عرض مشاركة واحدة
قديم 06-13-2010, 04:50 PM   #3
محمود الحسيني
مشرف عام


الصورة الرمزية محمود الحسيني
محمود الحسيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أبو طالب يكفل الرسول



ولما حانت وفاة (عبد المطلب) كان عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمان سنوات، جمع أولاده وأوصاهم بالحفيد، وقال: احفظوا وصيتي فيه، فقال (أبو لهب): أنا له.. فقال (عبد المطلب): كف شرك عنه، فقال العباس: أنا له.. فقال (عبد المطلب) أنت غضبان لعلك تؤذيه.. فقال (أبو طالب): أنا له فأنشأ عبد المطلب يخاطب أبا طالب:
أوصيك يا عبد مناف بعدي بواحد بعد أبيه فرد فكفله أبو طالب بعد وفاة عبد المطلب خير كفالة وأخذ نبي الإسلام، يكمل ويرشد ـ بعد مرجعه من البادية ـ في عطف أمه الطاهرة (آمنة)، وجده الشفيق (عبد المطلب).
حتى إذا بلغ من العمر (السادسة) ذهبت به أمه (آمنة) إلى (يثرب): (المدينة) ليزور أخواله (بني النجار) وصحبته في هذه الرحلة (أم أيمن) ومكثوا هناك مدة.
وعند رجوعهم، إلى (مكة) وقع حادث أليم على النبي، فقد لبّت أمه (آمنة) نداء ربها، عند قرية تسمى (الأبواء) ففاضت عينا (محمد) بالدموع، واجتمعت عنده وحشة موت الأم إلى وحشة موت الأب.. فقد مات أبوه (عبد الله) وهو جنين في بطن أمه، (أو له من العمر أشهر عديدة).
وقد كان الحادثان الأليمان، يملآن قلب النبي حزناً وكآبة، ويفيضان من مآقيه الدموع.
وحتى ـ بعد أن بعث رسولاً ـ كان في بعض الأحيان يأتي إلى قبر أبيه، وقبر أمه، وكان يبكي بكاءً مراً.
لكن العناية الإلهية شاءت أن لا تحرم (محمداً) (صلى الله عليه وآله وسلم) من حنان الجد والعم، وزوجة العم، فقد كان (عبد المطلب) و (أبو طالب) يكفلان النبي بمنزلة الأب الرحيم، وكانت (فاطمة بنت أسد) أم (الإمام أمير المؤمنين) تعطف عليه، كأنها الأم الرؤوف.

وأخذ الرسول ينمو، ويظهر نجمه، ويلمع اسمه ويشارك قومه في الأمور كلها، ما عدا الدنايا، فلم يسجد لصنم، ولم يلعب قماراً، ولم يشرب خمراً، ولم يحم حول الفجور.. أما معالي الأمور فكان (النبي) يشاركهم فيها.
فشارك في حرب (فجار) وهي حرب قامت بين (قريش) و(هوازن).
وشارك في (حلف الفضول) وهو حلف تداعت فيه (قريش) إلى نصرة المظلوم، فتعاهدوا ألا يجدوا بمكة مظلوماً إلا نصروه.
وشارك في (بناء الكعبة) فقد أصابها سيل فصدع جوانبها، وهدم أركانها، فأرادت قريش بناءها، فكان (محمد) يشاركهم في نقل (الحجارة) للبناء، حتى إذا اكتمل البناء، وبلغوا موضع الركن (الحجر الأسود) اختلفوا بينهم: أيّهم ينال شرف وضع (الحجر) مكانه؟ واشتد بينهم الخلاف حتى هموا أن يحاربوا.
وانتهى الأمر إلى أن رضوا باحتكام أول من يدخل عليهم من باب المسجد، ووقفوا ينتظــرون أول داخل من الباب، وإذا بالطلعة المشرقة المنيرة، تطلع عليهم غرة (محمد) الحكيم، ففرحوا به فرحاً بالغاً.
فقصوا عليه قصتهم، وأخبروه بأنه الحكم في هذا الأمر.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (هلموا إليَّ ثوباً) فأخذ الثوب وبسطه، ووضع (الحجر) في وسطه، وقال: (لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعاً) وكان قصده من ذلك إرضاءهم جميعاً.. ولما وصلوا إلى الركن رفعوا الثوب، وأخذ النبي (الحجر) ووضعه في موضعه.
وقد كان هذا القضاء من أسباب دوي السمعة الطيبة للرسول في الأوساط.
وكانت عادة (قريش) أن ترحل في الشتاء إلى (اليمن) وفي الصيف إلى (الشام) للاصطياف، والتجارة كما نزلت في قوله تعالى:
(بسم الله الرحمن الرحيم لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(1).
وفي إحدى هذه الأسفار التي كانت (قريش) تنحو نحو (الشام) أخذ (أبو طالب) الكفيل، (محمداً ص) معه إلى (الشام).
وفي أثناء الطريق، وصلوا إلى (دير) راهب، يسمى (بحيراء) فلما أبصر الراهب بالنبي عرفه، وانه هو النبي المبعوث في آخر الزمان.. فجاء بمقدار من الطعام، وأخذ يتساءل: من يتولى أمر هذا الغلام.؟ فأجاب (أبو طالب): أنا.. فقال (بحيراء) أي شيء تكون منه؟ قال أبو طالب: عمه، أخو أبيه من أبيه وأمه.. فقال بحيراء: أشهد أنه هو (يعني: أنه الرسول المبعوث) وأخذ يحلف ويقول: هو هو ورب المسيح.
ولما وصلت (قريش) إلى الشام، التقى (أبو طالب) و (نوفل) براهب يقال له: (أبو المويهب) فسأل الراهب عنهما: (هل قدم معكما غيركما؟) قالا: نعم.. شاب من بني هاشم اسمه (محمد) قال الراهب: إياه أردت.. وسألهما أن يرياه (محمداً)، ولما رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: هو هو، ثم انحنى على الرسول يقبله، ولما فارقه، قال الراهب: هذا نبي آخر الزمان سيخرج عن قريب.
وسافر الرسول مرة أخرى إلى الشام، أجيراً للسيدة (خديجة) للاتجار بمالها.
ولما رجع (محمد) من سفر التجارة، وعمره إذ ذاك (خمسة وعشرون) سنة، رغبت (السيدة خديجة) في التزويج به.
وكانت هذه السيدة، من أجمل نساء مكة وأكثرهن ثروة، وكانت مثلاً بين النساء في الشرف والطهارة والنزاهة، وتقرب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ كانت تلتقي بنسبها من الرسول في (قصي بن كلاب).
ولما عرف (أبو طالب) رغبة (خديجة) من الزواج بـ(محمد) ذهب في حشد لخطبتها، وقال في الخطبة:
(الحمد لله الذي جعلنا من ذرية (إبراهيم)، وزرع (إسماعيل).. ثم إن ابن أخي هذا: (محمد بن عبد الله) لا يوزن به رجل، شرفاً ونبلاً وفضلاً.. وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم (خديجة) وقد بذل لها من الصداق، كذا وكذا).
وجعل الصداق عدداً من الإبل ـ كما في بعض التواريخ ـ .
وتم الزواج السعيد بين رسول الإسلام والسيدة خديجة وقد كانت فرحة مسرورة بهذا الزواج، كما أن النبي سرّ بهذا الزواج أيضاً، وعاشا معاً طيلة حياتها التي دامت (ثمان وعشرين) سنة، أفضل مثال للزوجين المتلائمين السعيدين.
وقد كان لهذه السيدة العظيمة أكبر نصيب في مؤازرة الرسول بعد البعثة، وأعظم الأثر في الدفع بالإسلام (الدين الجديد) إلى الأمام.
ورزق الرسول منها من الأولاد (زينب) و (أم كلثوم) و (فاطمة) و (رقية) و (قاسم) و (الطاهر) عليهم الصلاة والسلام.


 
 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم


رد مع اقتباس