تكملة ما مر
قال عمرو بن دينار وعبد الله ابن عمير : ما لقينا أبا جعفر محمد بن علي " عليه السلام " إلا وحمل الينا النفقة والصلة والكسوة ويقول : هذه معدة لكم قبل أن تلقوني .
قال سليمان بن القاسم : كان أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام يخبرنا بالخمسمائة إلى الستمئة إلى الألف درهم .
قال الحسن بن كثير شكوت إلى أبي جعفر محمد بن علي الحاجة وجفاء الاخوان ، فقال : بئس الأخ أخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمئة درهم ، وقال : استنفق هذه فإذا نفذت فأعلمني .
( وروى ) عنه " عليه السلام " انه سئل عن الحديث يرسله ولا يسنده فقال : إذا حدثت الحديث ولم أسنده فسندي فيه أبى عن جدي عن أبيه عن جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن جبرئيل عن الله تعالى ، قال : انى لفي عمرة اعتمرتها في الحجر جالسا إذ نظرت إلي جان قد أقبل من ناحية المسعى حتى دنا من الحجر فطاف بالبيت أسبوعا ، ثم إنه أتى المقام فقام على ذنبه فصلى ركعتين ، وذلك عند زوال الشمس فبصر به عطاء وأناس من أصحابه فاتوني ، فقالوا : يا أبا جعفر هل رأيت هذا الجان ؟
فقلت : رأيته وما صنع ثم قال لهم : انطلقوا إليه فقولوا له : يقول لك محمد بن علي : ان البيت يحضره أعبد وسودان وهذه ساعة خلوته منهم ، وقد قضيت نسكك ونحن نتخوف عليك منهم فلو خفقت وانطلقت ، قال فكوم كومة من بطحاء المسجد ثم وضع ذنبه عليها ، ثم مثل في الهواء .
عن أبي عيينة : ان رجلا جاء إلى أبي جعفر " عليه السلام " فدخل عليه ، فقال انا رجل من أهل الشام لم أزل والله أتولاكم أهل البيت وأتبرأ من أعدائكم وان أبى لا رحمه الله كان يتولى بنى أمية ويفضلهم عليكم ، فكنت أبغضه على ذلك ، وكان يبغضني على حبكم ويحرمني ماله ويجفوني في حياته بعد مماته وقد كان له مال كثير ولم يكن له ولد غيري ، وكان مسكنه بالرملة ، وكانت له حبيبة يخلو لفسقه فلما مات طلبت ماله في كل موضع فلم اظفر به ، ولست أشك انه دفنه في موضع وأخفاه منى لا رضي الله عنه فقال له أبو جعفر " عليه السلام " أفتحب ان تراه وتسأله أين وضع ماله ؟
فقال له الرجل : نعم ، وانى محتاج فقير فتكتب له أبو جعفر كتابا بيده في رق أبيض ثم ختمه بخاتمه ، ثم قال له تنادى : يا درجان فإنه سيأتيك رجل معتم فادفع إليه كتابي وقل : انا رسول محمد بن علي فسأله عما بدا لك ، قال : فأخذ الرجل الكتاب وانطلق ، فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر معتمدا لأنظر ما حال الرجل ، فإذا هو على باب أبى جعفر " عليه السلام " ينتظر متى يؤذن له فدخلنا على أبي جعفر " عليه السلام " فقال له الرجل الله اعلم عنده من يضع علمه وقد انطلقت بكتابك الليلة حتى توسطت البقيع فناديت درجانا فأتى رجل معتم فقال : انا درجان فما حاجتك ؟ فقلت انا رسول محمد بن علي إليك وهذا كتابه فقال مرحبا برسول حجة الله على خلقه فاخذ كتابه فقرأه فقال أتحب ان ترى أباك ؟
فقلت : نعم قال : فلا تبرح من موضعك حتى آتيك به فإنه ( بضجنان ) فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى اتاني برجل اسود في عنقه حبل اسود مدلع لسانه يلهث وعليه سربال اسود ، فقال لي : هذا أبوك ، ولكن غيره اللهب ودخان الجحيم وجرع الحميم وعذاب الأليم ، فقلت له : أنت أبى ؟
فقال : نعم قلت من غيرك وغير صورتك ؟
قال إني كنت أتولى بنى أمية وأفضلهم علي أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعذبني الله على ذلك وانك تتولى أهل بيت نبيك وكنت أبغضك على ذلك فأحرمتك مالي ودفنته عنك فانا اليوم على ذلك من النادمين ، فانطلق إلى حديقتي فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال وهو مئة وخمسون ألفا فادفع إلى محمد بن علي خمسين ألفا ولك الباقي قال : فانى منطلق حتى آتى بالمال قال أبو عيينة : فلما كان الحول قلت لأبي جعفر " عليه السلام " : ما فعل الرجل قال قد جاءنا بخمسين الف قضيت بها دينا كان علي وابتعت بها أرضا ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي اما ان ذلك سينفع الميت النادم على ما فرط من حبنا أهل البيت وضيع من حقنا بما ادخل علي من الرفق والسرور .
وقال " عليه السلام " : نحن أهل بيت الرحمة ، وشجرة النبوة ، ومعدن الحكمة ، وموضع الملائكة ، ومهبط الوحي .
( وروى ) ان جابر كان يقعد في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادى : يا باقر العلم يا باقر العلم ، فكان أهل المدينة يقولون : ان جابر يهجر وكان يقول والله ما أهجر ولكن سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : انك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه اسمى وشمايله شمايلي يبقر العلم بقرا ، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول ، قال : فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذا هو بطريق في ذلك الطريق كان محمد بن علي ابن الحسين عليهم السلام ، فلما نظر إليه قال : يا غلام اقبل فاقبل ، ثم قال أدبر فقال شمايل رسول الله والذي نفس جابر بيده ، يا غلام ما اسمك ؟
قال : اسمى محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب فاقبل إليه يقبل رأسه وقال : بأبي أنت وأمي ان رسول الله يقرأك السلام وقال فرجع محمد بن علي إلى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر فأخبره الخبر فقال له : يا بنى قد فعلها جابر ؟
قال نعم قال يا بنى الزم بيتك قال : وكان جابر يأتيه طرفي النهار ، وكان أهل المدينة يقولون : وا عجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله فلم يلبث ان مضى علي بن الحسين عليهما السلام ، وكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : فجلس فحدثهم عن أبيه فقال أهل المدينة : ما رأينا أحدا قط أجرأ من هذا قال : فلما رأى ما يقولون فحدثهم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال أهل المدينة : ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره ؟
قال : فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه وكان جابر والله يأتيه ويتعلم منه .
|