عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2013, 12:36 PM   #2
خادم قمر العشيرة
موالي مجتهد


الصورة الرمزية خادم قمر العشيرة
خادم قمر العشيرة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Jun 2013
 أخر زيارة : 10-08-2019 (09:58 AM)
 المشاركات : 767 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



قال: « عليّ أقدمُكم سِلْماً وإسلاماً » (31).
نكتفي بهذا القدر من الأدلة الكاشفة عن قوة إيمان الإمام عليّ عليه السّلام وأفضليّته، لنرى جانبه الجهاديّ.


3 ـ مظاهر شخصية الإمام عليّ عليه السّلام في الجانب الجهادي:
أما الجهاد عند الإمام عليّ عليه السّلام، فالخوض في إثباته يجري مجرى إيضاح الواضحات وتقرير البديهيات، فإنّه لا خلاف بين جميع المسلمين وغيرهم أن الإمام عليّاً عليه السّلام في جهاده كان أشجعَ الصحابة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وأكثرَهم إقداماً، وإن كانت الشجاعة وحبّ الجهاد عند الصحابة ظاهرة بارزة في حياتهم، إلاّ أنها عند الإمام عليّ عليه السّلام تبدو قيمتها أكثر جلاءً في المهمات الصعبة وعند تراجع الآخرين وعدم قدرتهم على تجاوزها، فيتقدم الإمام عليّ عليه السّلام بتفوّقه الإلهيّ لفكّ الطوق عن المسلمين، وهذا ما تشهد به المعارك التي خاضها ضدّ المشركين وأهلِ الكتاب في بدرٍ والأحزاب وخيبر وحنين وغيرها.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله يومَ خيبر: « لأَدفعنّ الرايةَ إلى رجل يحبُّ اللهَ ورسولَه، ويفتح الله عليه، قال عمر: فما أحببتُ الإمارة قطّ قبلَ يومئذٍ، فدفعها إلى عليّ قال: قال: ولا تلتفت، فسار قريباً، قال: يا رسول الله، علامَ نقاتل ؟
قال صلّى الله عليه وآله: على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عَصَموا دماءهم وأموالَهم إلاّ بحقها، وحسابُهم على الله تعالى » (32).
وفي غزوة الخندق: ضرب الإمام عليّ عليه السّلام أروع مثالٍ لنصرة الحق، وتميّزَ به عن غيره من الصحابة، وقد عزّز الرسولُ صلّى الله عليه وآله قيمةَ هذا الحدث العظيم عندما صرّح بأن الإمام يمثّل جانبَ الحقّ كلِّه، فقد روى الجمهور:
أنه لما برز عمرو بن عبد ودّ العامري في غزوة الخندق، وقد عجز عنه المسلمون، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: « برَز الإيمانُ كلُّه إلى الشِّركِ كلِّه » (33).
ونقل أحمد بن حنبل في مسنده، قال: خطب الإمامُ الحسن عليه السّلام فقال: « لقد فارقَكُم رجلٌ بالأمس لم يَسبقْه الأوّلون بعلم، ولا يُدركه الآخِرون، كان رسولُ الله صلّى الله عليه وآله يبعثه بالراية، جبرئيلُ عن يمينه وميكائيلُ عن شماله، لا ينصرف حتّى يُفتَح له » (34).
وروى الخوارزميّ قال: حدثنا عبيدالله بن عائشة عن أبيه قال: « كان المشركون إذا أبصروا عليّاً في الحرب، عَهِد بعضُهم إلى بعض » (35).
وعن جابر بن عبدالله قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول يوم الحديبيّة ـ وهو آخذٌ بضِبْع عليّ بن أبي طالب ـ يقول: هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصورٌ مَن نَصَره، مخذولٌ مَن خَذَله. ثم مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد الدارَ فلْيأتِ الباب » (36).
وعن ابن عبّاس قال: « كان المهاجرون يوم بدرٍ سبعةً وسبعين رجلاً، وكان الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّ ابن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عُبادة » (37).
وعن ابن عباس قال: « إن راية المهاجرين كانت مع عليّ عليه السّلام في المواقف كلِّها: يوم بدر ويوم أُحد ويوم خيبر ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة، ولم تزل معه في المواقف كلِّها » (38).
ويحدثنا الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن صُحبته لرسول الله صلّى الله عليه وآله عندما عزما على كسر الأصنام التي كانت فوق الكعبة وقد صعد عليه السّلام على مَنكِبَي رسول الله صلّى الله عليه وآله:
قال عليّ عليه السّلام: « إنطلقتُ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى أتينا الكعبة، فصعد رسولُ الله صلّى الله عليه وآله على مَنْكِبي ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: إنهض. فنهضت، فلما رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله ضَعفي قال لي: إجلْس. فجلست، فنزل النبيّ صلّى الله عليه وآله وجلس لي، وقال لي: إصعد على مَنْكِبي. فصَعِدتُ على مَنكِبَيه فنهض بي. فقال عليّ عليه السّلام: إنه يُخيَّل إليّ أنّي لو شئتُ لَنِلتُ أُفقَ السماء، فصعدت على الكعبة وعليها تمثال من صفر أو نحاس، فجعلت أعالجه لأُزيله يميناً وشمالاً وقداماً ومن بين يديه ومن خلفه، حتّى استمكنتُ منه، فقال نبيُّ الله: اِقذفْه، فقذفتُ به فكسرته كما يكسر القوارير، ثمّ نزلت فانطلقتُ أنا ورسول الله صلّى الله عليه وآله نستبق، حتّى توارينا بالبيوت؛ خشيةَ أن يلقانا أحد » (39).
وتتلخّص صورة سلوك الإمام عليّ عليه السّلام بكل جوانبها الإلهيّة عندما يشبّهه رسول الله صلّى الله عليه وآله بالأنبياء عليهم السّلام، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « من أراد أن ينظر إلى آدمَ في علمه، وإلى نوحٍ في عزمه، وإلى إبراهيمَ في حِلْمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زُهده؛ فلْينظُرْ إلى عليِّ بنِ أبي طالب » (40).

4ـ مظاهر شخصية الإمام عليّ عليه السّلام في الجانب السلوكيّ والأخلاقيّ:
ولا يقتصر تفوق الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وتميّزه على الصحابة في الجوانب التي ذكرناها، وإنّما أمسى عليه السّلام بتجسيده لقيم الرسالة ومفاهيمها وأخلاقها النموذجَ والمثال الذي يثير العزيمة والهمم في نفوس الصحابة، مما كان موضع ثناء الحق سبحانه، وفيما يلي نقف على مفردات من سلوكه وأخلاقه التي تميّزه عن غيره:
1 ـ قال تعالى: ومِنَ الناسِ مَن يَشْري نفسَه آبتغاءَ مَرضاةِ الله (41).
إنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام لمّا خلفه الرسول، عندما هاجر صلّى الله عليه وآله؛ لقضاء دينه وردّ ودايعه، فبات على فراشه، وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله إلى جبرائيل، وميكائيل: إني قد آخيتُ بينكما، وجعلت عُمْرَ أحدِكما أطولَ من الآخر، فأيُّكما يُؤْثر صاحبَه بالحياة ؟ فاختار كلٌّ منهما الحياة، فأوحى الله إليهما: ألا كُنتما مثلَ عليّ بن أبي طالب، آخيتُ بينه وبين محمّد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه ويُؤْثِره بالحياة ؟ إهبطا إلى الأرض، فاحفظاه من عدوّه. فنزلا فكان جبرائيل عند رجليه، فقال جبرائيل: بخٍ بخٍ، مَن مِثْلُك يآبنَ أبي طالب! يُباهي الله بك الملائكة » (42).
2 ـ ويُطعِمونَ الطعامَ على حُبِّهِ مِسكيناً ويَتيماً وأسيراً * إنّما نُطعِمُكم لوجهِ اللهِ لا نُريد مِنكُم جَزاءً ولا شُكُوراً (43).
روى الجمهور: أن الحسنَ والحسين مَرِضا، فعادهما رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وعامّة العرب، فنذر عليٌّ صوم ثلاثة أيام، وكذا أُمُّهما فاطمة عليها السّلام وخادمتهم فضّة، لئن بَرِئا، وليس عند آل محمد صلّى الله عليه وآله قليل ولا كثير، فاستقرض أميرُ المؤمنين عليه السّلام ثلاثةَ أصوعٍ من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعاً، فخبزته أقراصاً لكل واحد قرص، وصلّى عليٌّ المغرب ثم أتى المنزل، فوُضع بين يديه للإفطار، فأتاهم مسكين وسألهم، فأعطاه كلٌّ منهم قُوتَه، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعاً آخر، فلما قدمته بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم، وسألهم القوت فتصدق كل منهم بقوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم وقُدّم الطعام للإفطار، أتاهم أسير وسألهم القوت، فأعطاه كل منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبيّ صلّى الله عليه وآله في اليوم الرابع وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة عليها السّلام قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عينُها، فقال صلّى الله عليه وآله: واغوثاه يا اَلله! أهلُ محمّد يموتون جوعاً ؟! فهبط جبرئيل، فقال: خذ ما هنّأك الله تعالى به في أهل بيتك، فقال: وما آخذُ يا جبرئيل ؟ فأقرأه هل أتى (44).
3 ـ وسئل الإمام عليّ عليه السّلام ـ وهو على المنبر في الكوفة ـ عن قوله تعالى: مِنَ المؤمنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهدوا اللهَ عليهِ، فمِنهم مَن قضى نَحْبَه ومنهم مَن ينتظر، وما بَدّلوا تَبديلاً (45). فقال: « اَللهمّ غَفْراً، هذه الآية نزلت فِيَّ وفي عمّي حمزة، وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم أُحد، وأما أنا فانتظر أشقاها يخضب هذه من هذه ـ وأشار بيده إلى لحيته ورأسه. عهد عَهدهُ إليَّ حبيبي أبو القاسم صلّى الله عليه وآله » (46).
4 ـ قوله تعالى: ... فسوف يأتي الله بقومٍ يُحبُّهم ويُحبُّونَه (47). فهذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب (48).
5 ـ قوله تعالى: هو الذي أيَّدَك بنصرِهِ وبالمؤمنين (49).
عن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش: لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، محمّدٌ عَبدي ورسولي، أيّدتُه بعليّ بن أبي طالب. وذلك قوله تعالى: هوَ الذي أيّدك بنصرِهِ وبالمؤمنين يعني عليَّ بنَ أبي طالب عليه السّلام (50).
6 ـ وقوله تعالى: هَلْ يَستوي هو ومَن يأمرُ بالعدلِ وهو على صراطٍ مُستقيم (51) عن ابن عباس أنّه عليّ عليه السّلام (52).
هذه الآية توضّح صفةَ العدالة عند الإمام عليّ عليه السّلام وهي من الصفات التي تفوّق بها، فكانت العدالة عنده عليه السّلام هي المعيارَ الذي يتحكّم في علاقاته وسلوكه ومواقفه. وبنفس المضمون: وممَّن خَلَقْنا أُمّةٌ يَهْدُون بالحقِّ وبهِ يَعْدِلُون (53)، قال الإمام عليّ عليه السّلام: « هُم أنا وشيعتي » (54).
7 ـ قوله تعالى: الذين يُنفِقُون أموالَهم باللَّيلِ والنَّهارِ سِرّاً وعَلانية (55).
رسم الإمام عليّ عليه السّلام صورة الإنفاق وطبيعته الواعية والنزيهة والتي تلبّي الغرض الإلهيّ في طريقة العمل، فكانت ممارساته عليه السّلام وعطاءاته للصدقات تراعي مقامَ المستحقّ من جهة، وتؤدّي إلى دعوة الناس للعمل بالإنفاق من جهة أُخرى، لذا كانت موضعَ مدح القرآن له من هذه الناحية، فقوله تعالى: الذين يُنفقون أموالَهم بالليلِ والنهارِ سِرّاً وعلانية روى الجمهور أنّها نزلت في الإمام عليّ عليه السّلام، كانت معه أربعة دراهم: أنفق في الليل درهماً، وبالنهار درهماً، وفي السرّ درهماً، وفي العلانية درهما » (56).
8 ـ كما أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله أمره الله تعالى بالتواضع للمؤمنين: وآخفِضْ جَناحَك لِمَنِ آتّبَعَك مِنَ المؤمنين (57).
كان أمير المؤمنين عليه السّلام كأخيه رسول الله صلّى الله عليه وآله مقتدياً بسيرته، إذ كان متواضعاً للمؤمنين في كلّ حالاته في قدرته وضعفه الظاهريَّين، وفي عزلته وحكومته، وفي حربه وسلمه...
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: عن صالح بيّاع الأكسية، إنّ جدّته لقيت عليّاً عليه السّلام بالكوفة ومعه تمرٌ يحمله، فسلّمت عليه، وقالت له: أعطني ـ يا أمير المؤمنين ـ هذا التمر أحمله عنك إلى بيتك ؟
فقال عليه السّلام: « أبو العيال أحقُّ بحمله ».
قالت: ثم قال لي: « ألا تأكلين منه ؟ ».
فقلت: لا أُريد.
قالت: فانطلق به إلى منزله، ثم رجع مرتدياً بتلك الشملة وفيها قشور التمر، فصلى بالناس فيها الجمعة (58).
9 ـ عن عبدالله بن الحسين بن الحسن قال: أعتق عليٌّ عليه السّلام في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله ألفَ مملوك مما مَجِلت يداه (59) وعرق جبينه، ولقد ولي الخلافَة وأتته الأموال، فما كان حلواه إلاّ التمر، ولا ثيابه إلاّ الكرابيس » (60).


 

رد مع اقتباس