، ثم لا يستطيع عربيُّهم ولا عجميُّهم ولا معاهدٌ منهم ولا المشرك، ردَّ خصلةٍ منها لَفعلتُ ».
ثمّ قال: « أنشدكم الله ـ أيها الخمسة ـ أفيكم أحدٌ هو أخو رسول الله صلّى الله عليه وآل، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمِنكم أحدٌ له عمٌّ مثلُ عمّي حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وأسد رسوله، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمِنكم أحدٌ له ابن عمّ مثلُ ابن عمّي رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحدٌ له أخ مثل أخي جعفر المزيَّن بالجناحَين يطير مع الملائكة في الجنّة ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحد له زوجةٌ مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله سيدة نساء هذه الأُمّة ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمِنكم أحدٌ له سِبطانِ مثلُ الحسن والحسين سبطا هذه الأُمّة ابنا رسول الله صلّى الله عليه وآله، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحدٌ قتَلَ مشركي قريش قبلي ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحدٌ وحّدَ اللهَ قَبلي ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحدٌ أمر اللهُ بمودّتهِ، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحد غَسّلَ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله قبلي ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحدٌ سكن المسجدَ يمرُّ فيه جُنُباً، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحد رُدّت عليه الشمس بعد غروبها حتّى صلّى العصر، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله حين قُرِّب إليه الطيرُ فأعجبه:
اللهمّ ائْتِني بأحبِّ خَلْقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فجئتُ أنا لا أعلم ما كان مِن قوله، فدخلت عليه قال: وإليّ يا ربّ، وإليّ يا ربّ، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحد كان أقتلَ للمشركين عندَ كلِّ شديدة تنزل برسول الله صلّى الله عليه وآله، منّي ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحدٌ كان أعظمَ عَناءً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله حين اضطجعتُ على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له مهجتي، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أمنكم أحد كان يأخذ الخُمْس، غيري وغيرَ فاطمة عليها السّلام ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أفيكم أحدٌ يأخذ الخُمْس سهماً في الخاصّ وسهماً في العامّ، غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أفيكم أحد يُطهّره كتابُ الله غيري ؟ حتّى سدَّ النبيُّ صلّى الله عليه وآله أبوابَ المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه حتّى قام إليه عمّاه حمزة والعباس، وقالا: يا رسول الله ، سددتَ أبوابَنا وفتحت بابَ عليّ ؟!!
فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: ما أنا فتحتُ بابه ولا سددتُ أبوابكم، بل اللهُ فتَحَ بابه وسدَّ أبوابكم »؟
قالوا: لا.
قال « أفيكم أحد تمّمَ اللهُ نورَه من السماء، حتّى قال:
فآتِ ذا القُربى حقّه
(63)؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: « أفيكم أحد ناجى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله ستَّ عشرة مرّة غيري، حين نزلت:
يا أيُّها الذين آمَنُوا إذا ناجيتُمُ الرسولَ فقَدِّمُوا بينَ يَدَيْ نَجواكم صَدَقة
(64) ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال:
أفيكم أحد وُلّي غمضَ رسول الله صلّى الله عليه وآله غيري ؟ ».
قالوا: لا.
قال: « أفيكم أحد كان آخر عهده برسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى وضعه في حفرته، غيري ؟
قالوا: لا (65).
ومع وجود هذه الفضائل والمناقب فيه عليه السّلام مع ذلك صبر لله وفي الله حتّى لا يتشتّت أمر المسلمين، ولا يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، وهذا الصبر من أحسن الصبر، وله أجر غير ممنون.
12 ـ وفي الحلم « كان عليه السّلام أحلمَ الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، ويحلم عند جهل الناس، وهو مثال للحلم. صدق رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث قال في خبر: « لو كان الحِلْمُ رجلاً لَكان عليّاً » (66).
ونجده عليه السّلام يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم ـ وكان أعدى الناس له وأشدهم بغضاً ـ فصفح عنه.
وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة، فقال: أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب!! وكان الإمام عليّ عليه السّلام يقول: « ما زال الزبيرُ رجلاً منا أهلَ البيت حتّى شبَّ عبدُالله » فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيراً، فصفح عنه وقال: « إذهبْ فلا أرَينّك » لم يزده على ذلك... (67).
الأمر الثاني: الآيات النازلة في حقّ الإمام عليّ عليه السّلام ولم ينزل مِثلُها في حقّ غيره:
نختار في هذه الفقرة بعض الآيات النازلة في حقّ الإمام عليّ عليه السّلام والتي تبيّن أفضليتَه على الصحابة، ليس كلّ الآيات التي تبيّن فضله والتي نزلت في حقّه مطلقاً؛ لأن هذه تحتاج إلى بحث مستقل. فمن الآيات التي يمتاز بها الإمام عليّ عليه السّلام ولا تنسحب على غيره، وبها تثبت أفضليته على الصحابة، وتوضح مِن ثَمّ مدى علاقة الإمام عليّ عليه السّلام بالقرآن:
1 ـ ما عن ابن عباس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « ما أنزلَ اللهُ آية فيها
يا أيُّها الذينَ آمَنوا
إلاّ وعليٌّ رأسُها وأميرها » (68).
2 ـ وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: لمّا نزل
قلْ لا أسألُكُم عليهِ أجراً إلاَّ المودّةَ في القربى
(69)، قالوا: يا رسول الله، مَن قرابتُك هؤلاء الذين وجبَتْ علينا مودّتُهم ؟ قال: « عليٌّ وفاطمةُ وآبناهما » (70).
وبهذه الآية تصبح المودّة للإمام عليّ عليه السّلام واجبة على غيره من الصحابة.
3 ـ قوله تعالى:
وآجعَلْ لي وزيراً مِن أهلي
(71) فعَن ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال: أخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله بيد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ـ ونحن بمكّة ـ وبيدي، وصلّى أربع ركعات، ثم رفع يده إلى السماء فقال: « اللهم إن موسى بن عمران سألك، وأنا محمّدٌ نبيُّك أسألك أن تشرح لي صدري، وتَحْلُلَ عُقدةً من لساني؛ يفقهوا قولي، وآجعلْ لي وزيراً من أهلي، عليَّ بنَ أبي طالب أخي، أُشدُدْ به أزْري، وأشْرِكه في أمري ». قال ابن عبّاس: « سمعت منادياً ينادي: يا أحمد، قد أُتِيتَ ما سألت » (72).
4 ـ قال تعالى:
إنَّما وليُّكُمُ اللهُ ورسولُه والذينَ آمَنوا الذين يُقيمونَ الصلاةَ ويُؤتُون الزكاةَ وهُم راكِعُون
(73).
اعتمد القرآن الكريم في خصوص هذه الآية على تبيان أفضلية الإمام عليّ عليه السّلام على غيره من الصحابة عن طريق إبراز الجانب السلوكيّ المصحوب بالتصريح بأن عليّاً عليه السّلام هو الوليّ للمؤمنين.
وقد أجمعوا على نزول هذه الآية في الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام لمّا تصدّق بخاتَمهِ على المسكين في الصلاة بمحضرٍ من الصحابة.
قال الزمخشريّ عن قوله « وهُم راكِعُون »: وقيل: هو حال مَن يُؤتُون الزكاة، بمعنى يؤتونها في حالِ ركوعهم في الصلاة، وأنها نزلت في عليٍّ كرّم الله وجهَه حين سأله سائلٌ وهو راكع في صلاته، فطرَحَ له خاتَمَه كأنّه كان مرجاً في خنصره (74)، فلم يتكلّف لخلعه كثيرَ عملٍ تَفسد بمِثله صلاتُه.
فإن قلت: كيف صحّ لعليّ عليه السّلام واللّفظ جماعة ؟
قلت: جِيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً، ليرغب الناسُ في مثل فعله، فينالوا مثل ثوابه، ولينبِّه على أن سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البِرّ والإحسان وتفقّد الفقراء، حتّى إن لَزِمهم أمرٌ لا يَقبل التأخير وهم في الصلاة؛ لم يُؤخّروه إلى الفراغ منها » (75).
5 ـ قال تعالى: « يا أيُّها الرسولُ بلِّغْ ما اُنزِلَ إليكَ مِن ربِّك... » (76).
صرّح أئمّة التفسير والحديث أنّها نزلت في بيان فضل الإمام عليّ عليه السّلام يوم الغدير، حيث أخذ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله بيد عليّ عليه السّلام وقال: « مَن كنتُ مَولاه، فعليٌّ مولاه، اَللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وآنْصُرْ مَن نَصَره، واخذلْ مَن خَذَله، وأدِرِ الحقَّ مَعَه كيف مادار » (77).
وبهذا التنصيب الإلهي لعلي ـ حسب هذا النص القرآني ـ يثبت أنه عليه السّلام هو الأفضل بعد الرسول صلّى الله عليه وآله من غيره.
6 ـ وقال تعالى:
إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكُمُ الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطَهِّرَكُم تَطهيراً
(78).
إن الآية تنصّ على حصر إرادة الله تعالى هنا في إذهاب الرجس عن أهل البيت، وتطهيرهم تطهيراً كاملاً شاملاً، وهذا الحصر إنّما هو بالنسبة إلى ما يتعلّق بأهل البيت، وإلاّ فإن لله تعالى إرادات تشريعيّةً وتكوينيّة، غيّرها بالضرورة، فالمعنى أن إرادة إذهاب الرجس والتطهير مختصّة بهم دون غيرهم، فتصير في قوّة أن يُقال: يا أهل البيت، أنتمُ الذين يُريد اللهُ أن يذهب عنكمُ الرجسَ ويُطهِّرَكم من الأدناس. فالإرادة هذه تكوينيّة لا محالة، فإن الإرادة التشريعيّة للتطهير لا تختصّ بقومٍ دون قوم، أو بيتٍ دون بيت. والإرادة التكوينية منه تعالى لا تنفكّ عن المراد، فتطهير أهل البيت من الرجس أمر واقع بإرادة الله تعالى، فهم المعصومون من الذنوب والآثام والأخطاء.
هذا هو الظاهر من نفس الجملة بصرف النظر عمّا قَبلها.
وروايات نزولها في أهل البيت ـ أهل بيت الوحي المطهّرين، النبيّ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ـ دون غيرهم كثيرة جداً، تربو على سبعين حديثاً من طرق الفريقين، وإذا لم يكن مثل هذه الروايات معتمَداً عليها فبأيّ حديث بعده يؤمنون ؟!
وهذه الروايات التي روتها الشيعة بطرقهم عن أمير المؤمنين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وعليّ بن موسى الرضا عليهم السّلام، عن أُمّ سلمة وأبي ذرّ وأبي ليلى وأبي الأسود الدؤليّ وعمر بن ميمون الأوديّ وسعد بن أبي وقّاص، وروتها السنّة بأسانيدهم عن أُمّ سلمة وعائشة وأبي سعيد الخُدْريّ وسعد ووائلة بن الأصقع وأبي الحمراء وابن عبّاس وثوبان مولى النبيّ صلّى الله عليه وآله وعبدالله بن جعفر وعليّ بن أبي طالب والحسن بن عليّ عليهم السّلام، كلّها تدل على أن الآية نزلت في الخمسة الطيبة: رسول الله وابن عمه عليّ وبنته فاطمة وسبطَيه الحسنين عليهم السّلام، وهم المرادون بأهل البيت دون غيرهم (79).
روى عبدالله بن أحمد بن حنبل في مسنده عن أبيه عن شدّاد أبي عمّار، قال: دخلتُ على وائلة بن الأصقع وعنده قوم فذكروا عليّاً، فلمّا قاموا قال: ألا أُخبرك بما رأيتُ من رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمةَ ـ رضيَ الله تعالى عنها ـ أسألها عن عليّ، قالت: توجه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله. فجلستُ أنتظره، حتّى جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله ومعه عليّ وحسن وحسين ـ رضي الله تعالى عنهم ـ آخذاً كلُّ واحد منهما بيده، حتّى دخل، فأدنى عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كلُّ واحد منهما على فخذه، ثم لفّ عليهم ثوبه ـ أو قال: كساءاً ـ ثمّ تلا هذه الآية:
إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تَطهيرا
، وقال: « اَللّهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي، وأهلُ بيتي أحقّ » (80).
وبهذا يحوز الإمام صلوات الله عليه على مَلَكة العصمة، والتي تكفي برهاناً على أنه الأفضل على من وجه الأرض دون رسول الله صلّى الله عليه وآله.
7 ـ قوله تعالى:
فمَن حاجَّكَ فيهِ مِن بعدِ ما جاءكَ مِن العلمِ فقُلْ تَعالَوا نَدْعُ أبناءنا وأبناءَكم ونساءَنا ونساءَكم وأنفسَنا وأنفسَكم ثمّ نَبتَهِلْ فنَجْعَلْ لعنةَ اللهِ على الكاذبين
(81).
يتضمن الأمر بدعوة الأبناء والنساء والأنفس ـ بصيغ الجمع في الجميع ـ وامتثال هذا الأمر يقتضي إحضار ثلاثة أفراد من كلّ عنوان لا أقل منها، تحقيقاً لمعنى الجمع، لكن الذي أتى به النبيّ صلّى الله عليه وآله في مقام امتثال هذا الأمر على ما يشهد به صحيح الحديث والتاريخ لم يكن كذلك، وليس لفعله صلّى الله عليه وآله وجه إلاّ انحصار المصداق في ما أتى به. فالآية بالنظر إلى كيفية امتثالها بما فعل النبيّ صلّى الله عليه وآله تدلّ على أن هؤلاء هم الذين كانوا صالحين للاشتراك معه في المباهلة، وأنهم أحبُّ الخلق إليه، وأعزّهم عليه، وأخصّ خاصته لديه، وكفى بذلك فخراً وفضلاً.
ويؤكّد دلالتَها على ذلك أنّه صلّى الله عليه وآله كان له عدّة نساء ولم يأتِ بواحدة منهن سوى بنتٍ له، فهل يُحمَل ذلك إلاّ على شدّة اختصاص فاطمة الزهراء عليها السّلام به، وحبّه لها لأجل قربها إلى الله وكرامتها عليه؟!
كما أن انطباق عنوان « النَّفْس » على الإمام عليّ عليه السّلام لا غير، يدلّ على أعظم فضيلة وأكرم مزية له عليه السّلام، حيث نزل منزلة نَفْس النبيّ صلّى الله عليه وآله (82).
ويؤيده ما رواه الفريقان عن رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث قال لعلي عليه السّلام: « أنت منّي بمنزلةِ هارونَ مِن موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بَعدي » (83) وقوله « أنت منّي وأنا منك » (84).
وقد احتجّ مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام بهذه الفضيلة يوم الشورى، واعترف بها القوم ولم ينكروا عليه. وقد بلغ الأمر من الوضوح مبلغاً لم يبق فيه مجال للإنكار من مثل ابن تيمية، فقد اعترف بصحة الحديث القائل: بأن نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله في الآية هو عليّ عليه السّلام، إلاّ أنّه جعل مِلاك التنزيل هو القرابة، ولمّا التفت إلى انتقاضه بعمّه العباس حيث إن العمّ أقرب من ابن العم قال: « إن العباس لم يكن من السابقين، ولا كان له اختصاص بالرسول صلّى الله عليه وآله كعليّ ». فاضْطُرّ إلى الاعتراف بأنّ مناط تنزيل الإمام عليّ عليه السّلام منزلةَ نَفْس النبيّ (85) ليس هو القرابة فقط بل سِبقه إلى الإسلام واختصاصه بالنبيّ صلّى الله عليه وآله، وهل يكون اختصاصه به صلّى الله عليه وآله إلاّ لأجل أفضليّته من غيره وأقربيّته إلى الله سبحانه ؟! (86)
ثم إن في قوله تعالى:
نَدْعُ أبناءنا...
إشارة إلى أنّ لغيره صلّى الله عليه وآله شأناً في الدعوة إلى المباهلة، حيث أضاف الأبناء والنساء إلى ضمير المتكلّم مع الغير، مع أن المحاجّة كانت معه صلّى الله عليه وآله خاصّة، كما يدلّ عليه قوله تعالى:
فمَن حاجَّكَ..
. وهذا هو الذي يستفاد من قوله تعالى:
ويَتْلُوه شاهدٌ مِنه
(87) وقوله تعالى:
قلْ هذهِ سبيلي أدْعُو إلى اللهِ على بصيرةٍ أنا ومَنِ آتَّبَعني
(88). كما يؤيده ما ورد فيها من الروايات، وهو مقتضى إطلاق التنزيل في قوله صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السّلام: « أنت منّي بمنزلةِ هارونَ مِن موسى ».
ويؤيّد ذلك قولُه تعالى:
فنَجْعَلْ لعنةَ اللهِ علَى الكاذبين
، فإنّ المراد بالكاذبين هنا ليس كلّ مَن هو كاذب في كل إخبارٍ ودعوى، بل المراد هم الكاذبون المغرضون في أحد طرفَي المحاجّة والمباهلة، فلا محالة يكون المدعي في كلا الجانبين أكثر من واحد، وإلاّ لكان حق الكلام أن يقال مثلاً: « فنجعلْ لعنةَ الله على مَن هو كاذِب » حتّى يصحّ انطباقه على الفرد أيضاً. فالمشتركون مع النبيّ صلّى الله عليه وآله في المباهلة شركاءُ له في الدعوى.
وحيث أنّ المحاجّة إنّما وقعت بين النبيّ صلّى الله عليه وآله وبين النصارى لا لمجرد الدعوى، بل لأجل دعوتهم إلى الإسلام، وأنّ الحضور للمباهلة كان تبعاً لتلك الدعوى والدعوة، فحضور مَن حضر أمارة على كون الحاضرين مشاركين له في الدعوى والدعوة معاً.
والروايات التي صدرت من الصحابة في آية المباهلة كثيرة جدّاً، كرواية جابر بن عبدالله والبُراء بن عازب، وأنس بن مالك، وعثمان بن عفّان، وعبدالرحمان بن عوف، وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقّاص، وعبدالله بن عبّاس، وأبي رافع مولى النبيّ صلّى الله عليه وآله.. وغيرهم، ورواية جمع من التابعين عنهم كالسدي والشعبي والكلبيّ وأبي صالح، وإطباق المحدّثين والمؤرخّين والمفسّرين على إيداعها في موسوعاتهم، كمسلم والترمذي والطبريّ وأبي الفداء والسيوطيّ والزمخشريّ والرازيّ باتّفاق الروايات وصحّتها (89).
قال جابر: فيهم نزلت
نَدْعُ أبناءنا وأبناءَكم
قال جابر: ( أنْفُسَنا ) رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السّلام، و ( أبناءَنا ) الحسن والحسين عليهما السّلام، و ( نساءَنا ) فاطمة عليها السّلام (90).
8 ـ قوله تعالى:
إنّ الذينَ آمَنوا وعَمِلوا الصّالحاتِ أُولئكَ هُمْ خَيرُ البريّة
(91). عن جابر بن عبدالله قال:
« كنّا عند النبيّ صلّى الله عليه وآله فأقبل عليّ بن أبي طالب، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: « قد أتاكم أخي »، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: « والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة »، ثم قال: « إنّه أوّلُكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلُكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مَزيّة ». قال: ونزلت « إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ أُولئك هم خيرُ البريّة »، قال: فكان أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وآله إذا أقبل عليٌّ قالوا: قد جاء خيرُ البريّة » (92).
الأمر الثالث: تصاريح عامة من السنّة النبويّة تؤكّد فَضْل الإمام عليٍّ عليه السّلام على الصحابة
ليس غرضنا استعراض كامل الروايات الصادرة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في حقّ الإمام عليّ عليه السّلام، أو التي يُكتشف منها عمق العلاقة بينهما وخصوصيتها، أو أن عليّاً عليه السّلام ذلك النموذجُ الإلهيّ المختار لحمل الأمانة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، بل غرضنا انتخاب بعض النماذج الروائيّة التي أظهر أو أفرز فيها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله أفضليّةَ الإمام عليّ عليه السّلام على الصحابة، لا لشيء وإنما سعياً منه صلّى الله عليه وآله لتبليغ الأُمّة بما يُريده الله سبحانه، فمِن تلك الروايات:
1 ـ عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله جمع قريشاً ثمّ قال: « لا يؤدّي أحدٌ عنّي دَيني إلاّ عليّ » (93).
2 ـ عن عبدالله قال:
وطرَقَ الإمامُ عليّ عليه السّلام البابَ على رسول الله صلّى الله عليه وآله في بيت أُمّ سَلَمة، حيث أمرها صلّى الله عليه وآله في فتح الباب له معلّقاً بأنّ الطارق رجلٌ يحبّ اللهَ ورسولَه، ولمّا دخل، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « يا أُمّ سلمة، أتعرفونه ؟ » قالت: نعم يا رسول الله، هذا عليُّ بن أبي طالب، قال: « صدقتِ، سيّدٌ أُحبّه، لحمُه مِن لحمي، ودمُه من دمي، وهو عَيبةُ بيتي، اِسمعي وآشْهَدي، وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين مِن بَعدي، فآسمعي واشهدي، وهو قاضي عِداتي، فاسمعي واشهدي، وهوَ واللهِ يُحيي سُنّتي فاسمعي واشهدي، لو أن عبداً عَبَدَ اللهَ ألفَ عام، بعد ألف عام، وألفَ عام بين الركن والمَقام، ثمّ لقيَ اللهَ مُبغضاً لعليّ بن أبي طالب وعترتي، أكبَّه اللهُ على مَنخَرَيه يومَ القيامة في نارِ جهنّم » (94).
3 ـ ما روي عن الإمام عليٍّ عليه السّلام أنّه قال: « جاء النبيَّ أُناسٌ من قريش، فقالوا: يا محمّد إنّا جيرانك وحلفاؤك، وإن مِن عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه، إنما فرّوا من ضياعنا وأموالنا فآردُدْهم إلينا، فقال لأبي بكر: ما تقول ؟ قال: صدقوا، إنهم لَجيرانُك وحلفاؤك. فتغير وجه النبيّ صلّى الله عليه وآله، ثمّ قال لعمر: ما تقول ؟ قال: صدقوا، إنهم لَجيرانك وحلفاؤك. فتغير وجه النبيّ صلّى الله عليه وآله، ثم قال: « يا معشرَ قريش! واللهِ لَيَبعثَنّ اللهُ عليكم رجلاً منكمُ آمتحنَ اللهُ قلبَه للإيمان، فيضربكم على الدين أو يضرب بعضكم ». قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله ؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو يا رسول الله ؟ قال: لا، ولكن الذي يخصف النعل. وقد كان أعطى عليّاً نعلاً يخصفها » (95).
4 ـ روى الزمخشري بإسناده فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « فاطمة مهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبَعلُها نور بصري، والأئمّة مِن وُلْدها أُمناء ربّي، وحبلٌ ممدود بينه وبين خلقه، مَن اعتصم بهم نجا، ومن تخلّفَ عنهم هوى » (96).
وبهذا يصبحون عليهم السّلام أفضلَ مَن يُعتصَم بهم، لأنّهم يقودونه نحو الهداية، وبطريق أولى يكونون عليهم السّلام أفضلَ من الذي يخالفهم من الصحابة، لأنّ الله ورسوله مع الذي يَعتصِم بهم لا مع الذي يتخلف عنهم، ومن المعلوم أن كثيراً من الصحابة لم يتخلّف عنهم فحسب وإنّما قد شن الحربَ عليهم، والإمام عليّ عليه السّلام قد وضح موقفه من بعض الصحابة كما في الخطبة المعروفة بالشِّقْشِقية، وموقفُ الزهراء عليها السّلام واضح أيضاً من خلال خطبتها في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد وفاة أبيها، حيث عكست صورة عن مدى مخالفة بعض الصحابة للإمام عليّ عليه السّلام.
5 ـ روي عن أبي سعيد الخُدْريّ أنّه قال: كنّا جلوساً ننتظر رسول الله صلّى الله عليه وآله، فخرج علينا مِن بعض بيوت نسائه، قال: فقُمنا معه، فانقطعت نعله فتخلف عليها علي يخصفها، فمضى رسول الله صلّى الله عليه وآله ومضينا معه، ثمّ قام ينتظره وقمنا معه فقال: « إنّ منكم مَن يقاتل على تأويل هذا القرآن، كما قاتلت على تنزيله » فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر، فقال صلّى الله عليه وآله: « لا، ولكنّه خاصف النعل ». قال: فجئنا نبشّره ( قال في أحدهما ) وكأنّه قد سمعه. وقال في الآخر فلم يرفع به رأساً كأنّه قد سمعه (97).
وبهذا النمط من الروايات يكتسب الإمام عليٌّ عليه السّلام الأفضليّةَ على الصحابة؛ لأنّه المتصدّي لإثبات الحقّ في مرحلة ما بعد الرسول صلّى الله عليه وآله، وعلى الصحابة أن يلتحقوا به.
6 ـ جاء عن النبيّ من عدة طرق: « إنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ » (98).
7 ـ يكشف موقفُ رسول الله صلّى الله عليه وآله من عمر وأبي بكر في مسألة تزويج فاطمة، عن مدى عناية الرسول صلّى الله عليه وآله الخاصّة بالإمام عليّ عليه السّلام دونَهما.
عن عبدالله بن يزيد عن أبيه، قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّها صغيرة. فخطبها عليٌّ عليه السّلام فزوّجها منه (99).
8 ـ قضية سدّ الأبواب باستثناء باب الإمام عليّ عليه السّلام:
في مسند أحمد عن عدّة طرق: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله أمر بسدّ الأبواب إلاّ باب عليّ فتكلّم الناس، فخطب رسول الله صلّى الله عليه وآله، فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال: « أمّا بعد، فإنّي أُمِرتُ بسدّ هذه الأبواب غيرَ بابِ عليّ، فقال فيه قائلكم! واللهِ ما سددتُ شيئاً ولا فتَحْتُه، وإنَّما أُمِرتُ بشيء فاتّبعْتَه » (100).
فترة الأقامة :
4278 يوم
زيارات الملف الشخصي :
6
إحصائية مشاركات »
خادم قمر العشيرة
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.18 يوميا
خادم قمر العشيرة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى خادم قمر العشيرة
البحث عن المشاركات التي كتبها خادم قمر العشيرة