الدليل الثالث:قالت المجبرة بأن الله خالق كل شيء و وأنه علة العلل و مبدأ كل شيء و صانعه و ليس لأحد في ذلك تأثير و لا إختيار و من جملة ما هو غير مختار بالنسبة إليه هي أفعال الإنسان فالأفعال مخلوقة لله سبحانه و تعالى و هو مبدأها و صانعها و المؤثر فيها و لا دخل لأحد في ذلك لقوله تعالى [خلق كل شيء و هو بكل شيء عليم]الأنعام10و لقوله تعالى [ألا له الخلق و الأمر]الأعراف 53 و لقوله تعالى [ذلك الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو]المؤمن62
"الجواب على هذا الدليل" قالت الشيعة الإمامية صحيح أن مبدأ و صانع كل شيء هو الله و هو علة العلل و لكن هناك كثير من الأمور و إن صح أن ا لله صانعها و واجدها و لكن لها عللها المادية أو غير المادية أيضاً بإذن الله تعالى فمثلا الله خالق نار و هو علة له و لكن النار لها عللها المادية أيضا كإحراق الحطب فكثير من الأمور صحيح أننا نعتقد بكونها معلولة و مصنوعة و مخلوقة لله و الله تعالى مبدأها و لكن نعترف بأن لها العوامل و الأسباب الطبيعية أيضا بإذنه تعالى و هكذا بالنسبة لأفعال الإنسان فالأفعال صحيح أنها مخلوقة لله و لكن لكل فعل أسباب و علل من الإنسان نفسه لأن الله شاء للإنسان أزلاً أن يكون مختاراً و لو لم يكن كذلك لما كانت الإرادة الإلهية متحققة في نظام الكائنات و لهذا نرى في القرآن الكريم آيات تنسب الفعل إلى فاعله تارة و إلى الله تعالى أيضا مثل قوله تعالى : [و الله خلقكم و ما تعملون]الصافات95 حيث دلت هذه على أن الفعل صادر و مخلوق فقط من الله سبحانه و تعالى ثم تأتي آية أخرى و تقول :[و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى]الأنفال 18 فالآية تنسب الفعل إلى الرسول ثم تنفيه ثم تنسبه إلى الحق تعالى .
و هناك بعض الآيات التي تنسب الفعل كله إلى الإنسان و تعتبره مسؤولاً عما يفعل مثل قوله تعالى :[كل نفس بما كسبت رهينة] المدثر38 و قوله تعالى :[فألهمها فجورها و تقواها*قد أفلح من زكاها* و قد خاب من دسيها]الشمس7-8-9- و هناك ما يدل على أنه فعل الإنسان و الله تعالى معاً ممثل بحول الله و قوته أقوم و أقعد و إن كان مثل هذا في التأمل من أعظم أدلة الإختيار و إن رجع أصل الفيض إلى الله تعالى .
و إذا قرأنا القرآن بتدبر و تمعن سنرى بأنه توجد ثلاثمائة آية كلها تنسب الفعل إلى الإنسان نفسه.
|