عرض مشاركة واحدة
قديم 01-24-2011, 12:45 AM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الشبهة الأُولى إنّ الحديث يتضمّن الإقسام على الله بمخلوقاته



نعم هنا شبهات حول الرواية، تجب الإجابة عنها:


الشبهة الأُولى

إنّ الحديث يتضمّن الإقسام على الله بمخلوقاته، فالإقسام على

____________

1- البيهقي: دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، لأبي بكر أحمد بن حسن البيهقي (ت384 ـ 458 هـ) طبع دار الكتب العلمية بيروت: 5/489 ولاحظ الدر المنثور: 1/59 ونقله كثير من المفسرين في قصة توبة آدم.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 91
--------------------------------------------------------------------------------

الله بمحمد وهو مخلوق بل وأشرف المخلوقين لا يجوز، لأنّ حلف المخلوق على مخلوق حرام، فالحلف على الله بمخلوقاته من باب أولى.

يلاحظ عليه: أنّ ما استدلّ به على حرمة الإقسام على الله بمخلوقاته عن طريق أنّ الحلف بمخلوق على مخلوق حرام، مردود جداً، لأنّ القرآن مليء بالحلف بمخلوق على المخلوق، قال سبحانه:

{ والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين } (التين/1 ـ 3).

{ والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلّى } (الليل/1 ـ 2).

{ والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر } (الفجر/1 ـ 4).

ففي هذه الآيات حلف بمخلوق على مخلوق، والحالف هو الله والمحلوف به هو هذه الموجودات والمحلوف عليه هم الناس أو المسلمون قاطبة.

فلو كان الحلف بمخلوق على مخلوق أمراً خطيراً وبمقربة من الشرك أو هو نفسه كما يقوله بعض الناس(1).

لما حلف به سبحانه، لأنّ ماهية العمل إذا كانت ماهية شركية، فلا يفرق بينه وبين عباده كما أنّه إذا كانت ماهية الشيء ظلماً وتجاوزاً على البريء، فالله وعباده فيه سيّان، قال الله تعالى: { قل إنّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تفعلون } (الأعراف/28).

إنّ الحلف بهذه العظائم ذات الأسرار إنّما لأجل أحد الأمرين: إمّا للدعوة إلى التدبّر والدقة في صنعها والنواميس السائدة عليها واللطائف

____________

1- الرفاعي: التوصل إلى حقيقة التوسّل: 217.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 92
--------------------------------------------------------------------------------

الموجودة فيها، أو لإظهار عظمة المحلوف به وكرامته عند الله كما هو الحال في حلفه سبحانه بحياة النبي، قال: { لعمرُك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون } (الحجر/72).

ولا عتب علينا إذا عرضنا المسألة على السنّة النبويّة، فقد جاءت فيها موارد قد ورد فيها الحلف بخلوق على مخلوق، نكتفي بما رواه مسلم في صحيحه، وما ظنّك برواية مسلم في جامعه!

1 ـ روى مسلم في صحيحه:

" جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله أيّ الصدقة أعظم أجراً؟ فقال: أما وأبيك لَتُنَبَّأنَّهُ: أن تَصَدَّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل البقاء "(1).

2 ـ روى مسلم أيضاً:

" وجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ من نجد ـ يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله: خمس صلوات في اليوم والليل.

فقال: هل عليّ غيرهنّ؟

قال: لا... إلاّ أن تطّوع، وصيام شهر رمضان.

فقال: هل عليّ غيره؟

قال: لا... إلاّ أن تطّوع، وذكر له رسول الله الزكاة.

فقال الرجل: هل عليَّ غيرها؟

قال: لا... إلاّ أن تطّوع.

فأدبر الرجل وهو يقول: لا أزيد على هذا ولا أنقص.


____________

1- صحيح مسلم: 3/94 كتاب الزكاة، باب أفضل الصدقة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 93
--------------------------------------------------------------------------------

فقال رسول الله: أفلح وأبيه(1) أن صدق.

أو قال: دخل الجنة ـ وأبيه ـ أن صدق "(2).

فإذ بطل الأصل: حرمة الحلف بمخلوق على مخلوق، بطل ما بُني عليه من حرمة الإقسام على الله بحقّ مخلوقه.

إلى هنا تمّ بيان أنّ الشبهة شبهة غير صحيحة، وإنّما دعا القائل إلى التمسّك بها لدعم رأيه المسبق.


 

رد مع اقتباس