عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2011, 10:18 PM   #3
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



مناقشة حديث المنزلة

علينا أن ندخل في هذا الحديث بعمق، بعد أن بينا سند الحديث في صحاح أهل السنة - حتى يتجلى لسماحة الشيخ الدكتور الحق والصراط المستقيم.

فأقول له من خلال ما نفهمه في هذا النص:

من تتبع سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجده يصور عليا وهارون كالفرقدين في السماء، والعينين في الوجه لا يمتاز أحدهما في أمته عن الآخر بشئ ما.

ألا ترى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبى أن تكون أسماء بني علي (عليه السلام) إلا
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 79
--------------------------------------------------------------------------------

كأسماء بني هارون فسماهم حسنا وحسينا ومحسنا وقال: " إنما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر (1) أراد بهذا تأكيد المشابهة بين الهارونين وتعميم الشبه بينهما في جميع المنازل وساتر الشؤون وأما عموم هذه المنازل فثابت في نص الحديث، وذلك لما تقرر في أصول الفريقين من أن اسم الجنس المنكر المضاف إلى المعرفة يفيد العموم وكلمة منزلة نكرة مضافة إلى هارون المعرفة، فهي تفيد الشمول والعموم لجميع تلك المنازل التي تقدم ذكرها ويؤكد هذا ويقرره الاستثناء فإنه لا يكون إلا من العموم هذا أولا.

وثانيا: إن حديث المنزلة قد اشتمل على مستثنى منه ففيه عموم وخصوص، ولو صح ما ادعاه لزمه أن يقول ببطلان العموم والخصوص معا في الحديث، ونسبة اللغو إلى النبي، وذلك لأن كل عربي وغير عربي إذا درس لغة العرب، يفهم من القول المشتمل على مستثنى ومستثنى منه أنه يريد العموم، وأن الحكم فيه على الاستيعاب دون المستثنى، فالمستنثى يوجب خروجه من ذلك الحكم الوارد على المستثنى منه وهذا هو المفهوم من ذلك عند أهل اللسان بلا كلام.

ولهذه الغاية نفسها قد اتخذ عليا أخاه وآثره بذلك على من سواه تحقيقا لعموم الشبه بين منازل الهارونين من أخويهما، وحرصا على أن يكون ثمة من فارق بينهما وحتى آخى بين أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرتين كما سمعت، وأنتم تعرفون الحسن والحسين لكن محسنا هذا غريب في أذهان أعلام السنة، فإنه أسقط بسبب ضربة قنفذ الحبشي لسيدة نساء العالمين (الزهراء) عليها أزكى السلام، بأمر من عمر بن الخطاب، وتوفيت وهي تشكو من كسر ضلع لها - وسقطها التي أجهض قبل أوانه.

وهناك وجه شبه آخر بين وصي خاتم الأنبياء ووصي النبي موسى (عليه السلام). فإن يوشع بن نون كان مع موسى في جبل سيناء ولم يعبد العجل،

____________

(1) مسند أحمد: ج 2 ص 155. الفتح الكبير: للبناني ج 2 ص 161 مجمع الزوائد. ج 8 ص 52.

الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 190 ط المحمدية. تذكرة الخواص - الجوزي الحنفي - ص 193.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 80
--------------------------------------------------------------------------------

وأمر الله نبيه موسى أن يعينه وصيا من بعده لئلا تكون جماعة الرب كالغنم بلا راع. وكان الإمام علي مع النبي في غار حراء ولم يعبد صنما قط، وأمر الله نبيه في رجوعه من حجة الوداع أن يعينه أمام الحجيج قائدا للأمة من بعده ولا يترك أمته هملا، وقد صرح بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غدير خم، وعينه وليا للعهد من بعده، وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال:

" ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل... " (1) وأما ما جاء من ذلك في شعر الصحابة فلا يمكن أن يحصى وإنما نذكر منه ما يتم به الفرض، وهو أن النص والوصية لعلي بن أبي طالب بذرها وأوجدها نفس صاحب الشريعة (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر من الله.

والغريب أن الدكتور محمد عمارة الذي يرى أن التشيع نشأ في زمن الإمام الصادق، لأن القول بالوصية ينتهي إليه وإلى أبيه الباقر، يروي لنا هذا الشعر الذي قاله أحد الصحابة وهو الأشعث بن قيس، ويذكر فيه الوصية (2):


أتانا الرسول رسول الوصي * علي المهذب من هاشم
وزيد البني وذو صهره * وخير البرية والعالم

ويقول علي بن أبي طالب في ذيل كتاب كتبه إلى معاوية (3):


علي ولي الحميد المجيد * وصي النبي من العالمينا

ويقول أبو الأسود الدؤلي (4):


أحب محمدا حبا شديدا * وعباسا وحمزة والوصيا

ويقول أبو الهيثم بن التيهان وكان بدريا (5):


إن الوصي إمامنا وولينا * برح الخفاء وباحت الأسرار


____________

(1) خمسون ومائة صحابي مختلق: للمرتضى العسكري - المجلد: ص 269 - 289.

(2) محمد عمارة: الإسلام وفلسفة الحكم - ص 4.

(3) سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص - ص 85.

(4) ابن الأنباري: نزهة الأولياء - ص 7 - وأيضا القفطي: أبناه الرواة - ج 1 - ص 17.

المراجعات - عبد الحسين شرف الدين - ص 269 - 302.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 81
--------------------------------------------------------------------------------

وقال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وهو بدري:


يا وصي النبي قد أجلت الحرب * الأعادي وسارت الأظفان

إلى كثير من الأشعار التي قيلت في ذكر الوصية والنص على خلافة علي، ومن هذا يظهر فساد ما ذهب إليه الدكتور حسن إبراهيم في قوله:

" نشر ابن سبأ بعد ذلك مذهب الوصاية الذي أخذه عن اليهودية دينه القديم بمعنى أن عليا وصي محمد... " (1) وهذا بعينه قول الشيخ محمد أبو زهرة:

" أخذ - ابن سبأ - وأن عليا وصي محمد وأنه خير الأوصياء كما أن محمدا خير الأنبياء... " (2).

ومما قدمناه من النصوص الواردة في كتب أهل السنة، يظهر فساد ما يقوله ابن خلدون وغيره في قوله: " بل يجب عليه تعيين الإمام لهم... وأن عليا (عليه السلام) هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويأولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة... " (3).

فابن خلدون هنا يحاول أن ينكر الوصية بإنكاره للروايات، وقوله إن علماء السنة ونقلة الشريعة لم ينقلوا مثل هذه الروايات، وإنما هي من وضع الشيعة، فنقول لابن خلدون وغيره من دكاترة العصر... أليس الإمام أحمد ابن حنبل من نقلة الشريعة...؟ والإمام مسلم من نقلة الشريعة...؟

والحافظ النسائي أحد أصحاب الصحاح من نقلة الشريعة ومن جهابذة علماء أهل السنة؟ والحاكم النيسابوري والحافظ الذهبي والبيهقي والمتقي الهندي، وابن المغازلي الشافعي، والمحب الطبري والحافظ ابن حجر العسقلاني وغير هؤلاء، أليسوا من جهابذة علماء أهل السنة ونقلة الحديث منهم للذين نفى ابن خلدون وجودهم إما جهلا منه أو تجاهلا وعنادا للحق؟

وإن التسليم والاعتراف بمثل هذه الروايات يهدم أساسا من أسس ابن خلدون العقائدي، ولهذا حاول أن ينكر مثل هذه الأحاديث في كتب أهل

____________

(1) حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطمية - ص 2.

(2) محمد أبو زهرة: أبو حنيفة - ص 127. ص 113 الفرقة السبئية.

(3) ابن خلدون: المقدمة - ص 194.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 82
--------------------------------------------------------------------------------

السنة وسوف يأتي المزيد منها مما خرجه الحفاظ من جهابذة السنة ونقلة الشريعة منهم.


 

رد مع اقتباس