الجواب:
الأخ مرتضى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يمكن أن يكون المراد بالإرادة في الآية هي الإرادة التشريعية, لأنها تنص على قوله: ((إنما يريد الله...)) و(إنما) تفيد الحصر والقصر.
والمعنى : إن الله طلب من أهل البيت(عليهم السلام) فقط أن يكونوا كذلك , وإذا كانت الإرادة تشريعية , فلا معنى لأن يكون طلب الطهارة والتنزه عن الرجس مختصاً بأهل البيت(عليهم السلام) محصوراً بهم دون غيرهم , فالله سبحانه وتعالى أنزل الشريعة الإسلامية لا لكي يتطهر أهل البيت (عليهم السلام) وحدهم , ويتنزهوا عن الرجس دون سواهم , وإنما لكي يتطهر المسلمون جميعا دون غيرهم ويتنزه كل من بلغه هذا الدين .
ولو حملنا الإرادة على التشريع فسيكون الحصر في غير محله , ولا يلائم الآية المباركة أساساً, وبذلك لايمكن أن تكون الإرادة في الآية تشريعية وإنما هي إرادة تكوينية.
وبعبارة أخرى ان الإرادة لو كانت تشريعية وأن الله يريد بيان أن الهدف من إرادته - أي من التكاليف - هو تطهير أهل البيت (عليهم السلام) فهو غير مختص بهم , حيث أن إرادته تعالى متعلقة بصدور الفعل الواجب تشريعا من غيره بإرادته واختياره وحملها هنا عليهم فقط, لا خصوصية فيه.
وقد أورد على كون الإرادة في الآية تكوينية أن ذلك يؤدي بنا إلى شبهة الجبر والاضطرار , أي أن ذلك ينافي إرادية واختيار المعصوم في أفعاله .
وأجيب على ذلك بأن الله سبحانه وتعالى عالم بكل شيء لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء , فهو يعلم بأفعال عباده قبل أن يخلقهم فمن علم منهم أنهم لا يريدون لأنفسهم إلا الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى أعانهم على ذلك واخبر عن مشيئته التي منشؤها العمل بما يريدون الوصول إليه.
فالمسألة لا ترجع إلى اختيار جزافي بل تتحرك في إطار هادف , فحيث علم الله من هؤلاء أنهم لا يريدون لأنفسهم الإ الطاعة والعبودية, تعلقت إرادته التكوينية بهم فطهرّهم من كل رجس فعلمه عزوجل بهم منشأ لهذه الإرادة التكوينية, وبذلك تنتهي شبهة الجبر وتسقط بإرادة الفاعل على الفعل مسألة الاضطرار.
أما الدليل القرآني على أن المراد بأهل البيت هم العترة دون غيرهم , فإن نفس الآية القرآنية تدل على ذلك, لأن قوله تعالى: ((ويطهركم تطهيرا)) دال على العصمة وقد عرفنا أن قوله تعالى: ((إنما يريد الله)) هو إخبار وليس إنشاء , فالآية لا يمكن أن تشمل أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله) ولا نساءه ولا أعمامه ولا أي مصداق آخر غير العترة خاصة لأن جميع فرق المسلمين تتفق على عدم عصمة أولئك.
ولو كانت الآية تنطوي على الإطلاق بحيث تشمل أعمام النبي (صلى الله عليه وآله) وقرابته ونساءه , لكان منهم من أدعى هذا الفخر وهو وسام عظيم لا يمكن لانسان أن يزهد فيه , ولكن من خلال العودة إلى التأريخ لم نجد أحداً يدعي ذلك.
ومن ناحية ثانية تشير الوقائع التأريخية إلى أن هؤلاء كانوا مشركين ثم صاروا مسلمين , وحتى بعد أن اسلموا صدرت منهم أخطاء واشتباهات وبدرت من بعضهم معاصي وانحرافات , وهذا ما يخالف العصمة التي من المفروض أن الآية نصت عليها بهم .
والحمد لله رب العالمين
|