عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2011, 03:00 PM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



نعم يبقى المانع من البناء على ما ذكر ما عرفت من عدم الجزم بالنص المذكور، خصوصاً وقد أعرض شيخنا الكليني(ره) عن هذا المقطع، فتأمل جيداً.
2-أنالمملي له هو ملك من الملائكة، أرسله الله تعالى، وكان يحدث الزهراء(ع)، ويملي عليها ذلك. وقد ورد ذلك في خبر عثمان بن حماد عن أبي عبد الله الصادق(ع) حيث جاء فيه: فأرسل الله إليها ملكاً يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين(ع)، فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي، فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين يكتب كل ما سمع حتى أثبت بذلك مصحفاً(8).
3-أن الإملاء كان بواسطة جبرائيل الأمين(ع)، فإنه الذي كان يتولى ذلك، وقد كان ذلك من خلال التحديث، وقد ورد ذلك في صحيحة أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله الصادق(ع) التي جاء فيها: وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي(ع) يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة(9).
وقد يؤيد ذلك بما ورد عن عمر بن يزيد قال: قلت: لأبي عبد الله(ع): الذي أملى جبرائيل على علي(ع) أقرآن هو؟ قال: لا(10). على أساس أن المسؤول عنه هو مصحف فاطمة، أما لو بني على أن المسؤول عنه شيء آخر، فلا دلالة له على المدعى، ولاحتمال كون المسؤول عنه هو الأول، عبرنا عنها بالمؤيد، وليس بالدليل، فتأمل.
4-أنالمملي كان رسول الله، ومنشأ ذلك ما جاء عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: وعندنا مصحف فاطمة(ع)، أما والله ما فيه حرف من القرآن، ولكنه إملاء رسول الله، وخط علي(11).
ووفقاً لما تقدم، سوف يبنى على وقوع المعارضة بين العناوين الأربعة، إلا أنه يمكن حل ذلك بإرجاع العنوان الثاني إلى العنوان الثالث، فيحكم بوحدتهما، عمدة ما كان تضمنت بعض النصوص الإجمال في الملك المملي، وبعضها تضمنت التفصيل والبيان، وإلا فالمقصود من الملك في النصوص هو الأمين جبرائيل(ع)، وبالتالي لا معارضة بين العنوانين، فلاحظ.
فيبقى الأمر بين العنوان الأول والعنوان الثالث والعنوان الرابع، وقد عرفت أن العنوان الأول يمكن علاجه بإرجاعه إلى التحديث بواسطة الملك، كما هو غير مستبعد، فنبقى وخصوص العنوانين الثالث والرابع، وقد ذكرت عدة وجوه لعلاجه:
منها: البناء على أن مصحف فاطمة(ع)، ليس كتاباً صغيراً، بل هو مجموع كبير يتضمن مجموعة من الأمور، وقد كان مصدر بعض ما فيه النبي(ص)، والمصدر الآخر كان ما يمليه الأمين جبرائيل(ع) على مولاتنا الزهراء(روحي لها الفداء).
والتوجيه المذكور وإن كان محتملاً ثبوتاً، إلا أنه بحاجة إلى ما يدل عليه إثباتاً، وإلا كان جمعاً تبرعياً، كما لا يخفى.
والظاهر أنه ليس في النصوص ما يشير إلى هذا المعنى، بل إن المستفاد منها أن مصحف فاطمة(ع) كان كله بإملاء من جبرائيل، وأن ذلك كان بعد رحلة النبي(ص) عن عالم الدنيا، وأن الداعي إلى ذلك كان تسلية للزهراء(ع)، وعليه فلن ينسجم الجمع المذكور والنصوص الموجودة في المقام.
ومنها: ما أختاره السيد الأمين(قده) في كتابه أعيان الشيعة، من وجود كتابين للزهراء(ع)، أحدهما بإملاء النبي(ص)، والآخر بإملاء الأمين جبرائيل(ع)، وكان الكاتب لكليهما هو الأمير(ع)(12).
ولعل منشأ ما ذكره السيد الأمين(ره) هو ما رواه حبيب الخثعمي، في تعيـين وزن الدرهم المختلف فيه، قال: كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد بن خالد وكان عامله علي المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة ولم يكن هذا على عهد رسول الله(ص)-إلى أن قال-فأقبل عليه عبد الله بن الحسن فقال: من أين أخذت هذا؟ قال: قرأت في كتاب أمك فاطمة، قال: ثم انصرف(13). وقد ورد هذا التعبير أيضاً في رواية فضيل قال: دخلت على أبي عبد الله(ع)، فقال: يا فضيل أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل؟ قال: قلت لا، قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة(ع)، ليس من ملك يملك الأرض إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئاً(14).
ولا يخفى أن موجب الالتـزام بما أفاده(ره) يعتمد على كون بيان مقدار الدرهم من الأحكام الشرعية، حتى تكون هناك معارضة بين النص المذكور والنصوص الأخرى التي تضمنت أن مصحف فاطمة(ع) لا يتضمن شيئاً من الحلال والحرام، كما ستأتي الإشارة إليه. أما لو بني على أن التحديد المذكور ليس من التشريع، كما هو الظاهر فلا منافاة بين النصوص أصلاً. على أن رواية الفضيل تساعد على أن المقصود من كتاب فاطمة(ع) هو مصحفها كما سيأتي عند الحديث عن موضوعات المصحف وما تضمنه من مطالب، فأنتظر.
على أنه لم يتضح وجه الجمع المذكور، فإن رواية الخثعمي لا تتضمن إشارة من قريب أو بعيد إلى كون كتاب فاطمة من إملاء رسول الله(ص)، وبالتالي لم يتضح وجه الجمع المذكور، فتدبر.
ومنها: ما ذكره غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(قده) ، وحاصله: إن موجب تصور المعارضة بين الاحتمالين الثالث والرابع إنما هو الانصراف الذهني لكون المقصود من التعبير برسول الله، هو النبي الأكرم محمد(ص)، مع أن هذا الانصراف ليس من الانصراف المعول عليه في مثل الموارد، وبالتالي يبقى التعبير متصوراً في غيره، خصوصاً إذا لاحظنا أن هذا التعبير قد يطلق على الملائكة، وقد استعمل كذلك سواء في القرآن الكريم، وفي النصوص الشريفة، وعليه فإن وجدت قرينة دلت على تحديد المقصود منه، وإلا فإن كان الانصراف للأقوى وضوحاً وظهوراً، أو بقي اللفظ مجملاً، والظاهر أن في البين قرينة مساعدة على تحديد المقصود منه، وهي النصوص التي تضمنت أنه كان يأتيها ملك، أو يأتيها جبرائيل فيحدثها، فيحمل لفظ الرسول الوارد في النص على جبرائيل(ع)، وبهذا يحل التعارض.
مواصفات مصحف فاطمة:
هذا ونحتاج أن نتعرف على المواصفات التي يتصف بها مصحف فاطمة(ع)، وذلك من خلال عرض الميز التي يمتاز بها، وبيان الموضوعات التي اشتمل عليها.
أما بالنسبة للميز التي امتاز بها، فقد ذكرت النصوص أن له امتيازين يمتاز بهما:
أحدهما: أنه لا يشتمل على شيء من القرآن الكريم، وقد أشير إلى ذلك في ما روي عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: وعندنا مصحف فاطمة، أما والله ما هو بالقرآن(15)، وكذا ما روي عن الإمام الكاظم(ع) أنه قال: عندي مصحف فاطمة، ليس فيه من القرآن شيء(16).
وكأن هذا التركيز من الإمام(ع) دفعاً لتوهم قد يحصل عند البعض من خلال التعبير بكلمة المصحف، فقد يتصور أن ذلك يحتوي على شيء من القرآن الكريم، أو أنه قرآن، وبالتالي تؤكد الفرية الموجهة للشيعة من أن لهم قرآناً آخر يغاير قرآن المسلمين، لذا أكد(ع) على أن مصحف فاطمة(ع) لا يتضمن شيئاً من القرآن الكريم.
وقد يعترض على هذا الامتياز بما حكاه شيخنا المجلسي(قده) عن الديلمي، عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه كان يتلو قوله تعالى:- (سأل سائل بعذاب واقع*للكافرين ليس له دافع) بهذا النحو: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع. ثم قال: هكذا في مصحف فاطمة(17).
وهو مدفوع، بعدم صلوح الخبر المذكور لمعارضة النصوص الأخرى، لضعف سنده بضعف من وقع في طريقه كما نص على ذلك الرجاليون، فلا يصلح لمقاومة النصوص الأخرى التي تضمنت المعتبر، والتي نفت اشتمال مصحف فاطمة(ع) على شيء من القرآن الكريم، فتدبر.


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس