:: منتديات ثار الله الإسلامي :: - عرض مشاركة واحدة - بحث كامل حول مسالة التبرك
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2011, 11:53 PM   #16
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تبرّكهم بقبره الشريف(صلى الله عليه وآله):



تبرّكهم بقبره الشريف(صلى الله عليه وآله):

لقد كان دأب المسلمين منذ وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) على مرّ العصور والى يومنا هذا، هو التبرّك بقبر النبي(صلى الله عليه وآله) والاستسقاء به والاستشفاء بتربته، على ذلك تصافق المسلمون بكافة طوائفهم جيلاً بعد جيل، ولم يشذ عن ذلك إلاّ دعاة السلفية، وفي طليعتهم ابن تيمية الحراني الذي ادّعى بأن السلف الصالح لم يعرفوا ذلك ولم يقرّوه!

إلاّ أن عمل المسلمين ـ وفيهم كبار الصحابة والتابعين وعدد لا يستهان به من علمائهم الأفذاذ ومحدّثيهم ـ ينفي تلك الادعاءات


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 38
--------------------------------------------------------------------------------

ويبطلها، فمن الشواهد على دأب المسلمين ـ وفي مقدمتهم الصحابة الكرام ـ على التبرّك بقبر النبي(صلى الله عليه وآله):

1 ـ عن داود بن صالح، قال: أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر فقال: أتدري ما تصنع! فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب! فقال: نعم، جئت رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم آتِ الحجر، سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: "لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله"(1).

2 ـ عن علي(عليه السلام) قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنّا رسول الله(صلى الله عليه وآله)بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي(صلى الله عليه وآله) وحثا من ترابه على رأسه وقال: يا رسول الله، قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه فوعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك...الآية). وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي. فنودي من القبر "قد غفر الله لك"(2).

3 ـ أخرج الحافظ ابن عساكر في التحفة من طريق طاهر بن

____________

1- المعجم الأوسط: 1/94، الجامع الصغير للسيوطي: 728، كنز العمال: 6/88، ح 14967، والذهبي في تلخيصه مجمع الزوائد: 4/22، وفاء الوفا للسمهودي: 2/410، شفاء الأسقام للسبكي: 152.

2- الروض الفائق: 380، المواهب اللدنية للقسطلاني: 4/583، مشارق الأنوار: 1/121، وفاء الوفا: 4/1399، كنز العمال: 2/386، ح 4322 و 4/ 259، ح 10422.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 39
--------------------------------------------------------------------------------

يحيى الحسيني قال: حدثني أبي عن جدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي(رضي الله عنه) عنه قال: لما رُمس رسول الله(صلى الله عليه وآله)جاءت فاطمة(عليها السلام)فوقفت على قبره(صلى الله عليه وآله) وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعتها على عينيها، وبكت وأنشأت تقول:


ماذا على من شمَّ تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صُبّت عليَّ مصائب لو أنها صُبّت على الأيام عُدن لياليا(1)

4 ـ ذكر الخطيب ابن جماعة أن عبدالله بن عمر كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف، وأن بلالاً(رضي الله عنه) وضع خديه عليه أيضاً. ورأيت في كتاب السؤالات لعبدالله ابن الإمام أحمد ـ وذكر ما تقدّم عن ابن جماعة ـ ثم قال: ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل على الإذن في ذلك، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته، فاُناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه، واُناس فيهم أناة يتأخرون، والكل محل خير(2).


____________

1- رواه كل من: ابن الجوزي في وفاء الوفا في فضائل المصطفى: 819 ح 1538، وابن سيد الناس في السيرة النبوية: 2/432، والقسطلاني في المواهب اللدنية مختصراً: 4/563، والقاري في شرح الشمائل: 2/210، والشبراوي في الاتحاف: 330، والسمهودي في وفاء الوفا: 4/1405، سير أعلام النبلاء: 2/134 وغيرهم.

2- وفاء الوفا للسمهودي: 4/1405.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 40
--------------------------------------------------------------------------------

4 ـ عن أبي الدرداء قال: إن بلالاً مؤذن النبي(صلى الله عليه وآله) رأى في منامه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو يقول: "ما هذه الجفوة يا بلال! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟!" فانتبه حزيناً خائفاً، فركب راحلته وقصد المدينة، فأتى قبر النبي(صلى الله عليه وآله) فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين(عليهما السلام)فجعل يضمّهما ويقبّلهما(1).

5 ـ قال السمهودي: كانوا يأخذون من تراب القبر، فأمرت عائشة فضرب عليهم، وكانت في الجدار كوة فكانوا يأخذون منها، فأمرت بالكوة فسدّت(2).

6 ـ ذكر السمهودي أن الناس كانوا يتبركون بالصلاة الى القبر(3)، قال: عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال كان الناس يصلّون الى القبر، فأمر به عمر بن عبدالعزيز فرفع حتى لا يصل إليه أحد(4).

7 ـ كان ابن المنكدر ـ وهو أحد أعلام التابعين ـ يجلس مع أصحابه، قال: وكان يصيبه الصمات، فكان يقوم كما هو ويضع خده على قبر النبي(صلى الله عليه وآله) ثم يرجع، فعُوتب في ذلك فقال: إنّه

____________

1- تاريخ دمشق لابن عساكر: 7/137، مختصر تاريخ دمشق: 4/118، 5/265، تهذيب الكمال: 4/289، اُسد الغابة: 1/244، وفاء الوفا للسمهودي: 4/1356، شفاء السقام: 53، مشارق الأنوار: 1/121.

2- وفاء الوفا: 1/544.

3- يعني قبر النبي(صلى الله عليه وآله).

4- وفاء الوفا: 2/547.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 41
--------------------------------------------------------------------------------

ليصيبني خطرة، فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبي(صلى الله عليه وآله)، وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن فيتمرّغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي رأيت النبي(صلى الله عليه وآله) في هذا الموضع. يعني في النوم(1).

قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ويستحب الدفن في المقبرة التي يكثر فيها الصالحون والشهداء لتناله بركتهم، وكذلك في البقاع الشريفة.

هذه هي السنّة التي دأب عليها الصحابة والتابعون في التبرّك بقبر النبي(صلى الله عليه وآله)والاستشفاء بتربته، ولم يخالفهم فيها إلاّ ولاة بني اُمية الظلمة من أمثال مروان بن الحكم طريد رسول الله(صلى الله عليه وآله)الذي لعنه الله وهو في صلب أبيه، كما أخبرت بذلك عائشة وعبدالله بن الزبير(2).


____________

1- وفاء الوفاء: 2/444 عن أبي خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا مصعب بن عبدالله، حدثنا إسماعيل بن يعقوب التيمي.

2- مجمع الزوائد: 5/241، الاستيعاب: 3/425، ترجمة مروان بن الحكم، وترجمة مروان بن الحكم من اُسد الغابة: 5/144، رقم 4841، السنن الكبرى للنسائي: 6/485.


 

رد مع اقتباس