اكمال مبحث معنى اية التطهير
وحينئذ ، إذا كان المراد من أهل البيت خصوص النبي والأربعة الأطهار ، وإذا كان المراد من إذهاب الرجس إذهاب الذنوب ،والإرادة هذه إرادة تكوينية لا تتخلف ، فلا محالة ستكون الآيةالمباركة دالة على عصمة الخمسة الأطهار فقط .
ومن يدعي العصمة لزوجات النبي ؟ ومن يتوهم العصمة فيحق الأزواج ، لا سيما التي خالفت قوله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ) ( 4 ) ، الآية المباركة الواردة في نفس السورة ، والتي تكون تكون آية التطهير في سياق تلك الآية ، وهل يكفي أن يقال بأنها ندمت عما فعلت وكانت تبكي ، فخروجها على إمام زمانها أمر ثابت بالضرورة ، وبكاؤها وتوبتها أمر يروونه هم ، ولنا أن لا نصدقهم ،ومتى كانت الرواية معارضة للدراية ؟ ومتى أمكننا رفع اليد عن الدراية بالرواية ؟ وكيف يدعى أن تكون تلك المرأة من جملة من أراده الله سبحانه وتعالى في آية التطهير .
نعم ، يقول به مثل عكرمة الخارجي العدو لأمير المؤمنين بل للنبي وللإسلام .
بعض التحريفات في كتب القوم ورأيت من المناسب أن أذكر لكم نقطة تتعلق بآية التطهير ،وبالحديث الوارد في ذيل الآية المباركة ، ومن خلال ذلك تطلعون على بعض التحريفات في كتب القوم .
إن من جملة الأحاديث الواردة في مسألة آية التطهير ونزولها في أهل البيت : هذا الحديث عن سعد بن أبي وقاص ، وهو بسند صحيح ، مضافا إلى أنه في الكتب الصحيحة ، كصحيح مسلم ،وصحيح النسائي وغيره : يقول الراوي : عن سعد بن أبي وقاص : أمر معاوية سعدا فقال :ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ يعني عليا .
يقول معاوية لسعد بن أبي وقاص لماذا لا تسب عليا ، وكأنه أمره أن يسب فامتنع ، فسأله عن وجه الامتناع .
فقال : أما إن ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله فلن أسبه .
يقول سعد : لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول له وخلفه في بعض مغازيه : أنت مني
بمنزلة هارون من موسى إلى آخره ، وسمعته يقول يوم خيبر : سأعطي الراية غدا رجلا إلى آخره ، الخصلة الثالثة : ولما نزلت : ( إنمايريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) دعا رسول الله عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال :اللهم هؤلاء أهل بيتي .
هذا الحديث تجدونه في صحيح النسائي وفي غيره من المصادر .
ترون في هذا اللفظ أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أو ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ بهذا اللفظ ، وهذا اللفظ ترونه في صحيح مسلم وفي غيره من المصادر أيضا .
لكن النسائي يروي هذا الحديث بنفس السند في موضع آخر من كتابه يريد أن يلطف اللفظ ويهذب العبارة فيقول عن سعد :كنت جالسا ، فتنقصوا علي بن أبي طالب فقلت : قد سمعت رسول الله يقول فيه كذا وكذا .
كنت جالسا فتنقصوا علي بن أبي طالب ، أين كان جالسا ؟
وعند من ؟ ومن الذي تنقص ؟ تصرف في الحديث .
ثم يأتي ابن ماجة فيروي هذا الحديث باللفظ التالي : قدم معاوية في بعض حجاته ، فدخل عليه سعد . فذكروا عليا فنال منه ،فغضب سعد .
فذكروا عليا ، من ذكر عليا ؟ غير معلوم ، فنال منه ، من نال من علي ؟ غير معلوم ، فغضب سعد وقال : تقولون هذا لرجل سمع ترسول الله يقول له كذا وكذا إلى آخر الحديث .
ثم جاء ابن كثير ، فحذف منه جملة : فنال منه فغضب سعد ،فلفظه : قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد ، فذكرواعليا ، فقال سعد : سمعت رسول الله يقول في علي كذا وكذا .
نص الحديث بنفس السند في نفس القضية .
أترون من يروي القضية الواحدة بسند واحد بأشكال مختلفة ،أترونه قابلا للاعتماد ؟ أترونه يحكي لكم الوقائع كما وقعت ؟
أترونه ينقل شيئا يضر مذهبه أو يخالف مبناه أو ينفع خصمه ؟
ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أن تبقى فضائل أمير المؤمنينودلائل إمامته وولايته بعد رسول الله ، أن تبقى في نفس هذه الكتب ، وسنسعى بأي شكل من الأشكال لأن نستخرجها ، نستفيد منها ، نبلورها ، وننشرها ، وهذا ما يريده الله سبحانه وتعالى .
( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نورهولو كره الكافرون ) ( 5 ) .
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ›.
( 3 ) سورة يس : 82 .
( 4 ) سورة الأحزاب : 33 .
( 5 ) سورة التوبة : 32 .
|