عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2011, 05:59 PM   #3
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



شبهة اخرى للآلوسي في تفسيره (28):
وقد يستدل على كون الارادة هنا بالمعنى المذكور اي الشريعة دون المعنى المشهور (التكوينية) الذي يتحقق عنده الفعل بانه(صلى الله عليه وآله) قال حين ادخل علياً وفاطمة والحسنين(عليهم السلام) تحت الكساء (اللهم هؤلاء بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) اذ أية حاجة للدعاء لو كان ذلك مراداً بالارادة التكوينية وهل هو الا دعاء بحصول واجب الحصول.
ويرد عليه اولا ان جعل الارادة تشريعية لا يدفع محذور تحصيل الحاصل الذي فرضه للارادة التكوينية لانه حينئذ يكون معنى دعاء‌ النبي(صلى الله عليه وآله) هو (اللهم اجعل اهل بيتي مشمولين لامرك ونهيك واجعلهم مكلفين بالاحكام التي شرّعتها لجميع الناس) وهل هذا الا نفس تحصيل الحاصل الذي حاول التخلص منه؟
وثانياً: لا تنافي بين ان يكون الشيء حاصلاً والدعاء لادامته او زيادته فهذا رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذي قال الله تعالى في حقه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(29) مع ذلك(صلى الله عليه وآله) يقف في صلاته على‌ مدى حياته ليقول {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} ترى هل انه لم يكن قبلها مهديا اليه! كلا فانه دعاء لادامة تلكم الهداية فلماذا لم يعتبره الآلوسي دعاء بحصول الحاصل.
وبعبارة اخرى: ان الدعاء بالتطهير او باي امر حاصل يمكن تفسيره بوجهين:
الاول: ان حصول الشيء عند الانسان لا يعني الاستغناء عن الله تعالى في دوام ذلك الشيء و استمراريّته ولا يعني ايضا امكانية الخروج عن قدرته تعالى فيما لو اراد الله سبحانه ازالته او تغييره بل الانسان ـ اي انسان ـ محتاج في كل لحظات وجوده الى فيض الله تعالى و لطفه سواء في اصل وجوده و بقائه ام في توابع الوجود من العلم و الرزق والقدرة وما الى ذلك وقد جعل الله تعالى‌ لنفسه المشيئة في الامور قال تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}(30)
ومن هنا يمكن ان يكون دعاء الرسول الاكرم(صلى الله عليه وآله) في تطهير اهل بيته(عليهم السلام) طلبا من الله تعالى‌لادامة هذا الامر الحاضر واستمراريته.
وهذا من ادب الله سبحانه وتعالى‌ الذي أدب انبيائه واصفيائه(عليهم السلام) فانهم لا يرون لانفسهم اي استقلال فيما اتوا و لا يعتمدون على ماعندهم من قدرة بل يجدون انفسهم في فقر دائم وحاجة مستمرة الى الله تعالى وفيضه ولطفه قال تعالى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا* إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ}(31) .
الثاني: ومن المعلوم ان المقامات السامية التي بلغها الصفوة من العباد ليست كلها درجة واحدة فالانبياء يتفاضلون فيما بينهم وتتفاوت درجاتهم ومراتبهم قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(32) ولم يكن هذا التفاضل جزافا ومن دون ضوابط ولا انه اعتباري خال من الحقيقة بل هو حقيقي ناشئ من امور حقيقية كامنة في نفوس هؤلاء البررة(عليهم السلام)(33).
ومن هنا يمكن ان يكون دعاء الرسول(صلى الله عليه وآله) فيما نحن فيه من اجل ان يرتفع هؤلاء الاشخاص بمراتب القدس والطهارة ويصلوا بذلك الى حيث منتهى‌ القرب الالهي المشار اليه في الزيارة الجامعة الكبيرة بـ (اشرف محل المكرمين واعلى‌ منازل المقربين وارفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولايسبقه سابق ولا يطمع في ادراكه طامع) وكذا ما في نفس الزيارة ايضا (عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس و اذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا) فجاءت الآية معلنة هذا المعنى‌وذلك من خلال حصر ارادة الله تعالى التي لا خلف فيها باذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا ان الكساء المبارك قد جمع عدة اصناف من المعصومين فضم من هو نبي قد مضت على بعثته عدة سنوات وهو رسول الله(صلى الله عليه وآله) واحتوى اماما لم يعلن عنه بيعته بالامامة بعد. وهو امير المؤمنين وفاطمة الزهراء والحسنين اللذين لم يبلغا الحلم.
وهذا النوع من الاجتماع تحت الكساءيدلل بوضوح على‌ شمولية العصمة والتطهير من الرجس لجميع حالات ومستويات المعصومين فليست العصمة مختصة بحال تبليغ الاحكام او التصدي للامامة كما في اميرالمؤمنين وايضا فان العصمة غير مختصة بما بعد البلوغ كما دلت الآية على‌ عصمة الحسنين وهما لم يبلغا الحلم فالعصمة قبل البعثة وبعد البعثة وفي حال تبليغ الاحكام ونزول الوحي وفي سائر الامور الحياتية وهو مذهبنا.
جاء في الحديث عن الامام الصادق(عليه السلام) انه قال: المعصوم هو الممتنع بالله من جميع(34) المحارم وقد قال الله تعالى: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(35)
هذا تمام البحث في الارادة والاشكالات الواردة والردود عليها.
من هم أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) الذين نزلت الآية فيهم؟
رأى بعض او اكثر المفسرين من اهل السنة أن اهل البيت هم نساء النبي(صلى الله عليه وآله) والبعض الآخر أنهم نساء‌ النبي(صلى الله عليه وآله) مع الخمسة الطاهرين.
واما مذهب الامامية قالوا بانها نزلت في الخمسة الطاهرين قال البيضاوي في تفسيره(36) :
وخصصت الشيعة اهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما والاحتجاج بذلك على عصمتهم وكون اجماعهم حجة: ضعيف لان التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها، والحديث الوارد بشان نزول الآية (لما روي ان رسول الله(صلى الله عليه وآله) خرج ذات غدوة وعليه مرط مرجل من شعر اسود فجلس فاتت فاطمة فادخلها فيه ثم جاء علي فادخله فيه ثم جاء الحسن والحسين فادخلهما فيه، ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} يقتضي انهم أهل البيت لا انه ليس غيرهم. انتهى كلامه.
اقول: وانت خبير بان ما ذكره ضعيف.
اولا: فلأن القرآن نزل على لغة العرب ومن عادتهم انهم يخرجون من خطاب الى خطاب ثم يعودون اليه، فكون ما قبل الآية وما بعدها في ازواج النبي(صلى الله عليه وآله) لا ينافي كون وسطها فيهم وهذا الخروج من حكم الى‌ آخر في القرآن كثير جداً.
فكثير ما تأتي الآية واولها في شيء و اوسطها في آخر وآخرها في ثالث وثانياَ: ولو اريد النساء لقيل عنكن ويطهركن دون عنكم ويطهركم فهذا قرينة على المراد(37) .
وهذا ما ذكره العلامة الطباطبايي في ميزانه(38) حيث قال وليس المراد بأهل البيت نساء‌النبي(صلى الله عليه وآله) خاصة (وهذا كذلك رد على البيضاوي واسلافه) لمكان الخطاب الذي في قوله: (عنكم) ولم يقل (عنكن) فاما ان يكون الخطاب لهن ولغيرهن كما قيل:
ان المراد بأهل البيت(عليهم السلام) (اهل البيت الحرام) وهم المتقون لقوله تعالى: {إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ}(39) او اهل مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) أو أهل مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) أو أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) وهم الذين يصدق عليهم عرفا اهل بيته من ازواجه واقربائه وهم آل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي او النبي(صلى الله عليه وآله) وازواجه ولعل هذا هو المراد مما نسب الى عكرمة وعروة انها في ازواج النبي(صلى الله عليه وآله) خاصة او يكون الخطاب لغيرهن كما قيل: انهم اقرباء النبي من آل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي.
لكن لا يمكننا كما (صرح بذلك الطباطبايي(قدس سره)) تعميم أهل البيت(عليهم السلام) في الآية لاولئك لان لازمه ارادة اذهاب الرجس عنهم جميعا وعصمتهم بناءاً على ما قدمناه من كونها بصدد بيان الارادة التكوينية، والالتزام بعصمة هؤلاء جميعاً لا يمكن ولم يقل احد من المسلمين بعصمة نساء النبي(صلى الله عليه وآله) وبالخصوص ابنة الاول وابنة الثاني وهما اللتان تآمرتا على رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حياته. حتى اعتزل نساءه ونام على الحصير فنزلت سورة التحريم {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}(40).
وكانت الاولى تؤذي النبي(صلى الله عليه وآله) عندما كانت تغار من ام المؤمنين خديجة فتقول له(صلى الله عليه وآله) مالي ولخديجة إنها عجوز حمراء الشدقين ابدلك خيراً‌ منها فغضب(صلى الله عليه وآله) حتى ‌اهتز شعره(41) وجاء في كنز العمال انها قالت لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ذات مرة انت تزعم انك لنبي وقالت لرسول الله(صلى الله عليه وآله) مرة اخرى اعدل و كان ابوها حاضراً فضربها حتى ‌سال دمها(42) و خرجت بعد مماته(صلى الله عليه وآله) من البيت النبوي والله تعالى‌ امرها بالقعود في الدار اذ قال تعالى في نفس الآية {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(43) و ركبت الجمل والقضية معروفة‌تاريخيا(44) وخرجت مرة ثانية لمنع دفن قرة عين الرسول وريحانته الحسن السبط بجوار جده الاعظم محمد(صلى الله عليه وآله) وركبت البغل فقال لها العباس يا عائشة:
تجمّلت تبغّلت ولو عشت تفيلت *** لك التسع من الثمن وبالكل تملّكت(45)


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس