الإمامة أصل الدين "شبكة المنير "
الإمامة أصل الدين
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث في عدة مطالب:
المطلب الأول: في تعريف الإمامة
الإمامة امتداد للنبوة فالإمام يقوم بوظائف النبي وبنفس الأدوار التي كان يقوم بها النبي لولا أنه لا يوحي إليه فالفراق بين النبي والإمام: أن الإمام لا يوحي إليه ولكن الوظائف التي كانت على عاتق النبي هي بنفسها تقع على عاتق الإمام وبعبارة أخرى عندنا عناوين ثلاثة : 1/ نبي. 2/ رسول . 3/ إمام.
النبي:هو من يوحى إليه كل من أتصل بالله تبارك وتعالى عن طريق الوحي فهو نبي كما في قولة تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء}.
الرسول:هو من نزلت عليه شريعة كل من نزلت عليه شريعة فهو رسول قد يكون النبي مأمور بالتبليغ ولكن لم تنزل عليه شريعة قال تعالى:{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً},قال تعالى:{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا},شعيب كان نبياً يوحي إليه مأمور بأن يبلغ أمور ونواهي عن الله تبارك وتعالى لكن لم تكون لدى شعيب أو لدى صالح شريعة متكاملة ودستور متكامل كما أعطي لغيره كموسى ,وعيسى ,وإبراهيم وغيرهم من الرسل ,الرسول من أعطي شريعة متكاملة يبلغها لأمته,يبلغها لمجتمعه لا أنه يوحي إليه فقط.
الإمام:فالإمام يزداد وظيفة ومنصباً على النبي والرسول بأن الإمامة من له(الولاية),من له ولاية الحكم,من حكمه ينفذوا على الأنفس والأعراض والأموال ,الولاية بمعنى نفوذ الحكم :هي عبارة عن منصب الإمامة,بعض الأنبياء لم يكونوا رسل ,بعض الأنبياء أصبحوا رسل ,بعض الرسل لم يكونوا أئمة,بعض الرسل أصبحوا أئمة ,أولوا لعزم:كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى كانوا أنبياء ورسل وأئمة أيضاً ,بمعنى أن الله جعل حكمهم نافذ له ولاية الحكم أن يحكم بين العباد أن يحكم في أمته فإذا حكمه بحكم نفد حكمه سواء كان هذا الحكم متعلق بالأنفس كما لو أمر بجهاد مثلاً أو بقتال,أو كان هذا الحكم متعلق بالأعراض كما لو طلق امرأة من زوجها حكمه نافذ ,أو كان هذا الحكم متعلق بالأموال كما لو أمر بدفع ضريبة مالية معينة أو أخد من مال زيد إلى عمر,له الولاية على الأنفس والأعراض والأموال ولاية نفوذ الحكم في الأنفس والأعراض والأموال هذه الولاية تسمى (بالإمامة).
وهذه الإمامة كما يظهر من القرآن الكريم عندما يقول:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}(يعني أن حكمه نافذ){النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} هو أولى بي من نفسي فإذا حكم على نفسي بحكم نفذه حكمه ولم يكن مجال لأن أختار, أو لأن أرد أو لأن أقبل قال تعالى:{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ},قال تعالى:{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}هذا معنى ولاية الحكم حكمه نافذ سواء كان على النفس على العرض على المال لا مجال لرده ولا مجال لاختياره,من كان حكمه نافذ فهو الإمام.
وكما ذكرنا بأن بعض الأنبياء وبعض الرسل قد يحصل على منصب الإمامة وقد لا يحصل عليها,وبعضهم قد يحصل على منصب الإمامة في أخر حياته كما حدث للنبي إبراهيم (عليه وعلى نبيا وآله أفضل الصلاة والسلام) النبي إبراهيم كان نبياً ورسولاً وما ولد له إسماعيل إلا في أخر عمره ولده له بإسماعيل أمتحنه الله في ولده إسماعيل أمره بذبح ولده فلما استجاب للأمر ونجح في الامتحان أتاه الله موهبة (الإمامة)ومنصب الإمامة قال تعالى:{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ( يعني نجح في الامتحان)قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}.
لذلك ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أن الله أتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً,وأن الله أتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً ,وأن الله أتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً ,وأن الله أتخذه خليلاً قبل أن يتخذه أماماً فلما أبتلاه بولده فقام بما أبتلاه به{قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}.
الرسول له وظائف ثلاث:
*الوظيفة الأولى:تبليغ الأحكام الشرعية,ولذلك نحن نقول النبي حجه في قوله,حجة في فعله ,حجة في سكوته وإمضاءه النبي حجة,الرسول حجة في تمام شؤونه هذا التفصيل المذكور في كلمات بعض تفاصيل الباحثين ,بعضهم حتى من الشيعةأن النبي أو الإمام حجة في مجال التشريع أو حجة في تبليغ الأحكام لا ,هو(حجة مطلقاً)مقتضى عصمة أن يكون حجة مطلقاً في تمام أوضاعه حجة, قوله حجة, فعله حجة, سكوته حجة,إمضاءه حجة أي تصرفاُ, أي فعلاً ,أي سكوتاً ,أي شأناً يصدر منه فهو حجة فيه بمقتضى عصمة تمامه المطلقة هو(حجة مطلقاً)في كل ما يصدر منه,إذن المنصب الأول الوظيفة الأولى للرسول(الحجية المطلقة).
*الوظيفة الثانية:القضاء: القضاء بين الناس كما ورد عن النبي محمد(صلى الله عليه وآله) أنما أقضي بينكم بالبيانات والإيمان فمن أقطعت له قطعة من أخيه فقد أقطعت له قطعة من النار) القضاء قضاءه حجة نافذ.
*الوظيفة الثالثة:الولاية,حكمه نافد سواء تعلق بالأنفس أو بالأعراض أو بالأموال .
هذه الوظائف الثلاث التي كانت للنبي (صلى الله عليه وآله)تنتقل إلى الإمام من بعدة فالإمامة امتداد للنبوة في وظائفها الثلاث الحجية والقضاء ونفوذ الحكم المعبر عنه(بالولاية)هذه الأدوار الثلاثة تنتقل للإمام من بعدة فالإمامة امتداد للنبوة لذلك قال (صلى الله عليه وآله):ألست أولى بكم من أنفسكم؟,قالوا:بلى,قال :فمن كنت مولاه فهذا علياً مولاه(يعني ما ثبت لي من الولاية ,ما ثبت لي من النفوذ ما ثبت لي من الحجية يثبت لهذا الشخص اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدرِ الحق معه حيث دار).
إذن المطلب الأول في تعريف الإمامة وحدود الإمامة.
المطلب الثاني:
نحن نقول بأن الإمامة جعلاً من قبل الله تبارك وتعالى ,الإمامة ليست انتخاب,ولا ترشيح ولا شورى ولا بيعة ولا أي طريق من هذه الطرق ,الإمامة بجعلاً من الله,بتنصيص من الله تبارك وتعالى ,نحن لماذا نقول بهذا القول؟
الوجه الأول:
لأنه التشريع لم يكتمل تبلغيه في عصر النبي محمد(صلى الله عليه وآله)أنتم تعرفون أن عمر الرسالة هو ثلاثة وعشرون سنة هل يعقل تبليغ الإسلام كله في ثلاث وعشرون سنة؟! لا يعقل ,الإسلام خاتم الأديان قال تعالى:{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ},بأن الإسلام خاتم الأديان إذن هو الدين المستوعب لكل شؤون الحياة ,لكل قضايا الحياة ,لكل تفاصيل الحياة, بما أن الدين مستوعب لكل قضايا الحياة ولكل تفاصيل الحياة لا يمكن تبليغ أحكامه في ثلاثة وعشرون سنة,ديناً يستوعب الحياة كلها لا يمكن تبليغه في ثلاثة وعشرون سنة خصوصاً أن النبي في ثلاثة وعشرون سنة كان مشغول بالغزوات ,وكان مشغول بالحروب, وكان مشغول بكثير من الظروف المانعة والعائقة,إذن لا يمكنه أن يبلغ التشريع,لا يمكنه أن يبلغ الدين كاملاً في ثلاثة وعشرون سنة ,لذلك قبض النبي والتشريع لم يكتمل تبليغه هذه مسألة عقلية أساسية لا مجال لإنكارها,قبض النبي والتشريع لم يكتمل تبلغيه لا أنها لم يكتمل (لم يكتمل تبلغيه).
ولذلك الناس تمزج ,أناس تأتي وتستدل لك بهذه الآية:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ}النبي قال والقرآن قال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً}قال القرآن ,يا أخي الآية قالت:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}ولم تقل:{ أكملت لكم تبليغ دينكم}(فرق بين أكمل الدين وأكمل تبليغ الدين) الدين أتكمل في عصره (صلى الله عليه وآله)الدين أكتمل في زمانه(صلى الله عليه وآله)أما تبليغه فلم يكتمل, لا يعقل تبليغ الدين بتمامه في ثلاثة وعشرون سنة ,نعم التشريع نزل عليه متكامل(صلى الله عليه وآله)وأكتمل على يديه ولكنه لم يسعه تبليغه كله ,لم يسعه تبليغه بتمامه لأنه عمر الدعوة لا يحتمل ذلك:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} لكن ما أكملت تبليغه.
إذن النبي قضى والتشريع لم يكتمل تبلغيه وهذه حاجة أحس بها المسلمون أنت إذا تقرأ التاريخ أختلف الصحابة في حد شارب الخمر وأختلف الصحابة في قطع يد السارق وأختلف الصحابة في حد الرجم,لماذا اختلفوا؟!لأن الدين لم يكتمل تبلغيه لو أن الدين أكتمل تبلغيه لم أختلف الصحابة في كثير من القضايا والأحكام.
إذن بالنتيجة:الدين لم يكتمل تبلغيه فاحتاج إلى أن توكل هذه المهمة أكمل تبليغ الدين إلى شخص عالماً بالدين بتفاصيلها من قبل النبي (صلى الله عليه وآله),إذن هناك حاجة إلى جعل إمام ما دام الدين لم يكتمل تبلغيه فالعقل يقول لا بد من تنصيص النبي على إمام لابد من جعل النبي لإمام يقوم ويتكفل بإكمال تبليغ الدين بتمام تفاصيله إلى الأمة من بعد النبي(صلى الله عليه وآله),وهذا ما حدث(علمني رسول الله ألف باب من العلم في كل باب يفتح ليّ ألف باب).
إنما المصطفى مدينة علم وهو الباب من أتاه iiأتاها قال رسول الله صلى الله عليه وآله أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأتها من بابها),( أعلمكم علي و أقضاكم علي) لا يوجد أحد من المسلمين ينكر هذا,جميع المسلمين يعترف بأن علي أعلم الصحابة وأعرفهم بالدين هذا لا ينكره مسلم ولا يشك فيه مسلم لأنه تتلمذ على يد النبي منذٌ صغر سنه(وكنت أتبعه أتباع الفصيل لأثر أمه ,ولا وجد ليّ كذبة في قول ولا خطلة في فعل).
وهذا ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام):عندما قال وأن عندنا الجامعة,قيل وما الجامعة؟قال:كتاب بإملاء رسول الله وخط علي بن أبي طالب فيه جميع ما يحتاجه الناس من حلال وحرام حتى أرش الخدش إلى يوم القيامة) تشريع متكامل عندنا ونحن مأمورون وتبلغيه, وإنما هي أصول علم نتوارثها من كابراً عن كابر عن محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
الوجه الثاني:
مرجعة فهم القرآن الكريم وتفسير القرآن الكريم لا يمكن لمسم أن ينكر أن في القرآن آيات متشابهات هذا لا أحد يمكن أن ينكره قال تعالى:{ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا}
تأويله :يعني أرجع متشبهات إلى محكمات هذه عملية التأويل وتفسير المتشابهات لا بد من وجود مرجعاً فيها لا يمكن للنبي(صلى الله عليه وآله)أن يمهل الأمة منذُ أن يضع مرجعاً في تفسير هذه المتشابهات هذا غير معقول,وإلا يبقي القرآن كتاباً ناقصاً جزء من آياته لا يمكن لأمة أن تعمل بها لأنها آيات متشابهات جزء من القرآن لا يمكن لأمة تطبيقه لأنها آيات متشابهات مع أن القرآن يقول:{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}إذن لابد من نصب مرجعاً لتأويل القرآن وتفسيره.
يــــا لـثارات الـــزهــــــراء
|