عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2011, 10:31 PM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 133
--------------------------------------------------------------------------------



احتجاج الزهراء (عليها السلام)

فقالت الزهراء في خطبتها:

" ويحهم أنى زحزحوها - أي الخلافة - عن رواسي الرسالة؟! وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين الطبن بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك الخسران المبين وما الذي نقموا على أبي الحسن؟ نقموا والله نكير سيفه، وشدة وطأته ونكال ومقته وتنمره في ذات الله، والله أو تكافئوا على زمام نبذه إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لاعتقله وسار بهم سيرا سجحا لا يكلم فشاشه ولا يتتعتع راكبه، لأوردهم منهلا رويا فضفاضا، تطفح ضفتاه، ولا يترنم جانباه ولأصدرهم بطانة ونصح لهم سرا وإعلانا، غير محل منهم بطائل إلا بغمر الناهل، وردعة سورة الساغب، وبأي عروة تمسكوا لبئس المولى ولبئس العشير، بئس للظالمين بدلا، استبدلوا والله الذنابا بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، ويحهم.

" أفمن يهدي إلى الحق، أحق أن يتبع، أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " إلى آخر الخطبة (1).


____________

(1) توجد خطبة الزهراء (عليها السلام) في:

بلاغات النساء: لأبي الفضل أحمد بن طيفور المتوفي سنة 280 ه‍ ص 12، 19 - ط الحيدرية.

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 78 - 79 - وص 93 - 94 ط مصر.

أعلام النساء: لعمر رضا كحالة: ج 3 ص 1208.

وخطبة الزهراء الثانية نفس المصدر.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 134
--------------------------------------------------------------------------------

وأود أن ألفت نظركم إلى المحاورة التي جرت بين ابن عباس والخليفة عمر بن الخطاب في حديث دار بينهما: " يا بن عباس أتدري ما منع قومكم بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ (قال ابن عباس): فكرهت أن أجيبه، فقلت له: إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا (1) فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووقفت (قال): فقلت: يا أمير المؤمنين، إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب، تكلمت قال: تكلم (قال ابن عباس): أما قولك يا أمير المؤمنين: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووقفت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها من حين اختار الله لها، لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود، وأما قولك إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة والخلافة فإن الله عز وجل وصف قوما بالكراهة، فقال: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) فقال عمر: هيهات يا بن عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني، قلت: ما هي يا أمير المؤمنين؟ فإن كانت معا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وإن كانت باطلا فمثلي أحاط الباطل عن نفسه، فقال عمر: بلغني أنك تقول: إنما صرفوها عنا حسدا وبغيا وظلما (قال) فقلت: أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم، وأما قولك حسدا فإن آدم حسد ونحن ولده المحسودون فقال عمر: هيهات هيهات، أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول (قال) فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين، لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا... الحديث (2).

وحاوره ابن عباس مرة أخرى فقال له في حديث آخر: " كيف خلفت ابن عمك، قال: فظننته يعني عبد الله بن جعفر، قال: فقلت: خلفته مع أترابه، قال: لم أعن ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قال: قلت:


____________

(1) أي تبجحا، والبجح بالشئ: هو الفرح به.

(2) الكامل: ابن الأثير ج 3 ص 63.

شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد: ج 3 ص 107 أمنت بيروت تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

تاريخ الطبري: ج 4 ص 223.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 135
--------------------------------------------------------------------------------

خلفته يمتع بالغراب وهو يقرأ القرآن. قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة؟ قال: قلت: نعم قال:

أيزعم أن رسول الله نص عليه؟ قال ابن عباس: قلت: وأزيدك سألت أبي عما يدعي - من نص رسول الله عليه بالخلافة فقال: صدق، فقال عمر: كان من رسول الله في أمره ذرو (1) من قول لا يثبت حجة، ولا يقطع عذرا ولقد كان يربع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعته من ذلك الحديث (2).

وكم لرجالات بني هاشم يومئذ من أمثال هذه الاحتجاجات والمواقف إن الحسن بن علي جاء إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له:

انزل عن مجلس أبي (3) ووقع للحسين نحو ذلك مع عمر وهو على المنبر أيضا (4).

وفي نهاية الحديث أقول هذه جملة من مصادر علماء السنة وجهابذة الحديث عندكم ليرى الدكتور أن وجود النص على خلافة علي (عليه السلام) لا يمكن إنكاره.

والمنكر لذلك يجري عليه قوله سبحانه:

(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا).

فراجعوا أحسابكم، وتفكروا وتأملوا في تلك المواقف التي تكشف

____________

(1) الذرو - بالكسر والضم - المكان المرتفع والعلو مطلقا، والمعنى أنه كان من رسول الله في أمر علي علو من القول في الثناء عليه وهذا اعتراف من عمر (2) توجد هذه المحاورة: في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج 3 ص 97 بيروت على ط بصر، وج 12 ص 20 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

وج 3 ص 141 ط دار الفكر، وج 3 ص 764 ط مكتبة الحياة.

(3) الصواعق المحرقة: ابن حجر الهيثمي ص 175 ط المحمدية و 105 ط الميمنية بمصر.

الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ص 7.

شرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 17 ط مصر.

(4) الصواعق المحرقة: ابن حجر الهيثمي ص 160.

سنن الدارقطني قضية الحسن مع أبي بكر.

وأخرج ابن سعد في طبقاته في ترجمة الخليفة عمر قضية الحسين مع عمر بن الخطاب.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 136
--------------------------------------------------------------------------------

الحق عن الباطل، ولعل حضرة الدكتور يتأمل مليا في هذه المواقف وينبذ التعصب المقيت ويتدبر ما قاله شاعر النيل حافظ إبراهيم عند امتناع علي (عليه السلام) عن بيعة الخليفة فأرسل له عمر وقد جاءه مهددا وحاول أن يحرق بيت فاطمة (عليها السلام) وعمل ما عمل. فماذا قال حافظ إبراهيم لهذه الواقعة المؤلمة:


وقولة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنان وحاميها

وقوله: (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا) إلى قوله: (فبايعهن واستغفر لهن الله...) (1).

فأقول لحضرة الدكتور البوطي:

هكذا البيعة على ما قرره القرآن، فمتى كان الممتنع يجري عليه ما جرى بعد وفاة النبي مباشرة؟ أعني الذي جرى على علي وفاطمة وسعد بن عبادة زعيم الأنصار ونحوهم من الاعتداء والتنكيل. وهذا علي نفسه ولا بعض ذلك من الذين امتنعوا عن بيعته كابن عمر وابن أبي وقاص ونحوهما.

لماذا...؟

فهاك حضرة الدكتور وأيها القارئ النبيه مما جاء في مصادر السنة مما لا مزيد عليه في كتب الشيعة وإن ما جاء ما بين ذلك من إجمال وتفصيل لا يعدو عن كونه تعديا ذكره الجميع ولم ينفرد به هذا عن ذاك لا أريد أن أذكر كل شئ فذلك يطول ذكره بل أقتصر وأختصر على مما يخص ما حسبه بعضهم أنه مما ذكره الشيعة فقط وبالغوا في ذكر هجوم على دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) لأخذ البيعة كان في تلك الدار - المحترمة عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجميع المسلمين في عصره - فأكبر موقف مستقل ما كشفته مصادر أهل السنة:


____________

(1) سورة الممتحنة: الآية 12.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 137
--------------------------------------------------------------------------------

منها: أولا: جاء في تاريخ أبي الفداء (1) قوله بعد ذكر عدد ممن تخلف عن بيعة أبي بكر (رض) ما نصه: (وكذلك تخلف عن أبي بكر أبو سفيان من بني أمية ثم إن أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى علي ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة وقال: إن أبوا فقاتلهم.

فأقبل عمر بشئ من نار على أن يضرم به، الدار فلقيته فاطمة وقالت:

إلى أين يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة.

ثانيا: جاء قي كتاب العقد الفريد قوله:

الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر: علي والعباس والزبير. قعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على الباب ليضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا، قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة وخرج علي حتى أتى إلى أبي بكر " (2).

ثالثا: وما جاء في كتاب الإمامة والسياسة. فيما يخص موضوع الاعتداءات في كتابه المذكور بسنده أيضا كما تقدم إن أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا فدعى وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة، قال: وإن (3).

رابعا: ومما جاء في كتاب الملل والنحل للشهرستاني: بسنده عن النظام: " أن عمر ضرب بطن فاطمة حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح أحرقوا دارها بمن فيها، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين " (4).


____________

تاريخ أبي الفداء: ج 3 ص 165.

(2) العقد الفريد: ص 64.

(3) الإمامة والسياسة: ابن قتيبة: ص 12.

(4) الملل والنحل للشهرستاني: ص 38.


 

رد مع اقتباس