عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-18-2011, 03:02 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5405 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي من حديث الدنيا في القرآن الكريم الاستاذ حسن الرستم موقع دار السيدة رقية ع للقرآن



من حديث الدنيا في القرآن الكريم الاستاذ حسن الرستم موقع دار السيدة رقية ع للقرآن الكريم






ماهي الدنيا
قال ابن منظور في لسان العرب : (...والدنيا نقيض الآخرة...)(1) .
وعلة تسميتها بذلك أنها دنت وتأخرت الآخرة، فاشتقاقها من الدنو لا الدناءة، فالدنيا ماهي الا دار ومكان هيأه الله (سبحانه وتعالى) ليجتازه الانسان الى الآخرة، ففي الرواية عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال: (الدنيا دار ممر لا دار مقر...) الحديث.
وعنه (عليه السلام): (الدنيا مطية المؤمن، عليها يرتحل الى ربه، فأصلحوا مطاياكم؛ تبلغكم الى ربكم)(2)، والقرآن الكريم حينما يتحدث بلفظ: (الدنيا) فهو يعني هذا المعنى لها، والله أعلم.
الدنيا ظروف
وقد جعلت في كثير من الآيات ظرفاً لكثير من الاحداث سواء كانت من قبل الله سبحانه وتعالى أم من قبل الانسان، والذي لاحظناه انها ظرف لما يحدثه الله اكثر منها لما يحدثه الانسان.
الدنيا ظرف الأحداث
فمن ذلك كونها ظرف للخزي(3)، وقد وردت كذلك في اربع آيات، فهي ظرف لأن يخزى فيها من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعى في خرابها قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سورة البقرة: 114].
ويخزى فيها من يحارب الله ورسوله ويسعى في الارض فساداً، يقول تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] وقد نصت هذه الآية على الخزي، فالتقتيل والصلب وقطع الأيدي والأرجل والنفي من الأرض خزي في الدنيا لمن حارب الله ورسوله وسعى في الارض فساداً.
والخزي فيها لليهود الذين يسمعون قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليكذبوا عليه، ويسمعون لقوم آخرين لم يأتوه ليكذبوا عليه إذا رجعوا، فهم عيون عليه(صلى الله عليه وآله)، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41].
قال الشيخ الطبرسي: (...والخزي الذي لهم في الدنيا هو ما لحقهم من الذل والصغار والفضيحة بإلزام الجزية وإظهار كذبهم في كتمان الرجم، وإجلاء بني النضير من ديارهم وخزي المنافقين باطلاع النبي على كفرهم)(4).
والذي يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ويثني عطفه متكبراً ليضل عن سبيل الله، فله خزي في الدنيا ويذيقه الله يوم القيامة عذاب الحريق، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ* ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 8ـ9].
قال الشيخ الطبرسي: (أي هوان وذل وفضيحة بما يجري له على ألسنة المؤمنين من الذم وبالقتل وغير ذلك)(5).
الدنيا ظرف الاصطفاء
ومن ذلك أيضاً كونها ظرفاً للاصطفاء، يقول تعالى متحدثاً عن نبيه إبراهيم (عليه السلام): {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: 130] والاصطفاء كما يقول الراغب: (تناول صفو الشيء...)(6)، ويقول أيضاً: (... واصطفاه الله بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى‌صافيا عن الشوب الموجود في غيره، وقد يكون باختياره وبحكمه وان لم يتعرّ ذلك من الأول...)(7) .
الدنيا ظرف الإيتاء:
وتكون كذلك ظرفاً للايتاء على‌ضروب شتى، فمنمها: إيتاء النعيم، يقول تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [البقرة: 200].قال الشيخ الطبرسي: (...فمنهم من يسأل نعيم الدنيا ولا يسأل نعيم الآخرة؛ لأنه غير مؤمن بالبعث والنشور)(8).
وقد تسأل: أين مفعول الإيتاء؟
فأقول: إنه قد حذف مفعول الإيتاء ليذهب بك الظن كل مذهب فيما سألوا إيتاءه لتعلم أنهم قد انصرفوا منغمسين في الدنيا، ثم لم يكن لهم في الآخرة من خلاق!‌ وهذا معروف في بابه، وقد يقال: إنما حذف لأن كلامه عن الإيتاء لا المأتي أو لأن المأتي معلوم، والله أعلم.
ومنها إيتاء الحسنة، يقول (سبحانه وتعالى): {ومِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]. قال الشيخ الطبرسي: (...وروي عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه قال: من أوتي قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على‌ أمر دنياه وأخراه، فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقي عذاب النار)(9)، فهاهنا إيتاءان: إيتاء نعيم الدنيا الزائل والذي يؤتى هذا فليس في الآخرة من خلاق، وإيتاء حسنة في الدنيا مع حسنة في الآخرة، فهذا مطلب المؤمن ومبتغاه، وفرق بين الإيتاءين.
وشاهد آخر على إيتاء الحسنة، جاء عن نبي الله إبراهيم (عليه السلام) يقول تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ *وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: 120ـ122]، قال الشيخ الطبرسي: (اي نعمة‌ سابغة في نفسه وفي أولاده...)(10).
وقد تسأل: لم نكر الحسنة في الموضعين ولم يأت بها معرفة؟
فأقول: قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: (فإن قيل: أليس أنه لو قيل: آتنا الحسنة في الدنيا والحسنة في الآخرة لكان ذلك متناولاً لكل الأقسام، فلم ترك ذلك وذكر على سبيل التنكير؟ قلت: الذي أظنه في هذا الموضع ـ والعلم عند الله ـ أنا بينا فيما تقدم أنه ليس للداعي ان يقول: اللهم أعطني كذا وكذا، بل يجب أن يقول: اللهم ان كان كذا وكذا مصلحة لي وموافقاً لقضائك وقدرتك فأعطني ذلك، فلو قال: اللهم أعطني الحسنة في الدنيا والآخرة، لكان ذلك جزماً وقد بيّنا أنه غير جائز، أما لما ذكر على سبيل التنكير فقال: أعطني في الدنيا حسنة، كان المراد منه حسنة واحدة، وهي الحسنة التي تكون موافقة لقضائه وقدره ورضاه وحكمه وحكمته، فكان ذلك أقرب إلى‌ رعاية الأدب والمحافظة على أصول اليقين)(11).
وجواب الفخر محل نظر، لأننا قد قرأنا من الأدعية ما لاحصر له، قد ملئت بالمسألة وهي مروية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته(عليهم السلام)، فلم نر فيها: (ان كان كذا موافقاً لقضائك أو فيه مصلحة) إلا نادراً، لأن الله (سبحانه وتعالى) لن يستجيب ما دامت الاستجابة خلاف القضاء والحكمة والمصلحة وإن لم يقل العبد هذه العبارة، ولا أحتاج إلى‌ ذكر شاهد؛ لأن ذلك في متناول كل يد والله أعلم.
وإن للتنكير أغراضاً كثيرة ذكرها علماء البلاغة في أبحاثهم، والذي يظهر لي أن الغرض من التنكير في مقامنا: أن تتعدّد المصاديق وتكثر.
والدليل على صحة هذا ماروي عن ابي عبدالله (عليه السلام) انها ـ اي الحسنة ـ السعة في الرزق والمعاض، وحسن الخلق في الدنيا ورضوان الله والجنة في الآخرة(12).
قال القرطبي: (والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدنيا والآخرة، وهذا هو الصحيح؛ فإن اللفظ يقتضي هذا كله، فإن حسنة نكرة في سياق الدعاء، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على‌ البدل)(13).
أما لو جاء بالكلمة معرفة‌ فلن يستفاد هذه الفائدة، وأنت إذا قرأت القرآن الكريم وجدت هذه الفائدة مطردة في غيره موضع، فانظر قوله تعالى: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79]، وقوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ}.
و تعريف النكرة عند البلاغيين يؤيد أيضاً ما نقول، فالنكرة عندهم: (اسم يدل على شيء غير معين بسبب شيوعه بين أفراد كثيرة من نوعه تشابهه في حقيقته ويصدق على كل منها اسمه، نحو دفتر، بلبل، لوحة...)(14) والله أعلم.
ومنها إيتاء الأجر يقول (سبحانه وتعالى) متحدثاً عن نبيه إبراهيم (عليه السلام): {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 27]، قال الشيخ الطبرسي: (وهو الذكر الحسن والولد الصالح عن ابا عباس، وقيل هو رضى أهل الأديان به فكلهم يحبونه ويتولونه عن قتاده، وقيل: هو أنه أري مكانه في الجنة عن السدي، وقال بعض المتأخرين هو بقاء ضيافته عند قبره وليس ذلك لغيره من الأنبياء...)(15).
ومنها إيتاء حرث الدنيا، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ}[الشورى: 20]، والمقصود بحرث الدنيا نفعها كما أشار الشيخ الطبرسي رحمه الله في تفسيره(16).
وقد تسأل: لم قال مع الآخرة: {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}، وقال مع الدنيا {نُؤتِهِ مِنْهَا}؟
فأقول: إن حرث الآخرة جزاؤة بالتفضل فهو كما قال تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الانعام: 160]، وقال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]، اما حرث الدنيا فمن كان يريده فليس له إلا أن يؤتى بعضه.
قال الفخر الرازي: (الثاني: أنه قال في مريد حرث الآخرة {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}، وقال في مريد حرث الدنيا {نُؤتِهِ مِنْهَا} وكلمة (من) للتبعيض، فالمعنى: أنه يعطيه بعض ما يطلبه ولا يؤتيه كله، وقال في سورة بني اسرائيل : {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ} [الاسراء: 18](17).
والملاحظ في القرآن الكريم أنه (سبحانه وتعالى) استعمل في أكثر من موضع مادة الزيادة في الكلام على‌الجزاء الذي يجزي به على العمل، قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [ابراهيم: 7]، وقال تعالى: {وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} [الشورى: 23]، وقال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ}، [النساء: 173]، وهذا داع لأن يلتفت الانسان إلى الآخرة، والله أعلم.



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس