عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-16-2012, 05:47 PM
عقيلة الطالبيين
موالي فعال
عقيلة الطالبيين غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5406 يوم
 أخر زيارة : 08-16-2023 (09:31 AM)
 المشاركات : 451 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي السؤال: معنى قوله داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء



احمد / جورجيا
السؤال: معنى قوله داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء
ورد عن الإمام علي (ع) في كلام له , في معرض التنزيه لله تعالى ؛ حيث قال (ع) " داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء , وخارج عن الأشياء لا كشيء خارج من شيء ...؟
فما معنى هذا القول؟
ثم ما هو المقصود بمصطلح "وحدة الوجود " وما هو الموقف الإسلامي نم القائلين بوحدة الوجود؟
الجواب:
الاخ احمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما عن الشق الأوّل من السؤال , فنقول : لا بد أولاً من ملاحظة نص الحديث كاملاً , كما ورد في محله .
فقد أورد الكليني (قده) في الأصول من الكافي الحديث هكذا :"سئل أمير المؤمنين (ع) , بم عرفت ربك ؟ قال : بما عرّفني نفسه . قيل : كيف عرّفك نفسه ؟ قال : لا يشبهه صورة ولا يحسّ بالحواس ولا يقاس بالناس ؛ قريب في بعده بعيد في قربه , فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه , أمام كل شيء ولا يقال له أمام , داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء , وخارج من الأشياء لا كشيء خارج ٍ من شيء , سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره , ولكلّ شيء مبتدء " (أصول الكافي ج1 ص 85 باب "أنه لا يعرف إلّا به ").
هذا تمام الحديث ولبيان المراد من كلام الإمام الوارد في السؤال نقول :أما قوله : "داخل في الأشياء " .
فالمعنى أنه لا يوجد أي شيء من الأشياء , ولا أي جزء من أجزاء العالم خارج تصرف وتدبير الله (سبحانه وتعالى) , ولا خارج حضوره العلمي , ولا يمكن لأي شيء أن يستغني في وجوده عن فيضه تعالى .
وأما قوله : " لا كشيء داخل في شيء".
أي هو داخل في الأشياء لا على نحو دخول الجزء في الكل - كدخول الدسم في الحليب - ولا على نحو دخول العارض في المعروض - كدخول الحرارة ونفوذها في الماء - ولا على نحو دخول المتمكن في المكان - كالجلوس على السرير - لأن هذه الأقسام الثلاثة حالاتٌ وصفات لأجسام , وهو تعالى منزه عن ذلك .
وأما قوله :"خارج عن الأشياء" .
فبمعنى أن ذاته المقدسة بعيدة عن أن يكون متلبّسة ً بالأشياء , ومنزهة ً عن الاتصاف بصفاتها .
وقوله :" لا كشيء خارج ٍ من شيء" .
فإنه سبحانه وتعالى خارج عن الأشياء لا على نحو الخروج المتعلق بالبعدين المكاني والانتقالي , فهو مع الأشياء وقيّومٌ عليها . وقريب منها ومحيط بها , ولكن دون شبيه أو نظير وهو سبحانه مباين لجميع الأشياء بلا نظير .
ولتقريب المعنى وجعله أوضح , يمكن لنا أن نستعين بمثال ٍ يوضح المقصود , وهو مأخوذ من علاقة الروح بالبدن أو النفس الناطقة بالجسد .
فمن المؤكّد أن كافة أعضاء الجسد خاضعة في التصرف والتدبير للنفس وهي محيطةٌ به من كل جانب , ولكن في نفس الوقت لا نستطيع أن نقول إن الروح أو النفس هي في الجزء الفلاني من الجسد دون الجزء الآخر .
وبهذا المعنى نستطيع القول إن الروح هي في الجسد , وخارجه , أي داخلة فيه على نحو السيطرة والإحاطة والتدبير , وخارجة عنه على نحو الانفصال والمغايرة , ولكن دون أن يشبه دخولها وخروجها الحالات الثلاثة التي مرّت معنا آنفاً في صفات الأجسام (أي دخول الجزء في الكل والعارض في المعروض والمتمكن في المكان ) .
وبكلام أوضح : إن الروح قريبة للجسم من حيث التصرف والإحاطة وبعيدة عنه
من حيث مقام الذات والاستقلال , وتنزهها عن عوارض الجسد .
ولا يخفى أن قرب الخالق (جل وعلا) نسبة ً لأشياء العالم وأجزاءه , هو فوق قرب الروح وبعدها عن الجسد , وإذا كان الإنسان عاجزا ً من إدراك كيفية قرب وبعد الروح عن الجسد , فسيكون بشكل ٍ أولى عاجزا ً عن إدراك كيفية قرب وبعد الله سبحانه وتعالى , فسبحان الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن .
وأما من الشق الثاني من السؤال , فإن القائلين بوحدة الوجود ليسوا على مذهب ٍ واحد . فإن البعض منهم يقول :" إن الوجود الحقيقي واحد , والموجودات الكثيرة , هي صور وتجليات للموجود الحقيقي الواحد , ويمثلون ذلك " بالبحر وأمواجه " فالبحر في مقام الوجود الحقيقي والموج المتكاثر تجليات وصور لحقيقة البحر ".
وهذا الكلام يرفضه العقل , فإن العقلاء لا يمكنهم التصديق بأن كل هذه الموجودات الكثيرة بمناشئها المختلفة وآثارها الخاصة والمتنوعة , هي وهم . وأن الوجود الحقيقي لا يعدو أن يكون وجودا ً واحدا ً .
وأما تمثيلهم بالبحر وأمواجه , أو غير ذلك مما يدلّ على المقصود ويكشف عن المراد فلا يلتفت إليه ولا يكترث به , فهو تعالى (( ليس كمثله شيء )) ( أي دخول الجزء في الكل والعارض في المعروض والمتمكن في المكان ) و (( سبحان الله عمّا يصفون )) (الشورى:11) .
هذا مضافا ً إلى أن نقول " بوحدة الوجود " يستلزم الخروج عن الدين عند بعض الفقهاء , فقد ورد في مستمسك العروة الوثقى , للمرحوم السيد الحكيم ( قده ) ( وهو من كبار مراجع التقليد في النجف الاشرف توفي سنة 1390 هـ .
والمستمسك كتاب في الفقه الاستدلالي , وهو شرح على العروة الوثقى للسيد اليزدي (قده) قوله حول هذه المسألة بعد أن عدّد آراء القائلين بوحدة الوجود ( مستمسك عروة الوثقى ج 1 ص ) يقول ( رحمه المولى ) : " حسن الظن بهؤلاء القائلين بالتوحيد الخاص والحمل على الصحة المأمور به شرعا ً , يوجبان حمل هذه الأقوال على خلاف ظاهرها , وإلّا كيف يصح على هذه الأقوال وجود الخالق والمخلوق , والآمر والمأمور والراحم والمرحوم ".
ودمتم في رعاية الله




رد مع اقتباس