06-15-2011, 10:09 AM
|
|
|
المشرف العام
|
|
|
|
لوني المفضل
Cadetblue
|
رقم العضوية : 11 |
تاريخ التسجيل : May 2010 |
فترة الأقامة : 5407 يوم |
أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM) |
المشاركات :
735 [
+
]
|
التقييم :
10 |
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
مقدمات اصولية عامة :(4 )المعرفة المعتبرة ـ الشيخ السبحاني
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم
4 ـ المعرفة المعتبرة
إِنَّ الخطوة الأولى لفهم الدّين هي الوقوف على المعرفة المعتبرة فيه.
فالدّين الواقعي لا يعتبر كل معرفة حقاً قابلا للاستناد ، بل يشترط فيها الشروط التالية.
أ ـ المعرفة القطعية التي لا تنفكّ عن الجزم و الإِذعان و رفض المعرفة الظنّية و الوهميّة و الشكّية ، قال سبحانه :
( وَلاَتَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئكَ كَانَ عَنْهُ مَسْ ـ ؤولاً ) (1). ترى أنَّ الآية ترفض كل معرفة خرجت عن إطار العِلمْ القطعي ، و لأجل ذلك يَذمّ في كثير من الآيات اقتفاءَ سنن الآباء و الأجداد ، اقتفاء بلا دليل واضح ، و بلا عِلْم بصحته و إتقانه ، يقول سبحانه : ( بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَ ـ ارِهِم مُّهْتَدُونَ* وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَة مِّن نَّذِير إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ) (2).
1 ـ سورة الاسراء : الآية 36.
2 ـ سورة الزخرف : الآيتان 22 ـ 23.
والقرآن ينقل أخبار الكثير من المضلّلين حيث يعضّون أناملهم من الندم يوم القيامة بقوله : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ * وَقَالُواْ رَبَّنَا إِنَّ ـ ا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) (1).
ب ـ تعتبر المعرفة ، إذا كانت نابعة من أدوات المعرفة الحسّية و القلبية أو العقلية ، يقول سبحانه : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاْبْصَارَ وَالاْفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (2).
فالسَّمع و الأبصار رمز الأدوات الحسّية ، و الأفئدة كناية عن العقل و الإِدراكات الصحيحة الفكرية ، و الإِدراكات الخارجة عن إطار تلك الأدوات غير قابلة للاستناد.
و إنما اعتمد من بين أدوات المعرفة على هذين (الحِسْ و العقل) لأنهما أكثر صواباً و أعظم نتيجة و أما غيرهما من الأدوات التي يعتمد عليها مرضى القلوب فهي غير قابلة للاستناد ، و لهذين الأمرين من أدوات المعرفة شعوب و فروع قد بيّنت في علم « نظرية المعرفة ».
نعم هناك سؤال يطرح نفسه و هو أَنَّه إذا كان اقتفاء الآباء و الأجداد و تقليدهم أمراً مذموماً فلماذا جوّزه الإِسلام في باب معرفة الأحكام الفرعية العملية؟ إذ يصح لكل مسلم أنْ يأخذ مذهبَه في الفروع و الأحكام من إمام الفقه و عالمه ، أو ليس ذلك تقليد لهم كتقليد الكفار لآبائهم؟.
و الإِجابة على هذا السؤال واضحة ، إذ أن أخذ الأحكام عن المجتهد البارع المتخصّص في فنّه ، ليس من قبيل التقليد المذموم و هو الرجوع إلى الغير ، و تقليده بلا دليل ، لأنَّ رجوع الجاهل إلى العالِم و اقتفائه أثَره رجوع
1 ـ سورة الاحزاب : الآيات 66 ـ 68.
2 ـ سورة النحل : الآية 78.
إليه مع الدليل ، و عليه سيرة العقلاء في جميع المجالات ، فالجاهل بالصنعة يرجع إلى عالمها ، و جاهل الطب يرجع إلى خبيره ، و هكذا دواليك ، و هذا كله في الأمور الفرعية.
و أما المسائل الأصولية ، فهي مسائل جذورية ، و الأمر فيها يدور بين الإِثبات المحض ، كما هو الحال عند الإِلهيين ، و النفي المحض كما هو عند المادّيين ، فلا يصحّ التقليد فيها ، إذا ليس هناك قدر مشترك حتى يؤخذ به ويرجع في الزائد عليه إلى المتخصص ، فإن كلاَّ من الإِلهي و المادّي يدّعي كونه متخصصاً في هذا العلم.
فلا جل ما ذكرنا ، يجب على الإِنسان الغور في المسائل الأصولية من دون جعل فكر سنداً و حجّة.
الالهيات الشيخ السبحاني
يــــا لـثارات الـــزهــــــراء
|