الشبهة الثانية إنّ الحوار الوارد في الحديث كان بعد اقتران الخطيئة ولكنّه
الشبهة الثانية
إنّ الحوار الوارد في الحديث كان بعد اقتران الخطيئة ولكنّه قبل أن يخطأ، علّمه الله الأسماء كلّها، ومن جملة الأسماء اسم محمد وعَلِم أنّه نبيّ ورسول وأنّه خير الخلق أجمعين، فكان أحرى أن يقول آدم: ربّي إنّك أعلمتني به أنّه كذلك لما علّمتني الأسماء كلّها(3).
نقول على هامش الشبهة: إنّ ردّ السنّة الشريفة بمثل هذه التشكيكات، جرأة عليها إذ أيّ مانع أن يكون هنا عِلْمَين: علم جزئي وقف عليه عندما فتح عينيه على الحياة في الجنّة، وعلم واسع علّمه سبحانه بعد ذلك الظرف، عندما أراد سبحانه إثبات كرامته على الملائكة.
إنّ هذا النوع من التشكيك يستمد من إثبات الرأي والصمود على العقيدة وإن كان الحديث على خلافها.
وهناك نكتتان ننبّه عليهما:
____________
1- أي حلفاً بأبيه، فالواو للقسم.
2- صحيح مسلم ج 1، باب ما هو الاسلام: 32.
3- الرفاعي: التوصل إلى حقيقة التوسّل: 218.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 94
--------------------------------------------------------------------------------
الأُولى: إنّ أحاديث التوسّل وإن كانت تتراوح بين الصحيح والحسن والضعيف، لكن المجموع يعرف عن تضافر المضمون وتواتره، فعند ذلك تسقط المناقشة في اسنادها بعد ملاحظة ورود كمية كبيرة من الأحاديث في هذا المجال، وأنت إذا لاحظت ما مضى من الروايات، وما يوافيك تذعن بتضافر المضمون أو تواتره.
الثانية: نحن نفترض أنّ الحديث الراهن مجعول موضوع، ولكنّه يعرب عن أنّ التوسّل بالمخلوق والإقسام على الله بمخلوقاته ليس شركاً ولا ذريعة إليه، بل ولا حراماً.
وذلك لأنّه لو كان شركاً وذريعة إليه أو حراماً، لما رواه الثقاة واحد عن واحد، وهم أعرف بموازين الشرك ومعاييره، ولما أورده الأكابر من العلماء في المعاجم الحديثة، كالبيهقي في دلائل النبوة والحاكم في مستدركه، والسيوطي في تفسيره، والطبراني في المعجم الصغير، وأكابر المفسّرين في القرون الغابرة، لأنّ الشرك أمر بيّن الغي، فلا معنى ولا مسوغ لنقله بحجة أنّه رواية.
فكل ذلك يعرب عن الفكرة الخاطئة في الحكم على الحلف على الله بمخلوقاته شركاً.
|