عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-2011, 11:13 AM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



لجواب:
الاخ نويد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جواب السؤال الاول:
بمراجعة الرواية من أولها والتنبه الى أسلوب الاستدلال الذي جرى عليه الامام (عليه السلام) يتوضح لديك أن المراد من قوله (تصديقاً لنبيه) أي تأييداً وموافقةً لنبيه, كما لو قلت أن القرآن والسنة يصدق احدهما الآخر اي يوافقه ويعاضده ويؤيده.
وان ابيتَ الا التمسك بظاهر العبارة فان التصديق قد جاء بعد حديث الثقلين والصحيح ان حديث الثقلين صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مواضع عديدة تصل الى الثمانية أو العشرة.
فيكون المعنى: أنه بعد أن صرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحديث الثقلين وان الثقل الاصغر هم أهل البيت (عليهم السلام) بعد أن سئل عنهما بـ (وما الثقلان يا رسول الله). ومن الطبيعي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيشير الى أشخاصهم, جاءت آية التطهير تصديقاً له في تعين أهل البيت (عليهم السلام) وتشخيصهم حتى لا يدعي مدع ان المحابات (اعوذ بالله) من الرسول (صلى الله عليه وآله) قد تدخلت في التشخيص وانما الامر من الله عز وجل.
نعم، توجد هناك رواية رواها الحاكم في المستدرك وحكم بصحتها, فيها أن الدعاء كان قبل نزول الآية, فعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما نظر رسول الله الى الرحمة هابطة قال: (أدعوا لي ادعوا لي), فقالت صفية: من يارسول الله؟ فقال: (أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين), فجيء بهم, فالقى عليهم النبي كساءه ثم رفع يديه ثم قال: (اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد وآل محمد), وانزل الله عز وجل (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (المستدرك 3: 147).
ورواية اخرى عن ام سلمة رواها ابن كثير في تفسيره عن الاعمش عن حكيم وفي اخرها: فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط.. (تفسير ابن كثير 3 :490).
جواب السؤال الثاني:
ان بعض علماء أهل السنة احتمل لجملة (أنت على خير) معنيين.
الاول: ان معناه أنت لست من أهل بيتي بل من ازواجي وأن مآلك الى خير وحسن العاقبة.
الثاني: ان معناه أنت لست بحاجة للدخول تحت الكساء لانك من اهل بيتي فازواجي من أهل بيتي.
والسبب في ايرادهم المعنى الثاني هو أنهم بعد أن قرروا في آية التطهير انها نازلة في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) مستدلين بالسياق وجدوا أن التزامهم هذا يعارض بوضوح مفاد حديث الكساء الذي شخص فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهل البيت (عليهم السلام) وطبق آية التطهير على مصداقها الخارجي، فاضطروا حفاظاً على عقيدتهم من حمل بعض جمل الحديث على التأويل البعيد وغير المتعارف حلاً منهم للتعارض الظاهر والذي يودي بعقيدتهم بعد أن كان سند الحديث صحيحاً لا يمكن رده, ولم يجدوا جملة تحتمل التأويل ولو البعيد غير المألوف سوى (أنت على خير) فحملّوها المعنى الثاني الذي عرفت.
فكان فعلهم هذا ليس تمسكاً بما هو ظاهر الحديث بمفرده بل تمسكاً بالتأويل الذي لجأوا اليه بعد جمعه مع المعنى الذي ارادوه من الآية, فانهم بعد أن التزموا بأن أهل البيت في آية التطهير في نساء النبي واخذوه كأصل موضوعي لا يقبل التبديل اضطروا لحمل كل نص آخر يخالفه ظاهراً على المعنى المعني ولو بالتأويل, فلاحظ.
والا فان ظاهر الحديث بافراده ودون النظر الى الآية, (أي حتى لو فرضنا عدم وجود آية في المقام) هو حصر معنى أهل البيت (عليهم السلام) على مصداق هؤلاء الخمسة أصحاب الكساء وهو ظاهر من القرآئن الحالية واللفظية في قول وفعل النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث.
وظاهر جملة (أنت على خير) هو ما ذكرناه من المعنى الذي يتمسك به الشيعة وهو المستعمل في لغة العرب لاخراج من يراد أخراجه ولم يعهد منهم أن يستخدموا هذه الصيغة بمعنى دخول المخاطب بها في من خصّوه وميزوه بالقيود والخصائص المذكورة في الكلام، فان ظاهرها النفي بتقدير (لا) قبلها واذا اراد العربي ان يعطي مفاد الايجاب يجب أن يأتي بصيغة اخرى تفيده بان يقول مثلاً (وانت كذلك), فلم يعهد من العرب بأنهم أذا عزلوا او خصوا جماعة من ضمن آخرين موجودين في نفس المكان بصفة او اضافة معينة كوصفهم بالاضياف او الشجعان مثلاً ثم اعترض شخص حاضر فأجيب (بأنت على خير) او (انت مكانك) أنه سيشمله هذا الوصف او الاضافة بل بالعكس فانه تأكيد بالخروج فوق ما لو لم يفقَلْ له مثل ذلك.
ولاحظ أنت اذا دخلت الى مطعم وكان فيه اشخاص من ضمنهم بعض اصدقائك الحميمين فناديت صحاب المطعم وقلت له هؤلاء أضيافي بعد أن اجلست اصدقاءك على طاولة خاصة وعزلتهم عن بقية الناس, فهل يفهم صاحب المطعم أن البعض الآخر يجوز أن يقدم لهم الطعام على حسابك بكونهم اضيافك؟ ولو جاء شخص من الحاضرين واراد الجلوس على نفس الطاولة وانت قلت له (انت على خير) او (انت مكانك) ولم تسمح له بالجلوس على الطاولة بمحضر صاحب المطعم, فهل يجوز لصاحب المطعم أن يجعله من اضيافك أو انك لا تعذره وتعاتبه وكل الناس الحاضرين؟ ولا حجة له بالقول بانه أوّل معنى (على خير) أنك تعده من اضيافه الاساسيين الاصليين بعد أن سبق كلامك القرائن الحالية بعزل اصدقائك على طاولة خاصه, فلاحظ.
والذي يقطع الشك في هذا الحديث، الآحاديث الأخرى الكثيرة التي توضح هذه الجملة بما لا لبس فيها والتي ذكرت أنت جملة منها, وبعض هذه الاحاديث صحيحة على موازين أهل السنة، كما في مسند أحمد عن شهر بن حوشب عن ام سلمة الذي في اخره: ((فرفعت الكساء لادخل معهم فجذبه من يدي وقال: (أنك على خير))) ورواه ايضاً (أبو يعلى في مسنده 6: 248، والطبري في تفسيره 22: 6).
ثم أين انت من القاعدة التي تقول أن الاحاديث يقوي بعضها البعض.
ونحن هنا نريد أن ننبه على شيء وهو ان الحكم بصحة طريق معين لا يعني أن رجال هذا الطريق لم يتكلم فيهم أحد بمغمز، والا فلا يسلم رجل من رجال أهل السنة فأنه لا بد أن تجد أن هناك احداً من اصحاب الجرح والتعديل طعن في هذا الرجل أو ذاك وهكذا كل رواتهم، وانما الحكم عليه يكون من مجموع أقوال أصحاب الجرح والتعديل, فلاحظ! فأن كثيراً من المشاغبين المجادلين المتشدقين تراهم من أجل تضعيف رجل في طريق الحديث ينقلون طعنه من أحد أصحاب الجرح والتعديل ويغمضون أعينهم عن مجمل ما ورد فيه محاولين ايهام مجادليهم، وتراهم في مكان آخر يأتون بالمدح لنفس الرجل من رجالي آخر!!
ولنعود لنفس الموضوع: وهو انا فوق ماذكرنا من ظاهر الحديث, نجد أن تكرار الفعل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظاهر من متن الروايات يقطع كل شك في الاختصاص, بل تكرار قراءة النبي (صلى الله عليه وآله) للآية عند المرور على بيت فاطمة (عليها السلام) يرسخ هذا الاختصاص في اذهان المسلمين. بل روى مسلم عن عائشة أن رسول الله قرأ بعد أن أدخلهم تحت الكساء (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ))، وقراءة الآية على من تحت الكساء وفيها أدات الحصر (انما) بحضور عائشة وغيرها قاطع للتوهم والمناقشة في الاختصاص. فلاحظ.
جواب السؤال الثالث:
قبل الاجابة على ما ذكره (طاهر بن عاشور) نود الاشارة الى أن اتفاق بعضهم مع الشيعة في بعض الاحكام الفرعية لا يخرجه عن التعصب, فهذا ابن تيمية يتفق مع الشيعة في ان الطلاق بالثلاث يعتبر طلقة واحدة فهل يمكن أن يقال عنه انه غير متعصب مع ما مشهور عنه من نصبه لأهل البيت (عليهم السلام).
وبعد ذلك نقول:
أ ـ ما ذنب الشيعة اذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي قصر وحصر معنى أهل البيت في الخمسة أصحاب الكساء حتى يقول (طاهر بن عاشور) عنهم أنهم غصبوا هذا الوصف وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيها (عليهم السلام).
ب ـ قد ذكرنا في جواب السؤال السابق أن منشأ قولهم يرجع بالحقيقة الى اعتبارهم ان الآية نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) كأصل موضوعي لا يناقش (استناداً الى السياق المدعى, وهذا واضح من كلام (طاهر بن عاشور) من قوله: ((وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشواً بين ما خوطب به أزواج النبي)) وعلى هذا الاصل المفترض بنوا كل كلامهم,
ولكن سنبين أن ما دعوه وما أستدلوا به لم يكن الا دعوى من دون دليل:
فان ما سماه حشواً يدل على عدم معرفته بأساليب البلاغة لدى العرب, يقول الشيخ السبحاني: ((لا غرو في أن يكون الصدر والذيل راجعين الى موضوع وما ورد في الاثناء راجعاً الى غيره فان ذلك من فنون البلاغة وأساليبها, نرى نظيره في الذكر الحكيم وكلام البلغاء وعليه ديدن العرب في محاوراتهم فربما يرد في موضوع قبل أن يفرغ من الموضوع الذي يبحث عنه ثم يرجع اليه، وثانياً يقول الطبرسي: من عادة الفصحاء في كلامهم أنهم يذهبون من خطاب الى غيره ويعودون اليه والقرآن من ذلك مملوء وكذلك كلام العرب واشعارهم (مجمع البيان 4: 357))).
قال الشيخ محمد عبده: ((ان من عادة القرآن أن ينتقل بالانسان من شأن الى شأن ثم يعود الى مباحث المقصد الواحد المرة بعد المرة)) (تفسير المنار 2: 451) .
روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (أن الآية من القرآن يكون أولها في شيء وآخرها في شيء (الكاشف 6: 217)).
ثم اورد الشيخ السبحاني مثالاً لذلك من القرآن , قوله تعالى: (( إنه من كيد كن ان كيدكن عظيم, يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك انك كنت من الخاطئين )) فنرى ايراد قوله تعالى: (( يوسف اعرض عن هذا )) قبل أن يفرغ من الكلام معها ثم يرجع الى الموضوع الاول ( مفاهيم القرآن 10: 165).
فظهر ما في قوله حشواً من حشو وتجر على القرآن وعدم فهم!!
ثم إن الروايات عن أم سلمة وعائشة وغيرهن تنص على أن آية التطهير نزلت وحدها ولم ترد ولا رواية واحدة على أنها نزلت مع آيات النساء، فاي معنى بعد ذلك للا ستدلال بالسياق وانما وضعت (بينها) بأمر النبي (صلى الله عليه وآله) أو في مرحلة تأليف القرآن, ولهذا نظير في القرآن، فآية الاكمال نزلت في نهاية البعثة يوم غدير خم مع أنها الآن في سورة المائدة جزءاً من آية تبين أحكام اللحوم.
ثم إن وقوعها بين آيات النساء فيها عبرة لهن بأن ينظرن ويحاولن أن يتبعن أهل هذا البيت (عليهم السلام) النبوي المعصومين عن الذنب.
ج ـ لقد بينا في جواب السؤال الثاني دلالة الحديث بما فيه من القرآئن الحالية واللفظية على القصر فلا نعيد، وأوضحنا بالمثال الذي ذكرناه بما يدل على عكس مراده باستشهاده بالآية (( ان هؤلاء ضيفي )), فان في هذه الآية ايضاً تخصيص وقصر على أن هؤلاء ضيوفي من بين كل الموجودين في المكان ولا أحد غيرهم منكم من اضيافي, وذلك ان أسم الاشارة (هؤلاء) يعرف ويخص ويحصر في المكان والزمان الخاصين الصادر فيهما.
فقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ان هؤلاء اهل بيتي) يعني ان هؤلاء في هذا الوقت هم أهل بيتي دونكم أنتم الحاضرون, وكان من الحاضرين زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، وعليه لا يصح الاتيان بأداة الاشارة وتعينهم بها أذا كان أحد غيرهم من الموجودين من أهل بيته, اذ لا تصدق الاشارة حين ذاك, وكذا في الآية ((ان هؤلاء ضيفي)) فمن المعلوم أن الملائكة كانوا في ذلك الوقت والمكان هم أضياف نبي الله لوط (عليه السلام) دون أهل المدينة كلهم ولا يعني أنه نفى ان يكون له أضياف في الزمان اللاحق, ولذا نحن لا نحصر أهل البيت (عليهم السلام) بالخمسة أهل الكساء، بل نعمها الى الائمة الاثني عشر(عليهم السلام) في الزمان اللاحق, ومن هذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ الآية ويخص بها علياً وفاطمة (عليهما السلام), والحسن والحسين (عليهما السلام) بعد لم يولدا. فراجع
ولكن مع ذلك كرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزاد في التكرر بالاشارة اليهم وتعريفهم بأهل البيت (عليهم السلام) دفعاً لمثل هذا التوهم المذكور.
د ـ وان تعجب فعجب من نسبة التوهم الى التابعين في حصر هذه الآية بالخمسة أصحاب الكساء مع أنهم أقرب للنص وقد سموا تابعين لانهم تبعوا الصحابة, ولا يحتمل الوهم على شخص واحد جاء بعدهم بمئات السنين, فهو يعترف بان هذا القول كان في عصر التابعين المطمأن بل الا كيد انهم اخذوه من الصحابة, ومع ذلك ينسبهم للوهم دونه مع أنه بعيد عن النص والصحابة عدة قرون, فيا لله والهوى!!
بل نحن نقول: ان هذا القول كان معروفاً عند الصحابة أيضاً, ولذا لا توجد ولا رواية واحدة عنهم بل عن نساء النبي(صلى الله عليه وآله) نفسهن فيها أن الآية خاصة بنساء النبي(صلى الله عليه وآله) أو هن الخمسة أصحاب الكساء, ولم يخصها بنساء النبي (صلى الله عليه وآله) حتى في عصر التابعين الا عكرمة, وفي نفس روايته ما يتضح أن رأي الناس مطبق على انها نزلت في الخمسة حين يقول: ((ليس بالذين تذهبون اليه وانما هو نساء...))، فلاحظ وتأمل وتعجب!
وقد عرفت من الروايات وخاصة روايات أم سلمة (رض) ان الآية نزلت وحدها ولذا فلا عجب، بل الصحيح الطبيعي من المسلمين في ذلك الوقت ان يقرؤوها وحدها.
وـ وقد عرفت أيضاً أن هناك روايات عديدة تصرح بان دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) كان قبل نزول الآية, وطريق الجمع ربما يتوضح من تكرار فعل النبي (صلى الله عليه وآله) كما يظهر من الروايات المختلفة, فراجع.
وقد ظهر لنا من قوله: ((وانها نزلت في بيت أم سلمة)) انه يريد الاستدلال بمكان النزول ويجعله سبب النزول في نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا من عجيب الاستدلال!! فمكان النزول غير سبب النزول.
ط ـ ولقد عرفت أيضاً مما مضى جوابنا على ما يدعونه من معنى (انت على مكانك وانت على خير) فلا نعيد, وانما نعجب من بهتانه وتناقضه, فانه يستدل على ما يريد من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) (انت على مكانك وانت على خير) بأن الآية نازلة في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) مع أن نفس الرواية التي يريد شرحها تنص على أنها نزلت وحدها وان رسول الله (صلى الله عليه وآله) طبقها في أهل البيت (عليهم السلام).
ومع أن أكثر أصحابه الذين يدخلون النساء في ضمن أهل البيت يستدلون لدخولهن بالسياق لا بالنزول ويقولون أن النساء دخلن بالسياق والخمسة أصحاب الكساء دخلوا بفعل النبي (صلى الله عليه وآله) أي بالحقيقة بالنزول, وذلك رداً منهم لافتراء عكرمة أنها نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) خاصة.
فهل رأيت تناقضاً أكثر من هذا!!! فلا نعلم انه مع رأي عكرمة أو مع راي أكثر أهل السنة؟!
ثم لو كانت الآية نازلة فيها وفي ضراتها كما يقول، فما معنى قول أم سلمه: (وانا يارسول الله)؟ فهل كانت أم سلمه لا تعرف انها نزلت فيها وفي ضراتها، ثم علم عكرمة أو طاهر بن عاشورا بذلك!!
ي ـ ان الروايات الواردة في حديث الكساء على ثلاثة أصناف:
أ ـ ما فيها أن الدعاء كان قبل النزول.
ب ـ ما فيها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قرأ الآية فقط على من في الكساء واضاف في بعضها (أن هؤلاء أهل بيتي).
ج ـ ما فيها أنه (صلى الله عليه وآله) دعا لهم بعد نزول الآية وبعد أن جمعهم تحت الكساء.
فلو سلمنا بما قال فهو يصدق على الصنف الثالث فقط, هذا أولاً.
ثم إن ما ذكره لو صح يتم فقط في عدم الدعاء لها بما هو حاصل, ولكن ما الداعي لاخراجها من التخصيص في أهل بيت في المقام, فالمفروض على مبنى كلامة أن يقول لها: أنت من أهل البيت، وقد تحقق لك ما اطلبه في الدعاء منه الآية لا ان يخرجها من أهل البيت أصلاً.
وبعبارة اخرى نحن نستدل في تخصيص أهل البيت في حديث الكساء بعده أمور: منها فعل النبي (صلى الله علية وآله) تلفظه بأداة الاشارة (هؤلاء) ودعائه لهم, فكلامه على تسليمه يرد في الدعاء وأما الباقي فعلى حالة.
وبعبارة أوضح: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لو كان يريد من فعله فقط الدعاء لأصحاب الكساء فما الداعي لفعل وقول ما فعله وقاله, وكان يكفي أن يرفع يده ويطلب من الله ادخالهم في الآية مع العلم أن أم سلمة لم تسأله الدعاء بل سألته الدخول معهم, فلاحظ. هذا ثانياً.
وثالثاً:
أ ـ ان كلامه لا يتم الا أذا ادعى بان لفظة (أهل البيت) في الآية لا تشمل أصحاب الكساء وانما تشمل النساء فقط, وهذا لا يتم لغة وضمير التذكير في عليكم يدحضه وعليه فاذا دخل أصحاب الكساء في الآية بشمول لفظة أهل البيت لهم يكون دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) لهم أيضاً تحصيل حاصل.
واذا قال عناداً وأصرّ على أن أهل البيت في الآية لا تشمل الذرية يكون قد خالف الجمهور من علماء أهل السنة!
وإذا قال ان الضمير في (عليكم) يعود للنبي (صلى الله عليه وآله) فقط، فيصبح الاشكال أشكالين:
الأول: فما معنى اذهاب الرجس عنه في الآية اذ من المعلوم أن الرجس منفي عنه (صلى الله عليه وآله) من السابق الا أن ينفي ذلك وهو من الشناعة بمكان.
والثاني: يكون بحقه أيضاً من تحصيل الحاصل لأنه كان داخل تحت الكساء ايضاً وهو من أهل البيت قطعاً.
ب ـ في الحقيقة أن أشكالهم في الاساس هو أن الارادة في الآية تشريعية اذ لو كانت تكوينية فما معنى دعاء النبي اذ هو تحصيل حاصل وهذا يرد بوجوه:
1ـ حتى لو كانت الأرادة تشريعية فانه سيكون أيضاً من تحصيل الحاصل اذ معناه يا الهي ادعوك أن تشرع عليهم التطهير كما شرعته عليهم واي معنى لهذا؟!
2ـ قد يكون الدعاء لادامة الشيء الحاصل ولا مانع منه مع أن رسول الله مهتدي وهو الذي يهدي للحق يقرأ في صلاته كل يوم خمس مرات (اهدنا الصراط المستقيم).
3ـ وحصول الشيء عند شخص لا يعني انه سوف يستغني عن الله ببقائه ودوامه.
4ـ ان المقامات السامية ليست كلها بدرجة واحدة وانما هي في تكامل مستمر عندهم.
ط ـ قد بينا ما في تكرار النبي (صلى الله عليه وآله) من دلالة على الاختصاص, ولكن العجب من هذا المدعي يقول: ((ولما استجاب الله دعاءه كان النبي (صلى الله عليه وآله) يطلق أهل البيت على فاطمة وعلى وابينهما))! فيتهم النبي(صلى الله عليه وآله) بنوع من المحاباة اذ يكرر ويزيد في التكرار على من أصبحوا أهل البيت بدعائه ويترك الاشارة الى من أشار اليهم الله جل جلاله بأهل البيت ولو لمرة واحدة وهن النساء!! ويا لله ولجرأتهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
افلا كان لمدع مغرض أن يقول لرسول الله (صلى الله عليه وآله): مالك تخص هؤلاء الذين طلبت أنت من الله أن يدخلوا في أهل البيت وتترك من فرض الله كونهم من أهل البيت؟
بالله أيصح هذا الفعل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ الا يكون فعله فيه نوع من الميل عن مراد الله (نعوذ بالله)، على الاقل بتركه الاصل واصراره على التبع؟
ولماذا لا ننزه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن هذا ونقول كما هو واضح وعرفه الجميع أنه كان يبين بفعله المكرر هذا مقاصد القرآن وانه لا يفعل شيء الا وهو مطابق للقرآن ومن وحي الله تعالى.
جواب السؤال الرابع:
1ـ لقد أجمع كل من نقل قول عكرمة على أنه كان يدعي اختصاصها بنساء النبي (صلى الله عليه وآله) فلا مجال لما ذكرت، فان في متن بعض الروايات قوله: (أنها نزلت في نساء النبي(صلى الله عليه وآله) خاصة).
ثم انه قد نقل عنه عدة روايات أحدها قوله: ((ليس بالذي تذهبون اليه انما هو لنساء النبي (صلى الله عليه وآله)) يقصد به قول الله تعالى: ((انما يريد الله...))الآية. فهذا منه تفسير للآية لا ذكر شأن النزول, ومن المعلوم أن الآية لو كانت دلالتها مختصة بالنساء لا ستقر التعارض بينها وبين حديث الكساء.
نعم، لو كن مورد النزول فقط كما يدعي في روايات اخر لأمكن احتمال عدم التعارض، ولكنه لا يتم أيضاً لما عرفنا من فعل النبي(صلى الله عليه وآله) من التخصيص والحصر اضافة لوجود روايات كثيرة تنص على أن مورد النزول هم الخمسة أصحاب الكساء.
2ـ لا يمكن المدح فضلاً عن توثيق عكرمة بمثل هذه الروايات بعد أن نص رجاليينا على تضعيفه، فعن الكشي بعد أن نقل هذه الرواية قال: ((فلم يدركه ابو جعفر (عليه السلام) ولم ينفعه)) وهذا هو الفهم الصحيح للرواية, وقال في حقه العلامة في الخلاصة: ((ليس على طريقنا ولا من اصحابنا)), وكونه لا يعتقد بالمذهب الحق واضح لا يحتاج الى روايات، بل هو مثل الشمس في رابعة النهار خصوصاً بعد ان نص رجاليو السنة على انه كان على رأي الخوارج وانه كان يكذب على ابن عباس.
أما ما فهمته من الرواية من انه كان مورداً لتوجه الامام الباقر (عليه السلام) لان الامام (عليه السلام) اراد الحضور عند احتضاره، فهذا غير صحيح بعد ان نعرف من سيرة أئمتنا (عليهم السلام) كلهم معاودة ومواصلة مخالفيهم في المرض وحالة الموت والضيق والشده، وهذا مشهور عنهم بل حتى غير المسلمين، وزيارة الامام الرضا (عليه السلام) للنصراني المحتضر معروفة، فان من مقام أئمتنا (عليهم السلام) ايصال الهداية والرحمة والرأفة الى كل الناس من دون فرق ولا يتأخرون عند أي بارقة واحتمال لنفع أي أنسان حتى ولو كان مثل عكرمة, فتأمل.
أما استفادة الشيخ معرفت (رحمه الله)من دخول مولى الإمام (عليه السلام) واخباره باحتضار عكرمة على كونه ذا منزلة لدى الامام (عليه السلام)، فعجيب!! بعد ان نعرف ان عكرمة كان مولى لابن عباس أي محسوب على بني هاشم, ولم يكن شخصاً مجهولاً نكرة حتى ننفي وجود علاقات اجتماعية وتزاور وتراحم بينهم مع ما كان للامام (عليه السلام) من منزلة ومكانة في المدينة, ومن يمعن النظر في الواقع الاجتماعي لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) في ذلك الوقت يجد بوضوح أنهم لم يقطعوا صلاتهم حتى بألد أعدائهم المستحلين لقتلهم بل قتلتهم أنفسهم، وما لجوء مروان بن الحكم الى الامام زين العابدين (عليه السلام) بخافيه على أحد ولا الاجتماعات والتزاور الذي كان يحصل بين الباقر والصادق (عليهم السلام) والأمويين والعباسيين بقليلة.
وأما ما علق عليه من جملة ((وكان منقطعاً الى ابي جعفر (عليه السلام))) بكونه من خاصة أصحاب الامام (عليه السلام) ولم يكن يدخل على غيره دخوله على الامام (عليه السلام), فقد توضح بعض سببه مما ذكرنا من أنه كان يحسب على بني هاشم ومع ذلك فان انقطاعه الى ابن عباس كان أوضح ومع ذلك لم يمنعه من الكذب عليه وانتحال رأي الخوارج.
ثم إن الامام الباقر (عليه السلام), سنحت له فرصة في أواخر الدولة الاموية لنشر علم أهل البيت(عليهم السلام) علانية، فكثر أصحابه وتلامذته والآخذون عنه حتى من المخالفين، والامثلة كثيرة على ذلك فلا عجب من أن يأخذ عكرمة العلم من الإمام (عليه السلام) فقد كان (عليه السلام) في ذلك الوقت مدرسة لكل المسلمين ولا يغلق بابه على أحد خاصة من كان له معه علاقات اسرية.
ولكن العجب من الشيخ معرفت(رحمه الله) ان يرد القول ((بأنه كان يرى راي الخوارج)) على أنه من كلام الراوي حدساً بشأنه ....الخ, ولا يرد القول ((بأنه كان منقطعاً الى أبي جعفر (عليه السلام))) مع أنه من قول نفس الراوي!! فلاحظ.
وعلى كل حال فان للشيخ رأيه الخاص ولا يلزم به غيره خاص بعد أن نص أصحاب الرجال على تركه وتضعيفه.
وأخيراً، حتى لو سلمنا وقبلنا بعكرمة كراوي له درجة من المقبولية، لا يمكن أن نقبل روايته الخاصة بآية التطهير بعد معارضة الروايات الكثيرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها، فان رأي عكرمة المنقول عنه ليس له وزن أمام قول رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ودمتم في رعاية الله


 

رد مع اقتباس