خادم الحسين
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1
|
تاريخ التسجيل : May 2010
|
أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
|
المشاركات :
2,305 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
تفصيل كلام في السكينة.
ص 29
وإذ قد عرفت أن قول النبي لأبي بكر إن الله معنا هو تهديد له,فلا محالة من كون السكينة تخص الرسول الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم وحده, تطميينا" منه سبحانه له.
اولا :
والسكينة قد جاءت عقيب التهديد, ولا يمكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصدر منه التهديد إلا بعد بلوغه الغاية في الوعظ والإرشاد, والتذكير والتنبيه , ومع وصول الحال إلى التهديد فإن أمرا" ما كان يتكرر وقوعه من أبي بكر أوجب انزعاج سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وهو ما يدل عليه جدا" التعبير بصيغة المضارع كما تقدم, فما هو ذاك الأمر يا ترى , الذي احتاج معه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإنزال السكينة عليه , وتأييده بالجنود!
ثم إن من الواضح جدا" أن الضمائر في قوله تعالى *<تنصروه>* و *<نصره>* و*<أخرجه>* و*<صاحبه>* و*<وأيّده>*, راجعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم , فما معنى أن يكون الضمير في لفظ *<سكينته>* الواقع وسط الكلام راجعا" إلى أبي بكر!
وكيف يصح أن تعود الضمائر المتقدمة والتأخرة على الضمير في قوله تعالى *<سكينته>* على النبي صلى الله عليه وآله وسلم , ويعود الضمير الوارد وسط الكلام على غيره, والمفروض أنه لا قرينة تصرف عما هو مقتضي الظاهر.
بمعنى أن سياق الآية يقضي برجوع الضمير في *<سكينته>* على ما ترجع إليه بقيمة الضمائر في الآية ,ورجوع الضمير في *<سكينته>*على خلاف ذلك يتوقف على وجود قرينة تدل على التفريق في ما يرجع الضمير إليه , ولا قرينة في الأية.
ثانيا":
رجوع الضمير إلى أبي بكر يعني تخصيصه بالسكينة دون الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم,
وهذا يعني تفضيل أبي بكر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو لا يصح.
ثالثا":
إن السكينة نحو كرامة من الله تعالى يخص المؤمن المطيع, فيما معنى أن ينزل سبحانه السكينة على أبي بكر وهو الذي كان في حزنه عاصيا", غير منته عن زجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم له!
لعلك تقول: ولكن المناسب لخوف أبي بكر أن يخصه الله تعالى بالسكينة.
فنجيب:
ص30
أولا":
لماذا تخصيص السكينة بمورد وجود الخوف؟فإنه لا يلزم عن إنزال السكينة وجود الخوف والاضطراب.
ثانيا":
لم يذكر الله تعالى في آية غزوة حنين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان خائفا", وقد ثبت هناك نزول السكينة عليه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى المؤمنين معه, قال سبحانه: *<لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا" وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين* ثمّ أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين>*(1).
فإذا كان الدليل على أن السكينة قد نزلت على أبي بكر لأنه كان هو الخائف, فما بال السكينة نزلت في حنين على رسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ولم تتحدث الآية عن خوفه هناك!
ثالثا":
نزول السكينة على أبي بكر لأنه كان خائفا"معنى يمكن أن نرى صحته فيما لو كان أبو بكر ممدوحا" مشكورا" في حزنه وخوفه,ولكنك عرفت أنه كان منهيا" عن خوفه, فهل جزاء الذي يرتكب أمرا" منهيا" عنه هو نزول السكينة عليه!
وبعبارة أخرى: إن أبا بكر حيث كان منهيا" عن خوفه فلا يكون من المولى سبحانه تخصيصه بالسكينة الموجبة لرفع القلق والاضطراب, فإنه لم يكن ذا قلق محمود حتى يبادر المولى تعالى بإنزال السكينة عليه, تهدئة" لروعه, وتطمينا" لقلبه, وشكرا" منه تعالى له على عاطفته.
الفهرس
(1)سورة التوبة الآية 25-26.
ص 31
رابعا":
إننا سمعنا المولى سبحانه يذكر في كتابه نزول السكينة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى المؤمنين , *<فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين>*(1), *<ثمّ أنزل جنودا" لم تروها>*(2),فما معنى تخصيص أبي بكر بالسكينة هنا دون الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم!
خامسا":
إننا وجدنا في كتاب الله تعالى أن السكينة تنزل على الشخص حال كونه مطيعا" لأمر ربه, مشكورا" في موقفه, *<هو الّذي أنزل السّكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا" مع إيمانهم>*, *<لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السّكينة عليهم وأثابهم فتحا" قريبا">*(3), فما معنى أن تنزل السكينة على أبي بكر وهو غير مطيع لأمر ربه, ولا منته عن نهي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم!
سادسا":
إن نزول قوله تعالى *<فأنزل الله سكينته عليه>* في أبي بكر, قد كذّبته ابنته عائشة, وهي الصادقة في حق أبيها.
الفهرس
(1)سورة الفتح الآية 26.
(2)سورة التوبة الآية 26.
(3)سورة الفتح الآية 4و18.
ص 32
فقد أخرج البخاري بإسناده عن يوسف بن ماهك, قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب, فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبابيع له بعد أبيه,فقال له عبد الحمن بن أبي بكر شيئا", فقال: خذوه ,فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه, فقال مروان: إنّ هذا الذي أنزل الله فيه*<والّذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني>*(1),فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا" من القرآن ,إلا أنّ الله أنزل عذري(2).
أقول : فهذه عائشة تنفي كون أبي بكر مقصودا" بآية السكينة.
ولكن قد حرّف ابن حجر المقال, إذ قال بعد أن أورد الحديث: وقد شغب بعض الرافضة , فقال : هذا يدل على أن قوله ثاني اثنين ليس هو أبا بكر , وليس كما فهم هذا الرافضي,إلى أن قال: والمراد نفي إنزال ما يحصل به الذم(3).
أقول: يا للعجب, إذا كان مراد عائشة نفي إنزال ما يحصل به الذم, فلماذا ذكرت آية عذرها في حديث الإفك, وهي آية تفيد مدحها كما يزعمون!
الفهرس
(1)سورة الأحقاف الآية 17.
(2)صحيح البخاري ج 6 ص 42, الدر المنثور ج 6 ص 41.
(3)فتح الباري ج 8 ص 443.
ص 33
وما معنى أن يكون مرادها نفي نزول الذم فقط, ثم تستثنينزول خصوص آية العذر ,فهل أن آية عذرها ذامة لها!
وأما ما ذكره من أن الرافضي ينكر كون أبي بكر هو ثاني اثنين, فهو محض افتراء, فإننا _ الرافضين للباطل جميعا"_نقرّ ونعترف بكون الثاني هو أبو بكر.
وبهذا ننتهي من الجواب عن الأمر التاسع.
وأما الجواب عن الأمر الثامن وهو أن خوف أبي بكر كان فرضا" محتملا" ولم يقع فعلا" ,فلا يستأهل جوابا" لمخالفته لصريح القرآن ,حيث أثبت المولى تعالى نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر عن خوفه وحزنه الذي تحقق منه فعلا".
وأما الجواب عن الأمر العاشر ,وهو إمكان رجوع الضمير في سكينته على غير ما ترجع إليه الضمائر السابقة واللاحقة, فحاصله أننا لا ننكر إمكان رجوع الضمائر في جملة واحدة إلى أكثر من واحد,غايته أن ذلك يكون مع وجود القرينة, ونحن نطالب القرطبي ومن حذا حذوه أن يأتينا بمورد واحد من الكتاب الكريم على ما ذكره.
فإن القرطبي ادعى زورا" أن اختلاف مرجع الضمير قد وقع كثيرا" في القرآن الكريم,فإن أراد أن ذلك كان مع وجود قرينة فلا نضايقه, وإن أراد أنه وقع أيضا" مع عدم وجود قرينة فليأتنا بمورد واحد , لا نريد أكثر.
ص 34
خلاصة الكلام:
ويتخلص مما ذكرناه بنحو مختصر جدا", أنه لم يدل دليل على خروج أبي بكر من المعاتبة بعد دخوله, والآية لم تتحدث عن نصرة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم, وحزنه حيث كان منهيا" عنه يثبت أنه كان به عاصيا", والسكينة منحة من الله تعالى للمطيع حال إطاعته, وكون أبي بكر ثانيا" في العدد لا فضيلة فيه, وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له إن الله معنا جاء عقيب تكرار نهيه إياه عن الحزن, والمناسب لما يأتي عقيب النهي المتكرر هو التهديد والوعيد, لا التطمين للخاطر والتطييب.
وليكن معلوما" أننا ناقشنا الآية من جهة تمسك أبناء العامة بها كدليل على ثبوت فضيلة بها لأبي بكر الصدّيق, ولم نبحث في الآية من جهة إفادتها ذما" له, كما أننا رأينا أنفسنا في مندوحة عن استعراض بعض النصوص التي وردت في كتبهم مما تشير بحسب زعمهم إلى مدح أبي بكر, ذلك أنه بعد وضوح الآية في ما ذكرناه,فإنه تبطل تلك الروايات ويستبين للمنصف اختراعها,وعليه فلا ضرورة تلزمنا بالإطالة في مناقشة أخبار مخالفة لصريح القرآن الكريم,والحمد لله وحده, والصلاة والسلام على حبيبه سيدنا محمد وآله.
|