السؤال: رد على إشكالات بعض الوهابية على الآية
السؤال: رد على إشكالات بعض الوهابية على الآية
بطلان استدلال الشيعة بحديث الكساء على إمامة علي وعصمة آل البيت
ومن الأدلة التي يستدلون بها على الإمامة: آية التطهير، وآية التطهير هي قوله تبارك وتعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) يقولون: إن أهل البيت هم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، بدلالة حديث الكساء.
حديث الكساء ترويه أم المؤمنين عائشة ، وهذا الحديث يخرجه الإمام مسلم .
عائشة تروي: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءه علي فأدخله في عباءته –أي: في كسائه- ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاءه الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جللهم-أي: غطاهم-صلوات الله وسلامه عليه بالكساء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) فقالوا: هذا الحديث يفسر الآية وهي قول الله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) .
ثم الاستدلال الآخر وهو: أن إذهاب الرجس والتطهير، أي: العصمة، فيكونون بذلك معصومين، ويكون علي رضي الله عنه معصوماً، وكذا الحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين، فإذا كان الأمر كذلك فهم إذاً أولى بالإمامة من غيرهم، ثم أخرجوا فاطمة رضي الله عنها وقالوا: إن الإمامة في علي والحسن والحسين، ثم في أولاد الحسين كما هو معلوم عند الكثيرين.
هذه الآية هل هي فعلاً في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أو في غيرهم؟
كما قلنا في قول الله تبارك وتعالى: (( إنَّمَا وَليّكم اللَّه وَرَسوله وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وَيؤتونَ الزَّكَاةَ وَهم رَاكعونَ )) (المائدة:55) ثم اقرءوا ما قبل هذه الآية، تدبروا القرآن، فنحن لا نريد أكثر من ذلك، أفليس الله تبارك وتعالى يقول: (( أََفلا يَتَدَبَّرونَ القرآنَ أَم عَلَى قلوب أَقفالهَا )) (محمد:24)؟ ويقول: (( أََفلا يَتَدَبَّرونَ القرآنَ وَلَو كَانَ من عند غَير اللَّه لَوَجَدوا يه اختلافاً كَثيراً )) (النساء:82)؟ إن هذا الخطاب من الله جل وعلا ليس متوجهاً فقط ء ?لى أناس معنيين هم الذين يحق لهم أن يتدبروا القرآن، بل إن الله تعالى يطلب من جميع المسلمين -بل ومن غير المسلمين- أن يتدبروا القرآن، ويتعرفوا على الله جل وعلا من خلال هذا القرآن، فإنهم إذا قرءوا القرآن وتدبروه وعرفوه حق المعرفة وعرفوا قدره ومكانته لن يجدوا بداً من الانصياع إليه واتباعه والإقرار بكماله وحسن رصه، وغير ذلك من الأمور.
كذلك الأمر هنا، نحن لا نريد منكم أكثر من أن تتدبروا القرآن -أنا أعنيكم يا عوام الشيعة- دعوا علماءكم جانباً، ارجعوا إلى كتاب ربكم جل وعلا واقرءوه، وافتحوا هذا القرآن الكريم، على سورة الأحزاب، فعندما نفتح الآن على سورة الأحزاب في الجزء الثاني والعشرين سنجد أن الله تبارك وتعالى يقول: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا وَزينَتَهَا َفتَعَالَينَ أمَتّعكنَّ وَأسَرّحكنَّ سَرَاحاً جَميلاً * وَإن كنتنَّ تردنَ اللَّهَ وَرَسولَه وَالدَّارَ الآخرَةَ فإنَّ اللَّهَ أعَدَّ للمحسنَات منكنَّ أَجراً عَظيماً * يَا نسَاءَ النَّبيّ مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة مبَيّنَة يضَاعَف لَهَا العَذَاب ضعَين وَكَانَ ذَلكَ عَلَى اللَّه يَسيراً * وَمَن يَقنت منكنَّ للَّه وَرَسوله وَتَعمَل صَالحاً نؤتهَا أَجرَهَا مَرَّتَين وَأَعتَدنَا لَهَا رزقاً كَريماً * يَا نسَاءَ النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد من النّسَاء إن اتَّقَيتنَّ فلا تَخضَعنَ بالقَول فيَطمَعَ الَّذي في قَلبه مَرَضٌ وَقلنَ قَولاً مَعروفاً * وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرّجَ الجَاهليَّة الأولَى وَأَقمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكَاةَ وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً * وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ من آيَات اللَّه وَالحكمَة إنَّ اللَّهَ كَانَ لَطفياً خَبيراً )) (الأحزاب:28-34) نجد أن كل الآيات متناسقة، آيات في نساء النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله: (( يَا نسَاءَ النبيّ )) , (( يَا نسَاءَ النبيّ )) , (( وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ )) ثم قال: (( وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً * وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ )) (الأحزاب:33-34) فنجد الآيات في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف لأحد أن يدعي بعد ذلك أن هذه الآية، بل هذا المقطع من الآية؛ لأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) ليست آية إنما هي جزء من آية: (( وَقَرنَ في بيوتكنَّ )) تلكم الآية، فكيف تقبلون في كلام الله جل وعلا أن يكون الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا )) (الأحزاب:28) ثم يقول: (( يَا نسَاءَ النَّبيّ مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة مبَيّنَة )) (الأحزاب:30) .. (( يَا نسَاءَ النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد من النّسَاء * وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرّجَ الجَاهليَّة الأولَى وَأَقمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكَاةَ وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:32-33) يا علي.. يا فاطمة .. يا حسين، ثم يعود مرة ثانية: (( وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ )) (الأحزاب:34) ما الذي أدخل علياً والحسن الحسين وفاطمة في خطاب موجه لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما مناسبة هذه الفقرة بين هذه الآيات؟ لا توجد مناسبة؛ ماذا علينا أن نفعل؟ هل نطعن في كلام الله أو نطعن في الذين فهموا هذا الفهم وادعوا دعوى غير صحيحة؛ لأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33)؟ نقول: هذه دعوى باطلة، ف! هذه في نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذلك كان مجاهد رحمه الله تعالى -مجاهد بن جبر- يقول: (هي في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء باهلته). أي: في هذه الآية.
* من هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
القصد هذه الآية هي في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث الكساء لعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وبهذا نجمع بين الأمرين، أن علياً وفاطمة، والحسن والحسين من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل حديث الكساء، وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والدليل: الآيات المذكورة سابقاً، وغيرهم يدخل أيضاً في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كالفضل بن العباس، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه لما منعهما من الزكاة أن يكونا عاملين عليها وقال: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) ! ويدخل كذلك في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آل جعفر وآل عقيل وآل العباس بحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه وأرضاه، فقصر هذه الآية على علي والحسن والحسين وفاطمة لا يستقيم معه نص الآية؛ ولذلك نقول: إن هذا القول مردود.
* حل إشكال ورد شبهة:
هنا إشكال وهو: إذا كان الأمر كذلك وهي في نساء النبي صلى الله عليه وسلم فما مفهوم: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم )) (الأحزاب:33) ولم يقل: عنكن؟ وهذا هو الذي يدندنون عليه، لماذا قال: عنكم، ولم يقل: عنكن؟ وهذه قد ذكر أهل العلم لها معانف كثيرة منها:
أولاً: -وهو أصح هذه الأقوال-: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم داخل معهن، وذلك أن الخطاب كان للنساء، ثم لما تكلم على البيت دخل سيد البيت وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا دخل صلوات الله وسلامه عليه مع النساء في الخطاب فطبيعي جداً أن تلغى نون النسوة وتأتي بدلها ميم الجمع: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت )) (الأحزاب:33) أي: يا نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومعكن سيدكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتصح أيضاً لما قال الله تبارك وتعالى لما قال عن امرأة إبراهيم: (( رَحمَة اللَّه وَبَرَكَاته عَلَيكم أَهلَ البَيت )) (هود:73) وهي امرأة إبراهيم، لم جاء بميم الجمع هنا: (عليكم) ولم يقل: (عليكن)، ولا (عليكف) أيضاً، وإنما (عليكم)؟ يريد أهل البيت، يريد مراعاة اللفظ، واللفظ (أهل).
وعلى كل حال إن نون النسوة هنا لم يؤت بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل معهن.
*عدم دلالة آية التطهير على عصمة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كذلك بالنسبة للتطهير: الله سبحانه يريد أن يذهب الرجس، ويريد أن يطهر سبحانه وتعالى، فهل هم مطهرون خلقة أو يريد الله الآن أن يطهرهم؟ القوم يدعون أنهم مطهرون خلقة، أي: خلقوا مطهرون، فإذا كانوا خلقوا مطهرين فما معنى قوله وتعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) بعد أوامر ونواهف قال: يريد أن يذهب عنكم الرجس أي: طهركم وأذهب عنكم الرجس، إذاً: ما معنى حديث الكساء، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جللهم بالكساء ثم قال: اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) لماذا يدعو وبماذا؟ يدعو بإذهاب الرجس الذي هو أصلاً ذاهب عنه! م؛ لأنهم مطهرون خلقة؟! فكيف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلب من الله أن يذهب عنهم الرجس؟ تحصيل حاصل لا ينبغي أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً: هذه الآية لا تدل على العصمة، كيف تدل على العصمة وعلي رضي الله عنه يقول: ( (وإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن من أن يقع مني ذلك)) يقول ذلك في الكافي الجزء الثامن صفحة: (293)، ويقول للحسن ابنه: ( ( ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (576)، وقال له أيضاً: ( ( فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء وتتورط الظناء )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (577)، وقال له كذلك: ( ( فإن أشكل عليك من ذلك-يعني: أمر-فاحمله على جهالتك به، فإنك أول ما خلقت جاهلاً ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك، و! يضل فيه بصرك )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (578).
وهذا من يسمونه بالشهيد الثاني: زين الدين بن علي العاملي، يقول: ( ( فإن كثيراً منهم ما كانوا يعتقدون بعصمتهم لخفائها عليهم، بل كانوا يعتقدون أنهم علماء أبرار )). وهذا في حقائق الإيمان صفحة: (151).
* معنى الرجس:
يقول الله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) ما هو الرجس؟ الرجس: قال أهل اللغة: هو القذر.. الذنب .. الإثم .. الفسق .. الشك ..الشرك .. الشيطان، كل هذا يدخل في مسمى الرجس.
وردت كلمة الرجس في القرآن في مواضع عدة، فقد وردت في قول الله تعالى: (( يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا إنَّمَا الخَمر وَالمَيسر وَالأَنصَاب وَالأَزلام رجسٌ من عَمَل الشَّيطَان )) (المائدة:90) وقال تعالى: (( كَذَلكَ يَجعَل اللَّه الرّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يؤمنونَ )) (الأنعام:125) وقال سبحانه وتعالى: (( قل لا أَجد في مَا أوحيَ إلَيَّ محَرَّماً عَلَى طَاعم يَطعَمه إلاَّ أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَماً مَسوحاً أَو لَحمَ خنزير َإنَّه رجسٌ أَو سقاً أهلَّ لغَير اللَّه به )) (الأنعام:145)، وكذلك يقول سبحانه وتعالى على الكفار من اليهود: (( قَالَ قَد وَقَعَ عَلَيكم من رَبّكم رجسٌ وَغَضَبٌ أَتجَادلونَني في أَسمَاء سَمَّيتموهَا أَنتم وَآبَاؤكم مَا نَزَّلَ اللَّه بهَا من سلطَان فَانتَظروا إنّي مَعَكم من المنتَظرينَ )) (الأعراف:71) ويقول تعالى: (( سَيَحفلونَ باللَّه لَكم إذَا انقَلَبتم إلَيهم لتعرضوا عَنهم فأَعرضوا عَنهم إنَّهم رجسٌ )) (التوبة:95) وجاءت آيات أخرى تبين معنى الرجس، وهو: الإثم.. الذنب.. القذر.. الشك.. الشيطان.. الشرك، وما شابهها من ! المعاني؛ ولذلك جاء عن جعفر الصادق رضي الله عنه ورحمه أنه قال: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) قال: هو الشك, وقال الباقر: (الرجس: هو الشك، والله)
|