الصفاتُ الجَماليّة و الجَلاليَّة الذاتيّة (الشيخ السبحاني )
الصفاتُ الجَماليّة و الجَلاليَّة الذاتيّة
إِنَّ صفاته سبحانه تنقسم إلى قسمين : ثبوتية و سلبية ، أَوْ جمالية و جلالية.
فإِذا كانت الصفة مثبتة لجمال في الموصوف و مشيرة إلى واقعية في ذاته سميت « ثبوتية ذاتيّة » أَو « جمالية ». و إِذا كانت الصفة هادفة إلى نفي نقص و حاجة عنه سبحانه سميت « سلبية » أو « جلالية ».
فالعلم و القدرة و الحياة من الصفات الثبوتية المشيرة إلى وجود كمال
-----------------------------------------------
(83)
و واقعية في الذات الإِلهية. ولكن نفي الجسمانية و التحيز و الحركة و التغير من الصفات السلبية الهادفة إلى سلب ما هو نقص عن ساحته سبحانه.
و قد أَشار صدر المتأَلهين إلى أنَّ هذين الإِصطلاحين « الجمالية » و « الجلاليَّة » قريبان مما ورد في الكتاب العزيز. قال سبحانه : ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالاِْكْرَام ) (1) فصفة الجلال ما جلّت ذاته عن مشابهة الغير ، و صفة الإِكرام ما تكرمت ذاته بها و تجملت (2). فيوصف بالكمال و ينزّه بالجلال.
إِنَّ علماء العقائد حصروا الصفات الجمالية في ثمانية و هي : العلم ، القدرة ، الحياة ، السمع ، البصر ، الإِرادة ، التكلم ، و الغنى. كما حصروا الصفات السلبية في سبع و هي أنَّه تعالى ليس بجسم و لا جوهر و لا عرض و أنَّه غير مرئي و لا متحيز و لا حال في غيره و لا يتّحد بشيء.
غير أَنَّ النظر الدقيق يقتضي عدم حصر الصفات في عدد معين ، فإِنَّ الحق أَنْ يقال إِنَّ الملاك في الصفات الجمالية و الجلالية هو أَنَّ كل وصف يعد كمالا ، فالله متصف به. و كل أَمر يعتبر نقصاً و عجزاً فهو منزَّه عنه ، و ليس علينا أَنْ نحصر الكمالية و الجلالية في عدد معين.
و على ذلك يمكن إِرجاع جميع الصفات الثبوتية إلى وصف واحد و الصفات السلبية إلى أَمر واحد. و يؤيد ما ذكرناه أَنَّ الأَسماء و الصفات التي وردت في القرآن الكريم تفوق بأضعاف المرات العدد الذي ذكره المتكلمون.
و قد وقع الإِختلاف في بعض ما عُدّ من الصفات الثُّبوتية بأَنها هل هي من الصفات الثبوتيّة الذاتية أوْ الثبوتية الفعلية. كالتكلم و الإِرادة ، حتى أَنَّ
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ سورة الرحمن : الآية 78.
2 ـ الأسفار ، ج 6 ، ص 118.
--------------------------------------------------------------------------------
(84)
بعض ما عدّ من الصفات الذاتية في بعض المناهج ، ليس من صفات الذات قطعاً ككونه صادقاً بل من صفات الفعل. و سيوافيك الفرق بينهما.
الالهيات الشيخ السبحاني
يــــا لـثارات الـــزهــــــراء
|