أما أهم اشكال طرحه البعض على مسألة " حي على خير العمل " ، هي أن فعل " ابن عمر " و " أبي امامة " هذان الصحابيان ، ليس بحجة وأن هذه الأخبار منقطعة .
والجواب :
أولا ، لقد ذهب البعض إلى حجية سنة الصحابي وقوله ، كما ورد عن " أبي حنيفة " : ما جاءنا عن الصحابة اتبعناهم ، وما جاءنا عن ‹ صفحة 244 › التابعين زاحمناهم ؛ ( 1 ) وقال " السرخسي " في أصوله أيضا : لا خلاف بين أصحابنا المتقدمين والمتأخرين أن قول الواحد من الصحابة حجة فيما لا مدخل للقياس في معرفة الحكم فيه ؛ ( 2 ) وليس هناك من شك ولا شبهة في عدم مدخلية القياس في قول " حي على خير العمل " .
ثانيا ، لقد ورد في بعض الروايات والاخبار ان الفقرة " حي على خير العمل " كانت على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد نسب تقريره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لها .
( 3 ) غير انه وعلى ضوء الروايات المذكورة أمر باستبدالها في صلاة الصبح ب " الصلاة ‹ صفحة 245 › خير من النوم " ، وهذان لا يغير شيئا من الموضوع ، فالتغيير المذكور على أساس نص الرواية متعلق بصلاة الصبح .
وعليه حتى باعتبار نص هذه الرواية فان سائر الاذان لا بد ان يشتمل على الفقرة " حي على خير العمل " .
أضف إلى أن هذا الذيل يتعارض مع الروايات التي نفت التثويب في الأذان و يدل بوضوح على أن قول " الصلاة خير من النوم " زيادة أضيفت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
( 1 ) واحتمال النسخ هو الاخر منتفي ؛ لانه لو كان قد نسخ لعلم بها " ابن عمر " و " أبي أمامة " والآخرون ، ثم فلا معنى لذكر " حي على خير العمل " في أذانهم ، و إضافة على ذلك فانه لم يذكر هذا الاحتمال أحد . ثالثا ، تفيد روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) أن " حي على خير العمل " جزء من الفصول الأصلية للأذن في جميع الأوقات والذي نزل به الوحي الأمين على قلب النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ( 2 )
‹ هامش ص 244 ›
1 . أحمد بن أبي سهل السرخسي ، الأصول ، الطبعة الأولى ، 1414 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ج 1 ، ص 313 .
2 . المصدر السابق ، ج 2 ، ص 110 . 3 . لقد نقل القوشجي - المتكلم السني الكبير - عن قول " عمر " نفسه ان " حي على خير العمل " كانت على عهد الني ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقال : بينما صعد " عمر " المنبر قال : " ثلاث كان على عهد رسول الله ، وأنا أنهي عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن ، متعة النساء ومتعة الحج وحي على خير العمل .
ثم قال " القوشجي " : ان ذلك مما لا يوجب قدحا فيه فان مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع . راجع : شرح التجريد ، ص 408 .
ابن أبي الحديد أيضا نقل هذا عن عمر . راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ، ج 1 ، ص 182 .
‹ هامش ص 245 ›
1 . روى عن " ابن عباس " أن فلسفة الخليفة الثاني من حذف " حي على خير العمل " خشية ان يترك الناس الجهاد ويقولون ان كانت الصلاة خير الاعمال - والذي نسمعه عدة مرات كل يوم في كل أذان وإقامة - فلم نتركها ونقبل على الجهاد ؟ ولذلك نهى الخليفة الثاني عنها مخافة الرغبة عن الجهاد ، ثم أمر بان يقال بدلا منها " الصلاة خير من النوم " .
والحق ان قضية كون الصلاة خير الاعمال وردت حتى في الروايات المستقلة التي لا علاقة لها بالأذان ، والشارع اعلم بفلسفة أحكامه . وقد أفرد البيهقي بابا في سننه أسماه " باب خير أعمالكم الصلاة " .
وروى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنه قال : " واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة . . . " راجع : السنن الكبرى ، ج 1 ، ص 457 . 2 . راجع : جامع أحاديث الشيعة ، كتاب الصلاة ، الباب ، 17 ، باب عدد فصول الاذان والإقامة و كيفيتها وعللها .