عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-18-2011, 03:23 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5405 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قبل وفات الزهراء عليها السلام "موقع الميزان "



قبل وفاتها صلوات الله عليها "موقع الميزان "


يقع الكلام في هذه الخصيصة عن كفاءة السيدة فاطمة الزهراء ، وهل كان من السائغ أن تدخل بيت أي عبد من عباد الله كائنا ، ما كان مع ما لها من جلالة القدر والشرف وعلو الشأن ؟ ولما كان تكليف النساء وجوب الطاعة للزوج ، فهل يسوغ لمثل فاطمة المعصومة أن تدخل تحت ولاية ( أوامر ونواهي ) رجل غير معصوم ؟ للجواب على هذه الأسئلة نتعرض في المقام إلى مطلبين :
الأول : بيان الكفاءة .
والثاني : هل يجوز لغير المعصوم أن يتزوج المعصومة ؟ * * * قال في مجمع البحرين : « الكفاءة بالفتح والمد : تساوي الزوجين في الإسلام والإيمان ، وقيل : يعتبر مع ذلك يسار الزوج بالنفقة قوة وفعلا ، وقيل : بالإسلام ، والأول أشهر عند فقهاء الإمامية » .
وذهب السنة إلى اشتراط ستة أشياء في الكفاءة جمعوها في بيتين :
شرط الكفاءة ستة قد حررت * ينبيك عنها بيت شعر مفرد
نسب ودين حرفة حرية * فقد العيوب وفي اليسار تردد
وفي « أنس النفوس » عن علماء السنة : قيل : الكفاءة التساوي في النسب ; فغير الشريف لا يجوز أن يتزوج الشريفة من بني المطلب أو بني هاشم ، وأجاز الشافعي تزويج الشريفة بغير الشريف . فالتكافؤ التساوي ; قال تعالى : ( كفوا أحد ) أي نظيرا ومساويا ، قولهم « تكافأ القوم » إذا تساووا وتماثلوا ، وكان أهل الجاهلية لا يرون دم الوضيع سواء لدم الشريف ، فإذا قتل الوضيع الشريف قتلوا العدد الكثير ، حتى جاء الإسلام فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « المسلمون تتكافأ دماؤهم » أي تتساوى في الديات والقصاص ، من التكافؤ وهو الاستواء .
وبعد هذه المقدمة الموجزة نقول : لقد وردت أخبار كثيرة تنص على أنه لولا أمير المؤمنين لما كان لفاطمة كفء ، كما روي في كتاب الأمالي والعلل ومعاني الأخبار وعيون أخبار الرضا وفي كتب أهل السنة مثل الفردوس وغيره .
ففي العيون عن الحسين بن خالد عن المولى الرضا ( عليه السلام ) مسندا إلى أمير المؤمنين ، قال : قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي ! لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة وقالوا : خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت عليا ؟ فقلت لهم : والله ما أنا منعتكم وزوجته ، بل الله منعكم وزوجه ، فهبط علي جبرئيل فقال : يا محمد ! إن الله جل جلاله يقول : « لو لم أخلق عليا لما كان لفاطمة ابنتك كفء على وجه الأرض ، من آدم فمن دونه » .
وفي الأمالي قال الصادق ( عليه السلام ) في حديث : « لولا أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تزوجها لما كان لها كفء إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم ومن دونه » .
وفي معاني الأخبار عن يونس بن ظبيان عن الصادق ( عليه السلام ) : « يا علي ! لولاك لما كان لها كفء على وجه الأرض » .
وجاء في حديث الأمالي عن يونس بن ظبيان بلفظ « إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم ومن دونه » .
وروي في كتب المخالفين : إنه « لولا علي لم يكن لها كفء » .
وقيل في معنى البتول : « إن فاطمة تبتلت عن النظير وعن الرجال » .
وروى محمد بن جرير الطبري الشيعي في كتاب « دلائل الإمامة » كلا المضمونين .
ولما كان هذا العنوان في بيان شرائط الكفاءة ومراتبها ، فإننا نقسم الكلام فيها إلى قسمين : القسم الأول : في الفرد الكامل الجامع لجميع الشرائط .
والقسم الثاني : في الفرد الناقص الذي يجمع البعض ويفقد البعض . وقد اعتاد الناس في كل قرن وزمان - ولا زالوا هكذا إلى الآن - أن يستنكف الكامل في الكفاءة عن الزواج بمن هو دونه ، بل يجفلون ويستوحشون من ذلك . ولا زالت هذه التقاليد والعادات المشؤومة شائعة بين العالي والداني من آحاد الأمة المعاصرة ، بل بين الأمم الأخرى أيضا ، سيما بين السلاطين والوزراء والأعيان والأشراف والتجار والأغنياء والحرائر والعبيد ، فالحظ حليفهم في كل شئ إلا في هذا الأمر ، حيث يفرون منه فرارا شديدا ، مع أن المناط الأصلي إنما هو الإيمان والإسلام والقدرة على النفقة ، ويكفي قول المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) : « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » وأيضا : « المؤمن كفء المؤمنة والمسلم كفء المسلمة » .
وقال علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
الناس في حسب التمثال أكفاء * أبوهم آدم والأم حواء
وقال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
ولا مناص من التأسي بأقوال النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأفعاله بمفاد قوله تعالى : ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) ( 5 ) وعلى الأمة المرحومة أن تأخذ أحكامها وتعاليمها المباركة منه ( صلى الله عليه وآله ) .
فغير الهاشمي يتزوج الهاشمية ، والأعجمي يتزوج العربية والقرشية ، لأن القانون السماوي والأمر الإلهي يجمع الأسود والأبيض ، والوضيع والشريف ، والفقير والغني ، ويجعل الجميع في مستو واحد ، بغض النظر عن صورهم ، ما دام قيد الإسلام والإيمان متوفرا ، وما دام الميزان هو الإمتثال والطاعة والالتزام بمعايير الشريعة الغراء ، فالإيمان كالجبال الرواسي لا تحركه العواصف ولا تزعزعه الرياح ، ولا ينبغي الاغترار بالمال والجمال ، إذ المال يسلب في ليلة ، والجمال يزوى بحمى . وكل ما سوى الإيمان في معرض الزوال والفناء ، وهو عارية عارضة ، وأي نعيم لا يكدره الدهر ; لذا قيل : لا تطلب المرأة لجمالها ومالها ، فسرعان ما يزولا .
إن افتخرت بآباء مضوا سلفا * قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا وفي الحديث النبوي ( صلى الله عليه وآله ) الصحيح : « لا تأتوني بأنسابكم ، بل ائتوني بأعمالكم » .
وبناء على هذا ، فقد رفع الإسلام النخوة والمفاخرة بالأنساب والتكاثر بالأموال والأولاد والعشائر ، وجعل الميزان الإيمان بالله ورسوله ، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى .
وعلة النهي عن طلب المرأة لمالها وجمالها ، أن الراغب في الجميلة كثير والراغب في غيرها قليل ، فلو رغب في الجميلة فقط للزم الفساد ، والعقل يمنع عن القبائح والفساد .
وأما المرأة ذات النسب والمال ، فغالبا ما يأخذها العجب فتتكبر على الرجل وتفلت عن الإنقياد له ، بل تتعامل مع زوجها كما تتعامل مع الخدام والعبيد ، ولا شك أن هذا التعامل يؤدي إلى الإختلاف وإلى إرتباك الحياة وتفويت الأغراض ، وبمرور الأيام تكثر القبائح والفضائح وينتشر الفساد .
وقد روى الشيخ الحر العاملي ( قدس سره ) في كتاب الوسائل في باب النكاح أحاديث معتبرة في الترغيب والحث على تزويج المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات بدرجاتهم ، وروى أخبارا في تزاوج عامة المسلمين من العرب والعجم ، والأبيض والأسود ، والوضيع والشريف ، منها قصة نكاح ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بالمقداد بن الأسود رحمة الله عليه ، مع أن المقداد واطئ النسب فقير معدم ، وضباعة بنت الزبير ، وهو أخو عبد الله وأبو طالب سلام الله عليهما لأمهما وأبيهما .
وإنما فعل النبي ذلك ليكون قدوة تحتذي به الأمة المحقة والفرقة الناجية ، ويقتلع بذلك جذور الكبر والعجب من القلوب ، وتتلاشى النخوة من الرؤوس .
فعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، ثم قال : « إنما زوجها المقداد لتتضع المناكح ولتتأسوا برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولتعلموا ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وكان الزبير أخا عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمهما » .
وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أيضا قال : « أتت الموالي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقالوا : نشكو إليك هؤلاء العرب ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية ، وزوج سلمان وبلالا وصهيبا ، وأبوا علينا هؤلاء وقالوا : لا نفعل ، فذهب إليهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكلمهم فيهم ، فصاح الأعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن ، أبينا ذلك ، فخرج وهو مغضب يجر رداءه وهو يقول : يا معشر الموالي ! إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى ، يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون ، فاتجروا بارك الله لكم فإني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : الرزق عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها » .
أراد ( عليه السلام ) أن يفتح لهم طريقا حلالا في العمل وجمع المال ليرغب فيهم أهل المدينة .
وفي الكافي حديث طويل نأخذ منه موضع الحاجة : . . .
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « إن رجلا كان من أهل اليمامة يقال له : جويبر أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منتجعا للإسلام فأسلم وحسن إسلامه ، وكان رجلا قصيرا دميما محتاجا عاريا ، وكان من قباح السودان . . .
وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال له : يا جويبر ! لو تزوجت امرأة فعففت بها فرجك وأعانتك على دنياك وآخرتك ، فقال له جويبر : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي من يرغب في ، فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فأية امرأة ترغب في ؟ فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا جويبر ! إن الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفا ، وشرف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعا ، وأعز بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلا ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشايرها وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم ، وإن آدم خلقه الله من طين ، وإن أحب الناس إلى الله أطوعهم له وأتقاهم ، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا إلا لمن كان أتقى لله منك وأطوع .
ثم قال له : انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنه من أشرف بني بياضة حسبا فيهم ، فقل له : إني رسول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إليك ، وهو يقول لك :
يقول لك : زوج جويبرا بنتك الدلفاء ، فانطلق جويبر برسالة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده فاستأذن . . .
وبلغ الرسالة واثقا مطمئنا ، فقال له زياد : إنا لا نزوج فتياتنا إلا أكفاءنا فانصرف يا جويبر . . .
فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها ، فأرسلت إلى أبيها : أدخل إلي فدخل إليها فقالت له : ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبر ؟ . . .
والله ما كان جويبر ليكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحضرته ، فابعث الآن رسولا يرد عليك جويبرا ; فبعث زياد رسولا فلحق جويبرا فقال له زياد : يا جويبر ! مرحبا بك اطمئن حتى أعود إليك ، ثم انطلق زياد إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . . .
وسأله عن رسالة جويبر فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله) : يا زياد ! جويبر مؤمن ، والمؤمن كفو المؤمنة ، والمسلم كفو المسلمة ; فزوجه يا زياد ولا ترغب عنه . . .
فرجع زياد إلى منزله . . .
فأخذ بيد جويبر ثم أخرجه إلى قومه فزوجه على سنة الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) وضمن صداقه . . . » .
والحديث طويل وفيه ما يثلج الصدر ويدخل السرور على القلب ، ولكني اضطررت إلى اختصاره .
وفي الكافي أيضا : كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها ، وإن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أعتق جارية ثم تزوجها ، فكتب العين إلى عبد الملك ، فكتب عبد الملك إلى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : أما بعد : فقد بلغني تزويجك مولاتك ، وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به في الصهر ، وتستنجبه في الولد ، فلا لنفسك نظرت ولا على ولدك أبقيت .
والسلام .
فكتب إليه علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : « أما بعد : فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي ، وتزعم أنه كان في نساء قريش من أتمجد به في الصهر ، وأستنجبه في الولد ، وأنه ليس فوق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مرتقا في المجد ، ولا مستزادا في كرم ، وإنما كانت ملك يميني خرجت مني ، أراد الله عز وجل مني بأمر ألتمس به ثوابه ، ثم أرتجعتها على سنة ، ومن كان زكيا في دين الله فليس يخل به شئ من أمره ، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة ، وتمم به النقيصة ، وأذهب اللؤم ، فلا لؤم على امرء مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية .
والسلام » .
والآن ; لا بد من العودة إلى صلب الموضوع لنشرح الأحاديث المارة ، ونبين كيف كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كفء فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولولاه لما كان لها كفء على وجه الأرض آدم ( عليه السلام ) فمن دونه إلى يوم القيامة ، بل إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خلق لفاطمة ( عليها السلام ) .

تفريع رفيع إعلم ; أن هذا العنوان يحتاج إلى مقدمة نشير إليها إجمالا : من المعلوم أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان نفس النبي ( صلى الله عليه وآله ) بصريح آية المباهلة ، ولكن لا على نحو الحقيقة ; كيف والاتحاد بين اثنين غير معقول ، بل محال ، فالإتحاد كان إتحادا مجازيا ، وأقرب المجازات الاشتراك ، بمعنى أن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم بمفاد قوله تعالى ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) نفس النبي ، فتثبت له الأولوية أيضا ببرهان العقل والنقل والكتاب والسنة .



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس