عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2011, 03:01 PM   #3
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ثانيهما: أنه لا يشتمل على شيء من الأحكام، وقد ذكر ذلك في رواية حماد بن عثمان المروية عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون(18). لكن يعارض هذا النص ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول:....ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة، وأرش الخدش(19). فإن ما ذكره عبارة عن أحكام، وهذا يعني اشتماله عليها، فتقع المعارضة حينئذٍ.
ولا يخفى أن المعارضة المتصورة مبنية على رجوع الضمير في قوله: وفيه ما يحتاج الناس إلينا، إلى مصحف فاطمة، فيكون المعنى وفي مصحف فاطمة ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة.
إلا أن العلامة المجلسي(ره) احتمل احتمالاً آخر، فذكر أن الضمائر كلها، وهي قوله: فأي شيء فيه، و: ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه: ما يحتاج الناس إلينا، راجعة إلى الجفر الأبيض، الذي كان الإمام(ع) بصدد تعريفه، أو لا أقل من كون الضميرين الأخيرين راجعين إليه(20).
ومقتضى ما ذكره العلامة المجلسي(ره) هو البناء على كون مصحف فاطمة(ع) واحد من المصادر التي تضمنها الجفر الأبيض كما تضمن كتب الأنبياء السابقين(ع).
والاستظهار المذكور تساعد عليه محاورة الإمام الصادق(ع) مع المعلى بن خنيس، والتي جاء فيها: وأما قوله في الجفر، فإنما هو جلد ثور مذبوح كالجراب، فيه كتب وعلم ما يحتاج الناس إليه إلى يوم القيامة، من حلال وحرام، إملاء رسول الله(ص)، وخطه علي(ع) بيده، وفيه مصحف فاطمة، ما فيه آية من القرآن(21).
ولا يخفى أنه وفقاً لكلا الاحتمالين، فلن تكون هناك معارضة بين النصين، ضرورة أن الضمير لن يكون راجعاً لمصحف فاطمة(ع)، وعليه لن يكون مشتملاً على شيء من الأحكام، فتدبر.
لكن تبقى الراوية التي سبقت الإشارة إليها والتي تضمنت بيان مقدار الدرهم في عصر الدوانيقي، فإن قبل أنها تدل على حكم شرعي، كانت معارضة لما ذكر من نفي اشتماله على شيء من الأحكام، وإن بني على ما تقدم منا، فلا معارضة كما هو واضح، فتأمل.
وأما الموضوعات، فقد تضمنت النصوص أن موضوعاته أمور:
1-إخبارها عن مقام رسول الله(ص)، ومستقبل أبناءها(ع)، فقد جاء في صحيح أبي عبيدة: ويخبرها عن أبيها، ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها(22).
2-الإخبارات المستقبلية، ففي رواية حماد بن عثمان: ولكن فيه علم ما يكون(23).
3-ذكر الأنبياء والأوصياء(ع)، فقد ورد عنه(ع) قوله: ما من نبي ولا وصي إلا وهو في كتاب عندي، يعني مصحف فاطمة. نعم للجزم بكون هذا من موضوعات المصحف مجال واسع، فإن ما جاء في ذيل الخبر تفسير من الراوي، وهذا يعني أنه قد استظهر من كلام الإمام(ع) ذلك، ربما كان نتيجة الاستناد لجملة من القرآئن الحالية أو المقامية، وإلا فلا نعرف وجهاً لهذا الاستظهار، ويحتمل أنه مجرد تخمين وظن ليس إلا، والظن كما نعلم لا يغني من الحق شيئاً.
وبالجملة، الجزم بما ذكر أنه من الموضوعات المذكورة في مصحف فاطمة(ع)، فيه تأمل.
4-ذكر الحكام والملوك الذين يحكمون ويملكون في الأرض، وقد أشير إلى ذلك في قوله(ع): وأما مصحف فاطمة ففيه ما يكون من حادث، وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة(24).
وقد يستفاد ذلك من صحيحة الفضلاء، قال لأبي عبد الله(ع)، إن الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمد بن عبد الله فهل له سلطان؟ فقال: والله إن عندي لكتابين فيهما تسمية كل نبي وكل ملك يملك الأرض، لا والله ما محمد بن عبد الله في واحد منهما(25). وفقاً لما احتمله العلامة المجلسي(ره) في المرآة أن المقصود بالكتابين، الجفر ومصحف فاطمة, وحكى قولاً عن بعضهم أن المقصود بالكتابين أنهما جزءان من المصحف، أحدهما يتعلق بذكر الأنبياء، والآخر يتعلق بذكر الملوك(26).
ومثل ذلك يجري في رواية فضيل قال: دخلت على أبي عبد الله(ع)، فقال: يا فضيل أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل؟ قال: قلت لا، قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة(ع)، ليس من ملك يملك الأرض إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئاً(27). فإنه إذا بني على أن المقصود بكتابها هو مصحفها، كانت متضمنة للمدعى، فلاحظ.
5-وصيتها(ع) فقد روي عن الإمام الصادق(ع): وليخرجوا مصحف فاطمة، فإن فيه وصية فاطمة(28).
ويمكن تحديد وصيتها(ع)، وما جاء فيها بملاحظة غير واحد من النصوص، ليس هذا محل ذكرها، وقد أشار العلامة المجلسي(قده)، إلى ما يتصور فيها وفقاً للنصوص، فلاحظ(29).
هذا وليعلم أن مصحف فاطمة من التراث الخالد الذي يتوارثه الأئمة(ع) خلفاً عن سلف، وينتقل للإمام اللاحق من الإمام السابق(30)، وهكذا في ما ينتقل إليه، كما عرفت ذلك من النصوص، والتي تضمنت تعداد الإمام(ع) ما يكون عنده من التراث، والمصادر وما شابه.
وقد تحصل من خلال العرض السابق عدم تمامية الفرية التي ينسبها الآخرون لأتباع مدرسة أهل البيت(ع) بشأن مصحف فاطمة(ع)، وليتهم، ولا أظن أنهم يرغبون في ذلك قد عمدوا إلى مطالعة النصوص الواردة بشأنه، وتأملوا فيها لوجدوا بطلان ما توهموه، وفساد ما تخيلوه، نسأل الله للجميع الهداية والصلاح. ولنختم المقام بكلمة للمحقق آغا بزرك الطهراني(قده)، قال: مصحف فاطمة(ع) مجموعة من ودائع الإمامة عند مولانا وإمامنا صاحب الزمان(ع)، كما روي في عدة أحاديث من طرق الأئمة(ع)(31).
ـــــــــــــ
(1) أصول الكافي ج 1 ص 241 ح 5.
(2) دلائل الإمامة ص 106.
(3) أصول الكافي ج 2 ح 2 ص 240.
(4) أصول الكافي ج 1 ح 5 ص 241.
(5) بصائر الدرجات ج 1 ص 308.
(6) أصول الكافي ج 1 ح 1 ص 238-239.
(7) الوافي ج 3 ص 579 ح 1.
(8) أصول الكافي ج 1 ح 2 ص 240.
(9) أصول الكافي ج 1 ح 5 ص 241.
(10) بصائر الدرجات ج 1 ص 317 ح 17.
(11) المصدر السابق ح 19 ص 318-319.
(12) أعيان الشيعة ج 1 ص 314 حكاية عن كتاب تدوين الحديث ص 386.
(13) فروع الكافي ج 3 ح 2 ص 507.
(14) أصول الكافي ج 1 ح 8 ص 242.
(15) بصائر الدرجات ج 1 ص 306 ح 2.
(16) بصائر الدرجات ج 1 ص 312 ح 8.
(17) بحار الأنوار ج 37 ص 176 ح 63.
(18) أصول الكافي ج 1 ح 2 ص 240.
(19) أصول الكافي ج 1 ح 3 ص 240.
(20) مرآة العقول ج 3 ص 57، هذا وقد تضمنت النسخة التي عندي عبارة( راجعة إلى الخبر)، ولا ريب في كونها خطئاً مطبعياً، والصحيح راجعة إلى الجفر، فلاحظ.
(21) بصائر الدرجات ج 1 ح 15 ص 317.
(22) أصول الكافي ج 1 ح 5 ص 241.
(23) المصدر السابق ح 2.
(24) حكاه في تدوين الحديث ص 405 عن روضة الواعظين ج 1 ص 211.
(25) أصول الكافي ج 1 ح 7 ص 242.
(26) مرآة العقول ج 3 ص 60.
(27) أصول الكافي ج 1 ح 8 ص 242.
(28) أصول الكافي ج 1 ح 4 ص 241.
(29) مرآة العقول ج 3 ص 58.
(30) تدوين الحديث ص 410.
(31) الذريعة ج 21 ص 126.


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس