عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2011, 12:41 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 31
مقام الإمامة:
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
"إن اللّه اتّخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتّخذه نبيّاً، واتّخذه نبيّاً قبل أن يتّخذه رسولا، واتّخذه رسولاً قبل أن يتّخذه خليلاً، واتّخذه خليلاً قبل أن يتّخذه إماماً"(1).
إنّ هذه المراتب التي أحرزها إبراهيم (عليه السلام) وهي: العبوديّة، النبوّة، الرسالة، الخلّة، الإمامة، حيث جاءت مرتّبة تصاعديّاً، فإنّها ترسم سُلّم الصعود والارتقاء إلى أعلى مرتبة يمكن أن يصل إليها الإنسان، وهي الدرجة العليا (الإمامة).
(فالعبوديّة) وهي الدرجة الأُولى ليست بمعنى الملوكيّة، إذ أنّ كلّ الناس عبيد اللّه، إنّما المراد منها هو الإخلاص والصدق في خطّ التعبّد، إذ أنّها (العبوديّة) منطلق الكمالات المعنويّة.
بعد العبوديّة تأتي (النبوّة) المختصّة بشخصه، ثمّ (الرسالة) حيث تعمّ كلّ الأُمّة، فتكون أعلى مرتبةً وأصعب مهمةً من النبوّة، إذ كلّ رسول نبيّ، وليس كلّ نبيّ رسول، ثمّ بعد الرسالة تأتي مرتبة (الخلّة)، والتي تفرّد بها إبراهيم (عليه السلام) من بين الأنبياء والمرسلين، فصار خليل اللّه.
بعد أن أحرز إبراهيم كلّ هذه المقامات، وأتمّ كلّ تلك
____________
1- الكافي 1: 175، حديث 2 و4، باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام).
الصفحة 32 الابتلاءات، بحيث لم يصدر منه حتى ما يسمّى بترك الأولى الذي وقع فيه عدد من الأنبياء والرسل، بعد كلّ ذلك استحقّ إبراهيم (عليه السلام) مقام الإمامة، وهي المرتبة الأرقى كما أسلفنا.
كما يدلّ على أنّ منصب الإمامة جاء بعد كلّ تلك المناصب (وخاصّة النبوّة)، هو طلب إبراهيم (عليه السلام) الإمامة لذريّته إذ قال: {وَمِن ذُرِّيَّتِي} فقوله هذا لا يخلو من احتمالين:
الأوّل: أنّه كان له ذريّة بين يديه عندما جُعل إماماً.
الثاني: أنّه كان يعلم أنّه سيكون له ذريّة فيما بعد.
وكلا الأمرين ـ الاحتمالين ـ حدثا في آخر حياته، أي في كبره، حيث يقول تعالى حاكياً مفاجأته بنبأ الذريّة: {وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلام عَلِيم * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ}(1).
كما يقول سبحانه في آية أُخرى: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيٌْ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ}(2).

____________
1- الحجر (15): 51 ـ 54.
2- هود (11): 71 ـ 73.
الصفحة 33 إذاً، تشير هذه الآيات إلى أنّ إبراهيم (عليه السلام) لم يرزق بذريّة، بل لم يعلم بذلك إلاّ بعد أن مسّه الكبر، وكلّ ذلك حدث وقت النبوّة، ومع ذلك لم يكن إماماً عندئذ إلاّ بعد أن صار أهلاً لها.


 

رد مع اقتباس