عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-2012, 10:00 AM   #5
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



المعركة والمجزرة .
المعركة تتميز الخيام بموقعها العسكري الدقيق الذي كان يعرف سابقا ببوابة جبل عامل ففي سهل الخيام انشأ الانكليز مطاراً حربياً إبان الحرب العالمية الثانية وبنوا مستشفى تحت الارض يضم التحصينات العسكرية التي لا تزال ماثلة حتى يومنا على مشارف نبع الدردارة كما ان الفرنسيين انشأوا ثكنة عسكرية توالت عليها الاحداث فكانت ايام الدولة اللبنانية بيد جيشها ثم استولى عليها العملاء والعدو الصهيوني. ففي 16 ايلول (سبتمبر) 1977 تركزت الهجمات على البلدة واتخذت قوات الاحتلال الصهيوني موقعا لها على هضبة مطلة على الخيام وتكرر الهجوم على البلدة في 23-9-1977 واستمرت المعركة بين قوات العميل سعد حداد والقوات المشتركة (اللبنانية-الفلسطينية). وفي 14 آذار (مارس) 1978 دخل العدو الصهيوني الى الخيام واستمرت الاعتداءات، ففي 6 و 8-3-1978 قصفت البلدة، وفي 17-3-1978 نفذت مجزرة الخيام من قبل قوات العميل سعد حداد. المجزرةانتقمت قوات الاحتلال "الاسرائيلي" على نحو فظيع من بلدة الخيام. وما ان استكملت القوات "الاسرائيلية" ضربة النار للبلدة براً وجواً وحولت منازلها الى أنقاض حتى سلمتها الى ميليشياتها التي فتكت فتكاً ذريعاً بالسكان.‏ فقد قامت ميليشيا العميل حداد بارتكاب مجزرة رهيبة بحق الشيوخ والعجز حيث استشهد فيها اكثر من 61 شخصا اصغرهم في سن الستين وفي ضوء هذه المجزرة الخيامية هجر أهالي البلدة لمدة 5 سنوات كانت كافية لتدميرها نهائيا من قبل العملاء، حيث كان على اهلها اعادة بنائها بالكامل وعلى الرغم من ذلك فانهم لم يتلقوا أي مساعدة من احد وقد بنيت البلدة بشكل تدريجي وفتحت الطرقات امام العائدين. يروي ريتشارد غروس مراسل وكالة "اليونايتدبرس" الذي زار البلدة يوم 20 /3 / 1978 المشاهد التالية:‏ نظفت " قوات سعد حداد " (...) اليوم الهيكل المتبقي من هذا المعقل آخذين كل ما يمكنهم استخدامه في منازلهم الجبلية المجاورة.‏ لم يوقفهم عن ذلك أحد، لا فرقة دفن الموتى العسكرية "الاسرائيلية" الباحثة بين الأنقاض عن صيدها، ورجال الميليشيا المجتمعين فوق ناقلات الجنود المدرعة التي تثير الضجيج وهي تمر عبر الشوارع المفروضة بالأنقاض وكأنها سيارات سباق.‏ كل انسان في الخيام تجاهل الحرب في يومها السادس على رغم أن دلائلها الملموسة كانت تظهر بين الفنية والأخرى من خلال القصف المدفعي لحاصبيا.‏ وكان صدى قذيفة مدفع من عيار 175 ملم الأميركي الصنع طويل الفوهة يتردد بين التلال، وبعد لحظات شوهد بريق انفجار برتقالي اللون في حاصبيا وشوهدت غيمة بيضاء في مكان الانفجار سرعان ما تحول لونها الى الرمادي.‏ وكان رجال الميليشيا وأغلبهم يرتدي بزات عمل عسكرية "اسرائيلية" الصنع، يركبون سيارات شاحنات صغيرة محطمة مغبرة في جولات ما، احداها كانت تحمل برادا، والاخرى تحمل على سطحها مائدة وكرسيا، والثالثة قطعة من سيارة بحالة جيدة.‏ لقد مرت الحرب بسرعة من هذه البلدة ذاهبة في اتجاه الغرب في يومها الثاني وكان عدد سكان البلدة ذات يوم 8000 نسمة من المسيحيين.‏ قال جورج (... ) وهو عضو في الميليشيا بقي هنا بعد أن هاجر أهله الى مدينة توليدو في ولاية أوهايو الأميركية منذ عدة سنوات ، له شقيقتان في بيروت. رفض استخدام اسمه الثاني لأنه لا يريد أن يعرف أهله أنه في الميليشيا: "سيقلقون علي".‏ لا بد أنهم سيفعلون، فهو واحد من 700 رجل مليشيا لا يخفون رغبتهم في التعاون مع "الاسرائيليين".‏ سلاح هذه الميليشيا بالاضافة الى المدرعات "أ. ب. سي. أس" التي يسميها "الاسرائيليون" "زيلدا" ربما لأن شكل خصرها ذكر أحدا ما بالعمة "زيلدا" هي دبابات شيرمان الأميركية الصنع والمدرعات الفرنسية الصنع "أ. أم. أكس" وهذه المدرعات قديمة من الحرب العالمية الثانية وتبدو ذلك.‏ الرجال العشرة في فرقة الدفن "الاسرائيلية" المتنقلون في ثلاث شاحنات دخلوا القرية بحثا عن 15 جثة علموا بوجودها هنا، لا أحد بالدقة يعرف جثث من هي، ولا متى قتلوا، ومن قتلهم.‏ هناك امرأة مسنة ترتدي السواد، تبدو وكأنها الوحيدة من سكان الخيام، بالإضافة الى العديد من الكلاب والقطط ـ التي ما زالت أليفة ـ وتسير ببطء في مركز البلدة أو ما كان شارعها الرئيسي ذات يوم.‏ الحوانيت ملأى بالثقوب والثغرات التي تطل على الشارع، والمباني ملأى بآثار الطاقات والرصاص.‏ عندما تسأل المرأة تتحدث بالعربية أشياء لا منسجمة حول ابنتها التي على شفا الموت، لا أحد يهتم بها، فقد كانت هناك ميتات كثيرة.‏ هناك طفلان يلعبان في دمار ما كان غرفة ألعاب تجري فيها ألعاب أخرى اليوم. هذا المكان كان مستخدما كموقع لمدفعية الهاون.‏ في غرفة الألعاب هناك طاولتا "فليبرز" واقعتان على جنبيهما زجاجهما مكسور، وكراتهما في مكان ما. لو كان هناك تيار كهربائي لكانت اشارات "تيلت"، قد أنارت الضوء الأحمر في هذه الآلات الترفيهية، كانت أعلنت نهاية اللعبة.‏ ولكن لا ضرورة للإشارات. فالانسان ينظر فيرى فورا أن اللعبة بالنسبة لهذه القرية انتهت، وربما لسنوات مقبلة.‏ "رواية شهود عيان"في 19 /3 / 1978 نشرت صحيفة "السفير" اللبنانية مقابلة أجرتها فاديا الشرقاوي مع عدد من الناجيات من هذه المجزرة وجاء في الصحيفة:‏ الناجيات القليلات من مجزرة الخيام التي ذهب ضحيتها أكثر من 100 تتراوح أعمار أغلبيتهم من الـ 70 الى الـ 85 سنة، ادلت بهذه الشهادة:‏ "كنا نائمين في الملجأ، الساعة الثانية عشرة منتصف ليل الثلاثاء، سمعنا هدير الطائرات المحلقة فوق البلدة، استيقظنا جميعا، وساد الصمت بانتظار ما سيحدث. غابت الطائرات فترة قصيرة وعادت لتقصف. من قوة الضرب عرفنا هول الغارة. وبقينا هكذا لا تعرف عيوننا النوم حتى السادسة صباحا والطائرات ما زالت تقصف. بعدما هدأت قليلا فخرجت انا زوجي وسلفي الى منزلنا لنرى ما حدث بالمنزل...‏ ولهول ما رأينا. كانت الدبابات "الاسرائيلية" تسير نحو البلدة تتقدمها قوات سعد حداد. اعداد هائلة من العناصر "الاسرائيلية" وقوات حداد. دبابات لا تعد ولا تحصى كانت تسير فوق رماد المنازل المهدمة التي لم يبق منها شيء. وعندما رأونا القوا القبض علينا. وكنا حوالي 10 أشخاص في الملجأ من أصل 75 مواطنا بقوا هناك.سألونا عن أسمائنا وطلبوا منا أن نعطيهم افادات حول مكان وجود المقاتلين ونوع الساحة التي كانوا يستعملونها وأمكنتها. ولما اكدنا أننا لا نعرف شيئا، خصوصا وأن معظمنا لا يعرف حمل السلاح تركونا وقالوا لنا: "كل واحد منكم يذهب الى منزله". ولم يكد "الاسرائيليون" يديرون ظهورهم حتى فاجأنا أربعة مسلحين من جيش سعد حداد وطلبوا من الجميع ان يعطوهم ما معهم من أموال.. أصروا على تفتيشنا حتى ثياب النساء فتشوها.. وكانت حصيلة السرقة بين 30 و35 ألف ليرة. ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا أن نسير امامهم. كنا حوالي 10 رجال و6 نساء واخذوا يضربوننا بأعقاب بنادقهم. عندها طلب مني زوجي بصوت خافت أن أهرب وتركتهم والتففت من ورائهم، وهرولت نحو الملجأ حيث وجدت امرأة وزوجها يقبعان في زاوية. طلبت منهما عدم الخروج كي لا يصابا بأذى.. وفي الليل خرجت لأستفسر الأمر. لم أجد أحدا في الشارع سوى الجثث هنا وهناك، جثث طار رأسها وأخرى مرمية على وجهها وأخرى على ظهرها، واخرى مدروزة في الحيط وأخذت أبحث بينها عن زوجي.. فوجدته. كان مقتولا وفمه "يكدش" الأرض. لم أستطع البكاء ولا الصراخ خوفا على روحي اذ انني شاهدت احدى السيدات وتدعى الحاجة زينب وهي طاعنة في السن وقد اطلقت عليها النار من الخلف فركضت ثانية الى الملجأ.. حتى هناك لم أستطع البكاء. كنت أخاف أن يسمعوا أنيني ويقتلوني.‏ وفي الليل تجمع من بقي من أحياء وخرجوا الى "مرج الزهور" ومن هناك الى بيروت.


 

رد مع اقتباس