عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2011, 11:20 AM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الفعلالأول : دخل :
قال الدكتور الأنصاري :« الفعل : دخل ، تنوعّت دلالاته ، تبعًا لتعدد تعديته بحروفالجر التي يكتسـب معهـا الفعل من معانيها الأصلية من الدلالات الموحية التي يعينعلى إبرازها السياق والمقام . وقد جاء في القرآن الكريم متعديًا بنفسه ؛ كما في قولهتعالى :
﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ﴾(لكهف:35)
﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾(النمل:34(
وورد متعديا بـ( على ) ، و( في ) ، و( من ) ، و( الباء ) ، و( مع ) ، فدلَّعلى معان متباينة ، طبقًا للحرف المتعدَّى به .
والدخول نقيض الخروج ، ويستعمل ذلكفي المكان والزمان ، وحقيقته كما يقول الطاهر بن عاشور : نفوذ الجسم في جسم . أو مكانمَحوط كالبيت والمسجد .. وحين تعدى فعل الدخول بـ( على ) ، دلّ حرف الاستعلاء علىارتفـاع المكان وإشـرافه وعلوه ، وأن الداخل ، أو المأمور بالدخول فيه مطالب بمزيد منالتحمل والصبر على ما يلاقيه من الضرر والمشقة ، وإن بقي لكل سياق مزيد خصوصية بماتشيعه تراكيبه من الدلالات والأغراض التي لا تجدها في السياق الآخر ..
وبتأملمواطن تعدية الدخول بـ( على ) في القرآن الكريم ، نجد له الدلالة التي ذكرناها آنفا ،في قوله تعالى :﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّاالْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً ﴾(آل عمران:37) .
فـ( على ) بدلالته علىالاستعلاء ، يشير إلى ارتفاع المكان الذي فيه مريم- عليها السلام- وعلوه ، وقد نصّالمفسرون على أن زكريا- عليه السلام- بنى لها محرابًا في المسجد . أي : غرفة يصعد إليهـابسلم .. أو أن ( على ) توحي بمشقة زكريا عليه السلام ، وهو شيخ كبير في الوصولإليها ، ومعاناته في كفالته لها ، والقيام على رايتها حقّ الرعاية على أكمل وجه .
ولنفس الغرض جاءت ( على ) حين تعدى بها فعل الدخول في قصة يوسف عليه السلام فيأربعة مواطن ؛ منها قوله تعالى :
﴿ وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِفَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴾(يوسف:58)
﴿ وَلَمَّادَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ﴾(يوسف:69)
فهي تدل على ارتفاعمكان يوسف وعلوه ، وأنهم قد وجدوا من المشقة والصعاب ما وجدوه في سبيل الوصول إليه ،والدخول عليه » .
ومن الأمثلة التي ذكرها على تعدي الفعل دخل بـ( مع ) قوله تعالى :﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ ﴾(يوسف: 36).
قال :« فدلت كلمة المصاحبة ( مع )على أن دخول هذين الفتيين السجن كان بمعية يوسف ، مصاحبين له ، ملحقين به . ولو رمت حذف ( مع ) من هذه الآية الكريمة ، فلن تجد هذه المعاني التي أومأت إليها كلمة المصاحبـةمـن أن دخـول الثلاثة السجن في آن واحد .
ونشرت الباء بدلالتها على الإلصاقوالملابسة على فعل الدخول ، حين تعدَّى بها معنى الجماع في قوله تعالى :
﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمبِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾)النساء:23)
يقال : دخل بعروسه : جامعهـا . ومعنى دخلتم بهن : جامعتوهن ، وهو كناية عنالجماع . وقد أعانت الباء على تحقيق الكنايـة في قوله :﴿ دَخَلْتُمبِهِنَّ ﴾ ، بما لا يمكن أنتنهض به الحقيقة ؛ كما قدرها الزمخشري بقوله : يعني : أدخلتموهن الستر .. مما يدل علىقدرة هذه اللغة على الوفاء بآداب الإســلام ، ومــا يوجبـه مـن الترفـع عن التصريحبما يستحسن الكناية عنه ، إلى جانب ما جسدته الباء بما فيها من اللصوق والملابسة منالدلالة على شدة الارتباط ، والقرب الروحي ، والمخالطة النفسية بين الزوجين ، بما يحققالغاية من قوله تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْأَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْها ﴾(الروم: 21) ... » .
هذا ما ذكره الدكتورالأنصاري عن تعدي الفعل دخل .
والمعروف في اللغة والنحو : أنالفعل : دخل ، يستعمل لازمًا تارة ، ومتعديًا تارة أخرى . ومتعديًا ولازمًا تارةثالثة .
أما كونه لازمًا فلأن مصدره على : فعول ، وهو غالب في الأفعال اللازمة ؛ولأن نظيره ونقيضه كذلك : عبر ، وخرج ، وكلاهما لازم . ويتعين كونه لازمًا ، إذاكان المدخول فيه مكانًا غير مختص ؛ كما في قوله تعالى :
﴿ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْمِن قَبْلِكُم ﴾(الأعراف:38)
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْادْخُلُواْ فِي السَّّلْمِ كَآفَّةً ﴾ (البقرة:208)
فإذا كان المدخول فيهمكانًا مختصًّا ، فإما أن يكون ذلك المكان متسعًا جدًّا ، بحيث يكون كالبلد العظيم . أويكون ضيِّقًا جدًّا ، بحيث يكون الدخول فيه ولوجًا وتقحمًا . أو يكون وسطًابينهما .
فإذا كان الأول - وهو أن يكون المكان متسعًا جدًّا- لم يكن من نصبه بدٌّ ؛ كقول العرب : دخلت الكوفة والحجاز والعراق . ويقبُح أن يقال : دخلت في الكوفة ، وفي الحجاز ، وفي العراق ؛ ومنه قوله تعالى :
﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِيكَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ﴾(المائدة:21)
﴿ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَاكُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(النحل:32)
وإذا كان الثاني- وهو أن يكون المكان ضيِّقًا جدًّا ، لم يكن من جره بدٌّ ؛كقولهم: دخلت في البئر .
وإذا كان الثالث- وهو أن يكون المكان وسطًا بينهما ، جاز فيه النصب والجر ؛ كقولهم : دخلتالمسجد ، وفي المسجد . ونصبه أبلغ من جره ؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه أبي سعيد الخدري :« لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ .. » .
وفي صحيح مسلم ورد بلفظ :« لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ » . وكذلك هو في سنن ابن ماجة .
فجاء الفعل دخل ، معدّى إلى الجُحْر بنفسه تارة ، وبـ( في ) تارة أخرى . وجاز فيه ذلك ؛ لأنه من الأماكن المختصَّة التي تكون وسطًا بين المتسعة جدًّا ، والضيقة جدًّا . وقد وهم بعضهم حين ظن أن الجُحْر من الأماكن الضيقة ، وهو ليس منها ؛ لأن الدخول فيه لا يكون ولوجًا وتقحُّمًا ؛ كالدخول في البئر ، ونحوه ، فهو جُحْرٌ أُعِدَّ للإقامة والسكن .
أما انتصابه فعلى المفعول به ، لا على نزعالخافض ؛ لأن الأصل في الفعل : دخل ، المُعدَّى إلى المكان المختص ، أن يُعَدَّى بنفسه ؛ كما في قوله تعالى على لسان النملة :﴿يَا أيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ﴾(النمل: 18)
وأما ما ذهب إليه الدكتور الأنصاري من القول بأن دخل يتعدي بالحرف ( على ) ، وأنه يدل على ارتفاع المكان وعلوه ، فهو كلام لا حقيقة تحته ؛ لأنه ، لا يُعدَّى بـ( على ) أصلاً .
وقد يكون ما ذكره فضيلته من تعليل مقبولاً ، لو أن دخل من الأفعال التي تعدَّى إلى مفعولها بحرفين ، أو أكثر . أو كان منالأفعال التي تعدَّى إلى مفعولين أحدهما بأنفسها ، والثاني بوساطة حرف الجر ؛ فحينذفقط يمكن أن نختار من هذه الأحرف أنسبها للسياق ، ونعدِّي الفعل به ؛ كما كان الشأن فيغيره من الأفعال التي تقدم ذكرها من نحو قولهم : مررت به ، ومررت عليه .
ولو افترضنا جدلاً أن دخل يعدَّى بـ( على ) ، وأنه يدل على علو المكان وارتفاعه ، فماذا يمكن أن نقول ، إذا كان المدخول عليه في كهف تحتالأرض ، وطلب منا الدخول عليه ؟ أنقول : دخلت فيه ، أو : دخلت معه ، أو دخلتبه ، أو دخلت عليه ... ؟ من البدهي أننا سنقول : دخلت عليه . فهل يشير ( على ) هنا معفعل الدخول إلى ارتفاع المكان وعلوه ؟
ولهذا أقول : ينبغي أن نفرق بين قولنا : أشرفتعلى القوم ومررت عليهم ، وبين قولنا : دخلت على القوم ، وألا نخلط بينها ؛ فالقوم في المثال الأول والثاني : مفعول في المعنى ، عُدِّيَ إليه الفعل بوساطة ( على ) ، خلافًا للقوم في القولالثالث ؛ فإنه اسم مجرور ، والمفعول به محذوف تقديره : دخلت المجلس على القوم ، أو : البيت ؛ ومثله قوله تعالى :
﴿ وَجَاءإِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ ﴾(يوسف:58)
﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِأَخَاهُ ﴾(يوسف:69)
أي : دخلوا القصر عليه ، أو المجلس . وليس هذا ؛ لأن يوسف عليه السلام في مكانعال شريف . أو لأن الداخل عليه يلقى من المشقة ما يلقاه ؛ لأنك تقول : دخلت السجن على المجرم. ودخلت المكتب على الوزير. ودخلت الحجرة على والدي . ونحو ذلك مما ليسفيه علو ، أو مشقة .
وأما قوله تعالى :﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ﴾(يوسف:36) فالمفعول به- هنا- هو : السجن . و أما ( معه ) فهو حال من الفاعل الداخل . وأصل الكلام : ودخلالسجن معه فتيان مصاحبين له . وهذا ما أشار إليه الزمخشري بقوله :« مع : يدلعلى معنى الصحبة واستحداثها . تقول : خرجت مع الأمير . تريد : مصاحبًا له . فيجب أن يكوندخولهما السجن مصاحبين له » .
ولو أن الدكتور الأنصاري اتَّكأ في هذه الدراسة- كما قال- على الزمخشري ، لما وقع في هذا الخطأ ، ومثله . فتعلق ( مع )- هنا- بالفعل هو من تعلق المفعول فيه ، لا من تعلق المفعول به . ويخطىء كل من يقول : إن ( دخل ) يتعدَّى بـ( مع ) ؛ كما يخطىء كل من يقول : إنه يتعدَّى بـ( على ) .
وأما قوله تعالى :﴿ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَجُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾(النساء:23) فالمفعول في الأصل محذوف ، تقديره : فإن لم تكونوادخلتم الستر بهن ؛ ولكن حذف المفعول ، وعدِّيَ بالباء ؛ لأنه كنِّيَّ بالدخول عنالجماع . وهذا ما أشار إليه أبو حيان بقوله :« الدخول- هنا- كناية عن الجماع لقولهم : بنى عليها ، وضرب عليها الحجاب . والباء للتعدية ، والمعنى : اللائي أدخلتموهن الستر .. قاله ابن عباس ، وطاوس ، وابن دينار » .
فقوله تعالى :﴿ دَخَلْتُم بِهِنَّ ﴾ ، عدِّيالفعل فيه بالباء ؛ لأنه كُنِّيَ به عن الجماع ، لا لأن الفعل ( دخل ) يتعدى بالباء ،وهذا واضح .
ولو كان الضمير المجرور بـ( على ) ، و( الباء )، و( مع ) يعود علىمفعول ( دخل ) الظاهر ، أو المضمر في الآيات السابقة ، لجاز لنا أن نقول : إنه تعدى إلىمفعولين : الأول بنفسه ، والثاني بحرف الجر . وهذا بعيد جدًّا .
وأما قولهتعالى :﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾(الفجر:29-30) فقال فيهأبو حيان :« تعدى ﴿ فَادْخُلِي ﴾ أولاً : بـ( في ) . وثانيًا : بغير( في ) ؛ وذلك أنه ، إذا كانالمدخول فيه غير ظرف حقيقي ، تعدت إليه بـ( في ) : دخلت في الأمر ، ودخلت في غمارالناس ؛ ومنه :﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴾ . وإذا كان المدخول فيه ظرفًا حقيقيًّا ،تعدت إليه في الغالب بغير وساطة : في » .
الفعل الثاني : خرج :
ذكر الدكتورالأنصاري أن الفعل : خرج ، يتعدى بـ( من ) ، و( إلى ) ، و( على ) ، و( اللام ) ، و( مع ) ، و( في ) . ومن الأمثلة التي ذكرها : قوله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْمِن دِيَارِهِمْ ﴾(البقرة:243)
﴿ وَلَوْأَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾(الحجرات:5)
﴿ فَخَرَجَعَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهٍِ ﴾(القصص:79)
﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِوَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾(الأعراف:32(
﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً﴾(الحشر:11)
﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّازَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾ (التوبة:47)
أما القول بتعديته بـ( من ) ، و(إلى ) ، و( على ) فهو قول صحيح لا غبار عليه . وأما القول بتعديته بـ( اللام ) فيقوله تعالى :﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ ففيه خلط واضح بين : خرج ، و أخرج ؛ فالأول لازم يعدَّى بـ( إلى ) ، أو بـ( من ). والثاني يعدَّى بنفسه ؛ إذالهمزة فيه للتعدية ، و مفعوله محذوف يعود على :﴿ زِينَةَ اللّهِ ﴾المذكورة قبله ، و ﴿ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ المذكورة بعده .
ولو كان عائدًا على الزينة فقط ، لوجب أن يقال أخرجها لعباده ) . أي : لأجلهم . ولو كان العباد مفعولاً ، لقلنا : إنه عدِّى إليه باللام ؛ ولكنه ليس بمفعول ، ويسمِّيالنحاة هذه الهمزة : همزة النقل ، وهي التي تنقل غير المتعدي إلى المتعدي ؛ كقولك : قاموأقمته ، وذهب وأذهبته . وعلى هذا يكون قوله تعالى :﴿ لِعِبَادِهِ ﴾ متعلقًا بالفعل :﴿ أَخْرَجَ ﴾ ؛ لأنه مفعول لأجله . والمعنى : أخرج لأجل عباده . أي : أحرج الزينة ، والطيبات منالرزق لأجلهم ، لأجل غيرهم ، فكيف تُحرَّم عليهم ؟
وأما قوله بتعدية : خرج ، بـ( مع ) في قوله تعالى :﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً﴾ فليس بشيء ؛ لأن التقدير : لئن أخرجتم لنخرجن معكم ، إلى حيث تخرجون . أي : مصاحبين لكم ؛ فالفعلمتعد إلى مفعوله المحذوف ، للعلم به ، بـ( إلى ) . وأما قوله تعالى :﴿ مَعَكُمْ﴾ فهو ظرف للحال ، مثله في قوله تعالى :﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ ﴾ .
وكذلك يقال في قوله تعالى :﴿ لَوْخَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾ ؛ لأن التقدير : لو خرجوا إليهمفيكم . أو إلى حيث يريدون . أما ( في ) من قوله تعالى :﴿ فِيكُم ﴾ فهي للظرفية المكانية ، وتعلقها بالفعل من تعلق الظرفبه .
وأخيرًا أذكِّر القارىء الكريم بما بدأ بهالدكتور الأنصاري في مقدمة كتابه ، فقال :« إن أهمية هذا الموضوع تعود إلىأمرين : أولهما : لارتباطه بفقه الدلالة . وثانيهما : لدقة مسلكه وغموضه وخفائهعلى بعض العلماء » .
وفي الختام أسأل الله تعالى أن يمنَّ على عباده بنعمة الفهم لمعانيكلامه ، وبنعمة الإدراك للكشف عن أسرار بيانه ، وصلى الله تعالى على نبينا محمد ، وعلى آلهوأصحابه ، وسلم تسليمًا كثيرًا .
بقلم : محمد إسماعيل عتوك


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس