عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-18-2011, 06:03 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5454 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي سر النفي بلن ، و لا "وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً "وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً "



سر النفي بلن ، و لا

موقع أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم

قال الله عز وجل في حق اليهود :﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (البقرة:94-95) . وقال سبحانه في الآية الأخرى :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾(الجمعة:6-7) ، فنفى سبحانه تمنيهم الموت مرة بـ( لن ) ، ومرة أخرى بـ( لا ) .
ولسائل أن يسأل : لم أتى هذا النفي في سورة البقرة بـ( لن ) ، وأتى في سورة الجمعة بـ( لا ) ، وكلاهما إخبار عن شيء واحد ، وهو نفي تمني اليهود الموت ؟ وقبل الإجابة عن ذلك نقول بعون الله وتعليمه :
أولاً- كان اليهود يدَّعون في جملة ما يدَّعون أن لهم الدار الآخرة خالصة عند الله تعالى ، وأنهم أولياء لله من دون الناس ، وكان النصارى بقولون مثل قولهم هذا ، وقد أخبر الله تعالى بذلك عن الطائفتين ، فقال جلَّ ثناؤه في آية :﴿ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى (البقرة :111) . وقال في آية أخرى :﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (المائدة:18) .
ولما أراد الله عز وجل أن يبطل ادِّعاء الطائفتين ويبين فساد أقوالهم ويفضح أمرهم ، أمر نبيه صلى الله عليه[وآله] وسلم أن يدعو وفد نجران من النصارى إلى المباهلة بقوله سبحانه :﴿ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (آل عمران:61) . والمباهلة : الملاعنة ، وهي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا لعنة الله على الظالم منا . فلما دعاهم إليها ، أبوا منها ورضوا بدفع الجزية . وأما اليهود فأمره سبحانه أن يدعوهم إلى تمني الموت ، بقوله :﴿ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾
وللمفسرين في هذا التمني قولان : أحدهما : قول ابن عباس :« إنهم أمروا بأن يَدْعُوَ الفريقان بالموت على الفرقة الكاذبة » . والثاني : أن يقولوا :« ليتنا نموت » . وذهب ابن كثير إلى أن قول ابن عباس قي تفسير الآية هو المتعين ، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم ، أو من المسلمين على وجه المباهلة . وذهب ابن عادل في تفسير اللباب إلى أن القول الثاني أولى ؛ لأنه أقرب إلى موافقة اللفظ . وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قال في اليهود:« لو تمنوا الموت ، لغصَّ كل إنسان بريقه فمات مكانه ،وما بقي على وجه الأرض يهوديٌّ إلا مات » ، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر :« لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يُباهلون رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً » .
والمراد منتمنيهم الموت أن يتمنوه بألسنتهم ، لا بقلوبهم ؛ لأن التمني في لغة العرب لا يعرف إلا بما يظهر بالقول ؛ كما أن الخبر لا يعرف إلا بما يظهر بالقول . وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال :« لو تمنَّوا الموت لشرقوا به ولماتوا » . أي : لو تمنوه بقلوبهم لأظهروه بألسنتهم ، ردًّا على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وإبطالاً لحجّته .
وقد بلغت الأخبار الواردة في أنهم ما تمنوا الموت مبلغ التواتر ، وما ذلك إلا لأنهم كانوا موقنين بصدق النبي عليه الصلاة والسلام ، فعلموا أنهم لو تمنوا الموت ، لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد . فانكشف بذلك لمن كان مشكلاً عليه أمر اليهود يومئذ كذبهم وبهتانهم وبغيهم على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وظهرت حجة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وحجة أصحابه عليهم ، ولم تزل- والحمد لله- الحجة ظاهرة عليهم ، وعلى غيرهم من الملاحدة والكفرة والمشركين إلى يوم الدين . ومن هنا كان هذا الإخبار من الله تعالى عن اليهود من المعجزات التي دلَّت على نبوة محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وصدق رسالته ؛ لأنه إخبار بالغيب ، والإخبار بالغيب معجز .
ثانيًا- وظاهر قوله تعالى في البقرة ﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ ، وقوله تعالى في الجمعة ﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ يدل على أن بين القولين فرقًا في اللفظ ، فهل ينبني على هذا الفرق بينهما فرق في المعنى ؟ ولعلماء النحو والتفسير في الإجابة عن ذلك والتعليل له قولان مشهوران :
القول الأول : أنه لا فرق بين القولين إلا من حيث الإعراب ، وأما من حيث المعنى فلا فرق بينهما . وعلى هذا القول جمهور علماء النحو والتفسير ، وهو مبني على أن ( لن ) عندهم أخت ( لا ) في نفي الأفعال المستقبلة عند الإطلاق ، بدون دلالة على تأكيد أو تأبيد ، فيستوي بذلك عندهم المنفي بهما . قال أبو حيان في البحر المحيط :« وهو الصحيح » ، وتابعه في ذلك الزركشي في البرهان . وإلى هذا القول ذهب الدكتور محمد هداية في برنامج ( طريق الهداية ) الذي تبثُّه إحدى القنوات الفضائية ، فقال :« والفرق بين ( لَا يَتَمَنَّوْنَهُ )، و( لَن يَتَمَنَّوْهُ ) هو في الإعراب » .
وعلى هذا يكون نفي تمني الموت تارة بـ( لن ) ، وتارة أخرى بـ( لا ) من باب ( التفنن في التعبير ) ، وهذا ما صرح به الألوسي عند تأويل قوله تعالى :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾، فقال في ذلك ما نصُّه :« وجاء نفي هذا التمني في آية أخرى بـ( لن ) ، وهو من باب التفنن ، على القول المشهور ، في أن كلاً من ( لا ) ، و( لن ) لنفي المستقبل من غير تأكيد » .
والقول الثاني : أن ( لن ) ، و( لا ) ، وإن كانتا أختين في نفي الأفعال المستقبلة ، وأنه لا فرق بينهما في ذلك ، إلا أن في ( لن ) تأكيدًا وتشديدًا ليس في ( لا ) ، فأتى نفي تمنيهم الموت مرة بلفظ التأكيد، ومرة بغير لفظه . وإلى هذا القول ذهب الزمخشري ، وتابعه الفخر الرازي ، وعلل مع صاحب المنتخب لنفي الأول يـ( لن ) ، والثاني بـ( لا ) بأن اليهود ادعوا في سورة البقرة أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس ، وادعوا في سورة الجمعة أنهم أولياء لله من دون الناس . ودعواهم الأولى أعظم من دعواهم الثانية ؛ لأن السعادة القصوى فوق مرتبة الولاية ؛ لأن الثانية تراد لحصول الأولى . ولما كانت ( لن) أبلغ في النفي من ( لا ) ، جعلها الله تعالى لنفي الأعظم ؛ لأنها أقوى الألفاظ النافية ، على حد قول الرازي .
ويتفق الرازي والزمخشري في أن كلاً من ( لن ) ، و( لا ) لنفي المستقبل ، وأن ( لن ) أشد تأكيدًا في نفيه من ( لا ) ، أو أقوى وأبلغ ، ثم يختلفان في أن ( لن ) عند الرازي لتأبيد النفي في الدنيا ، وعند الزمخشري لتأبيد النفي في الدنيا والآخرة . وعليه فإن قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ عند الرازي يكون نفيًا لتمني اليهود الموت أبد الحياة الدنيا ، وعلى هذا مذهب أهل السنة . وأما عند الزمخشري فيكون نفيًا لتمنيهم الموت أبد الحياة الدنيا والآخرة ، وعلى هذا مذهب المعتزلة .
ثالثًا-أما القول بأن في ( لن ) تأكيدًا وتشديدًا ليس في ( لا ) ، وأنها أبلغ في النفي وأقوى من ( لا ) ، فهو دعوى بعيدة لا تقوم على دليل ، ويحتاج كما قال أبو حيان في رده على الزمخشري :« إلى نقل عن مستقري اللسان » . وأما قولهم :« تقول : لا أفعل ، فإذا أردت تأكيد النفي ، قلت : لن أفعل » فلا يستقيم إلا إذا ثبت أن كلاً من ( لا ) ، و( لن ) موضوع لنفي المستقبل ، وأنه لا فرق بينهما في نفي الأفعال المستقبلة .. وتحقيق القول في ذلك :
أن ( لا ) ينفَى بها الحال والمستقبل ، و( لن ) ينفَى بها المستقبل خاصَّة . تقول :( لا يفعل ) إذا أردت نفي فعله في الحال والمستقبل ، وتقول :( لن يفعل ) ، إذا أردت نفي فعله في المستقبل دون الحال . فإذا قيل : قوله تعالى :﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا(مريم:26) يدل على نفي الحال ؛ لأنه مقيَّد بـ( اليوم ) ، قيل : المراد بهذا النفي : المستقبل ، بدليل مجيئه في سياق الجملة الشرطية ؛ وهي قوله تعالى :﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا(مريم:26) .
وذهب الشيخ السهيلي في نتائج الفكر في النحو ، وتبعه ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد إلى أن من خواصِّ ( لن ) تخليصها الفعل للاستقبال ، بعد أن كان محتملا للحال ، فأغنت عن السين وسوف . وهذا يعني : أن ( يفعل ) يحتمل الحال والاستقبال ، وأن ( سيفعل ) مخلَص للاستقبال ، ونفي الأول لا يفعل ) ، ونفي الثاني لن يفعل ) . وهذا ما نصَّ عليه سيبويه في باب ( نفي الفعل ) ، فقال :« وإذا قال : سوف يفعل ، فإنَّ نفيه : لن يفعل » . وحكى عن الخليل قوله في قولهم :( سيفعل ) ، فقال :« وزعم الخليل أنها جواب : لن يفعل » . وليس في ذلك ما يشير إلى أن السين في :( سيفعل ) ، للتأكيد ، فجوابها ( لن يفعل ) كذلك ؛ كما فهم ذلك بعضهم من قول سيبويه .
وأما ما ذهب إليه سيبويه في قول آخر من أنه « إذا قال : هو يفعل ، ولم يكن الفعل واقعًا ، فنفيه : لا يفعل » ، فظاهره أن ( لا يفعل ) نفي للمستقبل دون الحال ، وهذا ما أشكل فهمه على الجمهور والزمخشري ، فزعموا أن ( لا ) مثل ( لن ) في نفي المستقبل . وقد أجيب عنه بأنه إنما نبَّه إلى الأوْلى في رأيه ، والأكثر في الاستعمال ، بدليل أنه نفسه قد ذكر أن من أدوات الاستثناء ( لا يكون ) ، ولا يمكن حمل النفي فيه على الاستقبال ؛ لأنه بمعنى ( إلا ) ، فهو للإنشاء ، وإذا كان للإنشاء ، فهو حال . وهذا يعني : أن ( لا يفعل ) يصلح للحال والاستقبال ، كما ذكرت سابقًا ، وهو مذهب الأخفش والمبرد ، وتبعهما ابن مالك . قال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد :« وإذا نفي المضارع بـ( لا ) ، فهل يختص في الاستقبال ، أو يصلح له وللحال ؟ مذهبان للنحاة :
مذهب الأخفش : صلاحيته لهما ، ووافقه ابن مالك وزعم أنه لازم لسيبويه ، محتجًّا بإجماعهم على صحة : قام القوم لا يكون زيد ، فهو بمعنى : إلا زيدًا ؛ ومن ذلك قولهم : أتحبه أم لا تحبه ؟ لا ريب أنه بمعنى الحال . وقولهم : ما لك لا تقبل . قال تعالى :﴿ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ ﴾(المائدة:84)، و﴿ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ﴾(النمل:20) ، و﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾(يس:22) .
وزعم الزمخشري أنه يتخلص بها للاستقبال آخِذًا من قول سيبويه :( وإذا قال : هو يفعل ، ولم يكن الفعل واقعًا ، فإن نفيه : لا يفعل ) . وهذا ليس صريحًا في اختصاصه بالمستقبل ؛ فإن ( لا ) تنفي الحال والاستقبال ، وهو لم يقل : لا تنفي الحال ؛ وإنما أراد سيبويه أن يفرق بين نفي الفعل بـ( ما ) ، ونفيه بـ( لا ) في أكثر الأمر ، فقال :( وإذا قال : هو يفعل . أي : هو في حال فعل ، كان نفيه : ما يفعل . وإذا قال : هو يفعل ، ولم يكن الفعل واقعًا ، فإن نفيه : لا يفعل ) . ومعلوم أن ( ما ) لا يخلص الفعل المنفي بها للحال ، وسيبويه قد جعلها في فعل الحال ؛ كـ( لا ) في فعل الاستقبال ، فعلم أنه إنما أراد الأكثر من استعمال الحرفين » .
فتبين بذلك أن ( لا يفعل ) يصلح لنفي الحال والمستقبل ، وأن ( لن يفعل ) خاص بنفي المستقبل ، وإذا كان كذلك ، فليس في ( لن ) تأكيدًا وتشديدًا ليس في ( لا ) ، وأنها أقوى في النفي من ( لا ) وأبلغ .
<font size="4">
وأما القول بأن ( لن ) لتأبيد النفي فهو موضع نزاع بين علماء العربية ، فمذهب الجمهور أنها لا تفيد التأبيد مطلقًا ، وأنها لمجرد النفي عن الأفعال المستقبلة ، مثلها في ذلك مثل ( لا )<font color="black"><font face="simplified arabic"> ، وأن التأبيد وعدمه يؤخذان من دليل خارج . ومذهب الزمخشري والمعتزلة أنها تفيد التأبيد مطلقًا ، وزعموا أنه منقول عن أهل اللغ



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








آخر تعديل السيد عباس ابو الحسن يوم 10-18-2011 في 10:43 PM.
رد مع اقتباس