عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2010, 01:59 PM   #6
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



لكنهم - والحديث ذو شجون - تركوا الهادي بعيد وفاةالمنذر ! !
وكأنهم لم يسمعوا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا المنذر وعلي الهادي ، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي ( 2 ) وقوله : اللهم أدر الحق مع علي حيث دار فتركوا الفارق بين الحق والباطل بحيث لا اشتباه عنده بينهما قط لوضوحهما لديه ، كوضوح الشمس وهي في رائعة النهار عن ظلمة الليل الحالك البهيم الأليل ، كما يدلك قوله عليه السلام : عزب رأي امرئ تخلف
‹ صفحة 20 ›
عني ، ما شككت في الحق مذ أريته " ( 1 )
نعم . .
إنها شكاية من أولئك الذين بخبخوا له بالأمس القريب ( 2 ) ، ومن أنصارهم وأعوانهم الذين قال فيهم عليه السلام : " احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة " ( 3 ) ، فصرفوها عنه وتقمصوها بآرائهم ، بعد أن حليت الدنيا بأعينهم ، وراقهم زبرجها ، وقد علموا - وأيم الله - محله منها كمحل القطب
من الرحا ، مما صار ذلك سببا لوقوع الفتن حيث ابتدأت بأهواء اتبعت ،وأحكام ابتدعت مع ما ضم إليها في العاجل والآجل من متخيلات الأوهام ، ومخترعات الأفهام ، حتى حملت النصوص على غير وجوهها .
فترى أحدهم إذا ما مر بقوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربهاناظرة ) ( 4 ) غفل عن قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) ( 5 ) .
واعتقد بما ذهب إليه قوم موسى عليه السلام ، لما في تراثهم من أضغاث الباطل كما في في كذبهم على النبي بأنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه بصورة شاب أمرد ! !
وليتهم تأملوا قوله تعالى : ( ما كذب وآله وسلم رأى ربه بصورة شاب أمرد ! !
وليتهم تأملوا قوله تعالى : ( ما كذب الفؤاد ما رأى ) ( 6 )
أسندت إلى الفؤاد ، لكن العقول القاصرة ، والأفهام المبتسرة لم تقف على حقيقة الحال ، ومن أمارة قلة تدبرهم أن الرؤية في الآية السابقة قد
‹ صفحة 21 ›
أسندت إلى الوجوه ، لا إلى العيون ولا إلى الأبصار المنفية بآية صريحةأخرى ، كما أن الآية الكريمة وما بعدها تتحدثان عن صنفين من الناس يوم القيامة :
صنف فرح مسرور ينتظر رحمة الله تعالى ، وهم المؤمنون ، وصنف آخر ينتظر العذاب المهين ، وهم ممن استحق العذاب .
ألا ترى قوله تعالى بعد ذلك ( ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة ) ( 1 ) أي :عبوسة تعلم أنه سيفعل بها ما يقصم الظهر .
فالمزاوجة بين حال هذه الوجوه وتلك يعلم منها أن المقام مقام انتظارلا نظر .
انتظار من رضي الله تعالى عنه لرحمة ربه .
وانتظار من سخط الله تعالى عليه لنقمته .
ومن ظريف ما وقع في عهد أمير المؤمنين عليه السلام ، أن زنديقا سأل الإمام( صلوات الله تعالى وسلامه عليه ) قائلا : أجد الله يقول : ( وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ) وأجده يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدركالأبصار ) فقال عليه السلام : إن المؤمنين يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذاالمقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم ، أي : النظر إلى ما وعدهم - عز وج لفذلك قوله تعالى : ( إلى ربها ناظرة ) .
والناظرة : المنتظرة .
ثم قال عليه السلام : ألم تسمع قوله تعالى : ( فناظرة بم يرجع المرسلون ) ( 2 )
‹ صفحة 22 ›
أي : منتظرة ( 1 ) .
وهذا من روائع الاستدلال . وكم يعجبني قول ابن رشد في فصل المقال ، قال : " إن ما من منطوق في الشرع مخالف في ظاهره لما أدى إليه البرهان ، إلا إذا اعتبر وتصفحت سائر أجزائه ، وجد في ألفاظ الشرع ما يشهد بظاهره لذلك التأويل أو يقارب أن يشهد " ( 2 ) .

هامش ص (19)


( 2 ) نظم درر السمطين للمدني : 89 / 80 ، وكنز العمال للمتقي الهندي الحنفي 11 : 620 /
13012 .
( 3 ) التفسير الكبير 1 : 205 . والتاج الجامع للأصول ، للشيخ علي منصور ناصف 3 : 333 .
‹ هامش ص 20 ›
( 1 ) نهج البلاغة الخطبة رقم 4 .
( 2 ) بخبخوا : قالوا له بخ بخ لك يا علي أصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة . مسند أحمد بن
حنبل في حديث الغدير المتواتر 4 : 281 .
( 3 ) نهج البلاغة ، شرح الشيخ محمد عبدة 1 : 126 .
( 4 ) القيامة 75 : 22 - 23 .
( 5 ) الأنعام 6 : 103 .
( 6 ) النجم 53 : 11 .
‹ هامش ص 21 ›
( 1 ) القيامة 75 : 24 - 25 .
( 2 ) النمل 27 : 35 .
‹ هامش ص 22 ›
( 1 ) بحار الأنوار 90 : 98 .
( 2 ) فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال ، لابن رشد : 33 .
( 3 ) الشورى 42 : 11 .
( 4 ) مقدمة ابن خلدون : 463 .


 

رد مع اقتباس