عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-24-2011, 12:58 AM
الفاروق الاعظم
مشرف عام
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5406 يوم
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي كلام لابن حجر حول التوسّل



كلام لابن حجر حول التوسّل

قال: وينبغي للزائر أن يكثر من الدعاء والتضرّع والاستغاثة والتشفّع والتوسّل به (صلى الله عليه وآله وسلم) فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله تعالى فيه.

واعلم أنّ الاستغاثة هي طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبّر بلفظ: الاستغاثة أو التوسّل أو التشفّع أو التجوّه أو التوجّه، لأنّهما من الجاه والوجاهة، ومعناه: علو القدر والمنزلة.

وقد يتوسّل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه، ثم إنّ كلاًّ من
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 115
--------------------------------------------------------------------------------

الاستغاثة والتوسّل والتشفّع والتوجّه بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكره في "تحقيق النصرة" و "مصباح الظلام" واقع في كل حال، قبل خلقه وبعد خلقه، في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدّة البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة.

فأمّا الحالة الأُولى فحسبك ما قدمته في المقصد الأوّل من استشفاع آدم (عليه السلام) به لما أُخرج من الجنّة، وقول الله تعالى له: يا آدم لو تشفّعت إلينا بمحمد في أهل السماوات والأرض لشفّعناك.

وفي حديث عمر بن الخطاب عند الحاكم والبيهقي وغيرهما: وإن سألتني بحقّه فقد غفرت لك. ويرحم الله ابن جابر حيث قال:


به قد أجاب الله آدم إذ دعا ونجا في بطن السفينة نوح
وما ضرت النار الخليل لنوره ومن أجله نال الفداء ذبيح



وصحّ أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا ربّ، أسألك بحقّ محمد لما غفرت لي، قال الله تعالى: يا آدم، وكيف عرفتَ محمّداً ولم أخلقه؟ قال: يا ربّ إنّك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك، رفعت رأسي فرأيت قوائم العرش مكتوباً عليها لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، فعرفت أنّك لا تضيف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك. فقال الله تعالى: صدقتَ يا آدم، إنّه لأحبّ الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقّه، فقد غفرت لك ولولا محمّد ما خلقتك ". ذكره الطبري، وزاد فيه: " وهو آخر الأنبياء من ذريتك "(1).

وأمّا التوسّل بعد خلقه في مدّة حياته، فمن ذلك الاستغاثة به (صلى الله عليه وآله وسلم) عند القحط وعدم الأمطار، وكذلك الاستغاثة به من الجوع

____________

1- القسطلاني (851 ـ 923 هـ): المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: 4/593 ـ 595.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 116
--------------------------------------------------------------------------------

ونحو ذلك ممّا ذكرته في مقصد المعجزات ومقصد العبادات في الاستسقاء، ومن ذلك استغاثة ذوي العاهات به، وحسبك ما رواه النسائي والترمذي عن عثمان بن حنيف أنّ رجلا ضريراً أتى (صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: " اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمد نبيّ الرحمة، يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك في حاجتي لتقضى، اللّهمّ شفّعه فيّ، وصحّحه البيهقي وزاد: فقام وقد أبصر.

وأمّا التوسّل به (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد موته في البرزخ وهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء وفي كتاب "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام" للشيخ أبي عبد الله بن النعمان طُرَف من ذلك.

إنّ لابن حجر العسقلاني مقاماً شامخاً عند أهل الحديث، لا يعدل عنه إلى غيره إلاّ بدليل وهو خريت فن الحديث وأُستاذه فكلامه يعرب عن تسلميه صحة ما نقل من الأحاديث وتقدّم جميعها في الفصول السابقة.




* * *



أخي العزيز لقد عالجت مسألة التوسّل على ضوء الكتاب والسنّة ولم أخرج عنهما قدر شعرة، وإن ذكرت من غيرهما شيئاً فإنّما هو لأجل إيضاح ما ورد في الكتاب والسنّة لقد ذكرت ما ذكرت من النصوص بعد التأكد من مصادرها ولم أعتمد على قول الآخرين إلاّ في موارد نادرة، كما صُنت قلمي ويراعي عمّا لا يناسب أدب الكتاب الإسلامي فإن وجد في هذه الرسالة شيء يتضمّن قسوة في الكلام فإنّما هو عن قوة العارض ووضوح الحجة والله سبحانه من وراء القصد.




جعفر السبحاني
8 رمضان المبارك ـ عام 1415 هـ




رد مع اقتباس