السؤال: بعض الأوهام حول الخمس وجوابها
عبد العزيز / السعودية
السؤال: بعض الأوهام حول الخمس وجوابها
هل ممكن ان تردو هذي الشبهة خلال دراستي النظرية، ومعايشتي الميدانية للواقع الشيعي في بلادنا اكتشفت ثماني حقائق خطيرة ومثيرة عن خمس المكاسب، ومع ذلك فهي مجهولة تماماً لدى جميع الذين يقومون بدفعه وأدائه إلى المجتهدين أو (السادة) المنتسبين إلى بيت أمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه.
تأتي أهمية هذه الحقائق من أنها إذا عرفت أو انتشرت فإنها ستحدث انقلاباً كاملا في النظرة، والمفهوم القديم (للخمس). وسينذهل من يطلع عليها من الفرق الهائل بين التقاليد الموروثة، والحقائق المجهولة! ولا يحتاج بعدها إلا إلى شيء من
الجرأة والاستقلالية في الرأي للتمرد على الموروث الخاطئ من أجل الحقيقة الصحيحة.
الحقيقة الأولى:
إن أداء خمس المكاسب إلى الفقيه لا يستند إلى أي دليل، ولا أصل له بتاتاً في أي مصدر من المصادر الروائية الشيعية المعتمدة(1). وبعبارة أصرح وأوضح:
إن هذا الأمر لا يستند ولو إلى نص واحد، أو دليل منقول عن (الأئمة المعصومين) - الذين ينبغي ان يكون اعتماد (المذهب) عليهم، ومرجع فتاوي علمائه لا سيما في الأمور العظيمة إليهم يدل، أو يشير مجرد اشارة إلى ما يفعله جمهور الشيعة
اليوم طبقاً إلى الفتاوي التي توجب على المقلد اعطاء خمس ارباحه وأمواله وكسبه إلى الفقيه، إذ لا وجود لهذا النص في أي مصدر من المصادر الروائية المعتمدة.
فهل تصدق؟!!
الحقيقة الثانية:
وهي أعظم وأعجب! وبقدر ما هي كذلك فهي مجهولة أو مستورة بحيث لا يعرفها أحد من الجماهير التي تعتقد بوجوب دفع (الخمس)… هذه الحقيقة هي:
إن كثيراً من النصوص الواردة عن (الأئمة) تسقط (الخمس) عن الشيعة وتبيحه لهم، خصوصاً في زمن (الغيبة) إلى حين ظهور (المهدي المنتظر).
الحقيقة الثالثة:
وهي أعظم وأطم!! إن هذه النصوص تجعل أداء (الخمس) لـ(الإمام) نفسه وفي حالة حضوره الاستحباب، أو التخيير بين الأداء والترك وليس الوجوب!
الحقيقة الرابعة:
وهي غريبة حقاً وملفتة للنظر بشكل مثير!!
هل تعلم أن أحداً من علماء (المذهب) الأقدمين الذين قام عليهم المذهب وتكوَّن؛ كالشيخ المفيد (ت413هـ) أو السيد المرتضى علم الهدى (ت436هـ) أو شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (ت460هـ) وأمثالهم لم يذكر مسألة إعطاء (الخمس) إلى الفقيه قط، بل ربما لم تخطر لهم على بال!
الحقيقة الخامسة:
وهي عجب في عجب!!
تظهر هذه الحقيقة جلية بمجرد إجراء مقارنة سريعة بين حكم أداء (الخمس) للفقيه وأدائه (للإمام)، إذ يلاحظ التناقض التام بين الحكمين: فمع أن (الخمس)- حسب النظرية الإمامية- هو حق (الإمام)، إلا أن حكم أدائه إليه في كثير من الروايات
المعتبرة الاستحباب وليس الوجوب- كما سيأتي من خلال عرض هذه الروايات لاحقاً- فكيف ارتفعت درجة أدائه إلى الفقيه فصار حكمه واجباً؟! في حين ان الفتوى التي أدخلت الفقيه في الموضوع انما أدخلته بقياسات واجتهادات غايتها ان تجعل منه نائباً أو وكيلا عن صاحب الحق (الإمام) لا أكثر.
فكيف تغير الحكم وارتفع من درجة الاستحباب في حق الإمام إلى الوجوب في حق الفقيه، مع أن المنطق يقضي بأن يكون هذا الحكم - في أحسن أحواله- مشتركاً بينهما، أي مستحبا، مع ملاحظة الفارق الكبير بين الفقيه وبين (الإمام
المعصوم) في الدرجة والمنزلة. فكان المفترض ان ينزل الحكم من الاستحباب إلى الإباحة. وهذا هو الذي جاءت به الكثير من النصوص عن (الأئمة) وقال به الكثير من الفقهاء.
والمقصود بالإباحة هنا أن صاحب المال يباح له التصرف بماله دون أن يطالب باداء (خمسه) إلى أي جهة كانت.
الحقيقة السادسة:
إن نظرية (الخمس) في أصل تكوينها تجعل (للإمام) نفسه نصف (الخمس)، وهو حق الله تعالى ورسوله وذي القربى. أما النصف الآخر فهو لليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم، يعطى له أي (للإمام) ليفرقه فيهم، لا ليأخذه لنفسه(2)! إلا أن الواقع المشاهد أن الفقيه يأخذ (الخمس) كله دون مراعاة هذه القسمة. فكيف؟! هل يباح للفقيه من الحقوق ما لا يباح لـ(الإمام) نفسه؟! أم ماذا؟!.
الحقيقة السابعة:
إن نظرية (الخمس) في شكلها الأخير تقسم (الخمس) نصفين - كما أسلفنا في الحقيقة السادسة - نصفاً للفقيه باعتباره نائباً عن (الإمام)، ونصفاً لفقراء بني هاشم (يتاماهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم) وليس للغني ذكر فيها.
وإذن فليس للأغنياء الذين ينتسبون إلى أهل البيت نصيب فيه، لأنهم ليسوا من صنف الفقهاء ولا من صنف الفقراء. فما يفعله هؤلاء من أخذ الأموال باسم (الخمس) بحجة النسب باطل لا يسنده دليل. وهذه الحقيقة مجهولة من قبل عامة من يقوم بدفع (الخمس) إليهم. إذ يدفعون تلك الأموال لكل من يدعي النسبة دون النظر إلى كونه غنياً أم فقيراً.
الحقيقة الثامنة:
وهكذا نصل إلى القول بأن إخراج (الخمس) واعطاءه إلى الفقهاء لا يستند إلى أي نص عن أي (إمام معصوم)، وانما هو فتوى مختلف فيها لبعض الفقهاء، وليس جميعهم ، ومن المتأخرين، وليس المتقدمين منهم.
وقد اختلف هؤلاء الفقهاء فيها وفي تفصيلاتها كثيراً، من فقيه إلى فقيه، ومن زمان إلى زمان. وظلت هذه الفتوى تعاني من النقص ومن إجراءات التحوير والتطوير جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن دون أن تستقر على صورة نهائية وإلى اليوم!! مما يجعل كل عارف بهذه الحقائق على يقين من عدم استناد هذه الفتوى إلى دليل.
أخيراً أدعو الشيعة إلى عرض هذه الحقائق على علمائهم ليروا هل عندهم من جواب؟
وهل ممكن تعطوني الدليل على اعطاء الخمس للفقهاء في حال الغيبة وخاصة وجهة
اعطاء( الفقهاء) في التصرف ؟ اريد نص المعصوم ؟
(1) هي الكتب الأربعة: الكافي للكليني، وفقيه من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي، وتهذيب الأحكام والاستبصار لشيخ الطائفة الطوسي.
(2) انظر (النهاية في مجرد الفقه والفتاوى) للطوسي ص265.
الجواب:
الأخ عبد العزيز المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن هذا المستشكل يخلط المسائل والمواضيع بعضها ببعض أما عن عمد ليحقق مآربه وأما عن جهل وتجاهل فهو يطرح المسائل حسب رؤاه ومنظوره الفكري لا حسب مباني وقواعد الفقه الشيعي.
فهو ينسب المسائل المعروفة للخمس عند الشيعة إلى التقاليد الموروثة وغفل عن إن الشيعة يوجبون التقليد في مثل هذه المسائل للمجتهد المعاصر ولا ينسبون أحكامهم الشرعية للسلف كما يفعل غيرهم حتى يصدق عليها أنها موروثات، هذا من جانب المكلفين أما من جانب المجتهدين فإن كل منهم لابد له من أن يستنبط الحكم الذي يفتي به حسب ما وصله من ألأدلة ولا يكفي لتحقق إجتهاده أن يكون مقلدا لمن سبقه ولذا لايصدق عليهم التمسك بالموروث أيضا.
ولنأتي الآن إلى حقائقه المدعاة:
ما أدعاه من الحقيقة الأولى نجيب عليه بنقاط:
1- ظاهر الآية (( وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللّهِ وَمَا أَنزَلنَا عَلَى عَبدِنَا يَومَ الفُرقَانِ يَومَ التَقَى الجَمعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير )) (الأنفال:41) إنها مشتملة على تشريع مؤبد كما هو ظاهر التشريعات القرآنية وان الحكم متعلق بما يسمى غنيمة، وغنما سواء كان غنيمة حربية مأخوذة من الكفار أم غيرها مما يطلق عليه الغنيمة لغة كأرباح المكاسب والغوص والملاحة. وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب فليس للمورد أن يخصص.
2- فإذا قلنا بوجوب الخُمس وهو كذلك فهل هناك نص أو دليل على أداء الخُمس للفقيه؟ نقول نعم إن الذين يخلفون الأئمة (عليهم السلام) في غيبتهم هم الفقهاء إستنادا إلى قول الأمام عليه السلام( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم).
وقد ذكر المحقق الكركي في المحكي من رسالته التي ألفها في صلاة الجمعة(إتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل الأمين الجامع لشرائط الفتوى المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قبل أئمة الهدى عليهم السلام في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل وربما استثنى الأصحاب القتل والحدود) وهذا الكلام يوضح شروط الفقيه الذي يصح أن يطلق عليه نائب الإمام عليه السلام بالمعنى العام. وهذا في الغيبة الكبرى.
وهناك شاهد خاص نأخذه من زمان الغيبة الصغرى فإنه ربما يصدر من الناحية المقدسة أمر لشخص معين بدفع ما عليه من الخمس، ففي الكافي عن الحسن بن علي العلوي قال((أودع المجروح مرداس بن علي مالا للناحية، وكان عند مرداس مال لتميم بن حنضلة فورد على مرداس أنفد مال تميم مع ما أودعك الشيرازي)) الكافي1/547.
ويظهر من المقدمة ألأولى بأن هذا التشريع مؤبد ومن المقدمة الثانية وجود نواب عامّون للإمام يقومون مقامه فبالتالي يتحصل أنه لا يوجد طريق لأداء هذا الحكم الشرعي إلاّ بتسليم الخُمس إلى نواب الإمام والرواية العامة في تعيين نوابه بالمجتهدين تكفي في المطلوب فلا يدعي مدعٍ بعدم وجود رواية على هذا الحكم الشرعي.
وفي جواب ما ادعاه من الحقيقة الثانية نقول:
الروايات التي ذكرت في إباحة وحلية الخُمس للشيعة بإلاضافة إلى معارضتها بما ورد من الطائفتين من الروايات( طائفة الروايات الآمرة بدفع الخمس/وطائفة الروايات الظاهرة في نفي التحليل مطلقا) فهي ـ أي الروايات في تحليل الخُمس ـ غير قابلة للتصديق في نفسها ولا يمكن التعويل عليها.
أولا: من أجل منافاتها لتشريع الخُمس الذي هو لسد حاجات السادة والفقراء من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إذ لو لم يجب دفع الخُمس على الشيعة والمفروض إمتناع أهل السنة وإنكارهم لهذا الحق فمن أين يعيش الفقراء فقراء السادة والمفروض حرمة الزكاة عليهم فلايمكن ألأخذ بإطلاق هذه النصوص جزماً.
ثانيا: أنها معارضة بالروايات الكثيرة الآمرة بدفع الخُمس في الموارد المتفرقة والأجناس المتعددة كقوله عليه السلام خذ من أموال الناصب ما شئت وادفع إلينا خمسه، أو من أخذ ركازا فعليه الخمس، وما ورد في أرباح التجارات من صحيحة علي بن مهزيار الطويلة وغيرها. فلو كان مباحا للشيعة وساقطا عنهم فلماذا يجب عليهم الخُمس وما معنى الأمر بالدفع في هذه النصوص المتكاثرة، وهل ترى إن ذلك لمجرد بيان الحكم الإقتضائي غير البالغ مرحلة الفعلية بقرينة نصوص التحليل.
هذا مضافا إلى معارضتها بالطائفة الثانية الظاهرة في نفي التحليل مطلقا مثل ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفرالثاني (عليه السلام) إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيدي إجعلني من عشرة الآف درهم في حل فإني قد أنفقتها فقال له أنت في حل، فلما خرج صالح، فقال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال(حق) آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجئ فيقول إجعلني في حل، أتراه ظن أني أقول لا أفعل والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا.
ومعتبرة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من اشترى شيئا من الخُمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له. الوسائل باب3 من أبواب الأنفال الحديث.
والمتحصل من جميع ما ذكرناه( والعبارة للسيد الخوئي )لحد الآن أن المستفاد من نصوص الباب بعد ضم البعض إلى البعض والجمع بينهما إنما هو التفصيل بين الخُمس الواجب على المكلف بنفسه إبتداءاً فلا تحليل، وبين ما انتقل إليه من الغير فلا خمس عليه وإنما هو في عاتق من انتقل عنه. فيتعلق ببدله إن كان له بدل، وإلا ففي ذمته كما في الهبة ومرجعه إلى إجازة ذلك النقل من قبل ولي ألأمر.
وأما جواب ما ادعاه من الحقيقة الثالثة:
فكلامه دعوى عجيبة لم يأتِ عليها ببينة هذا أولا، ثم أنّ الخُمس واجب لدلالة ألآية الواضحة التي تقول أعطوا حق الله ورسوله وذي القربى بإخراج الخُمس ولا أدري هل يؤمن هذا بالخمس أم لا ؟ أو لعلّه يتصوّر أنه اخترع إختراعا جديداً!!.
إن الخُمس واجب والدليل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد أرسل عمرو بن حزم إلى اليمن لإرشاد الناس وتبليغ ألأحكام، وجعله وكيلا في قبض ألأخماس وجلبها إليه صلى الله عليه وآله وسلم ففي كتابه لرؤساء قبيلة ذي رعين ومعاقر وهمدان (( أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغنم خُمس..) ( كتاب تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك 1/157). كما ورد في كتابه إلى سعد بن هذيم من قضاعة، و إلى جذام كتابا واحدا يعلمهم فيه فرض الصدقة وأمرهم أن يدفعوها والخُمس إلى رسوليه أُبيّ وعنبسة ( طبقات بن سعد 1/27).
وتقدم أن الأئمة عليهم السلام كانوا يرسلون الوكلاء في قبض الخُمس من مواليهم. وعلى فرض التنزل والقول بأنه لم يرسل الرسول ألأكرم صلى الله عليه وآله العمال لأخذ الخُمس وجبايته فهو لا يدل على عدم الوجوب، كيف وقد ثبت وجوبه في الركاز عند الجميع ولم يعهد عنه صلى الله عليه وآله أنه أرسل عمالاً لأخذ خمس الركاز.
وقد دلت ألأخبار والآثار المروية عند الفريقين على أن أمير المؤمنين عليه السلام قد أخذ ألأخماس وكانت تجبى إليه ويأخذها ثم يردها إلى أصحابها ليصرفوها أو يجيزهم في الصرف على الفقراء والمساكين أو يهبها لهم حسب ما يراه من المصلحة.
وقد ورد في سنن البيهقي إنه أجاز للسائلين التصدق بالخمس على فقراء بلادهما.
هذا بالنسبة للرسول وقد أوردت لك ما كان من إمتعاض أئمة أهل البيت عليهم السلام من التساهل في مسألة الخُمس وعدم تأديته من خلال ما تقدم من الروايات ومثلها رواية الإمام الصادق عليه السلام (( إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخُمس فيقول يا رب خمسي)). فيكون المتحصل من جميع ألأخبار والأحاديث أن أئمة أهل البيت عليهم السلام لم يُهملوا حقهم بل كانوا يطالبون به ويشددون ألأمر فيه، ويؤكدون ثبوت حقهم بأنحاء التأكيدات.
وجواب دعواه الرابعة:
ان هناك عدة أمور:
أولها: وجوب الخُمس في أرباح المكاسب فقد ورد في كلمات فقهاء علمائنا الإجماع عليه.
ثانيها: في مصرف الخُمس، فالخُمس يقسم إلى ستة أقسام ثلاثة إلى السادة وثلاثة إلى ألإمام.
ثالثها في متصدي الصرف وقد أفتى الفقهاء بأن ذلك للمجتهد جامع الشرائط وذك لما أوردنا في النقطة الأولى من أنه يقوم مقام الإمام فهو نائبه العام، وأما من لم يذكر ذلك من فقهائنا القدماء فلأنه كان يرى تحليل الخُمس للشيعة أخذا ببعض الروايات التي لم يقبل الفقهاء عمومها.
وأما دعواه الخامسة: فهي دعوى لم يأت عليها بدليل بل يردها ظهور الآية في الوجوب والروايات الكثيرة على ذلك، مع أنّ هذا المستشكل لم يفرق بين مستحق الخُمس ومورد صرفه وبين متولي الصرف فإن المتولي للصرف في عصر ألإمام عليه السلام هو ألإمام بنفسه وفي الغيبة هم المجتهدون الجامعون للشرائط كما بينا. وكما في بعض الروايات من جواز صرف الخُمس مباشرة إلى مستحقيه فهو بإذن ألإمام عليه السلام كما يحدث الآن من بعض الفقهاء.
وقد غفل أيضا عن أن فتوى الفقهاء الآن بوجوب إعطاءه للفقيه على الإحتياط. وأما إستنباط ذلك الحكم فلم يكن بالقياسات لأنها عندنا باطلة وإنما كان باستنباطات شرعية تقوم بها الحجة.فقوله بأن حكم إعطاء الخُمس كان مستحبا للإمام فكيف انقلب إلى واجب الإعطاء إلى الفقيه غفلة وجهل منه لا أكثر.
وما إدعاه سادسا من أن الفقيه يأخذ الخُمس كله فهو جهل لا أكثر إن لم يكن تجاهل فإن أي شيعي يعرف إن الفقيه يصرف حق السادة للسادة المستحقين. وقد بان كذب دعواه السابقة مما قدمناه فهذه رسائل العلماء تحدد بوضوح أصناف السادة المستحقين فليراجع.
وما ذكره من ثامنا، فلا يعدو أن يكون تمحلا منه وإستنتاجا لما أملاه عليه هواه مع إنه غفل عن إن الشيعة أجمعت على وجوب التقليد للمكلفين إذا لم يكونوا فقهاء وإن المقلد يحب أن يوافق في عمله فتوى من قلده وليس له أن يختار من الفتاوى ما شاء ومن الفقهاء ما شاء.
ودمتم برعاية الله
|