حول الامام الباقر ع
[ مجلس النيسابوري عن الامام الباقر ع ]
روضة الواعظين - الفتال النيسابوري - ص 202 - 206
مجلس في ذكر امامة أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ومناقبه :
والامام بعد علي بن الحسين " عليه السلام " أبو جعفر محمد بن علي الباقر بنص أبيه عليه واعتبار الشرايط العقلية ، وهو " عليه السلام " قد برز على جماعتهم بالفضل في العلم ، والزهد وكان أكثرهم ذكرا وأجلهم في الخاصة والعامة ولم يظهر عن أحد منهم من ولد الحسن والحسين عليهما السلام من علم الدين والآثار ، وعلم القرآن والسيرة ، وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر عليه السلام .
( وروى ) عنه معالم الدين بقايا الصحابة ، ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين وكان في وصية أمير المؤمنين " عليه السلام " إلى ولده ذكر محمد بن علي والوصاية ، وسماه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعرفه بباقر العلم .
وقال جابر : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لي يوشك ان تبقى يا جابر حتى تلقى ولد إلي من الحسين يقال له : محمد بن علي يبقر علم الدين بقرا فإذا لقيته فاقرأه منى السلام .
قال الباقر " عليه السلام " : دخلت على جابر بن عبد الله الأنصاري فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال لي من أنت ؟
وذلك بعد ما كف بصره فقلت محمد بن علي بن الحسين فقال يا بنى ادن منى فدنوت منه فقبل يدي ثم أهوى إلى رجلي يقبلها فتنحيت عنه ثم قال لي : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرؤك السلام ، فقلت وعلى رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته وكيف ذاك يا جابر ؟
فقال : كنت معه ذات يوم فقال لي يا جابر لعلك ان تبقى حتى تلقى رجلا من ولدى يقال له محمد بن علي بن الحسين ، يهب الله له النور والحكمة فاقرأه منى السلام .
قال عبد الله بن عطاء المكي : ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، ولقد رأيت الحكم ابن عينية مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمد بن علي عليهما السلام ، قال : حدثني وصى الأوصياء وولى الأولياء ووارث علم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام .
قال الربيع : سألت أبا إسحاق عن المسح ، فقال : أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط يقال له محمد بن علي بن الحسين فسألته عن المسح فنهاني عنه وقال : لم يكن أمير المؤمنين " عليه السلام " يمسح ، وكان يقول سبق الكتاب المسح على الخفين .
وقال الباقر " عليه السلام " في قوله تعالى : ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال نحن أهل الذكر قال أبو زرعة : صدق محمد بن علي ، ولعمري ان أبا جعفر لمن أكبر العلماء . ( وروى ) ان هشام بن عبد الملك حج فدخل المسجد الحرام متكيا على يدي سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين جالس في المسجد ، فقال له سالم يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين فقال له هشام : المفتون به أهل العراق ؟ قال : نعم قال فاذهب إليه وقل له يقول أمير المؤمنين : ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة ؟ قال له أبو جعفر " عليه السلام " يحشر الناس على مثل فرضة النهر فيها أنهار منفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ من الحساب ، قال فرأى هشام انه قد ظفر به فقال الله أكبر اذهب إليه فقل له ما أشغلهم عن الأكل والشرب يومئذ فقال له أبو جعفر " عليه السلام " هم في النار اشغل ، ولم يشغلوا حتى قالوا ( أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم ) فسكت هشام ولم يراجع .
( وروى ) ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام ليمتحنه بالسؤال فقال له : جعلت فداك ما معنى قوله تعالى : ( أو لم ير الذين كفروا إن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) ما هذا الرتق والفتق ؟ . قال أبو جعفر " عليه السلام " : كانت السماء رتقا لا تنزل القر وكانت الأرض فتقا لا تخرج النبات فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى ثم عادا إليه فقال : جعلت فداك أخبرني عن قوله تعالى ( ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى ) ما غضب الله ؟
قال أبو جعفر " عليه السلام " غضب الله عقابه يا عمروا ومن قال إن الله يغيره شئ فقد كفر .
( وروى ) ان نافع بن الأزرق جاء إلى محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فجلس بين يديه يسأله عن مسائل في الحلال والحرام . قال له أبو جعفر " عليه السلام " : في أثناء كلامه قل لهذه المارقة بما استحلتم فراق أمير المؤمنين عليه السلام وقد سفكتم دمائكم بين يديه في طاعته ، والقربة إلى الله في نصرته وسيقولون لك انه قد حكم في دين الله فقل لهم : قد حكم الله في شريعة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) رجلين من خلقه فقال : فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما وحكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سعد بن معاذ في بنى قريضة فحكم فيهم بما أمضاه الله عز وجل أو ما علمتم ان أمير المؤمنين " عليه السلام " إنما أمر الحاكمين ان يحكما بالقرآن ولا يتعديا واشترط رد ما خالف القرآن من احكام الرجال ، وقال حين قالوا له قد حكمت على نفسك من حكم عليك فقال : ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت كتاب الله فأين نجد المارقة تضليل من أمر بالحكمين بالقرآن واشترط رد ما خالفه لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان ، فقال نافع ابن الأزرق : هذا والله كلام ما مر بسمعي قط ولا خطر ببالي وهو الحق إن شاء الله وكان عليه السلام مع هذه الحال العظيمة والرياسة والإمامة ظاهر الجود في الخاصة والعامة مشهورا بالكرم في الكافة مع كثرة عياله وتوسط حاله .
|