الجواب:
الأخ حسن المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: الرواية التالية من الواضح ان ما جاء في الآية هو تفسير لها مطابق لما يقوله الشيعة وهو واضح من تعقيب المجلسي عليها ومقارنتها بآيات أخر، وذلك.
أن لمصطلحي الاقراء والتنزيل سابقاً وذلك: معنى غير ما يتبادر منهما الآن او يحاول الآخرين الإيحاء به من إنهما يدلان على القراءة لنص القرآن والتنزيل لنص القرآن.
يقول السيد مرتضى العسكري :كان معنى الاقراء على عهد الرسول إلى سنوات قليلة من بعده تعليم تلاوة اللفظ مع تعليم معناه (اصطلاحاً) والمقريء من يعلم تلاوة لفظ القرآن مع تعليم اللفظ... واصبح بعد أنتشار تعلم القرآن يستعمل الاقراء في احد المعنيين وهو تعليم معنى الآيات التي تحتاج إلى تفسير ومن تلك الموارد ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس انه قال: (كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها... الحديث) (صحيح البخاري 8: 208) وإذا علمنا أن اسلام عبد الرحمن بن عوف كان في السنة الثالثة من البعثة حسب ما يذكر ابن هشام من اخبار السابقين إلى الإسلام من المهاجرين وان آخر حجة حجها عمر كانت . سنة 23 وقتل في الشهر نفسه. في المدينة عرفنا أن المدة بين الزمانين أكثر من اثنتين وثلاثين سنة ولم يكن كبراء المهاجرين امثال عبد الرحمن بن عوف اطفال كتاتيب ليقرئهم ابن عباس تلاوة ألفاظ القرآن وإنما كان يعلمهم تفسير القرآن (القرآن الكريم وروايات المدرستين 1: 291).
وعلى هذا فما ورد من أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ هكذا يعني انه كان يبين المعنى مع القراءة وليس المعنى من القرآن, وكذا لو قال أبن مسعود كنا نقرأ هكذا أي مع المعنى، وكان ذكر المعنى هو الطريق المتبعة آنذاك حتى ان بعض الصحابة دونوا هذه المعاني في مصاحفهم الخاصة، ومن الواضح لللبيب أن بعض هذه المعاني لا تروق لاصحاب السلطة ولذا رفضوا قرآن علي (عليه السلام).
والكلام في لفظة (التنزيل) كذلك فإن المراد منها كل ما ينزل من الوحي لا أن كل ما نزل فهو قرآن، وهذا المعنى العام للتنزيل أي الذي يشمل كل ما ينزل من الوحي هو المستفاد من روايات أهل البيت (عليهم السلام) وهو غير المعنى المراد في مثل قولهم تنزيل القرآن فهو هنا مقيد والمعنى الأول مطلق لكل ما نزل، فلو ورد في رواية أن آية ما تنزيلها كذا فإن المراد به أن معناها الذي نزل به جبرائيل مع الوحي كذا، والأمر واضح إذا قرن التنزيل مع الأقراء كما في هذه الرواية (انظر سلامة القرآن من التحريف: 53).
وهذا المعنى واضح مشهور متعارف الاستعمال عند علماء الإمامية في تفسيرهم لما ورد من ذلك في الروايات فانهم يحملونه على أن المراد التفسير والمعنى وهو واضح من نص هذه الرواية المنقولة عن الكافي ومعناها المطابق لما يقوله الشيعة ولا دلالة لها من قريب او بعيد على الزيادة أو النقص في القرآن إلا من خلال الوهم وعدم فهم المعنى المراد من الالفاظ الواردة فيها وهذا باب يستطيع ان يسلكه كل مغرض. فلاحظ.
ثانياً: واما رواية السبعة عشر ألف آية، فقد جاءت في بعض نسخ الكافي سبعة ألاف كما في نسخة المحدث الكاشاني التي شرح عليها الوافي, وهي من النسخ الصحيحة, وعلى ذلك يثبت التصحيف في عدد السبعة عشر ألف, ويكون ذكر السبعة آلاف لبيان الكثرة والتقريب لا ضبط العدد، فإن عدد آي القرآن لا يصل إلى السبعة آلاف وقد أشار إلى ذلك الشعراني في تعليقته على شرح الكافي للمازندراني وجزم بأن لفظة عشر من زيادة النساخ.
ثم أنه لا يمكن الإلتزام بظاهر ما ورد في هذه الرواية من أن المقصود بالآيات هي نفس الآيات القرآنية وذلك لأنه من البعيد جداً أن يذكر الائمة (عليهم السلام). أمراً مهماً بهذه الدرجة بشكل مبهم مجمل دون أن يبينوا ولو دليلاً واحداً يوضح المراد بان يذكروا مثلاًً آية واحدة من هذه الآيات المفقودة، فإذا تقرر ذلك وأنه لابد في طريقة الانبياء والأئمة (عليهم السلام) من البيان الوافي وذكر المصاديق وعدم ترك الامر على عواهنه دون ذكر الشواهد عليه والدلالات وبيانه للمؤمنين بصورة واضحة جلية في مقامات وروايات أخرى، نلجأ إلى البحث والتفتيش عن شواهد ومصاديق هذه الرواية وليس امامنا في التراث الشيعي الحديثي إلا روايات التنزيل بالمعنى التي بيناها سابقاً، ومنه نعرف ان المقصود بالزيادة في الآيات في العدد السبعة عشر ألف هو المعنى المنزل بواسطة جبريل لآيات القرآن، وان المراد بالآية في هذه الرواية غير المعنى الاصطلاحي المستخدم عند الناس والمنصرف إليه عند سماع لفظ أي القرآن، فلاحظ.
وبهذا المعنى صرح ابن بابويه في الاعتقادات بقوله: أنه قد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشرة ألف آية, ....الخ. (الاعتقادات: 85).
وهذا الحمل لو صحت رواية السبعة عشر ألف هو المتعين عند علماء الإمامية إذ لا يمكن الالتزام بالظاهر الذي يريده من يتهمنا بالتحريف لأن أقصى ما تكون عليه الرواية أنها خبر واحد ظني لا يعارض تواتر القرآن ولا يثبت به شيء من العقائد ويعارض الروايات الصحيحة الناصة بعدم التحريف فتأمل.
ودمتم في رعاية الله
|