في أهمية العدل و سبب جعله من أصول الدين
الفصل الرابع
في أهمية العدل و سبب جعله من أصول الدين
*ما هو الدليل على وضع صفة العدل من أصول الدين؟
قد تسائل الكثيرون بأنه لماذا وضعت صفة العدل دون غيرها من الصفات بين الأصول الخمسة فله سبحانه و تعالى تسع و تسعون صفة فهو خالق و رازق و قدوس و بارء و بديع و ...الخ، لماذا إختار العلماء فقط صفة العدل و وضعوها من جزء الأصول الخمسة للدين الإسلامي ؟
هناك دلائل مختلفة قد سببت الإهتمام بصفة العدل:
الدليل الأول : لو نظرنا إلى هذا العالم نظرة تأمل لرأينا صفات الله تعالى ظاهرة على كل موجود مهما كان صغيرا أو كبيرا فمن باب المثال صفة الرحمن و صفة الرحيم ظاهرتين على كل شيء لكن نرى في مقابلهما صفة المنتقم و الجبار أيضا من الصفات البارزة على وجه الكون و من هذا نستنتج أن للعالم توازنا غريبا و كما نعرف فإن معنى العدل هو الإتزان و وضع كل شيء في مكانه الأنسب فلو كان الله فقط رحمانا أو فقط رحيما و لم يكن جبارا منتقما لرأينا الفساد يحل على الأرض و كذا لو كان الله فقط جبارا منتقما و لم يكن رحيما لرأينا الظلم سائدا على الأرض و على الكون لكنه سبحانه و تعالى منزه عن النقص و العدل من صفاته الذاتية فهو كله عدل و ذاته كلها عدل فهو لا يحتاج إلى شيء حتى يطبق عليه العدالة حتى يقال له عادل بل هو عادل كان له ما يطبق عدالته عليه أو لم يكن فليس الله بظلام للعبيد و هو يقول عزوجل [ و لا يظلمون فتيلا] و من هذا كله نستنتج أن الصفات الإلهية مهما تنوعت و تعددت فهي كلها ذاتية كانت أو فعلية ترجع بالنتيجة و المآل إلى صفة العدل فلو لم يكن الله عادلا لزاد في بعض الصفات أو نقص في بعضها الآخر و لرأينا الظلم و الفساد على الكون و لرأينا عدم النظام و التدبير جاريا عليه و حيث أن الأرض متوازنة في الصفات نقول أن صفة العدل تشبه الكلي الذي ترجع إليه الجزئيات الكثيرة و العدل ما بين الصفات الإلهية كلي ترجع إليه باقي صفات الله تعالى من الفعلية و الذاتية.
الدليل الثاني :توقف التوحيد على العدل و العدل على التوحيد كما ذكرنا و توقف المعاد على العدل فلو لم يكن الله عادلا لما كان هناك معنى لوجود المعاد فلأنه عادل قال [و من يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره] فهو قد وضع المعاد على أعمدة و موازين صفة العدل .
و أيضا توقف النبوة على العدل فلو لم يكن الله عادلا لما أرسل إلينا رسولا يهدينا من الضلالة إلى الهدى و من الظلمة إلى النور و يكون شارحا للبطون السبع و السبعين للقرآن الكريم و لما أرسله أعلى درجة حتى من الملائكة المقربين كجبرائيل (ع) فالرسول الأعظم معجزة لم تأت لا قبلها و لا بعدها معجزة مثلها و أن تتكرر مثل هذه المعجزة مرة أخرى على وجه الأرض إلى قيام يوم القيامة بل و لا في عالم الإمكان فالرسول الأعظم المجلى الأتم و المظهر لوحدانية الحق تعالى .
الدليل الثالث: صفة العدل تقسم إلى قسمين::
1- العدالة الإلهية: العدالة الإلهية بنفسها تقسم إلى أقسام أ: العدالة في دار الدنيا ب: العدالة في عالم البرزخ ج: العدالة في عالم المثال و المجردات د:العدالة في يوم القيامة.
2- عدالة الإنسان على وجه الأرض لكن بأسس و موازين إلهية لأن الإنسان قاصر عن درك جميع الأشياء فيأخذ موازين العدالة من الله لأن الله عالم بما كان و ما يكون و عالم بما هو قبيح و ما هو حسن بالفعل و الواقع و عالم ...الخ، و العدالة الإنسانية أيضا لها أقسام مثل أ:العدالة الإجتماعية و المدنية ب:العدالة القضائية ج:العدالة الإقتصادية د: العدالة السياسية و لكل قسم علم خاص به فلمعرفة طرق العدالة لأي واحد من هذه الأنواع علينا قراءة العلم المختص به .
|