تتمة الرد على القول بانها نزلت في نساء النبي ص
الثاني : وهو القول بأن المراد من أهل البيت في هذه الآيةالمباركة : أهل البيت - أي علي وفاطمة والحسنان – والأزواجأيضا .
هذا القول إذا رجعنا إلى التفاسير المعتبرة ، لوجدنا مثل ابنالجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير ( 6 ) ، الذي هو منالتفاسير المشهورة ، ينسب هذا القول إلى الضحاك فقط ، ولم نجدفي كتاب ابن الجوزي وأمثاله من يعزو هذا القول إلى غيرالضحاك .
أترى أن قول الضحاك وحده يعارض ما روته الصحاحوالسنن والمسانيد عن ابن عباس ، وعن جابر بن عبد الله ، وعن زيد
بن أرقم ، وعن سعد بن أبي وقاص ، وعن أم سلمة ، وعن عائشة ؟
وعجيب ، إن هؤلاء يحاولون أن يذكروا لزوجات النبي
فضيلة ، والحال أن نفس الزوجات هن بأنفسهن ينفين هذا القول ،فأم سلمة وعائشة من جملة القائلين باختصاص الآية المباركةبأهل البيت ، وكم من عجيب عندهم ، وما أكثر العجب والعجيبعندهم ، يحاولون الدفاع عن الصحابة أجمعين أكتعين كما يعبرالسيد شرف الدين رحمة الله عليه : أجمعين أكتعين ، والحال أنالصحابة أنفسهم لا يرون مثل هذا المقام لهم ، نحن نقول بعدالتهمجميعا وهم لا يعلمون بعدالتهم ؟ !
فأم سلمة وعائشة تنفيان أن تكون الآية نازلة في حق أزواجالنبي ، ويأتي الضحاك ويضيف إلى أهل البيت أزواج النبي ، وكأنهيريد الاصلاح بين الطرفين ، وكأنه يريد الجمع بين الحقين .
لكني وجدت في الدر المنثور ( 7 ) حديثا يرويه السيوطي عنعدة من أكابر المحدثين عن الضحاك ، يروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حديثايتنافى مع هذه النسبة إلى الضحاك .
وأيضا : الضحاك الذي نسب إليه ابن الجوزي هذا القول فيتفسيره ، هذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه في كتاب الضعفاء ،وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء ، وأورده الذهبي في المغني فيالضعفاء ، وعن يحيى بن سعيد القطان الذي هو من كبار أئمتهم فيالجرح والتعديل أنه كان يجرح هذا الرجل ، وذكروا بترجمته أنهبقي في بطن أمه مدة سنتين .
وهذا ما أدري يكون فضيلة له أو يكون طعنا له ، وكم عندهممن هذا القبيل ، يذكر عن مالك بن أنس أنه بقي في بطن أمه أكثر منسنتين أو ثلاث سنوات على ما أتذكر الآن ، وراجعوا كتاب وفياتالأعيان لابن خلكان وغيره .
وعلى كل حال ، فإنا نرجع إلى ما في الصحاح ، والأفضل لهمأن يرجعوا إلى ما في الصحاح ، وهذا ما دعا مثل ابن تيمية إلى أنيعترف بصحة حديث نزول الآية في أهل البيت الأطهارواختصاصها بهم ، وأما عكرمة والضحاك وقول مثل هذين الرجلينالمجروحين المطعونين ، فإنما يذكر لتضعيف استدلال الإماميةبالآية المباركة ، والذاكرون أنفسهم يعلمون بعدم صلاحية مثل هذهالأقوال للاستدلال .
الهامش
( 6 ) زاد المسير في علم التفسير 6 / 381 .
( 7 ) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5 / 199 .
|