السؤال: إشكالات في محاولة لنقض العصمة بالغيبة
السؤال: إشكالات في محاولة لنقض العصمة بالغيبة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو الرد على بعض الشبهات في العصمة والإمامة بعد أن بحثت عن رد لها في المكتبة العقائدية والأسئلة عندكم فلم أجد ردا كافيا وهذه الشبهات أنقلها كما جائتني حرفيا معتذرا عما فيها من اسائات وهي:
*************************
نظرية (العصمة) بين الواقع والخيال
أن الخيال المجنح الذي يطير بصاحبه فوق الواقع له أكبر نصيب في الإيمان بفكرة (العصمة) وإلا فبمجرد أن يغادر صاحبه ميدان الجدل والفكر المجرد ليدخل ميدان التطبيق والواقع ويصحو من خيالاته وتهويماته فإنه يرى البون واسعاً بين الخيال الذي يتوهمه والواقع الذي يمارسه ويعيشه.
وهكذا يمكن القول بأن هذه العقيدة هي فكرة افتراضية خيالية لا يمكن وجودها إلا تصوراً في الأذهان دون إمكان تحقيقها ولا الاستفادة منها في زمان ولا مكان, بل ولا حاجة إليها بعد أن كمل الدين وتمت النعمة وتعهد الله بحفظه.
وذلك يتبين أكثر ويتأكد بما يلي :
1- الأخذ عن المجتهدين لا (المعصومين)
من الأفكار الخيالية التي يعيشها الشيعة كأنها حقائق لا تقبل الشك قولهم : إننا نأخذ ديننا عن (أئمة معصومين) فنحن واثقون من صحته, بينما غيرنا يأخذ دينه عن رجال غير معصومين فلا ثقة بما يقولون.
ويقولون : إن وجود (المعصوم) يحصل به رفع الخلاف, وعند عدمه تقع الأمة في التنازع والاختلاف .
ولو غادر أحدهم ميدان الفكر المجرد ونظر إلى الواقع لوجد نفسه عملياً لا يختلف عن أولئك الذين ينتقدهم ويتبجح عليهم لأنه سيجد نفسه كغيره تماماً: يقلد رجلاً يطلق عليه اسم (المجتهد) يخطئ ويصيب وليس (إماماً معصوماً). وهذا المجتهد غير معصوم فأين يوجد اليوم ذلك (المعصوم) الذي يأخذ عنه الشيعي دينه حتى يصح قوله السابق ؟!
بل الشيعة يتبعون مجتهدين متعددين لا إماماً واحداً بعينه لا معصوماً ولا غير معصوم ! وتعدد المجتهدين يعني تعد الاجتهادات ووجود الاختلافات, وهو الواقع الذي هم عليه !
ولا يمكن لهم غير ذلك لأن (المعصوم) أما مفقود كما عليه الحال اليوم, وأما -على افتراض وجوده- فإن التقاء الناس به جميعاً غير ممكن, وعلى أكثر تقدير يمكن لأهل قريته وجيرانه الأخذ عنه. أما البلاد البعيدة فلا بد أن ينوب عنه فيها من ليس بمعصوم . وإذن ما قالوه غير متحقق ولا واقعي بل هو محض خيال : لا في الماضي عند وجود (المعصومين) -كما يعتقدون- ولا في الحاضر إذ هو مفقود من الأساس, ولا في المستقبل لأن ما تخيلوه غير ممكن تحقيقه على الواقع .
فما الفرق بينهم وبين بقية المسلمين الذين يتبعون العلماء المجتهدين ولا يؤمنون بمعصومين غير رسول الله (ص) ؟.
2- استحالة تواجد (المعصوم) في كل زمان ومكان
(المعصوم) كإنسان من غير الممكن تواجده في غالب الأماكن والأوقات, ولا يمكن في الواقع أن يراه ويستفيد منه إلا من يباشره ممن هو في قريته أو قريب منه.
فالبلاد الغائبة عن (الإمام المعصوم) كيف يمكن لأهلها الاستفادة منه وهم لا يستطيعون الوصول إليه في غالب الأوقات والأحوال, إن لم يكن ذلك مستحيلاً ! خصوصاً إذا كان (الإمام) مقهوراً مغلوباً على أمره يعيش على (التقية) ؟ فهؤلاء جميعاً في الواقع يصلون خلف غير معصوم, ويحكم بينهم ويفتي لهم ويقضي بينهم غير معصوم, ويأخذ أموالهم ويتولى أمورهم ويطيعون غير معصوم . فإن قيل : إن الأمور ترجع إلى (المعصوم) قيل : لو كان (المعصوم) قادراً ذا سلطان لن يتمكن أن يوصل إلى كل رعيته العدل الواجب والعلم الصحيح لأن غاية ما يقدر عليه أن يولي أفضل من يراه وينيبه عنه في حكم البلاد البعيدة, وهذا النائب إنما يتصرف في الناس باجتهاده . وقد يخطئ في الاجتهاد وإن ظنه موافقاً لقول (المعصوم) وأمره .
أما إذا كان (المعصوم) خائفاً أو مغلوباً أو مسجوناً أو متخفياً لا يعرفه الناس فالأمر أشد وإذن .. لا يمكن أن ينتفع (بالمعصوم) إلا قلة قليلة من الخلق ممن يعيشون قربه ويسمع كلامه مباشرة . وإذا حققت في الأمر تجد أن هذه القلة لا تتعدى أهل بيته ! بل إذا دققت أكثر وجدت أنه حتى أهل بيته لا يتهيأ لهم اللقاء به في كل وقت, فلا بد له من سفر يفارقهم فيه أو مرض أو خروج للجهاد والغزو وتنوبهم في مثل هذه الأحوال أمور لا يجدون فيها عندهم (معصوماً) يسألونه .
والنتيجة الحتمية أنه لا يمكن أن ينتفع (بالمعصوم) الانتفاع الكامل غير (المعصوم) نفسه ! وإذن حتى يتحقق رفع الخطأ والخلاف لا بد أن يكون كل مسلم معصوماً.
وهذه اللوازم كلها خيالية, وما لزم منه الخيال فهو خيال فكيف إذا كان (المعصوم) مفقوداً بل معدوماً من ألف عام !!!
3- أين (المعصوم) اليوم ؟
فإذا كان (المعصوم) ضرورياً لحفظ الدين, والدين لا يتم ولا يحفظ إلا به فأين هو (المعصوم) في زماننا وإلى أكثر من ألف عام؟! وكيف يختفي ووجوده لا يمكن الاستغناء عنه ؟! وما الفرق بين أن يكون معدوماً وأن يكون مختفياً ؟! فكلاهما لا يمكن رؤيته أو الالتقاء به .
وما الحكمة من وجود (معصوم) بهذا المستوى من احتياج الناس إليه لكنه مختف لا يمكن أن يراه أو ينتفع بوجوده أحد ؟!
أليس هذا هو الخيال بعينه ؟!
4- حفظ الدين دون الحاجة إلى استمرار وجود المعصوم لا شك أن الدين محفوظ وكامل والنعمة تامة مع عدم وجود (المعصوم) . والذي حفظ الدين منذ أكثر من ألف عام ولا (معصوم) قادر على حفظه إلى يوم الدين كذلك, وإلا فإذا قلنا : إن حفظ الدين مشروط (بالمعصوم) استلزم ذلك نقصان الدين في حالة عدم وجود (المعصوم) أو غيابه . فيقتضي هذا أن ديننا الذي نحن عليه اليوم قد نقص وزاد وبطل لأنه منذ أكثر من ألف عام و(المعصوم) مفقود, وهذا كفر والعياذ بالله .
5- ثبوت الدين وحفظه بالنقل
(المعصوم) مفقود منذ أكثر من ألف عام, وأقواله وأحواله مجهولة تمام الجهل لم يسمعها ولم يشاهدها أحد من الناس وإنما غايتها أن تنقل وتسند إليه, والناقل غير معصوم. فإذا كان نقل غير المعصوم عن (المعصوم) معصوماً من الزلل فما وجه الحاجة إلى تعدد (المعصومين) ؟! والنقل عن واحد -والحال هذه- يكفي . فما الفرق بين النقل عن أي (معصوم) ؟ وبين النقل عن المعصوم المتفق على عصمته هو الرسول الأعظم محمد (ص) إذا توفرت شروط الصحة في الرواية ؟!!
ولكن الحقيقة (المرة) أن نقل غير (المعصوم) ليس معصوماً فالخطأ يتطرق إليه حتماً. فمن أين لنا أن نعلم صحة ما ينقل عن (المعصومين) والناقل غير معصوم ؟!
وإذا دخلنا ميدان الواقع وجدنا أن الأمة جميعاً -ومنذ مئات السنين- تأخذ دينها بالنقل وليس بالمشافهة ولا بالمشاهدة من معصوم. وإذن .. فالنقل عن المعصوم الواحد الذي هو النبي (ص) يغني عن غيره فلا حاجة في كل زمان ومكان إلى (معصوم) وهو الواقع.
6- آخر (المعصومين) لا ينقل عنه شيء !!
فإذا كان النقل موجوداً وبه يثبت الدين فأي فائدة في انتظار (معصوم) آخر لا ينقل عنه شيء ؟! إذا كان النقل عن أولئك كافياً فلا حاجة إليه, وإن لم يكن كافياً فأين هو الذي تحصل به الكفاية ؟ وإذن فقد ضاع الدين!! وهم يقولون : (إن ما بأيديهم عمن قبل (المنتظر) يغنيهم عن أخذ شيء عنه) ولا محيص لهم عن ذلك لا جدلاً ولا عملاً.
فلماذا لا يكون ما بأيدي الأمة عن نبيها (ص) يغنيها عن أخذ شيء عمن بعده مع إنها أحرص على نقل أقواله وأحواله من غيره؟! بل لو قست ما بأيدي الأمة عن غير نبيها بما عندها عن نبيها (ص) من أقواله وأفعاله وأحواله لوجدت الفرق أوسع مما يقاس ! وهذا يقودنا إلى الفقرة التالية :
7- الاقتداء يستلزم معرفة حياة المقتدى به على التفصيل فحتى يستفيد المقتدي من حياة (الإمام) المقتدى به لا بد أن يكون (الإمام) ظاهراً معروفاً يستطيع كل أحد الوصول إليه . ولا بد مع ذلك أن تكون حياته بعد موته معروفة على وجه التفصيل, وأن تكون كذلك شاملة لكل نواحي وأحوال الإنسان .
وهذه الأمور الثلاثة لا تتطابق مع حياة (الأئمة المعصومين) : فأغلبهم -كما يقول الشيعة- كانوا مقهورين يعيشون بـ(التقية) وإنكار كونهم أئمة, فلم يكونوا معروفين بل كان كثير من الناس من أقاربهم على الخصوص يدعي (الإمامة) في زمانهم وهم سكوت أو متواطئون . هذا في حياتهم فلما ماتوا لم نجد بين أيدينا تفاصيل لهذه الحياة معروفة مشهورة -كما هي حياة النبي (ص) وسيرته- حتى يتمكن الناس من الاقتداء بهم. وأخيراً : لم تكن هذه الحياة في حقيقتها شاملة لكل مناحي الحياة : فحياة أحدهم مثل الحسن العسكري ليس فيها للفقير قدوة لأنه كان غنياً, وليس فيها لصاحب الأولاد قدوة لأنه عاش دون ولد, ولم يكن فيها للملوك والقادة مجال قدوة لأنه لم يتملك ولم يكن أميراً أو قائداً, وهكذا... إلخ .
بينما نجد رسول الله (ص) يشهر نفسه كنبي يجب على الناس طاعته ويتحمل الأذى هو وأصحابه من أجل ذلك, ولم يعرف الناس في زمانه نبياً آخر ادعى النبوة بحيث اختلط عليهم أمره فلا يفرقون بينه وبينه . بل أنكر رسول الله على المتنبئين الكذابين وأنكر عليهم خليفته من بعده وحاربهم حتى أنهى دعوتهم . وكانت حياة رسول الله (ص) شاملة لكل نواحي الحياة, ومعروفة على وجه التفصيل, وكتب السير احتفظت بأدق التفاصيل عنها : فقد عاش غالباً ومغلوباً وحاكماً ومحكوماً وضعيفاً وقوياً وفقيراً وغنياً وأعزب وزوجاً وطريداً وغازياً, وهكذا يجد المقتدي -مهما كانت حاله - مجالاً للاقتداء به لأن حياته شاملة أولاً وتفصيلية ثانياً ومعروفة ومحفوظة ثالثاً ورابعاً. وهذه كلها تفتقدها حياة (الأئمة) أو تفتقد كثيراً منها.
ولقد مات هؤلاء (الأئمة) ومات كذلك رسول الله (ص) فما وجه الحاجة إلى معرفة حياة رجال على هذه الصورة وعندنا حياة رسول الله (ص) على هذه الصورة ؟! فإن كانت حجة رسول الله (ص) انتهت بعد موته فهؤلاء كذلك ماتوا, فهل استمروا كحجج دون رسول الله ؟ أم إن حجة الرسول ناقصة فتحتاج إلى أن تجبر بغيرها ؟! وأما من تدعى له (الغيبة) فهو -كما يقولون- غائب لا يراه أحد ولا يتصل به وليست حياته معروفة ولا له قول ولا شيء من ذلك فما وجه حجيته أو الحاجة إليه ؟!
وإن كان الموت لا يقطع الحجة فعلام نحتاج إلى أحد غير رسول الله وحجة الرسول (ص) باقية غير منقطعة وليس هناك من بديل يوازيه أو يدانيه ؟!
8- سيد أهل البيت اعلم بما في بيته من غيره من الأقاويل المشتهرة على ألسنة الشيعة : (أهل البيت أعلم بما فيه) قلنا : لا بأس .. ولكن هناك أمر أرفع من هذا وأعلى ذلك أن سيد البيت وصاحبه أعلم من أفراد البيت وأهله بما فيه . سيما إذا كان هذا السيد هو رسول الله (ص) فإنه لا شك أعلم وأفضل, وهو سيد أهل البيت وأعلمهم بما فيه بلا منازع . فلنقارن هذا بالواقع لنقول :
ما الذي يجعلنا نأخذ الدين والحديث والروايات عن بعض أهل البيت دون سيده رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
وهذا سؤال قد يبدو غريباً على ذهن من تعود التفكير المجرد عن الواقع. وإلا فإن الشيعة في واقعهم -الذي هو شيء ونظريتهم شيء آخر على الدوام- يأخذون الدين منسوباً إلى أحد (الأئمة) دون رسول الله (ص) ! وأكثر من ينسبونه إليه هو جعفر بن محمد المعروف باسم الصادق . أما الأحاديث المروية في المصادر المعتمدة عندهم عن رسول الله فهي نادرة جداً لا تشكل نسبة يعتد بها لو قسناها إلى الروايات المنسوبة إلى جعفر الصادق بغض النظر عن صحة النسبة إلى رسول الله من عدمها !
فلماذا ؟ وأين أحاديث الرسول ؟ هل ضاعت؟ أم ذهبت حجتها وتوقف مفعولها في الحياة بعد مماته (ص) ؟!
لماذا روايات جعفر وليست أحاديث محمد (ص) ؟!
وحتى لو فرضنا جدلاً -كما يحتج به البعض- أن ما يروى عن جعفر لا يخرج عن قول الرسول فلماذا الاهتمام بمرويات جعفر دون مرويات الرسول ؟ هل استغنينا عن الرسول بغيره ؟! لماذا لم يحتفظوا بالأصل وهو ما جاء عن الرسول ؟! واحتفظوا بالفرع ؟ لماذا جعفر دون غيره من (الأئمة) ؟!
وإذا كانت روايات جعفر تساوي في الحجة أحاديث النبي (ص) أليست روايات من جاء من بعد مثل موسى الكاظم أو علي الهادي لها القوة والاعتبار نفسه ؟ فلماذا الاقتصار على واحد ؟!
ثم إذا كانت أقوال سيدنا جعفر تكفي في صحة الدين وحفظه فما وجه الاحتياج إلى غيره من (الأئمة)؟!
لقد كان الشيعة -وهذا افتراض منطقي- قبل وجود الإمام جعفر يتلقون دينهم عن غيره ممن سبقه من (الأئمة), حتى إذا جاء زمانه أخذوا عنه فما هو الدافع الذي اضطرهم إلى أن يقتصروا بعد مماته على التلقي عنه بحيث نسبوا مذهبهم إليه ؟ ومتى كان ذلك ؟ ولا شك -طبقاً لما يقتضيه المنطق- أن الشيعة صاروا بعد وفاة جعفر رحمه الله يتلقون أمور دينهم عمن جاء من بعده من (الأئمة), وكل (إمام) يغني عن غيره ويسد مسده فيقتضي هذا أن الشيعة استغنوا عن جعفر طيلة المدة التي استغرقتها حياة (الأئمة) الذين تلوه وهي تزيد على مائة عام ! فلماذا انقلب المسلسل ليرجع من جديد ويبتدئ بجعفر الصادق تحديداً دون غيره ممن سبقه أو لحقه؟!
لماذا جعفر وليس (المهدي المنتظر) ؟!
والإشكال يكبر مع الاعتقاد بوجود (الإمام المنتظر) الذي ينبغي أن يسد مسد غيره من (الأئمة) السابقين : جعفر فمن سواه ! أم إنه مسلوب القدرة عن أداء وظيفة (الإمامة) ؟ فلماذا هو (إمام) إذن ؟! وكيف تقوم به الحجة ؟!
ثم نقول : إذا كان النقل عن الإمام جعفر يكفي في العمل بالدين الصحيح فلماذا لا نكتفي بالذي قبله وهو الإمام محمد أبوه ؟ وإذا سلسلنا السؤال فسننتهي إلى التساؤل الكبير وهو : لماذا لا نكتفي بالنقل عن رسول الله (ص) ؟ وكلاهما لم نره لا جعفر الصادق ولا رسول الله (ص) وإنما وجدنا منقولات عن هذا وهذا . فإذا كان النقل عن الإمام جعفر يكفي فلماذا لم يكف النقل عن رسول الله ؟!
مغالطة خطيرة !
بعضهم يجيب إجابة باردة يقول : أنتم تأخذون رواياتكم عن الصحابة ونحن نأخذ رواياتنا عن أهل البيت. وهذا جواب من لا يتصور ما يقول. بل هو مغالطة خطيرة! فإنه لو كانت المقارنة بين أئمة أهل البيت وبين الصحابة لكان لهذا الجواب وجه يمكن أن ينظر إليه . ولكن المقارنة هي بين أئمة أهل البيت وبين إمام الأئمة كلهم -الأنبياء الكرام عليهم السلام فمن دونهم- رسول الله (ص) !!! فنحن لا نروي عن الصحابة ونتوقف عندهم كما يفعل الشيعة حين يروون عن (الأئمة) ويتوقفون عندهم لتصح المقارنة, وإنما عن رسول الله بطريق أصحابه . والبديل الذي اخترعه الشيعة هو الرواية عن بعض أئمة أهل البيت بطريق أصحابه. فالمقارنة العادلة يجب أن تكون بين رسول الله (ص) بطريق الصحابة وبين غيره من (الأئمة) بطريق أصحابه, ثم تأتي المقارنة بعدها بين أصحاب رسول الله وأصحاب غيره من حيث الأفضلية والعلم والصدق وغيرها من وجوه المقارنة.
والجميع لا يأخذ عن الأصل مباشرة وإنما عن طريق الرواة فرسول الله ينقل عنه الرواة وغيره كذلك ينقل عنه الرواة. فما الذي يجعلني آخذ برواية منقولة عن الإمام جعفر ولا آخذ برواية منقولة عن الرسول (ص) ؟!
هل عصم الله الناقلين عن جعفر دون النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
هل عصم الله الرواة الناقلين عن الإمام جعفر من السهو والغلط والكذب دون من يروي عن رسول الله (ص) ؟! ولماذا ؟ والدين قد نزل على الرسول فكان وجوب حفظه بحفظ رواته متعيناً شرعاً وعقلاً وإلا ضاع الدين, فتكون العناية بأصحاب الرسول ينبغي أن تكون أكثر. فكيف نعقل أن الله زكى أصحاب جعفر وسلسلة الناقلين عنهم دون أصحاب الرسول الأعظم (ص) ؟! اللهم إلا إذا قلنا : إن الناقلين عن الأول هم معصومون يروون عن معصوم ! وهو افتراض لا أساس له في الواقع, ولكن طرافة الموضوع تغرينا بالاستمرار فنقول أيضاً تأسيساً على ما سبق : إذا كان الكل -أي حلقات سلسلة الرواة- غير معصومين فما ميزة البعض على البعض الآخر ؟!
وقد * سئل فضل الله :
لماذا لا يكون لدينا كتاب يحوي الأحاديث الصحيحة فقط عن الرسول وأهل البيت؟ فأجاب :
لان العلماء يختلفون في مقاييس الصحة, فقد يكون هناك حديث صحيح عند عالم, وغير صحيح عند عالم أخر .
[ الندوة / محمد حسين فضل الله ج1 ص 480 ] فان كان هذا الواقع فاين العصمة واين حفظ الشرع واين حفظ الدين ؟؟؟
الشيعة يجرحون رواتهم !
فكيف إذا كان الناقلون عن جعفر الصادق وغيره من (الأئمة) مجروحين في المصادر الرجالية المعتمدة عند الشيعة أنفسهم قبل غيرهم !! وهو أمر قد يبدو مستغرباً ولكنه الواقع والحقيقة . فارجع ان شئت إلى تلك المصادر -مثل (رجال الكشي) وهو أقدم كتاب عندكم, و(معجم رجال الحديث) للخوئي وهو من آخر ما كتبوا- فستجد فيها ذلك وما هو أعجب ! فمرة ينقلون عن (الأئمة) أنهم قالوا في الراوي -كزرارة بن أعين وهو أحد الرواة الأربعة الذين عليهم مدار الروايات- أنه من أهل الجنة, ومرة ينقلون لعنه وتكفيره عن(الأئمة) أنفسهم ! وهكذا قالوا في الرواة الثلاثة المعتمدين وهم أبو بصير الليثي المرادي ومحمد بن مسلم وجرير بن معاوية العجلي !! وبسط هذا له موضع آخر,وإنما أردت الإشارة .
ليس في الرواة عن (الأئمة) أحد من أهل البيت ثم إنه ليس في الرواة عن (أئمة أهل البيت) أحد من أهل البيت!!! بينما في الناقلين عن رسول الله (ص) عند أهل السنة رجال ونساء من أهل البيت منهم سيدنا علي - رضي الله عنه - الذي تحفظ له دواوين السنةأحاديثهم أكبر عدد من الأحاديث مقارنة ببقية الخلفاء الراشدين إذ أن ترتيبهم من حيث عدد الأحاديث كالآتي :
1- علي بن أبي طالب
2- عمر بن الخطاب
3- عثمان بن عفان
4- وأقلهم أبو بكر الصديق
وهذه حقيقة قد يجهلها الشيعة وقد يصدمون بها !
ومنهم عبد الله بن عباس, ومنهم أبوه عباس بن عبد المطلب والحسن بن علي وعبد الله بن جعفر وعقيل بن أبي طالب . ومنهم زوجات رسول الله, وهن بلا شك من أهل بيته كعائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة اللاتي خاطبهن الله بقوله : (( وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )) (الأحزاب:34) .
9- لا يوجد إلا علماء غير معصومين
يقول الشيعة : لا بد من وجود (المعصوم) حتى نأمن من احتمال الخطأ, والعلماء -مهما كانوا- يخطئون, والقرآن لا بد له من مفسر (معصوم) من الزلل .
ولو تركنا هذه الخيالات المحلقة ونزلنا إلى أرض الواقع فإننا لا نجد إلا علماء ودعاة يحاضرون ويدعون ويُنظّرون ويكتبون ويؤلفون ويفسرون وهم ليسوا بمعصومين! فهل ما يدعوننا إليه صحيح تطمئن إليه النفس وتبرأ به الذمة أم لا ؟ فإن كان صحيحاً مبرئاً للذمة فلا حاجة (للمعصوم) ! ثم كيف كان الأمر كذلك وهم ليسوا (بمعصومين)؟!
وإن لم يكن كذلك فأين هو (المعصوم) الذي يصح به الدين, وتطمئن إليه النفس, وتبرأ به الذمة ولا (معصوم) ؟!
ثم نسأل : اذا كان المقصود من الدين قد وقع وحصلت البراءة بواسطة العلماء فعلام اشترطتم (المعصوم) ؟!
ونسأل سؤالاً آخر : ألم يترك رسول الله (ص) -وهو أعظم مربٍّ وأعظم معلم عرفته البشرية- علماء يبلغون الدين ؟ فلماذا لم يحصل بهم المقصود الذي يحصل بغيرهم من غير (المعصومين) ؟! علماً أن بيان الرسول وبلاغه وتأييده وظهوره وحجته اعظم من غيره!
ومن أعطى لأولئك الصلاحية بالتكلم عن (الإمام المعصوم) دون من يتكلم عن رسول الله ؟! مع أن الحديث القائل : (العلماء ورثة الأنبياء)(1) متفق على روايته بين أهل السنة والشيعة !!
(1) رواه الإمام البخاري وغيره . ورواه كذلك الكليني في أصول الكافي 1/34.
وإن قالوا : لا بد من (المعصوم) فلا يمكن الاطمئنان إلى قول قائل أو فعله من دونه! قلنا : فقد ضاع الدين الذي تدعون إليه لأن دعاتكم غير معصومين ! وغير المعصوم يمكن أن يتطرق الخطأ إلى أي فكرة يدعو إليها لأنه لا يمتلك ضماناً بصحتها . فعلامَ تهرجون ؟ وإلامَ تدعون؟ واحتمال الخطأ وارد في كل جملة من كلامكم ومنه القول بـ(عصمة الأئمة) لأنكم غير معصومين !! فمن يثبت كلامكم هذا وأمثاله مع جواز الغلط عليه ؟ فإن قالوا : الأدلة تثبت ذلك . قلنا : مع عدم وجود (المعصوم)؟ فإن قالوا : نعم انتفت الحاجة إلى (المعصوم), وإن قالوا : لا فأين المعصوم الذي يؤيد كلامكم ؟ هلا سكتم وانتظرتم حتى يحضر غائبكم وينطق (معصومكم) !
10- اللطف بين الحقيقة المرة والخيال الجميل قال الشيعة: إن نصب (إمام معصوم) يمنع الناس من الوقوع في الزلل والاختلاف - لطف, وكل لطف واجب على الله . ولم يجعلوا من شروطه أن يكون ظاهراً معروفاً من الناس بحيث يتمكنون من الوصول إليه والأخذ عنه والتأكد منه !
وإنما جعلوا اللطف في مجرد خلقه ووجوده وإن كان مستتراً خائفاً لا يدعو إلى نفسه ولا يعرف بها,بل قد ينكر كونه (اماماً) . أو كان مشتبهاً لا يميزه الناس عن غيره الذين يدعون دعواه نفسها . أو غائباً لا يمكن أن يراه أو ينتفع به أحد ! وحتى أجتنب الخوض في جدل فكري طويل أضرب مثالاً واقعياً لنتعرف من خلاله على نصيب هذا القول من الخيال :
المثال :
إن خلق الله لـ(إمام معصوم) لا يتمكن الناس من معرفته أو التمييز بينه وبين غيره, أو غائب يستحيل عليهم رؤيته واللقاء به يشبه أن تفتح الحكومة مدرسة وتعين لها معلماً تُحرّم على الناس التعلم إلا منه وتعاقب على ذلك أشد العقوبات . لكنها لم ترسله إلى المدرسة ولم يصل هو إليها ولم يعرفه أحد ولم يره, وإن رآه لم يستطع أن يميز بينه وبين غيره من المعلمين إذ ليس لديه أية علامة فارقة واضحة, بل إن كثيراً من المعلمين ادعوا أنهم هم ماذا ينتفع الناس من محكمة قاضيها الذي يفصل بين الناس غائب أو يدخل الناس هذه المحكمة لكنهم لا يعرفون القاضي المقصود من غيره ؟! هل هذه محكمة أم مهزلة ؟ ماذا يستفيد الناس -كما يقول أحمد الكاتب- من شرطي للمرور عينته الحكومة لكنه غائب لا يمارس مهام عمله من تنظيم السير مع أن شوارع المدينة مزدحمة وقد اختلطت فيها وتشابكت حركة السيارات ؟! فماذا ينتفع الناس من إمام غائب ؟! وأي لطف حصل لهم ؟!
إن الواحد منا -كما يقول الرازي- إذا احتاج إلى هذا الإمام الغائب أو غير المتمكن ليستفيد منه علماً أو ديناً, أو يجلب بواسطته إلى نفسه منفعة أو يدفع عنها مضرة, فلو أتى بكل حيلة لم يجد منه البتة أثراً ولا خبراً !
وإذا كان القصد من نصب (الإمام المعصوم) أما منفعة دينية أو دنيوية فالانتفاع به يعتمد على إمكان الوصول إليه, فإذا تعذر هذا الإمكان تعذر الانتفاع به . وإذا تعذر الانتفاع به لم يكن في نصبه فائدة أصلاً, فكان القول بوجوب نصبه ووجوده عبثاً.
وأوضح دليل على بطلان مبدأ اللطف الواجب على الله سبحانه أنه لو كان مثل ذلك واجباً على الله لفعله, وبما أنه لم يفعله فهو غير واجب عليه سبحانه .
بين (الإمام) والنبي
وإن احتجوا بأن كثيراً من الأنبياء كانوا مقهورين, بل إن بعضهم قتل دون أن يحصل لهم تمكين قيل: هذا قياس مع الفارق, فإن كل نبي بعثه الله إنما أعطاه من البينات والحجج الظاهرة ما بها يُعرف ويشهر بين قومه . وكان كل نبي يظهر نفسه ويجهر بدعوته رغم ضعفه ويقيم الحجة الباهرة القاهرة على صدقه بحيث يصل ذلك إلى كل من أرسل إليهم ويجب عليه تبليغهم, وهم قادرون -لو أرادوا- على الوصول إليه ثم بعد ذلك اذا عصوه أو قتلوه فالذنب ذنبهم والشأن شأن شأنهم وقد قامت عليهم حجة الله التي قال عنها : (( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً )) (النساء:165) . وقال : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبعَثَ رَسُولاً )) (الإسراء:15)
وهذه العصمة (أي الحماية) خاصة برسول الله (ص) . ولذلك قام (ص) بتبليغ الدين كله دون خشية من أحد من الناس, فلم يكتم شيئاً ولم (يتق) أحداً إلا الله وحده . ولو كان الأشخاص الذين اتخذهم الشيعة (أئمة) مأمورين بالتبليغ كما أمر الرسول (ص) لعصمهم الله تعالى من الناس كما عصم رسوله . ولو كانوا كذلك لما عاشوا -كما يدعي الشيعة- مقهورين مغلوبين على أمرهم لم يتمكنوا من حماية أنفسهم إلا بـ(التقية) والكذب والتعامل مع الناس بإظهار عكس ما يبيتون من القول, ويبطنون من الأمر كحال الشيعة اليوم ! ومع ذلك فلم يسلم أحد منهم -طبقاً لما يدعي الشيعة-من القتل ولو مسموماً !
وهذا كله مما يتناقض مع دعوى (اللطف) و (العصمة) .
روايات مجنحة لا تستقيم مع الواقع
روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله(1) ما يلي :
- لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام .
- إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه .
- ما زالت الأرض إلا ولله فيها حجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله .
- إن الله أجل وأعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل.
- وعن أحدهما (عليهما السلام) : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل.
إن هذه الروايات -كما يقول احمد الكاتب- تنقض نفسها بنفسها! إذ ما معنى الإمام والحجة؟ وما الفائدة منهما؟ أليس لهداية الناس وإدارة المجتمع ومنع الاختلاف وتنفيذ الأحكام الشرعية؟ فكيف يمكن للإمام غير الظاهر الذي لا يعلن عن نفسه, وغيره يدعي (الإمامة) في زمانه ويظهر نفسه دون إنكار ظاهر من (الإمام), بل قد يقاتل على ذلك ويلتف من حوله الأتباع الذين ليس عندهم علامة واضحة قاطعة على التمييز, والمدعون كثيرون والإمام الحق ساكت لا يبين للناس حجة, ولا يظهر لهم علامة على انفراده وتميزه ! غاية أمره أن يحدث بذلك خويصة أصحابه ! فكيف يمكن لمثل هذا أن يقيم الحجة على غيره ؟! بل كيف يتمكن الناس من معرفته والائتمام به دون سواه وهو على مثل هذه الحال؟!
فكيف إذا غاب منذ ألف ومائة عام وأكثر ؟! كيف يمكن للغائب أن يقوم بمهمة الإمامة والرئاسة ومهمة التبليغ وإقامة الحجة؟! ما الفرق بينه وبين المعدوم ؟! أو الميت ؟!
إن هذه الروايات تصرح بأن من وظيفة الإمام الحجة أن يعرِّف الناس الحلال والحرام ويدعوهم إلى سبيل الله, وأن الأرض لا تخلو من مثل هذا : (ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل), وأن آخر من يموت الإمام, وإلا فإن المتخلف عنه يمكن أن (يحتج على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة له عليه) فإذا غاب هل يمكن مع غيبته تحقيق هذه المقاصد العظمى ؟ فهل هناك من فرق بين المعدوم والغائب ؟!
(الغيبة) جريمة تستحق العقوبة
عاقب الله - جل جلاله - نبيه يونس (عليه السلام) لما ترك قومه وغاب عنهم قبل أن يقوم بما عليه تجاههم من مهمة التبليغ. فلو كانت الحجة تقوم على الناس بغائب لما وقع ذلك.
ولأن الحجة لم تتم بحقهم بسبب (غيبة) نبيهم وتركه إياهم ارتفع عنهم العذاب ولم يقع. وكان الذي عوقب وعذب هو الذي تركهم وغاب وإن كان نبياً ! بل هذا أدعى لمعاقبته كما قال تعالى : (( إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:75) ولو كانت الحجة تقوم على الخلق مع الغيبة لما ارتفع العذاب عن قوم يونس - عليه السلام - .اجب ان استطعت ؟؟؟
فأين اليوم هذا (الإمام) (الذي يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله) ؟! يقولون : قد غاب ! أليس هذا تنصلاً عن وظائف (الإمامة) كما افترضها الإمامية ؟! أليس هذا (الإمام) الغائب العاطل عن أي وظيفة, الذي ترك شيعته يواجهون مصيرهم بأنفسهم وهرب بجلده خوفاً على نفسه وحرصاً عليها دونهم يستحق المقت والعقاب ؟!
إن عجبي - والله - لا ينقضي من تناقض القول بوجوب وجود (إمام معصوم) يقيم الحجة على الناس مع القول بغيبته وعدم وجوده في الوقت نفسه ! ثم جعلهم هذا واجباً على الله مع أن الله لم يقم بهذا الواجب !!
أليس هذا هو عين الخيال والفكر المجرد, بل المغرق في التجريدية والابتعاد عن الواقع ؟!
فالله يجب عليه تنصيب إمام ظاهر يفصل بين الناس ويقيم حجته عليهم لكنه لم ينصبه!
و(الإمام) لا بد من وجوده ظاهراً ليزيل الخلاف والاختلاف ولكن الخلاف والاختلاف لا زال موجوداً !!
و(الإمام) يقيم الحجة ويعلم الدين ويفسر القرآن, كل هذا في الخيال ولا نصيب له من الواقع !!!
و(الإمام) موجود ولكن إذا سألت : أين هو ؟ قالوا : غائب!!!! فكيف أصل إليه ؟! وكيف تقوم الحجة بشخص غائب لا وجود له ؟!! وكيف يسمى حجة الله مع أن الحجة يجب أن تكون حاضرة ظاهرة ؟!!! فكيف تحضر وتظهر إذا كان صاحبها خائفاً غائباً ؟!!!!
وإذا كان الذي لا تقوم الحجة إلا به غائباً فحجة الله غائبة ! وإذا كانت الحجة غائبة فلا حجة !! وإذن بطلت حجة الله على خلقه!!! وبطل الدين !!!! وقضي الأمر واستوت على الجودي !!!! وقيل بعداً للقوم المؤمنين !!!!!
(( سُبحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ )) (الصافات:180) . بل الأمر كما قال تعالى : (( قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أَجمَعِينَ )) (الأنعام:149) . وحجة الله تعالى قامت بنبيه محمد (ص) واستمرت به ظاهرة باهرة في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه (ص) . وكتاب الله محفوظ وسنة نبيه معلومة, ولكن كما قال تعالى : (( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الفَاسِقِينَ )) (البقرة:26).
وهكذا ... تبين أن هذه العقيدة خيالية افتراضية لا حقيقة لها ولا سند ولا واقع ولا برهان, أملتها مقاصد وأسباب لسنا في صدد ذكرها . فحاولوا دعمها والبرهنة عليها باتباع متشابه القرآن وتأويلها على ما يشتهون, وباختراع الحجج التي أسموها عقلية ثم بصنع الروايات وإلا فإنها لا أصل لها في الدين .
*************************
(1) أصول الكافي 1/178 باب (إن الأرض لا تخلو من حجة)
|