وتتأكد صحة قول ابن رشد من خلال تتبع الآيات المتشابهة في تفسير
أهل البيت عليهم السلام التي تدل بظاهرها على التشبيه أو التجسيم ونحوهما .
فإنالأصل في تفسيرها ردها إلى المحكم كقوله تعالى : ( ليس كمثلهشئ ) ( 3 ) وفي ذلك يقول ابن خلدون : " إن الآي القليلة التي توهم التشبيه اتبعهامبتدعة العصر ، وتوغلوا في التشبيه فوقعوا في التجسيم الصريح ومخالفةآي التنزيه المطلق التي هي أكثر موارد وأوضح دلالة " ( 4 ) .
وعلى الرغم من ذلك تجد من يتعصب لتلك الآراء الفاسدةوالمعتقدات الباطلة التي ليس لها نصيب من واقع الدين ، ويدافع عنها الأتباع في كل عصر وجيل ، لأنهم كما وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام : همجرعاع ، أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق
‹ صفحة 23 ›
( 1 )
وكيف لا ؟
وهم لم يفرقوا بين قول الأولياء وقول الأشقياء ، لابتعادهمعن أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ، ومهبط التنزيل ، ولهذا قال أميرالمؤمنين - كما مر في خطبته عليه السلام - :
فهنالك استحوذ الشيطان علىأوليائه .
وأما العارفون بالله ( عز وجل ) بعين الحقيقة ، والسالكون إليه بنورالبصيرة من أهل الإسلام ، فهم العلماء الربانيون الذين عرفوا الحقفاتبعوه ، ولم ينازعوا فيه أهله ، والراجعون إليهم بعدما اختلط الحابلبالنابل ، والآخذون عنهم بعدما امتزج الحق بالباطل .
أولئك هم المؤمنون حقا الذين سبقت لهم العناية بالحسنى ،لاقتدائهم بمن خلف فيهم النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم راية الحق ، من تقدمهامرق ، ومن تخلف عنها زهق ، ومن لزمها لحق .
وكيف لا ؟
وقد هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روحاليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منهالجاهلون ، وصحبوا الدنيا - بعد طلاقها ثلاثا - بأبدان أرواحها معلقةبالمحل الأعلى .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 22 ›
( 1 ) بحار الأنوار 90 : 98 .
( 2 ) فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال ، لابن رشد : 33 .
( 3 ) الشورى 42 : 11 .
( 4 ) مقدمة ابن خلدون : 463 .
‹ هامش ص 23 ›
( 1 ) نهج البلاغة ، قصار الحكم : 147 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
.
مطارحات في الفكر والعقيدة - مركز الرسالة - ص 22 – 23