عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2011, 10:15 PM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 66
--------------------------------------------------------------------------------



فصل (2)
كيف نفسر معنى الفلتة..؟

يتجلى لنا من خلال النص بأن معنى كلمة فلتة تعني زلة أو بغتة أو فجأة أي ما نفهمه بأن بيعة الخليفة أبي بكر قد تمت فجأة، أو بغتة أعني بدون تأمل وتدبر وتمت عن غير مشورة، فنستنتج من هذا معنى إن وضع في الميزان.

فيكشف لنا هذا المعنى قول الخليفة عمر (رض) " من بايع رجلا من غير مشورة المسلمين، فلا يبايع هو، ولا الذي بايعه ثغرة أن يقتلا ".

أقول لحضرة الدكتور:

إذا وقعت خلافة أبي بكر (رض) من غير مشورة المسلمين وتمت بغتة، ما الذي يا ترى أخرت الخليفتين (رض) عن عموم حكم الخليفة عمر (رض) بقتلهما، وخصه بغيرهما؟ وكيف يستقيم هذا الحكم للخليفة عمر (رض) وقد صار هو الآخر خليفة بتنصيص الخليفة أبي بكر (رض) عليه خاصة. دون مشورة المسلمين أجمعين؟ وكل ما تقولونه في غيرهما نقوله نحن فيهما.

وأقول للدكتور البوطي:

لو سلمت معك جدلا بأن الخلافة قد تمت بالشورى الحقيقية كما تقول، لكن هذا يتنافى بل ويتناقض مع قول الخليفة عمر (بأنها كانت فلتة، وقد وقى الله المؤمنين شرها)، فإذا خلافة عمر (رض) جاءت نتيجة تلك الفلتة فالذي أود أن تعلمه بأن ما أحدثوه كان شرا بإقرارهم واعترافهم جميعا.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 67
--------------------------------------------------------------------------------

وإقرار أصحاب العقول على أنفسهم حجة، ملزمون بها، وأنت تعلم أن الله تعالى لا يمدح الذين يوقعون الفتنة والشر في البلاد وبين العباد، ولا يثني عليهم أيا كانوا، لأن الشر مذموم ومنهي عنه شرعا وعقلا، وهو تعالى لا يمدح على فعل المحرم الذي نهى عنه، وإنما يؤاخذ فاعله ويعاقبه عليه لا شك بهذا، فلا يمدحه ويثني عليه.

ويؤكد لنا ذلك الدليل القاطع الذي يقطع الشك باليقين وهو قول الخليفة عمر (رض) " فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه " وهذا ما أكده وأثبته عليه ابن حجر الهيثمي في صواعقه في الشبهة السادسة من شبهاته، كغيره من مؤرخي أهل السنة وحفاظهم.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 68
--------------------------------------------------------------------------------



علي يرفض الحكم بسيرة الشيخين

ما قرأته في كتابك فقه السيرة النبوية (1) حضرة الدكتور بأن عبد الرحمن بن عوف قد فرض باستلام الخلافة شرطا أساسيا على الإمام علي (عليه السلام) وهو الحكم بكتاب الله، وسنة نبيه، وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر (رض)، فقبل الإمام علي (عليه السلام) الشرط بحكم كتاب الله وسنة نبيه واجتهاده، أي بذل ما بوسعه في الاجتهاد.

لكنه رفض الحكم بسيرة الشيخين، فقبل عثمان ذلك الشرط فآلت إليه الخلافة.

فأقول إن رفض باب مدينة علم رسول الله الحكم بسيرة الشيخين يضعنا أمام مؤشرات كثيرة وعلامات استفهام..؟؟

حول سيرتهم وسنتهم التي جاؤوا بها وأنها ليست بصحيحة على الإطلاق.. لأنه لو كانت صحيحة لقبل بالشرط خليفة رسول الله علي (عليه السلام).

فهنا سؤال يطرح نفسه.

هل كانت سيرة الشيخين مخالفة لسيرة رسوله وسنته، فرفضها الإمام علي (عليه السلام)..؟

أم أنها موافقة لسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).


____________

(1) فقه السيرة النبوية: للدكتور البوطي.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 69
--------------------------------------------------------------------------------

فإن قلت لي بالأول بطل قولك بأن خلافة الخلفاء شرعية، وأن الإمام بايع الخلفاء، فكيف يبايع من كانت سيرته مخالفة لسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وإن قلت بالثاني:

فكيف جاز للإمام مخالفة سيرة الشيخين أبي بكر وعمر وسنتهم مع أنها موافقة لسيرة رسول الأمة؟

ومن هنا يتجلى لنا الحق والحق أحق أن يتبع.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 70
--------------------------------------------------------------------------------



آية الإكمال تتناقض مع الشورى

فأقول لحضرته:

إن ما يقع عليه الشورى بين المؤمنين، إما أن يكون من دين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لا؟ فإن كان من الناحية الدينية فأنت تعلم بأن الله تعالى قد أكمل الدين على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي)، فلا يحتاج إكمال الدين إلى شورى ممن لا يوحى إليهم، اللهم إلا إذا قال أحدهم بنزول الوحي على أهل السقيفة في عقدها بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وانقطاع الوحي، وهذا لا يقول به من كان من الإسلام على شئ.

وإن لم يكن ما وقعت عليه الشورى من دين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكل من اتبع طريقا لنفسه وسبيلا غير سبيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا يستحقون المدح عليه، لأن مشاقة لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا يكونون مجتهدين بذلك، لقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى، ويتبع غير سبيل المؤمنين، نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) (1).

وأنت تعلم أيها المسلم أن سبيل المؤمنين هو سبيل نبي الأمة ورسولها (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسبيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو دينه الذي أنزله الله تعالى عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) كاملا غير منقوص، ولم يكن منه قطعا ما حدث في السقيفة بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحينئذ يختص مدحهم والثناء عليهم في خصوص تطبيقهم ما أنزل الله تعالى على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) تطبيقا كاملا لا على إدخالهم في دينه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما ليس داخلا فيه.


____________

(1) سورة النساء: الآية 115.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 71
--------------------------------------------------------------------------------

وفي نهاية المطاف:

أقول: أين الشورى التي بلغت أرقى مستوياتها من وجهة نظر الدكتور؟!

والله لقد صدق الشاعر عندما قال:


فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب


 

رد مع اقتباس